فِي اللُّزُومِ وَفِي تَعْيِينِ الْمُدَّةِ لَا فِي ذَلِكَ وَفِي أَنَّ قَدْرَ الْمُدَّةِ هُنَا كَالْمُدَّةِ فِي الْإِجَارَةِ إذْ لَا يَجُوزُ إجَارَةُ دَارٍ لِتُقْبَضَ بَعْدَ سِنِينَ وَتَجُوزُ قِسْمَةُ الدَّارِ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ أَحَدُهُمَا سِنِينَ وَيَسْكُنَ الْآخَرُ قَدْرَهَا أَوْ دُونَهَا عَلَى مَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ.
(ص) لَا فِي غَلَّةٍ وَلَوْ يَوْمًا (ش) الْمُرَادُ بِالْغَلَّةِ الْكِرَاءُ أَيْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّهَايُؤُ فِي الْغَلَّةِ كَأَنْ يَأْخُذَ هَذَا كِرَاءَ يَوْمٍ وَيَأْخُذَ الْآخَرُ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْغَلَّةَ لَا تَنْضَبِطُ لِأَنَّهَا تَقِلُّ وَتَكْثُرُ فِي نَحْوِ الْيَوْمِ بِخِلَافِ الِاسْتِخْدَامِ وَأَشَارَ بِلَوْ لِرَدِّ قَوْلِ مُحَمَّدٍ قَدْ يَسْهُلُ ذَلِكَ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ لَا فِي غَلَّةِ اللَّبَنِ كَمَا سَيَأْتِي فَيُقَيِّدُ مَا هُنَا بِمَا هُنَاكَ.
(ص) وَمُرَاضَاةٍ فَكَالْبَيْعِ (ش) هَذَا ثَانِي أَقْسَامِ الْقِسْمَةِ فَلَا تَكُونُ إلَّا بِرِضَا الْجَمِيعِ وَلَا تَخْتَصُّ بِنَوْعٍ دُونَ نَوْعٍ وَسَوَاءٌ كَانَتْ بَعْدَ تَقْوِيمٍ وَتَعْدِيلٍ أَمْ لَا وَمَعْنَى قَوْلِهِ فَكَالْبَيْعِ أَنَّهَا تُمْلَكُ الذَّاتُ بِهَا وَلَا يُرَدُّ فِيهَا بِالْغَبَنِ حَيْثُ لَمْ يُدْخِلَا مُقَوَّمًا كَمَا يَأْتِي وَإِنَّمَا شَبَّهَ الْمُؤَلِّفُ قِسْمَةَ التَّرَاضِي بِالْبَيْعِ وَلَمْ يُطْلِقْ عَلَيْهَا الْبَيْعَ حَقِيقَةً لِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَفِي قَفِيزٍ أَخَذَ أَحَدُهُمَا ثُلُثَيْهِ أَيْ وَيَأْخُذُ الْآخَرُ ثُلُثَهُ بِالتَّرَاضِي مِنْهُمَا فَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا حَقِيقَةً لَمَا جَازَ ذَلِكَ وَأَيْضًا فَتَجُوزُ قِسْمَةُ مَا أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ مَكِيلًا مَعَ مَا أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ جُزَافًا مَعَ خُرُوجِ كُلٍّ عَنْ أَصْلِهِ وَيَجُوزُ أَيْضًا قَسْمُ مَا زَادَ غَلَّتُهُ عَلَى الثُّلُثِ وَلَمْ يُجِيزُوا بَيْعَهُ وَإِنَّمَا خُصَّتْ هَذِهِ بِالْمُرَاضَاةِ وَالسَّابِقَةُ بِالْمُهَايَأَةِ مَعَ أَنَّ الْأُولَى فِيهَا الرِّضَا أَيْضًا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأُولَى التَّهَايُؤُ وَإِنْ كَانَ مُسْتَلْزِمًا لِلرِّضَا بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الرِّضَا.
