للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُرَدَّ سَالِمَةً أَيْ مِنْ السَّفَرِ

(ص) وَعَلَيْهِ اسْتِرْجَاعُهَا إنْ نَوَى الْإِيَابَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُودَعَ بِفَتْحِ الدَّالِ إذَا أَوْدَعَ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْوَدِيعَةِ لِأَمْرٍ سَائِغٍ لَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا عَادَ مِنْ سَفَرِهِ أَنْ يَأْخُذَهَا مِمَّنْ هِيَ عِنْدَهُ حَيْثُ نَوَى الرُّجُوعَ عِنْدَ إيدَاعِهَا لِأَنَّهُ الْتَزَمَ حِفْظَهَا لِرَبِّهَا وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ إلَّا الْقَدْرَ الَّذِي سَافَرَ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِيَابَ عِنْدَ إيدَاعِهَا بَلْ سَافَرَ مُنْتَقِلًا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ ثُمَّ عَادَ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِرْجَاعُهَا مِمَّنْ هِيَ عِنْدَهُ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَإِذَا طَلَبَهَا وَمَنَعَهَا مِنْهُ حَيْثُ نَوَى الْإِيَابَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالدَّفْعِ قَالَهُ بَعْضٌ بِلَفْظِ يَنْبَغِي وَإِذَا تَرَكَ طَلَبَهَا حَيْثُ نَوَى الْإِيَابَ وَتَلِفَتْ عِنْدَ مَنْ أَوْدَعَهَا عِنْدَهُ ضَمِنَهَا بِمَنْزِلَةِ إيدَاعِهَا ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَأَفْتَى بِهِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا أَوْدَعَهَا بِوَجْهٍ سَائِغٍ وَإِلَّا فَيَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِرْجَاعُ سَوَاءٌ نَوَى الْإِيَابَ أَمْ لَا

(ص) وَبِبَعْثِهِ بِهَا وَبِإِنْزَائِهِ عَلَيْهَا فَمَتْنٌ وَإِنْ مِنْ الْوِلَادَةِ كَأَمَةٍ زَوَّجَهَا فَمَاتَتْ مِنْ الْوِلَادَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُودَعَ إذَا بَعَثَ الْوَدِيعَةِ مَعَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا فَهَلَكَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ لِتَعَدِّيهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهَا فِي عَدَمِ الْإِذْنِ وَأَمَّا لَوْ ذَهَبَ بِهَا الْمُودَعُ فَلَا يَضْمَنُ وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ الْمُودَعُ إذَا أَنْزَى عَلَى الْحَيَوَانِ الصَّامِتِ الْمُودَعِ عِنْدَهُ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ فَمَاتَ تَحْتَ الْفَحْلِ أَوْ مَاتَ عِنْدَ الْوِلَادَةِ أَوْ زَوَّجَ الْحَيَوَانَ النَّاطِقَ فَمَاتَ مِنْ الْوِلَادَةِ أَوْ تَحْتَ الْفَحْلِ بِخِلَافِ الرَّاعِي إذَا أَنْزَى عَلَى الْحَيَوَانِ فَمَاتَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَالْمَأْذُونِ لَهُ فِي ذَلِكَ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ أَوَّلًا نَظَرًا لِلَّفْظِ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ لَفْظُهَا مُفْرَدٌ وَجَمْعُهُ ثَانِيًا نَظَرًا لِلْمَعْنَى لِأَنَّ مَعْنَى الْوَدِيعَةِ يَصْدُقُ عَلَى مُتَعَدِّدٍ وَأَتَى بِقَوْلِهِ كَأَمَةٍ إلَخْ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ دَاخِلَةً فِي الْأُولَى لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْزَائِهِ مُخْرِجٌ لَهَا

