للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي سَلَمِ مُوَكِّلِهِ حَمِيلًا أَوْ رَهْنًا إلَى حِينِ وَفَائِهِ فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ لِلْمُوَكِّلِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا زِيَادَةُ تَوَثُّقٍ وَمَصْلَحَةٍ تَعُودُ عَلَى الْمُسْلِمِ وَقَيَّدَ بِمَا إذَا أَخَذَهُمَا بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنْ أَخَذَهُمَا فِي عَقْدِ السَّلَمِ كَانَ لَهُمَا حِصَّةٌ فَيَثْبُتُ لِلْمُوَكِّلِ الْخِيَارُ وَإِذَا هَلَكَ الرَّهْنُ قَبْلَ عِلْمِ الْمُوَكِّلِ بِهِ وَرِضَاهُ فَضَمَانُهُ مِنْ الْوَكِيلِ وَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ رِضَا الْمُوَكِّلِ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْوَكِيلِ الْمَخْصُوصِ وَإِلَّا فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ

(ص) وَفِي ذَهَبٍ فِي بِدَرَاهِمَ وَعَكْسُهُ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا بَاعَ أَوْ اشْتَرَى بِالذَّهَبِ وَقَدْ نَصَّ لَهُ الْمُوَكِّلُ عَلَى الدَّرَاهِمِ أَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ أَوْ اشْتَرَى بِالدَّرَاهِمِ وَقَدْ نَصَّ لَهُ عَلَى الذَّهَبِ هَلْ ذَلِكَ لَازِمٌ لِلْمُوَكِّلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ أَوْ لَهُ الْخِيَارُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمَا جِنْسَانِ فِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ وَمَحَلُّهُمَا إذَا كَانَ الذَّهَبُ وَالدَّرَاهِمُ نَقْدَ الْبَلَدِ وَثَمَنُ الْمِثْلِ وَالسِّلْعَةِ مِمَّا تُبَاعُ بِهِ وَاسْتَوَتْ قِيمَةُ الذَّهَبِ وَالدَّرَاهِمِ وَالْأَخِيرُ مُوَكِّلُهُ قَوْلًا وَاحِدًا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي بِذَهَبٍ بِالْبَاءِ وَفِي بَعْضِهَا بِغَيْرِ الْبَاءِ فَعَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ فَذَهَبٌ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ وَعَلَى الْأُولَى فَفِي الدَّاخِلَةِ عَلَى قَوْلِهِ بِذَهَبٍ مَدْخُولُهَا فِي الْحَقِيقَةِ مَحْذُوفٌ أَيْ وَفِي بَيْعِهِ بِذَهَبٍ لِأَنَّ حَرْفَ الْجَرِّ لَا يَدْخُلُ عَلَى مِثْلِهِ وَأَمَّا مَدْخُولُهَا فِي الدَّاخِلَةِ عَلَى قَوْلِهِ فِي بِدَرَاهِمَ فَأَمَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مَدْخُولَهَا مَحْذُوفٌ أَيْ فِي قَوْلِهِ بِدَرَاهِمَ أَيْ بِعْهُ بِدَرَاهِمَ وَأَمَّا أَنْ يُقَالَ دَخَلَتْ (عَلَى بِدَرَاهِمَ) عَلَى سَبِيلِ الْحِكَايَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ فَكَانَ الْمُرَادُ هَذَا اللَّفْظَ

(ص) وَحَنِثَ بِفِعْلِهِ فِي لَا أَفْعَلهُ إلَّا لِنِيَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُوَكِّلَ يَحْنَثُ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ إلَّا لِنِيَّةٍ مِنْ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ فَإِذَا حَلَفَ لَا يَشْتَرِي عَبْدَ فُلَانٍ أَوْ لَا يَضْرِبَ عَبْدَهُ أَوْ لَا يَبِيعُهُ فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَاشْتَرَاهُ أَوْ ضَرَبَهُ أَوْ بَاعَهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ بِنَفْسِهِ هَذَا إذَا حَلَفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِعِتْقِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَأَمَّا إنْ كَانَ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقِ مُعَيَّنٍ وَكَانَ عَلَى يَمِينِهِ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِالْحَلِفِ فَإِنَّهُ لَا يَنْوِي فِي ذَلِكَ أَنْ قَالَ إنِّي أَرَدْت ذَلِكَ بِنَفْسِي وَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَيَلْزَمُهُ الْعِتْقُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْيَمِينِ عِنْدَ قَوْلِهِ إلَّا لِمُرَافَعَةٍ أَوْ بَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ فِي طَلَاقٍ وَعِتْقٍ فَقَطْ