(ص) وَقُرْعَةٍ وَهِيَ تَمْيِيزُ حَقٍّ (ش) هَذَا ثَالِثُ أَقْسَامِ الْقِسْمَةِ وَهِيَ الْمَقْصُودَةُ مِنْ هَذَا الْبَابِ لِأَنَّ قِسْمَةَ الْمُهَايَأَةِ فِي الْمَنَافِعِ كَالْإِجَارَةِ وَقِسْمَةُ التَّرَاضِي فِي الرِّقَابِ كَالْبَيْعِ وَالْمَعْنَى أَنَّ قِسْمَةَ الْقُرْعَةِ تَمْيِيزُ حَقٍّ لَا أَنَّهَا بَيْعٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلِذَلِكَ يُرَدُّ فِيهَا بِالْغَبَنِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا وَلَا تَكُونُ إلَّا فِيمَا تَمَاثَلَ أَوْ تَجَانَسَ وَلَا تَجُوزُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَلَا يُجْمَعُ فِيهَا حَظُّ اثْنَيْنِ (ص) وَكَفَى قَاسِمٌ لَا مُقَوِّمٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاسِمَ الْوَاحِدَ يَكْفِي لِأَنَّ طَرِيقَهُ الْخَبَرُ عَنْ عِلْمٍ يَخْتَصُّ بِهِ الْقَلِيلُ مِنْ النَّاسِ كَالْقَائِفِ وَالْمُفْتِي وَالطَّبِيبِ وَلَوْ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا إلَّا أَنْ يَكُونَ وَجَّهَهُ الْقَاضِي فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ وَأَمَّا الْمُقَوِّمُ لِلْمُتْلَفِ وَنَحْوِهِ حَيْثُ يَتَرَتَّبُ عَلَى تَقْوِيمِهِ قَطْعٌ أَوْ غُرْمٌ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّعَدُّدِ وَإِلَّا فَيَكْفِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْمُقَوِّمَ لِلسِّلْعَةِ الْمَقْسُومَةِ فَإِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْقَاسِمَ هُنَا هُوَ الَّذِي يُقَوِّمُ الْمَقْسُومَ وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُقَوِّمُ غَيْرَهُ لَمْ يَأْتِ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِهِ لِأَنَّ الْعَمَلَ حِينَئِذٍ لَيْسَ عَلَى قَوْلِهِ بَلْ عَلَى قَوْلِ الْمُقَوِّمِ ثُمَّ إنَّ الِاحْتِيَاجَ لِلْقَاسِمِ وَالْمُقَوِّمِ إنَّمَا هُوَ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ كَمَا لَا يَخْفَى.
(ص) وَأَجْرُهُ بِالْعَدَدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاسِمَ أَجْرُهُ عَلَى عَدَدِ الْوَرَثَةِ مِمَّنْ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَفِي تَعْيِينِ الْمُدَّةِ) أَيْ الْمُدَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْقَبْضِ لَا الْمُدَّةِ الْمُسْتَوْفَى فِيهَا الْمَنْفَعَةُ (قَوْلُهُ تُقْبَضُ بَعْدَ سِنِينَ) الصَّوَابُ بَعْدَ سَنَةٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قِسْمَةَ الْمُهَايَأَةِ قِسْمَةُ مَنَافِعَ وَأَمَّا الْمُرَاضَاةُ وَالْقُرْعَةُ فَقِسْمَةُ رِقَابٍ وَلَكِنْ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ كَالْإِجَارَةِ أَنَّ قِسْمَةَ الْمُهَايَأَةِ إنَّمَا تَكُونُ بِتَرَاضٍ وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَا يُنَافِيهِ جَعْلُ قِسْمَةِ الْمُرَاضَاةِ قَسِيمًا لَهَا لِأَنَّهَا بِاعْتِبَارِ تَعَلُّقِهَا بِمِلْكِ الذَّاتِ وَالْمُهَايَأَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِمِلْكِ الْمَنَافِعِ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْغَلَّةَ لَا تَنْضَبِطُ) أَمَّا لَوْ كَانَتْ تَنْضَبِطُ فَيَجُوزُ (قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى إلَخْ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْغَلَّةِ مَا يَشْمَلُ اللَّبَنَ.