(ص) وَبِجَحْدِهَا ثُمَّ فِي قَبُولِ بَيِّنَةِ الرَّدِّ خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُودَعَ إذَا أَنْكَرَ أَصْلَ الْوَدِيعَةِ بِأَنْ قَالَ مَا أَوْدَعَتْنِي شَيْئًا ثُمَّ أَقَامَ رَبُّهَا بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ أَنَّهُ أَوْدَعَهُ أَوْ أَقَرَّ بِهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا لَهَا فَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِرَدِّهَا لِلْمُودِعِ بِكَسْرِ الدَّالِ فَهَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ بِالرَّدِّ أَيْ أَوْ بِالتَّلَفِ لِأَنَّهُ يَقُولُ أَرَدْت أَنْ لَا أَتَكَلَّفَ بَيِّنَةً وَلِأَنَّهُ أَمِينٌ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَحْسَنُ أَوَّلًا لِأَنَّهُ آكَدُ بِهَا بِقَوْلِهِ مَا أَوْدَعَتْنِي شَيْئًا وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَقَوْلُهُ وَبِجَحْدِهَا أَيْ يَضْمَنُ أَيْ يَتَسَبَّبُ وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ بِجَحْدِهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الضَّمَانُ بِالْفِعْلِ فَلِذَلِكَ قَالَ ثُمَّ فِي قَبُولِ إلَخْ وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَيْسَ عِنْدِي لَك وَدِيعَةٌ فَهَذَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ بِالرَّدِّ لِأَنَّهُ لَمْ يُكَذِّبْهَا بِقَوْلِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْمِدْيَانِ

(ص) وَبِمَوْتِهِ وَلَمْ يُوصِ وَلَمْ تُوجَدْ إلَّا لِكَعَشْرِ سِنِينَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَخَذَ وَدِيعَةً بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ ثُمَّ مَاتَ فَلَمْ تُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ وَلَمْ يُوصِ بِهَا عِنْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ تَسَلَّفَهَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا أَوْ طَعَامًا إلَّا أَنْ يَطُولَ الْأَمْرُ مِنْ يَوْمِ الْإِيدَاعِ قَدْرَ عَشْرِ سِنِينَ فَلَا يَضْمَنُهَا وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ رَدَّهَا لِرَبِّهَا أَمَّا لَوْ أَوْصَى بِهَا فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا لَهَا فَإِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً أَخَذَهَا رَبُّهَا وَإِنْ تَلِفَتْ فَلَا ضَمَانَ وَيَدْخُلُ فِي إيصَائِهِ بِهَا مَا لَوْ قَالَ هِيَ بِمَوْضِعِ كَذَا فَمَاتَ وَلَمْ تُوجَدْ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا وَيُحْمَلُ عَلَى الضَّيَاعِ لِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَتَسَلَّفْهَا وَأَمَّا إنْ أَخَذَ الْوَدِيعَةَ بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ إذَا لَمْ يُوصِ بِهَا وَلَمْ تُوجَدْ وَلَوْ تَقَادَمَ الْأَمْرُ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَاعْتَرَضَ عَلَى إطْلَاقِ ابْنِ الْحَاجِبِ

(ص) وَأَخَذَهَا إنْ ثَبَتَ بِكِتَابَةٍ عَلَيْهَا أَنَّهَا لَهُ أَنَّ ذَلِكَ خَطُّهُ

ــ

[حاشية العدوي]

عِنْدَ أَمِينٍ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى السَّفَرِ بِهَا فَإِنَّهُ إذَا أَوْدَعَهَا عِنْدَ غَيْرِ أَمِينٍ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ إنْ نَوَى الْإِيَابَ) أَيْ أَوْ زَالَ الْمَانِعُ وَانْظُرْ إذَا نُوزِعَ فِي نِيَّةِ الْإِيَابِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى سَفَرِهِ فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ فِيهِ الْإِيَابَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ

(قَوْلُهُ مِنْ الْوِلَادَةِ) لَوْ حَذَفَهُ لَشَمَلَ مَا إذَا مَاتَتْ مِنْ الْوِلَادَةِ وَفِي وَطْئِهِ إيَّاهَا إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَكَلَّمَ عَلَى الْغَالِبِ وَكَذَا يَضْمَنُ الزَّوْجُ إنْ عَلِمَ بِتَعَدِّي الْمُودَعِ وَخُيِّرَ رَبُّهَا فِي اتِّبَاعِ أَيِّهِمَا شَاءَ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالتَّعَدِّي بُدِئَ بِالْمُودَعِ لِأَنَّهُ الْمُسَلَّطُ لَهُ عَلَيْهَا فَإِنْ أُعْدِمَ اتَّبَعَ الزَّوْجُ فِيمَا يَظْهَرُ وَقَوْلُهُ كَأَمَةٍ أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ الْعَبْدَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَالسَّيِّدُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَخْذِهِ وَتَضْمِينِهِ الْقِيمَةَ كَذَا قَالَ عج وَرَدَّهُ مُحَشِّي تت بِمَا فِي النَّوَادِرِ فَفِيهَا وَلَوْ كَانُوا ذُكُورًا لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُجِيزَهُ فَلَا يَضْمَنُ وَقَدْ أَجَازَ فِعْلَهُ وَإِنْ فَسَخَ رَجَعَ الْعَبْدُ إلَى حَالِهِ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ وَنَحْوِهِ فِي التَّوْضِيحِ فَقَوْلُ ج سَيِّدُهُ مُخَيَّرٌ فِي أَخْذِهِ وَتَضْمِينِهِ الْقِيمَةَ غَيْرُ صَوَابٍ (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهَا فِي عَدَمِ الْإِذْنِ) أَيْ بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ ذَهَبَ بِهَا) عِبَارَةُ عب خِلَافَهَا وَنَصُّهُ وَمِثْلُهُ فِي ضَمَانِهِ ذَهَابُهُ هُوَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَحِينَئِذٍ فَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ.

(تَنْبِيهٌ) : يُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ مَنْ دُفِعَ لَهُ مَالٌ فِي السَّفَرِ لِيَحْمِلَهُ إلَى بَلَدٍ فَعُرِضَتْ لَهُ إقَامَةٌ بِغَيْرِهَا فَلَهُ أَنْ يَبْعَثَهُ مَعَ غَيْرِهِ وَلَا ضَمَانَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُصَدَّقَ فِي أَنَّهُ بَعَثَهَا مَعَ غَيْرِهِ كَمَا فِي الدَّفْعِ لِلزَّوْجَةِ مِمَّنْ اُعْتِيدَ لِذَلِكَ

(قَوْلُهُ ثُمَّ أَقَامَ رَبُّهَا بَيِّنَةً إلَخْ) وَانْظُرْ هَلْ مِثْلُ ذَلِكَ الْإِقْرَارِ مُحَصِّلُ مَا فِي عب التَّرَدُّدُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ بِالتَّلَفِ) بَحَثَ فِيهِ عج بِأَنَّ جَاحِدَ الْوَدِيعَةِ غَاصِبٌ وَالْغَاصِبُ يَضْمَنُ السَّمَاوِيَّ وَحِينَئِذٍ فَلَا مَعْنَى لِقَبُولِ بَيِّنَتِهِ بِالتَّلَفِ وَالتَّعْلِيلُ بِأَنَّ جَحْدَهُ تَكْذِيبٌ لِبَيِّنَتِهِ يَقْضِي بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِالتَّلَفِ قَبْلَ الْجَحْدِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَحْسَنُ) اُنْظُرْ فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ تَرْجِيحٍ لَا ذَكَرَ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ فَكَيْفَ يَقُولُ الْمُصَنِّفُ خِلَافٌ أَيْ فِي التَّشْهِيرِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ جَرَى الْخِلَافُ هُنَا وَجَزَمَ فِي الدَّيْنِ بِعَدَمِ قَبُولِ بَيِّنَتِهِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ أَنْكَرَ مَطْلُوبُ الْمُعَامَلَةِ أَنَّهُ فِي الذِّمَّةِ الْوَدِيعَةِ أَمَانَةٌ فَتَجَاذَبَهَا طَرَفًا تَرْجِيحٌ بِخِلَافِ عَامِلِ الْقِرَاضِ يَجْحَدُهُ ثُمَّ يُقِيمُ بَيِّنَةً عَلَى رَدِّهِ فَإِنَّهَا تَنْفَعُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ أَيْ يَتَسَبَّبُ) هَذَا الْكَلَامُ لَا يَظْهَرُ إذْ تَوَجُّهُ الضَّمَانِ ضَمَانٌ بِالْفِعْلِ إلَخْ وَلَوْ قِيلَ إنَّهُ جَرَى أَوَّلًا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّهُ مُخْتَارُهُ ثُمَّ حَكَى الْخِلَافَ لَكَانَ أَوْلَى لَهُ.

(قَوْلُهُ إلَّا لِكَعَشْرِ سِنِينَ) الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ أَخَذَ الْوَدِيعَةَ بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ) أَيْ أَوْ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ بِهَا بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>