(ص) وَمَنْعُ ذِمِّيٍّ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ تَقَاضٍ، وَعَدُوٍّ عَلَى عَدُوِّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَافِرَ مِنْ حَيْثُ هُوَ كَانَ ذِمِّيًّا أَوْ غَيْرَهُ يَمْتَنِعُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُوَكِّلَهُ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَرَّى فِي مُعَامَلَاتِهِ وَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُوَكِّلَ الْكَافِرَ عَلَى تَقَاضِي دُيُونِهِ وَلَوْ عَلَى كَافِرٍ لِعَمَلِهِمْ الرِّبَا وَاسْتِحْلَالِهِمْ لَهُ قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ عَبْدُهُ النَّصْرَانِيُّ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِبَيْعِ شَيْءٍ أَوْ بِشِرَائِهِ وَلَا اقْتِضَائِهِ وَلَا يَمْنَعُ الْمُسْلِمُ عَبْدَهُ النَّصْرَانِيَّ أَنْ يَأْتِيَ الْكَنِيسَةَ وَلَا مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ أَكْلِ الْخِنْزِيرِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يُشَارِكُ الْمُسْلِمُ ذِمِّيًّا لَا أَنْ لَا يَغِيبَ عَلَى بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ إلَّا بِحَضْرَةِ الْمُسْلِمِ قَالَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُسَاقِيَهُ إذَا كَانَ الذِّمِّيُّ لَا يَعْصِرُ حِصَّتَهُ خَمْرًا قَالَ وَلَا أُحِبُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَدْفَعَ لِذِمِّيٍّ قِرَاضًا لِعَمَلِهِ بِالرِّبَا وَلَا يَأْخُذُ مِنْهُ قِرَاضًا لِئَلَّا يُذِلَّ نَفْسَهُ وَإِنْ وَقَعَ لَمْ يَفْسَخْ، وَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ تَوْكِيلُ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْعَدَاوَةُ دُنْيَوِيَّةً أَوْ دِينِيَّةً وَمَعَهَا مَانِعٌ شَرْعِيٌّ فَيَجُوزُ تَوْكِيلُ الْمُسْلِمِ عَلَى النَّصْرَانِيِّ وَالْيَهُودِيِّ إلَّا أَنْ

ــ

[حاشية العدوي]

حُكْمًا كَأَنْ يُعْلَمَ وَيَسْكُتَ طَوِيلًا كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَيُغَنِّي عَنْ الْعِلْمِ لِتَضَمُّنِهِ لَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا رَضِيَ بِهِ وَلَوْ حُكْمًا كَعِلْمِهِ بِهِ وَسُكُوتِهِ طَوِيلًا فَضَمَانُهُ ضَمَانُ رِهَانٍ مِنْ الْمُوَكِّلِ فَإِنْ لَمْ يُطِلْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِهِ وَضَمِنَهُ الْوَكِيلُ فَإِنْ رَدَّهُ لِلْوَكِيلِ فَحَبَسَهُ عِنْدَهُ حَتَّى تَلِفَ ضَمِنَهُ ضَمَانَ عَدَاءٍ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوَّلًا وَمَحَلُّ ضَمَانِ الْوَكِيلِ فِي صُورَةٍ مِنْ صُوَرِهِ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْبَائِعُ أَنَّهُ وَكِيلٌ فَإِنْ عَلِمَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْأَمِينِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ) فِي شَرْحِ شب هَذَا وَاضِحٌ إذَا كَانَ مُفَوَّضًا لَهُ فِي النَّظَرِ وَغَيْرِهِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يُفَوَّضْ لَهُ فِي غَيْرِ النَّظَرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ ضَمَانَهُ فِيهِ قَبْلَ رِضَا الْمُوَكِّلِ بِهِ شَرْحِ شب

(قَوْلُهُ قَوْلَانِ) فِي تَخْيِيرِ الْمُوَكِّلِ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ هَلْ ذَلِكَ لَازِمٌ إلَخْ) أَيْ فَلَيْسَ الْخِيَارُ فِي الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ إذْ هُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ مُخَالَفَةِ الْآمِرِ (قَوْلُهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ) أَيْ تَغَايَرَا بِالنَّوْعِيَّةِ (قَوْلُهُ وَثَمَنُ الْمِثْلِ) الْمُنَاسِبُ إسْقَاطُهُ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَرْجِعُ لِلْكَمْيَّةِ قَرَّرَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ) وَعَلَيْهِ فَيُقَدِّرُ شَيْئَانِ هُمَا وَفِي بَيْعِهِ بِمَالِ ذَهَبٍ (قَوْلُهُ عَلَى سَبِيلِ الْحِكَايَةِ) أَيْ حِكَايَةِ مَا يُصْدَرُ مِنْ الْمُوَكِّلِ

(قَوْلُهُ وَحَنِثَ بِفِعْلِهِ) وَكَذَا يَبَرُّ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ فِي لَأَفْعَلَنَّهُ إلَّا بِنِيَّةِ نَفْسِهِ ثُمَّ إنَّ هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ كَالْبَيْعِ وَالضَّرْبِ وَالدُّخُولِ وَأَمَّا مَا لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ كَالْأَكْلِ فَلَا يَبَرُّ بِأَكْلِ وَكِيلِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ وَكَانَ عَلَى يَمِينِهِ بَيِّنَةٌ) الْمُرَادُ الرَّفْعُ لِلْقَاضِي كَانَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ (قَوْلُهُ أَوْ بَيِّنَةٌ) أَرَادَ بِهَا حَقِيقَتَهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ إقْرَارٍ

(قَوْلُهُ وَمَنْعُ ذِمِّيٍّ مِنْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ تَقَاضٍ) وَلَوْ رَضِيَ بِهِ مَنْ يَتَقَاضَى مِنْهُ لِحَقِّ اللَّهِ فَلَيْسَ كَتَوْكِيلِ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا أَغْلَظَ عَلَى الْمُسْلِمِ وَشَقَ عَلَيْهِ بِالْحَثِّ فِي الطَّلَبِ.

(تَنْبِيهٌ) إذَا وَقَعَ وَنَزَلَ التَّوْكِيلُ الْمَمْنُوعُ وَحَصَلَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَالتَّقَاضِي فَالظَّاهِرُ مُضِيُّ ذَلِكَ كُلِّهِ قَالَهُ وَالِدُ عب (قَوْلُهُ يَمْتَنِعُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُوَكِّلَ) وَأَمَّا تَوْكِيلُ الذِّمِّيِّ لِمُسْلِمٍ فَقَدْ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ الْوَكَالَاتُ كَالْأَمَانَاتِ فَيَنْبَغِي لِأُولِي الْأَمَانَاتِ أَنْ لَا يَتَوَكَّلُوا لِأُولِي الْخِيَانَاتُ وَعَنْ مَالِكٍ كَفَى بِالْمَرْءِ خِيَانَةً أَنْ يَكُونَ أَمِينًا لِلْخَوَنَةِ اُنْظُرْ الشَّارِحَ (قَوْلُهُ إلَّا بِحَضْرَةِ الْمُسْلِمِ) بَيَانٌ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ لَا يَغِيبَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا أُحِبُّ) لَفْظَةُ أُحِبُّ عَلَى الْوُجُوبِ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يُذِلَّ نَفْسَهُ) الظَّاهِرُ أَنَّهَا ذِلَّةٌ تُوجِبُ الْكَرَاهَةَ لَا التَّحْرِيمَ فَتَأَمَّلْهُ وَقَوْلُهُ لِعَمَلِهِ بِالرِّبَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَكُونُ كَالذِّمِّيِّ فِي الْمَنْعِ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَمَعَهَا مَانِعٌ شَرْعِيٌّ) كَالْإِهَانَةِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ عَلَى مُسْلِمٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>