(قَوْلُهُ بَعْدَ تَقْوِيمٍ وَتَعْدِيلٍ) عَطْفٌ مُغَايِرٌ فَالتَّعْدِيلُ كَمَا إذَا قِيلَ ذِرَاعٌ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ يُعَادِلُ ذِرَاعَيْنِ مِنْ الْأَرْضِ الْأُخْرَى مَعَ كَوْنِهِ لَا يُعْرَفُ قِيمَتُهُ وَأَمَّا التَّقْوِيمُ فَيُقَالُ قِيمَتُهُ عِشْرُونَ مَثَلًا (قَوْلُهُ وَلَا يُرَدُّ فِيهَا بِالْغَبَنِ) أَيْ وَتَكُونُ فِيهَا تَمَاثَلَ أَوْ اخْتَلَفَ وَفِي الْمِثْلِيِّ وَغَيْرِهِ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا وَيُجْمَعُ فِيهَا مِنْ حَظِّ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ بِخِلَافِ الْقُرْعَةِ (قَوْلُهُ لَمَا جَازَ ذَلِكَ) لِمَا فِيهِ مِنْ رِبَا الْفَضْلِ (قَوْلُهُ وَأَيْضًا فَتَجُوزُ قِسْمَةُ مَا أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ مَكِيلًا) كَصُبْرَةِ قَمْحٍ وَقَوْلُهُ مَعَ مَا أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ جُزَافًا أَيْ كَفَدَّانٍ مِنْ الْأَرْضِ أَيْ فَيَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ هَذَا الْفَدَّانَ وَهَذَا الصُّبْرَةَ الْقَمْحَ وَقَدْ خَرَجَ كُلٌّ عَنْ أَصْلِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْقَمْحِ الْكَيْلُ وَفِي الْأَرْضِ الْجُزَافُ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ قَسْمُ مَا زَادَ) أَيْ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ
(قَوْلُهُ كَالْإِجَارَةِ) أَيْ فَهِيَ كَالْإِجَارَةِ فَتَدْخُلُ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ وَقَوْلُهُ كَالْبَيْعِ أَيْ فَهِيَ كَالْبَيْعِ فَتَدْخُلُ فِي بَابِ الْبَيْعِ فَلَمْ يَخُصَّ هَذَا الْبَابَ إلَّا الْقُرْعَةَ (قَوْلُهُ وَلِذَلِكَ يُرَدُّ فِيهَا بِالْغَبَنِ إلَخْ) أَيْ وَالْبَيْعُ لَا يُرَدُّ فِيهِ بِالْغَبَنِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ مَنْ أَبَاهُ (قَوْلُهُ وَلَا تَكُونُ إلَّا فِيمَا تَمَاثَلَ) كَصُوفٍ وَصُوفٍ وَقَوْلُهُ أَوْ تَجَانَسَ كَصُوفٍ وَحَرِيرٍ (قَوْلُهُ وَلَا تَجُوزُ فِي شَيْءٍ مِنْ مَكِيلٍ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تَحْتَاجُ لِتَقْوِيمٍ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمُقَوَّمَاتِ
(قَوْلُهُ وَكَفَى قَاسِمٌ) أَيْ يَكْفِي فِي تَمْيِيزِ الْحَقِّ بِقَسْمِ الْقُرْعَةِ قَاسِمٌ عَدْلٌ حُرٌّ إنْ نَصَّبَهُ قَاضٍ فَإِنْ نَصَّبَهُ الشُّرَكَاءُ كَفَى وَلَوْ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا هَذَا مُحَصِّلُ الشَّارِحِ وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ كَفَى أَنَّ الْأَوْلَى خِلَافُ ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الِاثْنَانِ أَوْلَى مِنْ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ كَالْقَائِفِ) أَيْ الَّذِي يَعْرِفُ أَنَّ فُلَانًا ابْنُ فُلَانٍ بِالشَّبَهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَافِرًا إلَخْ) مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ يَكْفِي أَيْ أَنَّ الْقَاسِمَ الْوَاحِدَ يَكْفِي وَلَوْ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَجَّهَهُ الْقَاضِي أَيْ أَوْ نَصَّبَهُ (قَوْلُهُ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ) أَيْ وَالْحُرِّيَّةُ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ كَالْمَسْرُوقِ وَقَوْلُهُ قَطْعٌ يَرْجِعُ لِلْمَسْرُوقِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَكْفِي فِيهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَتَرَتَّبُ عَلَى التَّلَفِ وَنَحْوِهِ قَطْعٌ أَوْ غُرْمٌ فَيَكْفِي فِيهِ الْوَاحِدُ أَيْ بِأَنْ يُقَوَّمَ لِيَكُونَ مِنْ حَظِّ الْمُتْلِفِ أَيْ كَأَنْ يَكُونَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ فِي مَتَاعٍ أَتْلَفَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا فَيُقَوَّمُ لِأَجْلِ أَنْ يُحْسَبَ عَلَى الْمُتْلِفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُقَوَّمَ لَا يَكْفِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَلَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ حَيْثُ كَانَ يَتَرَتَّبُ عَلَى التَّقْوِيمِ حَدٌّ أَوْ غُرْمٌ كَتَقْوِيمِ الْمَسْرُوقِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَالْمَغْصُوبِ وَالْمُتْلَفِ إذَا وُصِفَ لَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقَاسِمِ وَالْمُقَوِّمِ أَنَّ الْقَاسِمَ نَائِبٌ عَنْ الْحَاكِمِ فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِالْوَاحِدِ وَالْمُقَوِّمُ كَالشَّاهِدِ عَلَى الْقِيمَةِ فَتَرَجَّحَ فِيهِ جَانِبُ الشَّهَادَةِ.