للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْخَلْطَ بِأَنْ اشْتَرَطَ عَدَمَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ، وَأَمَّا إنْ سَكَتَ عَنْ شَرْطِ الْعَدَمِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَاشْتِرَاطِهِ، وَأَمَّا مَعَ اشْتِرَاطِ الْخَلْطِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْجَوَازِ كُلٌّ مِنْ الشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي فَلَوْ نَضَّ الْأَوَّلُ بِرِبْحٍ أَوْ خَسْرٍ لَمْ يَجُزْ دَفْعُ الثَّانِي سَوَاءٌ كَانَ عَلَى مِثْلِ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَسَوَاءٌ وَقَعَ عَلَى الْخَلْطِ أَوْ عَلَى غَيْرِ الْخَلْطِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْسَرُ الْأَوَّلُ فَيَجْبُرُهُ الثَّانِي وَبِالْعَكْسِ وَهَذَا مَعَ اشْتِرَاطِ الْخَلْطِ أَوْ السُّكُوتِ، وَأَمَّا مَعَ اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْخَلْطِ فَلِأَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ يَنِضُّ بِرِبْحٍ فَيَرْغَبُهُ بِالثَّانِي قَصْدًا لِلْبَقَاءِ وَذَلِكَ نَفْعٌ وَقَدْ يَنِضُّ بِنَقْصٍ فَيَرْغَبُهُ بِالثَّانِي لِأَجْلِ أَنْ يَعْمَلَ فِي الْأَوَّلِ حَتَّى يَجْبُرَ خَسْرَهُ أَيْ لِأَنَّهُ يَرْجُو جَبْرَهُ بِالثَّانِي.

(ص) وَاشْتِرَاءُ رَبِّهِ مِنْهُ إنْ صَحَّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ الْعَامِلِ سِلْعَةً مِنْ سِلَعِ الْقِرَاضِ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ بِشَرْطِ أَنْ يَصِحَّ قَصْدُهُ فِي ذَلِكَ بِأَنْ لَا يَتَوَصَّلَ بِالشِّرَاءِ إلَى أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ الرِّبْحِ قَبْلَ الْمُفَاصَلَةِ وَأَنْ لَا يَشْتَرِطَ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ (ص) وَاشْتِرَاطُهُ أَنْ لَا يَنْزِلَ وَادِيًا أَوْ يَمْشِيَ بِلَيْلٍ أَوْ بِبَحْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ لَا يَنْزِلَ وَادِيًا أَوْ لَا يَسِيرَ بِالْمَالِ فِي اللَّيْلِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ أَوْ لَا يَنْزِلَ بِالْمَالِ فِي الْبَحْرِ الْمِلْحِ أَوْ الْحُلْوِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ (ص) أَوْ يَبْتَاعَ سِلْعَةً (ش) عُطِفَ عَلَى يَنْزِلَ مَعَ تَقْدِيرِ لَا أَيْ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ لَا يَبْتَاعَ سِلْعَةً عَيَّنَهَا لَهُ وَكَانَ ذَلِكَ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ مِنْ قِلَّةِ الرِّبْحِ فِيهَا أَوْ حُصُولِ الْوَضِيعَةِ فِيهَا فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِشَرْطِهِ لِأَنَّهُ شَرْطٌ جَائِزٌ (ص) وَضَمِنَ إنْ خَالَفَ (ش) أَيْ وَضَمِنَ الْعَامِلُ الْمَالَ إنْ خَالَفَ وَاحِدًا مِمَّا ذُكِرَ أَيْ وَحَصَلَ التَّلَفُ بِسَبَبِ الْمُخَالَفَةِ، وَأَمَّا لَوْ خَاطَرَ وَسَلِمَ ثُمَّ تَلِفَ الْمَالُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

(ص) كَأَنْ زَرَعَ أَوْ سَاقَى بِمَوْضِعِ جَوْرٍ لَهُ (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي ضَمَانِ الْعَامِلِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَامِلَ إذَا زَرَعَ بِأَنْ اشْتَرَى بِالْمَالِ طَعَامًا وَآلَةً لِلْحَرْثِ أَوْ اكْتَرَى تِلْكَ الْآلَةَ وَالْأُجَرَاءَ وَزَرَعَ أَوْ سَاقَى أَيْ عَمِلَ بِالْمَالِ فِي حَائِطِ شَخْصٍ سَاقَاهُ أَوْ اشْتَرَى حَائِطًا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ وَسَاقَى فِيهِ آخَرَ بِمَوْضِعِ جَوْرٍ لِلْعَامِلِ بِأَنْ كَانَ لَا حُرْمَةَ لَهُ وَلَا جَاهَ فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا لِلْمَالِ لِأَنَّهُ عَرَّضَهُ لِلتَّلَفِ فَإِنْ كَانَ لِلْعَامِلِ حُرْمَةٌ وَجَاهٌ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ جَوْرًا لِغَيْرِهِ (ص) أَوْ حَرَّكَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَيْنًا (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ الْعَامِلُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَهِيَ مَا إذَا مَاتَ رَبُّ الْمَالِ وَالْحَالُ أَنَّ الْعَامِلَ بِبَلَدِ رَبِّ الْمَالِ وَالْمَالُ بِيَدِهِ عَيْنًا ثُمَّ حَرَّكَهُ الْعَامِلُ بَعْدَ مَوْتِ رَبِّ الْمَالِ وَعِلْمِهِ بِمَوْتِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا لِتَعَدِّيهِ لِأَنَّ الْمَالَ انْتَقَلَ إلَى الْوَرَثَةِ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ أَمَّا لَوْ كَانَ الْمَالُ عَرْضًا فَحَرَّكَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَهُمْ فِي ذَلِكَ كَمُوَرِّثِهِمْ سَوَاءٌ وَكَذَلِكَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا اتَّجَرَ قَبْلَ عِلْمِ مَوْتِهِ وَقَوْلُهُ عَيْنًا حَالٌ مِنْ الْهَاءِ أَيْ حَرَّكَهُ حَالَ كَوْنِ الْمَالِ عَيْنًا أَيْ نَاضًّا وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَدَمُ الضَّمَانِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَامِلُ فِي بَلَدِ رَبِّ الْمَالِ وَلَوْ قَرُبَتْ الْغَيْبَةُ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْغَيْبَةُ الْقَرِيبَةُ كَالْحَاضِرِ وَظَاهِرُ تَقْرِيرِ تت أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ بِبَلَدِ رَبِّ الْمَالِ أَمْ لَا وَإِذَا فَعَلَ بِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِمَوْتِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ سَوَاءٌ اتَّجَرَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْقِرَاضِ وَالرِّبْحُ لَهُ إنْ اتَّجَرَ لِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَأَمَّا إنْ اتَّجَرَ بِهِ قَبْلَ الْعِلْمِ فَخَسِرَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِخَطَئِهِ عَلَى مَالِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَاشْتِرَاطِهِ) أَيْ الْعَدَمِ، وَقَوْلُهُ وَذَلِكَ نَفْعٌ أَيْ وَالْبَقَاءُ نَفْعٌ (قَوْلُهُ لِأَجْلِ أَنْ يَعْمَلَ فِي الْأَوَّلِ حَتَّى يَجْبُرَ خَسْرَهُ) أَيْ وَجَبْرُ الْخَسْرِ نَفْعٌ أَيْضًا وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ، وَقَوْلُهُ بِالثَّانِي أَيْ بِسَبَبِ الثَّانِي.

(قَوْلُهُ بِأَنْ لَا يَتَوَصَّلَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ يَشْتَرِي مِنْهُ كَمَا يَشْتَرِي مِنْ غَيْرِهِ أَيْ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ كَانَ الشِّرَاءُ نَقْدًا أَمْ لَا زَادَ اللَّقَانِيِّ فَقَالَ وَهَذَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ مِنْهُ (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَنْزِلَ وَادِيًا) أَيْ مَحَلًّا مُنْخَفِضًا وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ يُمْكِنُ الْمَشْيُ بِغَيْرِ الْوَادِي وَالْمَشْيُ بِالنَّهَارِ وَالْمَشْيُ بِغَيْرِ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ أَيْ وَحَصَلَ التَّلَفُ بِشَرْطِهِ) هَذَا الْكَلَامُ ظَاهِرُهُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَاشْتِرَاطُهُ أَنْ لَا يَنْزِلَ وَادِيًا أَوْ يَمْشِيَ بِلَيْلٍ أَوْ بِبَحْرٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ يَضْمَنُ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ إذَا حَصَلَ نَهْبٌ أَوْ غَرَقٌ أَوْ سَمَاوِيٌّ زَمَنَ الْمُخَالَفَةِ فَقَطْ وَلَا يَضْمَنُ السَّمَاوِيَّ بَعْدَهَا وَلَا الْخَسْرَ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الرَّابِعَةِ فَيَضْمَنُ فِيهَا الْخَسْرَ وَالسَّمَاوِيَّ وَضَمِنَهُ وَإِنْ كَانَ الْمُتَعَدِّي لَا يَضْمَنُهُ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ مَعَ أَنَّ هَذَا شَرِيكٌ عَلَى قَوْلٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا طَلَبَ بِتَنْمِيَةِ الْمَالِ عُدَّ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ كَالْغَاصِبِ لِخُرُوجِهِ عَنْ التَّنْمِيَةِ الَّتِي هِيَ سُنَّةُ الْقِرَاضِ فَلَوْ ادَّعَى أَنْ التَّلَفَ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الْبَحْرِ أَوْ ذَهَابِ اللَّيْلِ مَثَلًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ.

(قَوْلُهُ كَأَنْ زَرَعَ أَوْ سَاقَى بِمَوْضِعِ جَوْرٍ لَهُ) وَيَضْمَنُ، وَلَوْ بِالسَّمَاوِيِّ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ إلَخْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ عَالِمٌ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ك (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ) أَيْ عِنْدَ الْعِلْمِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا طَرِيقَتَانِ طَرِيقَةُ الشَّارِحِ وَطَرِيقَةُ تت إلَّا أَنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الشَّارِحَ لَمَّا ذَكَرَ نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ الْقَائِلَ فَإِنْ عَلِمَ الْعَامِلُ بِمَوْتِ رَبِّ الْمَالِ وَهُوَ بِيَدِهِ عَيْنًا فَلَا يَعْمَلُ بِهِ قَالَ وَقَيَّدَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلَهُ فَلَا يَعْمَلُ بِهِ بِمَا إذَا كَانَ الْعَامِلُ بِبَلَدِ رَبِّ الْمَالِ وَأَمَّا إنْ كَانَ بِغَيْرِهِ أَوْ ظَعَنَ مِنْهُ فَلَهُ الْعَمَلُ بِهِ كَمَا لَوْ شَغَلَهُ اهـ. فَإِذَنْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَهْرَامُ مُتَوَقِّفًا فِي اعْتِمَادِهِ لَا أَنَّهُ جَازِمٌ بِاعْتِمَادِهِ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاجِبَ الرُّجُوعُ لِإِطْلَاقِ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ عَالِمٌ بِالْمَوْتِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ اللَّقَانِيِّ لِتَقْيِيدِ ابْنِ يُونُسَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ أَصْلًا بَلْ كُلُّهُ لِلْوَرَثَةِ وَكَذَلِكَ يُفِيدُهُ كَلَامُ بَهْرَامَ فَإِنَّهُ قَالَ وَالرِّبْحُ لَهُ إنْ اتَّجَرَ لِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَلِلْوَرَثَةِ وَكَذَلِكَ فِي شَرْحِ شب حَيْثُ مَثَّلَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِكُلِّ أَحَدٍ إلَخْ بِقَوْلِهِ كَمَنْ أَخَذَ قِرَاضًا وَمَاتَ صَاحِبُ الْمَالِ وَاتَّجَرَ بِهِ الْعَامِلُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِمَوْتِهِ فَإِنَّهُ لَا رِبْحَ لَهُ فَتَأَمَّلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>