الْفَسَادُ.
(ص) وَمَنْ هَلَكَ وَقِبَلَهُ كَقِرَاضٍ أُخِذَ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ مَاتَ وَعِنْدَهُ قِرَاضٌ أَوْ وَدِيعَةٌ وَلَمْ يُوصِ بِذَلِكَ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فِي تَرِكَتِهِ وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ رَدَّهُ إلَى رَبِّهِ وَلَا ادَّعَى تَلَفَهُ وَلَا مَا يُسْقِطُهُ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَنْفَقَهُ أَوْ ضَاعَ مِنْهُ بِتَفْرِيطٍ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ رَبُّ الْمَالِ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ وَلَا قَبَضَ مِنْهُ شَيْئًا وَهَذَا مَا لَمْ يَتَقَادَمْ الْأَمْرُ كَعَشْرِ سِنِينَ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى رَدِّهِ لِرَبِّهِ كَمَا مَرَّ فِي الْوَدِيعَةِ وَيُقَالُ هَلَكَ لِلْمَيِّتِ سَوَاءٌ كَانَ كَافِرًا أَوْ غَيْرَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولا} [غافر: ٣٤] وَقِبَلَهُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْبَاءِ أَيْ جِهَتَهُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْوَدِيعَةَ وَالْبِضَاعَةَ وَيُحَاصِصُ صَاحِبُ الْقِرَاضِ أَوْ الْوَدِيعَةِ غُرَمَاءَ الْمَيِّتِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (ص) وَحَاصَّ غُرَمَاءَهُ وَتَعَيَّنَ بِوَصِيَّةٍ وَقُدِّمَ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَوْ فِي صِحَّتِهِ بِقِرَاضٍ لِزَيْدٍ أَوْ بِوَدِيعَةٍ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ وَيُقَدَّمُ عَلَى غُرَمَاءِ الْمُقِرِّ وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَى أَصْلِ ذَلِكَ الْقِرَاضِ أَوْ الْوَدِيعَةِ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا حَيْثُ كَانَ غَيْرَ مُفْلِسٍ فَإِنْ كَانَ مُفْلِسًا فَلَا يُقْبَلُ تَعْيِينُهُ الْقِرَاضَ وَالْوَدِيعَةَ إلَّا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ مَرِيضًا أَوْ صَحِيحًا.
(ص) وَلَا يَنْبَغِي لِعَامِلٍ هِبَةٌ أَوْ تَوْلِيَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَهَبَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ بِغَيْرِ ثَوَابٍ هَكَذَا وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِلَفْظِ لَا يَنْبَغِي وَظَاهِرُهُ الْكَرَاهَةُ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ مَعْنَاهُ التَّحْرِيمُ وَكَذَلِكَ ابْنُ نَاجِي قَالَ وَمَعْنَاهُ فِي الْكَثِيرِ، وَأَمَّا الْيَسِيرِ فَجَائِزٌ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يُوَلِّيَ سِلَعَ الْقِرَاضِ لِغَيْرِهِ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَاهَا بِهِ لِأَجْلِ تَعَلُّقِ حَقِّ رَبِّ الْمَالِ بِالرِّبْحِ فِيهَا وَقُيِّدَ بِمَا إذَا لَمْ يَخَفْ الْوَضِيعَةَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فَعَلَ مَا ذُكِرَ اسْتِئْلَافًا، وَجَعَلُوا الشَّرِيكَ أَقْوَى مِنْ الْعَامِلِ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا لَهُ التَّبَرُّعَ بِالْكَثِيرِ إنْ اسْتَأْلَفَ لِأَنَّهُ قَدْ تَرَجَّحَ فِيهِ أَنَّهُ أَجِيرٌ وَإِنَّمَا جَعَلُوا لِلْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَنْ يَضَعَ وَيُضِيفَ وَيُؤَخِّرَ إنْ اسْتَأْلَفَ لِأَنَّهُ أَقْوَى أَيْضًا مِنْ الْعَامِلِ لِأَنَّ الْمَالَ إمَّا أَنْ يَكُونَ لِلْمَأْذُونِ أَوْ لِلسَّيِّدِ وَجَعَلَ لَهُ رِبْحَهُ فَتَصَرُّفُهُ فِيهِ أَقْوَى.
