حَقِّ رَبِّ الْمَالِ، وَأَمَّا الرِّبْحُ الْكَائِنُ فِي الْعَبْدِ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لِرَبِّ الْمَالِ مِنْهُ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَرْبَحُ فِيمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ إلَّا فِي صُورَةٍ تَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ لَوْ كَانَ أَصْلُ الْقِرَاضِ مِائَةً فَتَجَرَ فِيهَا الْعَامِلُ فَرَبِحَ مِائَةً ثُمَّ اشْتَرَى بِالْمِائَتَيْنِ قَرِيبَ رَبِّ الْمَالِ وَكَانَ هَذَا الْقَرِيبُ يُسَاوِي ثَلَثَمِائَةٍ وَقْتَ الشِّرَاءِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ مِنْهُ حِينَئِذٍ النِّصْفُ بِمِائَةٍ رَأْسِ الْمَالِ وَخَمْسِينَ حِصَّةِ رَبِّ الْمَالِ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَيَعْتِقُ مِنْهُ النِّصْفُ لِأَنَّ حِصَّةَ الْعَامِلِ قَبْلَ الشِّرَاءِ خَمْسُونَ أَفْسَدَهَا عَلَى نَفْسِهِ بِعِلْمِهِ وَالْمِائَةُ الرِّبْحُ فِي نَفْسِ الْعَبْدِ هَدَرٌ.
(ص) وَغَيْرُ عَالِمٍ فَعَلَى رَبِّهِ وَلِلْعَامِلِ رِبْحُهُ فِيهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ إذَا اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَالْحَالُ أَنَّهُ غَيْرُ عَالِمٍ بِقَرَابَتِهِ لِرَبِّ الْمَالِ حِينَ الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ وَالْعَامِلُ مَعْذُورٌ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالْقَرَابَةِ وَلِلْعَامِلِ رِبْحُهُ فِيهِ إنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ وَأَوْلَى رِبْحُهُ قَبْلَهُ فَالضَّمِيرُ فِي فِيهِ يَرْجِعُ إلَى الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى وَالْحَالُ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ مُوسِرٌ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُعْسِرًا وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ فَالْحُكْمُ أَنَّ حِصَّةَ رَبِّ الْمَالِ تَعْتِقُ عَلَيْهِ أَيْ مَا يُقَابِلُ حِصَّتَهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَمِنْ الرِّبْحِ وَتَبْقَى حِصَّةُ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ فِي الْعَبْدِ مِلْكًا لَهُ وَلَا تَعْتِقُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحُكْمَ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ عَبْدٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَتَبْقَى حِصَّةُ الشَّرِيكِ الْآخَرِ عَلَى مِلْكِهِ.
(ص) وَمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَعَلِمَ عَتَقَ بِالْأَكْثَرِ مِنْ قِيمَتِهِ وَثَمَنِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ إذَا كَانَ مُوسِرًا ثُمَّ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ عَالِمٌ بِأَنَّ هَذَا الْعَبْدَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كَأَبِيهِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْأَكْثَرِ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَثَمَنِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ وَيَسْقُطُ عَنْ الْعَامِلِ حِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ الْحَاصِلُ فِي ثَمَنِ الْعَبْدِ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ وَفِي قِيمَةِ الْعَبْدِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ لَا يُقَالُ أَنَّهُ رَبِحَ فِي قَرِيبِهِ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا وَالِامْتِنَاعُ حَيْثُ أَخَذَ فَإِذَا دَفَعَ لَهُ مِائَةً رَأْسَ مَالٍ فَرَبِحَ فِيهَا خَمْسِينَ وَاشْتَرَى بِهَا وَلَدَ نَفْسِهِ عَالِمًا فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ أَكْثَرَ غَرِمَهُ مَا عَدَا حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ فِي الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ أَكْثَرَ غَرِمَهَا مَا عَدَا حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ (ص) وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ يَعْتِقُ عَلَى الْعَامِلِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ رِبْحٌ يَوْمَ الْحُكْمِ بِأَنْ كَانَ مُسَاوِيًا أَوْ كَانَتْ خَسَارَةً لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ قَبْضِ الْمَالِ تَعَلَّقَ لَهُ حَقٌّ بِهِ فَصَارَ شَرِيكًا وَرُدَّ بِالْمُبَالَغَةِ عَلَى مَنْ يَقُولُ إنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ لَا يَعْتِقُ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ حَقُّهُ بِالْمَالِ وَيَكُونُ شَرِيكًا حَتَّى يَحْصُلَ رِبْحٌ (ص) وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَامِلُ عَالِمًا حِينَ شِرَائِهِ لِلْعَبْدِ بِأَنَّهُ أَبُوهُ مَثَلًا وَالْحَالُ أَنَّهُ مُوسِرٌ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ أَيْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فِي مُقَابَلَتِهَا مَا عَدَا حِصَّةَ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ مِنْهَا فَقَوْلُهُ بِقِيمَتِهِ فِيهِ مُسَامَحَةً إذْ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ أَنَّهُ يَغْرَمُ لِرَبِّ الْمَالِ كُلَّ الْقِيمَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عَلِمْته وَمَحَلُّ عِتْقِهِ حَيْثُ كَانَ فِي الْمَالِ فَضْلٌ وَإِلَّا فَلَا يَعْتِقُ شَيْءٌ وَيُبَاعُ وَيُدْفَعُ لِرَبِّ الْمَالِ مَالُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَتَقَ عَلَى الْعَامِلِ لِكَوْنِهِ شَرِيكًا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ لَا شَرِكَةٌ فَلَا يُتَصَوَّرُ عِتْقُ جُزْءٍ حَتَّى تُقَوَّمَ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ، وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْعِلْمِ فَلَا يُرَاعَى فَضْلٌ وَلَا عَدَمُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَتَقَ فِي الْعِلْمِ بِالتَّعَدِّي وَقَيْدُ كَوْنِ فِي الْمَالِ فَضْلٌ يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ قَدَّمَ قَوْلَهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ عَلَى هَذَا
وَقَوْلُهُ (ص) إنْ أَيْسَرَ فِيهِمَا (ش) أَيْ فِي حَالَةِ الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ (ص) وَإِلَّا بِيعَ بِمَا وَجَبَ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَامِلُ مُوسِرًا فَإِنَّهُ يُبَاعُ مِنْ الْعَبْدِ بِمَا وَجَبَ لِرَبِّ الْمَالِ وَاَلَّذِي وَجَبَ عَلَى الْعَامِلِ فِي حَالَةِ عِلْمِهِ رَأْسُ الْمَالِ وَحِصَّةُ رَبِّهِ مِنْ الرِّبْحِ مِنْ الْأَكْثَرِ مِنْ قِيمَتِهِ وَثَمَنِهِ حَيْثُ كَانَ فِي الْمَالِ فَضْلٌ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَالْأَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ وَثَمَنِهِ حَيْثُ لَمْ
ــ
[حاشية العدوي]
إلَّا مَنْ يَشْتَرِيهِ كُلَّهُ أَوْ أَكْثَرَهُ بِيعَ كُلُّهُ فِي الْأَوَّلِ وَأَكْثَرُهُ فِي الثَّانِي وَيَأْخُذُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ قَبْلَهُ وَفِيهِ وَكَذَا رَبُّ الْمَالِ، وَقَوْلُهُمْ لَا يَرْبَحُ الشَّخْصُ فِيمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ مَعْنَاهُ حَيْثُ عَتَقَ (قَوْلُهُ إلَّا فِي صُورَةٍ تَأْتِي) هِيَ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ غَيْرُ عَالِمٍ) وَإِذَا تَنَازَعَا فِي الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ إلَخْ) أَيْ يَوْمَ الشِّرَاءِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى رِبْحُهُ قَبْلَ إلَخْ) هَذَا خِلَافُ الْمَنْقُولِ وَالْمَنْقُولُ رِبْحُهُ قَبْلَهُ لَا فِيهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُنَاسِبَ وَالصَّوَابَ أَنَّ الْمُرَادَ حُصُولُ الرِّبْحِ الْكَائِنِ قَبْلَ الشِّرَاءِ.
(قَوْلُهُ عَتَقَ بِالْأَكْثَرِ) أَيْ يُحْكَمُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَجِيرٌ (قَوْلُهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ عَالِمٌ بِأَنَّ هَذَا الْعَبْدَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) الْمُنَاسِبُ كَمَا فِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ وَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّهُ وَالِدُهُ (قَوْلُهُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَثَمَنِهِ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَقَوْلُ عب قَالَ فِي التَّوْضِيحِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَابْنُ عَرَفَةَ يَوْمَ الشِّرَاءِ أَوْ الْحُكْمِ مُعْتَرَضٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ إلَخْ) الَّذِي اعْتَمَدَهُ مُحَشِّي تت أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَالِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْمَالُ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ، وَلَوْ قَالَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ لَكَانَ أَبْيَنَ (قَوْلُهُ عَلَى مَنْ يَقُولُ) أَيْ وَهُوَ الْمُغِيرَةُ (قَوْلُهُ فَبِقِيمَتِهِ) أَيْ يَعْتِقُ يَوْمَ الْحُكْمِ فِي مُقَابَلَةِ قِيمَتِهِ الَّتِي يَغْرَمُهَا لِرَبِّ الْمَالِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ يَوْمَ الْحُكْمِ أَقَلَّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ ذَلِكَ فَقَطْ فَإِذَا كَانَ بِيَدِهِ مِائَةٌ وَاتَّجَرَ بِهَا فَصَارَتْ مِائَتَيْنِ وَاشْتَرَى بِهَا قَرِيبَهُ غَيْرَ عَالِمٍ وَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ خَمْسُونَ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ الْخَمْسِينَ فَقَطْ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ يُعْذَرُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يَعْتِقُ شَيْءٌ وَتُبَاعُ وَيَدْفَعُ لِرَبِّ الْمَالِ مَالَهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِيعَ بِمَا وَجَبَ إلَخْ) مَحِلُّ الْبَيْعِ إنْ شَاءَ رَبُّ الْمَالِ وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَهُ بِهِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَعَتَقَ جَمِيعُهُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ مِنْ الْأَكْثَرِ مِنْ قِيمَتِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَهُ الْآتِي مُصَرِّحٌ بِأَنَّهُ يُبَاعُ مِنْهُ بِمَا وَجَبَ إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute