للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى أَوَّلِ بَطْنٍ فِيمَا يُطْعِمُ بَطْنَيْنِ فِي السَّنَةِ وَتَتَمَيَّزُ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى كَمَا فِي بَعْضِ أَجْنَاسِ التِّينِ فِي بَعْضِ بِلَادِ الْمَغْرِبِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَحُمِلَتْ عَلَى أَوَّلِ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ ثَانٍ (ش) ، وَأَمَّا الْجُمَّيْزُ وَالنَّبْقُ وَالتُّوتُ فَإِنَّ بُطُونَهُ لَا تَتَمَيَّزُ (ص) وَكَبَيَاضِ نَخْلٍ أَوْ زَرْعٍ إنْ وَافَقَ الْجُزْءَ وَبَذَرَهُ الْعَامِلُ وَكَانَ ثُلُثًا بِإِسْقَاطِ كُلْفَةِ الثَّمَرَةِ (ش) بَيَاضُ النَّخْلِ أَوْ الزَّرْعِ هُوَ الْأَرْضُ الْخَالِيَةُ مِنْ الشَّجَرِ أَوْ مِنْ الزَّرْعِ وَإِنَّمَا سُمِّيَ بَيَاضًا لِأَنَّ أَرْضَهُ مُشْرِقَةٌ فِي النَّهَارِ بِضَوْءِ الشَّمْسِ وَفِي اللَّيْلِ بِنُورِ الْكَوَاكِبِ فَإِذَا اسْتَتَرَتْ بِالشَّجَرِ أَوْ بِالزَّرْعِ سُمِّيَتْ سَوَادًا لِأَنَّ الشَّجَرَ يَحْجُبُ عَنْ الْأَرْضِ بَهْجَةَ الْإِشْرَاقِ فَيَصِيرُ مَا تَحْتَهُ سَوَادًا يَعْنِي أَنَّ الْبَيَاضَ سَوَاءٌ كَانَ مُنْفَرِدًا عَلَى حِدَةٍ أَوْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ النَّخْلِ أَوْ فِي أَثْنَاءِ الزَّرْعِ يَجُوزُ إدْخَالُهُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ بِشُرُوطٍ الْأَوَّلُ أَنْ يُوَافِقَ الْجُزْءُ فِي الْبَيَاضِ الْجُزْءَ الْمَجْعُولَ فِي الْمُسَاقَاةِ فِي الشَّجَرِ أَوْ الزَّرْعِ.

الثَّانِي أَنْ يَكُونَ بَذْرُ الْبَيَاضِ عَلَى الْعَامِلِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - دَفَعَ لِأَهْلِ خَيْبَرَ شَيْئًا لَمَّا عَامَلَهُمْ عَلَيْهَا» . الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ كِرَاءُ الْبَيَاضِ مُنْفَرِدًا ثُلُثَ قِيمَةِ الثَّمَرَةِ فَدُونُ كَمَا إذَا كَانَ يُسَاوِي مِائَةً وَقِيمَةُ الثَّمَرَةِ عَلَى الْمُعْتَادِ مِنْهَا بَعْدَ إسْقَاطِ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ قَوْلُهُ وَبَذَرَهُ الْعَامِلُ أَيْ وَوُجِدَ بَذْرُهُ مِنْ الْعَامِلِ أَيْ وَعَمِلَ بَقِيَّةَ الْعَمَلِ أَيْضًا وَهَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ وَعَمِلَ الْعَامِلُ جَمِيعَ مَا يَفْتَقِرُ إلَيْهِ عُرْفًا (ص) وَإِلَّا فَسَدَ (ش) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ انْخَرَمَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ فَسَدَ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ وَيُرَدُّ الْعَامِلُ إنْ عَمِلَ إلَى الْمُسَاقَاةِ مِثْلَهُ فِي الْحَائِطِ وَإِلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ فِي الْبَيَاضِ ثُمَّ شُبِّهَ فِي الْفَسَادِ قَوْلُهُ (ص) كَاشْتِرَاطِهِ رَبُّهُ (ش) أَيْ كَاشْتِرَاطِ رَبِّ الْحَائِطِ الْبَيَاضَ الْيَسِيرِ لِنَفْسِهِ أَيْ لِيَعْمَلَ فِيهِ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِنَيْلِهِ سَقْيَ الْعَامِلِ فَهِيَ زِيَادَةٌ اشْتَرَطَهَا عَلَى الْعَامِلِ وَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ بَعْلًا أَوْ كَانَ لَا يُسْقَى بِمَاءِ الْحَائِطِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِرَبِّهِ اشْتِرَاطُهُ (ص) وَأُلْغِيَ لِلْعَامِلِ إنْ سَكَتَا عَنْهُ أَوْ اشْتَرَطَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَيَاضَ الْيَسِيرَ إذَا سَكَتَا عَنْهُ عِنْدَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ يَكُونُ لِلْعَامِلِ وَحْدَهُ وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَطَهُ عِنْدَ عَقْدِهَا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْبَيَاضُ يَسِيرًا تَبَعًا وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُدْخِلَاهُ فِي الْمُسَاقَاةِ وَلَا أَنْ يُلْغَى لِلْعَامِلِ بَلْ يَبْقَى لِرَبِّهِ أَيْ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْعَامِلُ أَيْضًا وَمَا ذَكَرَهُ تت مِنْ أَنَّهُ يُلْغَى لِلْعَامِلِ حَيْثُ سَكَتَ عَنْهُ وَلَوْ كَانَ كَثِيرًا غَيْرَ ظَاهِرٍ وَالْمُعْتَبَرُ يَسَارَتُهُ وَكَثْرَتُهُ بِالنِّسْبَةِ لِجَمِيعِ الثَّمَرَةِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِحِصَّةِ الْعَامِلِ فَقَطْ.

(ص) وَدَخَلَ شَجَرٌ تَبِعَ زَرْعًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسَاقَاةَ إذَا كَانَتْ عَلَى زَرْعٍ وَفِيهِ نَخْلٌ يَسِيرٌ تَبِعَ فَإِنَّ النَّخْلَ يَدْخُلُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ لُزُومًا وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ لِلْعَامِلِ وَلَا لِرَبِّ الْأَرْضِ لِأَنَّ السُّنَّةَ إنَّمَا وَرَدَتْ بِإِلْغَاءِ الْبَيَاضِ لَا بِإِلْغَاءِ الشَّجَرِ وَقَوْلُهُ وَدَخَلَ شَجَرٌ إلَخْ وَكَذَا

ــ

[حاشية العدوي]

بِأَنَّ الشَّارِحَ قَدْ وَافَقَ تت وَقَدْ قَالَ مُحَشِّي قَدْ عَلِمْت وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْجِذَاذُ لَا الزَّمَانُ فَلَا حَاجَةَ لِلتَّارِيخِ بِالْعَجَمِيِّ وَلَا بِالْعَرَبِيِّ فَمَعْنَى مَا قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْجِذَاذُ فَإِذَا أَرَّخَ فَيَكُونُ بِالْعَجَمِيِّ الَّذِي يَكُونُ الْجِذَاذُ عِنْدَهُ لَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْجِذَاذِ وَكَذَلِكَ بِالْعَرَبِيِّ الَّذِي يَكُونُ الْجِذَاذُ عِنْدَهُ لَا فَرْقَ لِوُقُوعِ الِانْضِبَاطِ بِالْجِذَاذِ وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ الْعَجَمِيُّ مِنْ الْعَرَبِيِّ إذَا كَثُرَتْ السُّنُونَ فَإِذَا أَرَّخَ بِالْعَجَمِيِّ الَّذِي يَكُونُ الْجِذَاذُ عِنْدَهُ فَلَا يَخْتَلِفُ الْحَالُ بِكَثْرَةِ السِّنِينَ بِخِلَافِ التَّارِيخِ بِالْعَرَبِيِّ الَّذِي يَكُونُ الْجِذَاذُ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَخْتَلِفُ عِنْدَ كَثْرَةِ السِّنِينَ لِلِانْتِقَالِ وَلِذَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بَعْدَ ذِكْرِ مَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَهَذَا فِي السِّنِينَ الْكَثِيرَةِ؛ لِأَنَّ السِّنِينَ بِالْعَرَبِيِّ تَنْتَقِلُ اهـ.

(قَوْلُهُ فَإِنَّ بُطُونَهُ لَا تَتَمَيَّزُ) أَيْ فَتَكُونُ الْمُسَاقَاةُ عَلَى جُمْلَةِ الْبُطُونِ وَنَبَّهَ بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا أَنَّ الْمَعْنَى لَا تَصِحُّ مُسَاقَاتُهُ اسْتِقْلَالًا وَإِنَّمَا يُسَاقَى تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَاَلَّذِي قُلْنَاهُ هُوَ الصَّوَابُ وَفُرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَوْزِ؛ لِأَنَّهَا تَنْقَطِعُ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ الْمَوْزِ

(قَوْلُهُ إنْ وَافَقَ الْجُزْءُ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْجُزْءَ فَاعِلٌ وَأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْبَيَاضِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ وَهُوَ جُزْءُ الْمُسَاقَاةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ ضَمِيرًا مُسْتَتِرًا عَائِدًا عَلَى جُزْءِ الْبَيَاضِ وَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ مَعْنَى تَوَافُقِ الْجُزْءِ أَيْ جُزْئِهِمَا (قَوْلُهُ ثُلُثَ قِيمَةِ الثَّمَرَةِ) أَيْ مَضْمُومًا لِقِيمَةِ الْبَيَاضِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّمْثِيلُ (قَوْلُهُ أَيْ وَوُجِدَ بَذْرُهُ) أَيْ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْوُجُودِ وَلَا يُشْتَرَطُ الِاشْتِرَاطُ أَوَّلًا وَسَكَتَ عَنْ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَحُكْمُهُ كَهُوَ أَيْ إنْ وَجَدَ مُوَافَقَةَ الْجُزْءِ وَلَا يُشْتَرَطُ الِاشْتِرَاطُ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ أَفَادَ ذَلِكَ عج (قَوْلُهُ وَيُرَدُّ الْعَامِلُ إلَى مُسَاقَاةِ مِثْلِهِ إلَخْ) أَفَادَ عج أَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا شَرَطَ الْبَذْرَ كُلَّهُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ وَالزَّرْعَ كُلَّهُ لَهُ وَعَمَلَهُ عَلَى الْمُسَاقِي وَذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَقَالَ وَانْظُرْ إذَا شَرَطَ الْبَذْرَ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ وَكَانَ الزَّرْعُ بَيْنَهُمَا فَهَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَمْ لَا وَانْظُرْ أَيْضًا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ وَاشْتَرَطَ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ الْعَمَلَ فَهَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَإِذَا كَانَ الْفَسَادُ لِفَقْدِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَالْأَخِيرِ مَا الْحُكْمُ وَفِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ أَنَّهُ يَكُونُ فِي الْبَيَاضِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَفِي الشَّجَرِ أَوْ الزَّرْعِ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ كَمَسْأَلَةِ أَوْ يَكْفِيهِ مُؤْنَةَ آخَرَ وَلَمْ يُدَعِّمْهُ بِنَقْلٍ (قَوْلُهُ أَوْ اشْتَرَطَهُ) لَمَّا كَانَ الشَّيْءُ قَدْ يَكُونُ جَائِزًا وَشَرْطُ فِعْلِهِ مُمْتَنِعٌ كَالنَّقْدِ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ زَادَ قَوْلَهُ أَوْ اشْتَرَطَهُ لِيُنَبِّهَ عَلَى جَوَازِهِ وَانْظُرْ أَيْضًا إذَا أُلْغِيَ لِلْعَامِلِ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ اشْتَرَطَهُ الْعَامِلُ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثِ فَهَلْ يَكُونُ حُكْمُهُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ) بَلْ هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَ تت فِيمَا إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ نَصِيبِ الْعَامِلِ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ وَفِيهِ نَخْلٌ يَسِيرٌ تَبِعَ) بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ الثُّلُثَ فَدُونَ وَكَذَا عَكْسُهُ بَلْ رُبَّمَا يُقَالُ هَذَا يُفْهَمُ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِالْأَوْلَى وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ الزَّرْعِ عَلَى الْمُعْتَادِ مِنْهُ بَعْدَ إسْقَاطِ الْكُلْفَةِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّمَرَةِ مِائَةً وَقِيمَةُ الزَّرْعِ مِائَتَيْنِ دَخَلَ الشَّجَرُ فِي الْمُسَاقَاةِ لُزُومًا

<<  <  ج: ص:  >  >>