(ص) وَوَسَّعَ أَنْ يَأْتِيَ بِطَعَامٍ كَغَيْرِهِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّفَضُّلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا وَسَّعَ لِعَامِلِ الْقِرَاضِ أَنْ يَأْتِيَ بِطَعَامٍ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ كَمَا يَأْتِي غَيْرُهُ بِطَعَامٍ يَشْتَرِكُونَ فِي أَكْلِهِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّفَضُّلَ بِذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ أَيْ إنْ لَمْ يَأْتِ بِطَعَامٍ أَفْضَلَ مِمَّا يَأْتِي بِهِ غَيْرُهُ مِنْ رُفَقَائِهِ أَمَّا إنْ أَتَى بِطَعَامٍ أَفْضَلَ مِمَّا أَتَى بِهِ غَيْرُهُ فَإِنَّ الْإِمَامَ لَمْ يُوَسِّعْ فِي ذَلِكَ وَيَضْمَنُ الْعَامِلُ حِينَئِذٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَحَلَّلَ صَاحِبَهُ فَإِنْ فَعَلَ فَوَاضِحٌ وَإِنْ أَبَى أَنْ يُحَالِلَهُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْعَامِلَ يُكَافِئُهُ فِيمَا يَخُصُّهُ مِنْ ذَلِكَ أَيْ يُعَوِّضُهُ نَظِيرَهُ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِلَّا فَلْيَتَحَلَّلْهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُكَافِئْهُ (ش) فَإِنْ قُلْت التَّوَسُّعُ حَيْثُ كَانَ مُمَاثِلًا لِقَوْلِهِ كَغَيْرِهِ فَلَا يَتَأَتَّى الشَّرْطُ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ فِي الْإِتْيَانِ لَا فِي الطَّعَامِ أَيْ أَنْ يَأْتِيَ كَغَيْرِهِ بِطَعَامٍ فَالشَّرْطُ ظَاهِرٌ وَلَوْ قَالَ عَقِبَ قَوْلِهِ كَغَيْرِهِ مَا نَصُّهُ لَا أَكْثَرَ إنْ كَانَ لَهُ بَالٌ وَإِلَّا فَلْيَتَحَلَّلْهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُكَافِئْهُ لَطَابَقَ
ــ
[حاشية العدوي]
هُنَا عَلَى مَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ خِلَافُ مَا فِيهِ.
(قَوْلُهُ وَمَنْ هَلَكَ) أَيْ أَوْ فُقِدَ وَمَضَتْ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ أَوْ أُسِرَ وَهَذَا كُلُّهُ إذْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُوصِ إلَخْ) فَإِذَا أَوْصَى بِالْقِرَاضِ أَوْ الْبِضَاعَةِ أَوْ الْوَدِيعَةِ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْهَا وَمِنْ الْوَصِيَّةِ أَنْ يَقُولَ وَضَعْتهَا فِي مَوْضِعِ كَذَا فَلَمْ تُوجَدْ (قَوْلُهُ وَلَا ادَّعَى تَلَفَهُ) أَيْ وَلَمْ يَدَّعِ وَرَثَتُهُ أَنَّهُ رَدَّهُ أَوْ تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ ظَالِمٍ أَوْ خَسِرَ فِيهِ وَنَحْوَهُ مِمَّا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ مُوَرِّثِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا مَنْزِلَتَهُ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ دَعْوَاهُمْ أَنَّ الرَّدَّ مِنْهُمْ لِرَبِّ الْمَالِ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَوْ صِحَّتِهِ إلَخْ) الْمُرَادُ أَفْرَزَهُ وَشَخَّصَهُ وَعَيْنَهُ كَهَذَا قِرَاضٌ لِزَيْدٍ أَوْ هَذَا بِضَاعَةٌ أَوْ هَذَا وَدِيعَةٌ وَمَعْنَى الْمُصَنَّفِ عَلَى كَلَامِهِ وَتَعَيَّنَ بِوَصِيَّةٍ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ وَقُدِّمَ عَلَى غُرَمَاءِ الْمَيِّتِ، قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ أَمْ لَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُفْلِسًا فَإِنْ كَانَ مُفْلِسًا إلَخْ فَقَوْلُهُ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَصِيَّةٌ أَيْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ ثَمَانِيَةٌ وَذَلِكَ لِأَنَّك تَقُولُ التَّعْيِينُ إمَّا فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا مُفْلِسٌ أَمْ لَا فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ فَيُقْبَلُ التَّعْيِينُ مُطْلَقًا مُفْلِسًا أَمْ لَا فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَأَمَّا إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُفْلِسٍ فَيُقْبَلُ مُطْلَقًا فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ مُطْلَقًا فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَحَاصِلُ مَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت أَنَّهُ إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ فِي الْمَرَضِ بِأَنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ هَذَا قِرَاضُ فُلَانٍ أَوْ وَدِيعَتُهُ فَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ وَيُقَدَّمُ عَلَى الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ الثَّابِتِ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ إذَا كَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ مُفْلِسًا أَمْ لَا وَأَمَّا إنْ كَانَ فِي الصِّحَّةِ فَيُقْبَلُ مُطْلَقًا مُتَّهَمًا أَمْ لَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُفْلِسٍ وَأَمَّا إنْ كَانَ مُفْلِسًا فَلَا يُقْبَلُ مُطْلَقًا وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ مُجَرَّدُ إقْرَارٍ خَالٍ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِلَّا فَيُقْبَلُ مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ الْكَرَاهَةِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ مَعْنَاهُ التَّحْرِيمُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْيَسِيرُ فَجَائِزٌ) أَيْ لِسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ عَلَى الْعَامِلِ فِي إعْطَاءِ الْكِسْرَةِ لِلسَّائِلِ وَكَذَا التَّمَرَاتِ وَالْمَاءِ ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْيَسِيرِ الَّذِي يُتَسَامَحُ بِمِثْلِهِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي كَبِيرِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْيَسِيرِ دُونَ الْكَثِيرِ.
(قَوْلُهُ أَفْضَلَ) أَيْ أَكْثَرَ كَثْرَةً لَهَا بَالٌ وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا بَالٌ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا حَلَّ بِهِ الْمُصَنِّفُ حَلٌّ مُرَادُهُ لَيْسَ بِظَاهِرِ الْعِبَارَةِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهَا أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ إلَّا إذَا كَثُرَ وَقَصَدَ بِهِ التَّفْضِيلَ وَإِنَّمَا قُلْنَا كَثُرَ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ التَّفْضِيلَ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ الْكَثْرَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت إلَخْ) وَارِدٌ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْحَلِّ الْمُتَقَدِّمِ فَهُوَ وَارِدٌ بِحَسَبِ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ عَقِبَ قَوْلِهِ إلَخْ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِظَاهِرِ لَفْظِهِ وَإِلَّا فَقَدْ حَلَّهُ بِمَا يَدْفَعُهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ أَكْثَرَ بِشَرْطِهِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ، قَوْلُهُ أَيْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ إلَخْ كَذَا بِالْأَصْلِ بِأَيْدِينَا وَكَأَنَّ الْمُحَشِّيَ حَذَفَ خَبَرَ إنَّ لِفَهْمِهِ مِنْ الْمَقَامِ تَأَمَّلْ اهـ. مُصَحِّحُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute