كَانَ الْعُرْفُ إنَّمَا تُبَاعُ هَذِهِ السِّلْعَةُ فِي سُوقٍ مَخْصُوصٍ أَوْ فِي زَمَانٍ مَخْصُوصٍ فَيُخَصَّصُ هَذَا الْعُمُومُ وَكَذَا إذَا كَانَ الشَّيْءُ الْمُوَكَّلُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا أَوْ لَفْظُ الْمُوَكِّلِ فَإِنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِالْعُرْفِ كَمَا لَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي فَإِنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ وَالْعَامُّ هُوَ اللَّفْظُ الْمُسْتَغْرَقُ الصَّالِحُ لَهُ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ وَالْمُطْلَقُ هُوَ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ بِلَا قَيْدٍ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ (ص) فَلَا يَعُدُّهُ (ش) يَرْجِعُ لِمَا خَصَّصَهُ الْعُرْفُ أَوْ قَيَّدَهُ أَيْ فَلَا يَتَعَدَّاهُ إلَى غَيْرِهِ وَهُوَ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْله وَتَخَصَّصَ وَتَقَيَّدَ بِالْعُرْفِ وَلَوْ سَكَتَ عَنْهُ كَانَ أَحْسَنَ لَكِنْ ذَكَرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ
(ص) إلَّا عَلَى بَيْعٍ فَلَهُ طَلَبُ الثَّمَنِ وَقَبْضُهُ أَوْ اشْتِرَاءٌ فَلَهُ قَبْضُ الْمَبِيعِ وَرَدُّ الْمَعِيبِ إنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ مُوَكِّلُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ عَلَى بَيْعٍ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ الْمُشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ وَيَقْبِضُهُ مِنْهُ وَيَدْفَعُهُ لِمُوَكِّلِهِ أَوْ شِرَاءٍ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ وَيَقْبِضَهُ مِنْ بَائِعِهِ وَإِنْ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ ظَاهِرٌ كَمَا يَأْتِي فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ بِغَيْرِ إذْنِ مُوَكِّلِهِ وَهَذَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ الْمَبِيعَ وَأَمَّا إنْ عَيَّنَهُ لَهُ بِأَنْ قَالَ اشْتَرِ لِي الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ وَهَذِهِ فِي الْوَكِيلِ الْمَخْصُوصِ أَمَّا الْوَكِيلُ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ وَلَوْ عَيَّنَهُ لَهُ مُوَكِّلُهُ وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَيَّدَ اللَّخْمِيُّ رَدَّ الْمَعِيبِ بِمَا إذَا كَانَ الْعَيْبُ ظَاهِرًا وَأَمَّا إنْ كَانَ خَفِيًّا كَالسَّرِقَةِ وَنَحْوِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَكِيلِ وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ عَرَفَةِ هَذَا التَّقْيِيدَ وَلَا صَاحِبُ الشَّامِلِ (ص) وَطُولِبَ بِثَمَنٍ وَمُثَمَّنٍ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْبَرَاءَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى شِرَاءِ شَيْءٍ فَإِنَّهُ يُطَالِبُ بِثَمَنِهِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ دَفْعِ الثَّمَنِ وَكَذَلِكَ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى بَيْعِ شَيْءٍ فَإِنَّهُ يُطَالِبُ بِالْمَثْمُونِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ دَفْعِ الْمَثْمُونِ وَإِلَّا فَلَا يُطَالِبُ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا الْمُطَالَبُ بِمَا ذُكِرَ الْمُوَكِّلُ (ص) كَبَعَثَنِي فُلَانٌ لِتَبِيعَهُ لَا لِأَشْتَرِيَ مِنْك وَبِالْعُهْدَةِ مَا لَمْ يَعْلَمْ (ش) تَشْبِيهٌ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْبَرَاءَةِ أَيْ فَإِنْ صَرَّحَ بِالْبَرَاءَةِ بِأَنْ يَقُولُ وَيَنْقُدُك فُلَانٌ دُونِي فَلَا مُطَالَبَةَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالثَّمَنِ كَمَا أَنَّ مَنْ قَالَ بَعَثَنِي فُلَانٌ لِتَبِيعَهُ فَإِنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ عَلَيْهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِثَالًا لِلتَّصْرِيحِ بِالْبَرَاءَةِ وَلَوْ قَالَ لَهُ بَعَثَنِي فُلَانٌ إلَيْك لِأَشْتَرِيَ مِنْك أَوْ لِأَشْتَرِيَ لَهُ مِنْك أَوْ بَعَثَنِي لِتَبِيعَنِي فَإِنَّ الثَّمَنَ يَكُونُ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا عَلَى الْمُرْسَلِ وَلَوْ أَقَرَّ الْمُرْسَلُ أَنَّهُ أَرْسَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالثَّمَنُ لَازِمٌ لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ لِأَشْتَرِيَ لَهُ مِنْك لَفُهِمَ مَا ذَكَرَهُ مِنْهُ بِالْأُولَى وَكَذَلِكَ يُطَالِبُ الْوَكِيلُ بِعُهْدَةِ الْمَبِيعِ مِنْ غَصْبٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ لِلْبَيْعِ وَكِيلٌ فَإِنْ عَلِمَ فَالْعُهْدَةُ لَا تَكُونُ عَلَيْهِ وَتَكُونُ عَلَى مَنْ وَكَّلَهُ أَيْ فَيَرُدُّ عَلَيْهِ الْمَبِيعَ وَيَكُونُ الثَّمَنُ عَلَيْهِ وَهَذَا فِي الْوَكِيلِ الْمَخْصُوصِ وَأَمَّا الْمُفَوَّضُ فَيَتْبَعُ كَمَا يَتْبَعُ الْبَائِعُ وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ كَالشَّرِيكِ الْمُفَاوِضِ وَالْمُقَارِضِ بِخِلَافِ الْقَاضِي وَالْوَصِيِّ
(ص) وَتَعَيَّنَ فِي الْمُطْلَقِ نَقْدُ الْبَلَدِ وَلَائِقٌ بِهِ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ الثَّمَنَ فَتَرَدَّدَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى شِرَاءِ شَيْءٍ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ أَوْ لَفْظُ إلَخْ) مُتَلَازِمٌ مَعَ الَّذِي قَبْلَهُ يَلْزَمُ مِنْ أَحَدِهِمَا الْآخَرُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ) هَذَا عُرْفٌ فِعْلِيٌّ وَالظَّاهِرُ أَنْ يَزِيدَ فَيَقُولُ كَمَا لَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي ثَوْبًا فَإِنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ الْأَثْوَابِ وَإِلَّا فَاَلَّذِي يَقْبَلُ الشِّرَاءُ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِحَسَبِ الْوَقْتِ الْمُفِيدِ نَوْعًا مَخْصُوصًا فَإِنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ تَكْرَارٌ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ لَهُ تَكْرَارٌ فَتَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ فَلَهُ طَلَبُ الثَّمَنِ) أَيْ وَلَهُ التَّرْكُ وَهُوَ ضَامِنٌ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى جَعْلِ اللَّامِ بِمَعْنَى عَلَى (قَوْلُهُ وَرَدُّ الْمَعِيبِ) إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَالَ شِرَائِهِ فَلَا رَدَّ لَهُ وَيَلْزَمُهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُوَكِّلُ أَخْذَهُ فَلَهُ ذَلِكَ أَوْ يَكُونُ قَلِيلًا وَالشِّرَاءُ فُرْصَةٌ فَهُوَ لَازِمٌ لِلْمُوَكِّلِ وَالْحَاصِلُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ مَتَى قَلَّ الْعَيْبُ وَهُوَ فُرْصَةٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمُوَكِّلُ الشَّيْءَ الْمُشْتَرَى سَوَاءٌ عَلِمَ بِهِ الْوَكِيلُ حِينَ الشِّرَاءِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ عَيَّنَهُ الْمُوَكِّلُ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَكِيلُ مُفَوَّضًا أَوْ مَخْصُوصًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَيْبُ كَذَلِكَ فَإِنْ عَلِمَ بِهِ الْوَكِيلُ حِينَ الشِّرَاءِ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْآمِرُ أَخْذَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ حِينَ الشِّرَاءِ فَلَهُ رَدُّهُ حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْ وَالْمُوَكَّلُ الْمُشْتَرِي مُطْلَقًا أَوْ عَيَّنَهُ وَالْوَكِيلُ مُفَوَّضٌ (قَوْله رَدَّ الْمَعِيبِ) أَيْ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ الْمُصَنِّفُ وَرَدَّ الْمَعِيبِ.
(قَوْلُهُ بِمَا إذَا كَانَ الْعَيْبُ ظَاهِرًا) يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ لَا أَنَّهُ ظَاهِرٌ لِلْمُتَأَمِّلِ وَغَيْرِهِ وَإِلَّا فَلَا رَدَّ لَهُ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَلَعَلَّ تَقْيِيدَ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا الشَّامِلُ اهـ. أَقُولُ وَلَا الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَكِيلِ) زَادَ فِي ك وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَمَانٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ لَا يَخْفَى إلَخْ) إنَّ عَدَمَ ذِكْرِهِ يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْبَرَاءَةِ) وَمَا لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ عَدَمَ الْمُطَالَبَةِ بِهِمَا فَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ ذَلِكَ لَمْ يُطَالَبْ بِهِمَا وَالسِّمْسَارُ كَالْوَكِيلِ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الْعُهْدَةِ فَإِنَّ الْوَكِيلَ عَلَيْهِ الْعُهْدَةِ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ وَكِيلٌ بِخِلَافِ السِّمْسَارِ فَإِنَّهُ لَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الشَّأْنَ فِيهِ أَنْ يَبِيعَ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُطَالِبُ بِثَمَنِهِ) وَلَوْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ وَكِيلٌ (قَوْلُهُ كَبَعَثَنِي فُلَانٌ) أَيْ فَالثَّمَنُ عَلَى فُلَانٍ الْمُرْسِلِ لَا عَلَى الرَّسُولِ فَإِنْ أَنْكَرَ فُلَانٌ أَنَّهُ بَعَثَهُ غَرِمَ الرَّسُولُ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِثَالًا) هَذَا بَعِيدٌ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُفَوَّضُ فَيَتْبَعُ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُفَوَّضًا يَتْبَعُ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ عَدَمُ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ وَكِيلٌ وَبِأَنَّهُ وَكِيلٌ وَبِأَنَّهُ مُفَوَّضٌ وَغَيْرُهُ فِي صُورَةٍ فَقَطْ وَهُوَ عَدَمُ عِلْمِهِ أَنَّهُ وَكِيلٌ.
(قَوْلُهُ وَالْمُقَارَضِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ عَامِلِ الْقِرَاضِ بِخِلَافِ الْقَاضِي وَالْوَصِيِّ إذَا بَاعَا سِلْعَةً مِنْ سِلَعِ الْيَتِيمِ فَلَا يُطَالِبَانِ بِالْعُهْدَةِ فِيمَا وَلِيَا بَيْعَهُ وَالْعُهْدَةُ فِي مَالِ الْيَتَامَى فَإِنْ هَلَكَ مَالُ الْأَيْتَامِ ثُمَّ اسْتَحَقَّتْ السِّلْعَةُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَيْتَامِ
(قَوْلُهُ نَقْدُ الْبَلَدِ) ثُمَّ إنَّهُ يُعْتَبَرُ الْغَالِبُ مِنْ النَّقْدِ حَيْثُ كَانَ فِيهِ غَالِبٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَالِبٌ فَكُلُّ شَيْءٍ أَتَى بِهِ لَزِمَ (قَوْلُهُ فَتَرَدُّدٌ) اعْلَمْ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ ذَكَرَ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى غَيْرَ اللَّائِقُ لَمْ يَلْزَمْهُ وَخُيِّرَ فِي إجَازَتِهِ وَرَدِّهِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ سَمَّى الثَّمَنَ أَمْ لَا وَعِنْدَ أَشْهَبَ لَا خِيَارَ لَهُ إذَا سَمَّاهُ كَانَ مَا اشْتَرَاهُ يَلِيقُ بِهِ أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ فَلَهُ الْخِيَارُ فَجَعَلَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute