للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ النَّقْضِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَرَثَةَ إذَا بَاعُوا التَّرِكَةَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ (بِلَا غَبَنٍ) ثُمَّ طَرَأَ رَبُّ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ لَا يُنْقَضُ الْبَيْعُ وَلَا مَقَالَ لَهُ وَلَوْ كَانُوا عَالِمِينَ بِهِ حِينَ الْبَيْعِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ بِلَا غَبَنٍ إذْ بَيْعُهُمْ مَاضٍ سَوَاءٌ كَانَ بِغَبَنٍ أَوْ بِغَيْرِهِ، لَكِنْ وَقَعَ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا حَصَلَ الْبَيْعُ بِغَبَنٍ هَلْ يَضْمَنُ الْبَائِعُ مَا حَابَى فِيهِ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ الْغَرِيمُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ إنَّمَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي؟ قَوْلَانِ مُسْتَفَادَانِ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ.

(ص) وَاسْتَوْفَى مِمَّا وَجَدَ ثُمَّ تَرَاجَعُوا (ش) هَذَا غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِمَسْأَلَةِ الْبَيْعِ بَلْ هُوَ جَارٍ فِيمَا قَبْلَهَا أَيْضًا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا طَرَأَ مَنْ ذُكِرَ عَلَى الْوَرَثَةِ فَوَجَدَ بَعْضَهُمْ قَدْ اسْتَهْلَكَ وَبَعْضَهُمْ لَمْ يَسْتَهْلِكْ فَإِنَّهُ يَسْتَوْفِي حَقَّهُ مِمَّا وَجَدَهُ بِيَدِهِ قَائِمًا كَمَا يَسْتَوْفِي مِمَّنْ لَمْ يَبِعْ لِأَنَّهُ لَا إرْثَ إلَّا بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ وَإِذَا اسْتَوْفَى مِنْ ذَلِكَ الْمَوْجُودِ فَإِنَّ الْوَرَثَةَ يَتَرَاجَعُونَ بَعْدَ ذَلِكَ

وَقَوْلُهُ (ص) وَمَنْ أَعْسَرَ فَعَلَيْهِ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا (ش) فِيمَا إذَا بَاعَ الْجَمِيعُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَتَقَدَّمَ عَنْ ح أَنَّهُ فِي هَذِهِ يَأْخُذُ الْمَلِيءَ عَنْ الْمُعْدِمِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَمَنْ أَعْسَرَ فَعَلَيْهِ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا وَجَعَلَهُ الطِّخِّيخِيُّ فِيمَا إذَا اسْتَوْفَى الطَّارِئُ حَظَّهُ مِمَّنْ وَجَدَهُ فَإِنَّ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ الطَّارِئُ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ وَجَدَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ بِحِصَّتِهِ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ مُعْدِمًا حَيْثُ لَمْ يَعْلَمُوا فَإِنْ عَلِمُوا فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مَنْ وَجَدَهُ مَلِيئًا عَنْ الْمُعْدِمِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ الطَّارِئُ عَالِمًا فَكَيْفَ يُقَالُ أَنَّهُ يَأْخُذُ الْمَلِيءَ الْعَالِمَ عَنْ الْمُعْدِمِ مَعَ مُسَاوَاتِهِ لَهُ فِي الْعِلْمِ وَهَذَا الْبَحْثُ لَا يَتَأَتَّى فِي تَقْرِيرِ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (ص) وَإِنْ طَرَأَ غَرِيمٌ أَوْ وَارِثٌ أَوْ مُوصًى لَهُ عَلَى مِثْلِهِ أَوْ مُوصًى لَهُ بِجُزْءٍ عَلَى وَارِثٍ اتَّبَعَ كُلًّا بِحِصَّتِهِ (ش) قَوْلُهُ عَلَى مِثْلِهِ يَرْجِعُ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَقْسُومُ مِثْلِيًّا أَوْ عَيْنًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمَقْسُومُ مُقَوَّمًا فَإِنَّ الْقِسْمَةَ تُنْقَضُ كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ.

(ص)

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ إذَا بَاعُوا التَّرِكَةَ) هَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ إضَافَةَ الْمَصْدَرِ فِي الْمُصَنِّفِ لِلْفَاعِلِ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلْمَفْعُولِ كَمَا هُوَ مُفَادُ الْمُدَوَّنَةِ أَيْ بِأَنْ اشْتَرَى أَحَدُهُمْ مِنْ التَّرِكَةِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانُوا عَالَمِينَ إلَخْ) لَا يُنَاقِضُ قَوْلَهُ ثُمَّ طَرَأَ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ يُفَسَّرُ بِجَاءَ أَيْ قَدِمَ مِنْ مَوْضِعٍ لِمَوْضِعٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الدَّيْنَ قَدْ يَكُونُ مَعْلُومًا، ثُمَّ نَقُولُ إنَّ هَذَا مَرْدُودٌ فَقَدْ فَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْجَهْلِ بِالدَّيْنِ أَمَّا مَعَ عِلْمِهِمْ بِتَقْدِيمِ الدَّيْنِ فَبَاعُوا فَإِنَّ بَيْعَهُمْ يُرَدُّ قَالَ فِي كِتَابِ الْمِدْيَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا بَاعَ الْوَرَثَةُ التَّرِكَةَ فَأَكَلُوا ذَلِكَ وَاسْتَهْلَكُوهُ ثُمَّ طَرَأَتْ دُيُونٌ عَلَى الْمَيِّتِ فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ يَعْرِفُ بِالدَّيْنِ فَبَاعُوا مُبَادَرَةً لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُمْ وَلِلْغُرَمَاءِ انْتِزَاعُ عُرُوضِهِ مِمَّنْ هِيَ بِيَدِهِ وَيَتَّبِعُ الْمُشْتَرِي الْوَرَثَةَ بِالثَّمَنِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الْمَيِّتُ بِالدَّيْنِ وَبَاعُوا عَلَى مَا يَبِيعُ النَّاسُ اتَّبَعَ الْغُرَمَاءُ الْوَرَثَةَ بِالثَّمَنِ كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَلَا مُتَابَعَةَ عَلَى مِنْ ذَلِكَ الْمَالُ بِيَدِهِ، أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ عَلَى مَا يَبِيعُ النَّاسُ أَيْ مِنْ غَيْرِ مُحَابَاةٍ ابْنُ مُحْرِزٍ قَوْلُهُ لِلْغُرَمَاءِ فَسْخُ الْبَيْعِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ؛ لِأَنَّهُمْ مَا وَجَدُوا الثَّمَنَ بِأَيْدِي الْوَرَثَةِ وَإِنْ وَجَدُوهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فَسْخُ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ لَيْسَ فِي أَعْيَانِ السِّلَعِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ رَأَى فَسْخَ الْبَيْعِ عَلَى رِوَايَةِ أَشْهَبَ أَنَّ الْوَرَثَةَ إنْ بَاعُوا بَعْضَ السِّلَعِ لِأَنْفُسِهِمْ وَعَزَلُوا لِلدَّيْنِ أَضْعَافَهُ أَنَّهُ يُفْسَخُ؛ لِأَنَّهُ لَا مِيرَاثَ إلَّا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ فَعَلَيْهِ يُفْسَخُ الْبَيْعُ لِحَقِّ اللَّهِ كَبَيْعِ التَّفْرِقَةِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِظَاهِرِ الْكِتَابِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ بِغَبَنٍ) أَيْ بِلَا مُحَابَاةٍ لَا حَقِيقَةَ الْغَبَنِ قَالَ مُحَشِّي تت وَمَا أَدْرِي مَا الْحَامِلُ لِلْمُؤَلِّفِ عَلَى ارْتِكَابِ الْمَجَازِ الْخَالِي عَنْ الْقَرِينَةِ، لَكِنْ اُسْتُشْكِلَ الْقَوْلُ بِالرُّجُوعِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ يُعَارِضُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَا بِغَبَنٍ، وَلَوْ خَالَفَ الْعَادَةَ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا أَخْبَرَ الْوَارِثُ الْبَائِعَ بِجَهْلِهِ وَاسْتَسْلَمَ الْمُشْتَرِي وَيَنْبَغِي بُطْلَانُ عِتْقِهِمْ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ وَجْهُ رُجُوعِهِمْ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُمْ بَاعُوا شَيْئًا لَيْسَ مِلْكَهُمْ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ فَوَجَدَ بَعْضَهُمْ قَدْ اسْتَهْلَكَ وَبَعْضَهُمْ لَمْ يَسْتَهْلِكْ) الْأَحْسَنُ مَا قَرَّرَ بِهِ عب حَيْثُ قَالَ وَاسْتَوْفَى الطَّارِئُ مِمَّا وَجَدَ مِنْ التَّرِكَةِ بِيَدِ مَنْ أَخَذَهُ مِنْ الْوَرَثَةِ وَلَمْ يَبِعْهُ أَوْ مِنْ ثَمَنِ مَا بِيعَ حَيْثُ كَانَ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَحَيَوَانٍ وَعَقَارٍ أَوْ مِمَّا وَجَدَ مِنْهَا وَلَمْ يُسْتَهْلَكْ؛ لِأَنَّهُ لَا إرْثَ إلَّا بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ دُونَ مَا اُسْتُهْلِكَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا) أَيْ بِالطَّارِئِ وَأَنَّ دَيْنَهُ يُقَدَّمُ عَلَى الْإِرْثِ فَعِلْمُهُمْ بِدَيْنِ الطَّارِئِ مَعَ جَهْلِ تَقَدُّمِهِ كَعَدَمِ عِلْمِهِمْ كَمَا يُفِيدُهُ الْمَوَّاقُ (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا بَاعَ الْجَمِيعُ) أَيْ أَنَّ الْوَرَثَةَ جَمِيعَهُمْ بَاعَ التَّرِكَةَ وَالْبَعْضُ مَلِيءٌ وَالْبَعْضُ مُعْدِمٌ فَإِنَّ الْمَدِينَ يَسْتَوْفِي حَقَّهُ مِنْ الْمَلِيءِ فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ وَمَنْ أَعْسَرَ مُنَاسِبًا لِمَا قَبْلَهُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَاسْتَوْفَى (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمُوا) أَيْ أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَعْلَمُوا وَأَخَذَ الطَّارِئ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَمِيعَ الدَّيْنِ فَإِنَّ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ الطَّارِئُ إذَا وَجَدَ أَحَدًا مِنْ الْوَرَثَةِ يَأْخُذُ مِنْهُ حِصَّتَهُ فَقَطْ وَأَمَّا إنْ عَلِمُوا فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مَنْ وَجَدَهُ مَلِيئًا يَأْخُذُ مِنْهُ حِصَّةَ الْمُعْدِمِ ثُمَّ إنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّ أَخْذَ الطَّارِئِ جَمِيعَ الدَّيْنِ مِنْ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ آتٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ الَّذِي نَبَّهَ عَلَيْهِ الْحَطَّابُ رَادًّا بِهِ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ (قَوْلُهُ مَعَ مُسَاوَاتِهِ لَهُ فِي الْعِلْمِ) أَيْ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْهُ حِصَّتَهُ وَيَتَشَارَكَانِ فِي الْبَاقِي فَإِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً أَخَذَ الطَّارِئُ مِنْ وَاحِدٍ فَإِذَا وَجَدَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ مَلِيئًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ وَيَتَشَارَكَانِ فِي الْبَاقِي (أَقُولُ) إذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ لِمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ الطَّارِئُ عَالِمًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمَلِيءِ الْعَالِمِ حِصَّتَهُ وَيَتَشَارَكَ فِيمَا عَلَى الْمُعْسِرِ وَقَالَ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ فَقَطْ وَأَمَّا إنْ كَانَ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ الطَّارِئُ غَيْرَ عَالِمٍ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمَلِيءِ الْعَالِمِ بِمَا عَلَى الْمُعْدِمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>