للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اُنْظُرْهُ إنْ شِئْت وَهَدَرًا مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَيْ تَقَايَلَا هَدَرًا.

(ص) وَمُسَاقَاةُ الْعَامِلِ آخَرَ وَلَوْ أَقَلَّ أَمَانَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ عَامِلَ الْمُسَاقَاةِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسَاقِيَ عَامِلًا آخَرَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْحَائِطِ وَلَوْ كَانَ هَذَا الثَّانِي أَقَلَّ أَمَانَةً مِنْ الْأَوَّلِ بِأَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ تَسَاهُلٌ وَعِنْدَ الْأَوَّلِ تَشْدِيدٌ وَهَذَا بِخِلَافِ عَامِلِ الْقِرَاضِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقَارِضَ عَامِلًا آخَرَ وَلَوْ كَانَ أَمِينًا فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ كَمَا مَرَّ وَالْفَرْقُ أَنَّ مَالَ الْقِرَاضِ يُغَابُ عَلَيْهِ وَالْحَائِطُ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ آخَرَ مَعْمُولُ مُسَاقَاةٍ لَا يُقَالُ شَرْطُ عَمَلِ الْمَصْدَرِ أَنْ لَا يَكُونَ مَخْتُومًا بِالتَّاءِ لِأَنَّا نَقُولُ التَّاءُ فِي مُسَاقَاةٍ لَيْسَتْ لِلتَّأْنِيثِ وَلَا لِلْوَحْدَةِ بَلْ بُنِيَ عَلَيْهَا الْمَصْدَرُ مِنْ أَصْلِهِ (ص) وَحُمِلَ عَلَى ضِدِّهَا وَضَمِنَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ الثَّانِي فِي الْمُسَاقَاةِ يُحْمَلُ أَمْرُهُ عَلَى ضِدِّ الْأَمَانَةِ إذْ الْأَصْلُ فِي النَّاسِ التَّجْرِيحُ لَا الْعَدَالَةُ فَإِنْ وَقَعَ مِنْ هَذَا الْعَامِلِ الثَّانِي تَقْصِيرٌ فَإِنَّ الْعَامِلَ الْأَوَّلَ يَضْمَنُ مُوجَبَ فِعْلِهِ إنْ كَانَ غَيْرَ أَمِينٍ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ فِي زَرْعٍ أَوْ شَجَرٍ، وَأَمَّا وَرَثَةُ عَامِلِ الْمُسَاقَاةِ فَمَحْمُولُونَ عَلَى الْأَمَانَةِ فَقَوْلُهُ ضَمِنَ جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ وَإِذَا حُمِلَ الثَّانِي عَلَى ضِدِّهَا ضَمِنَ أَيْ الْأَوَّلُ مُوجَبَ فِعْلِ الثَّانِي غَيْرِ الْأَمِينِ.

(ص) فَإِنْ عَجَزَ وَلَمْ يَجِدْ أَسْلَمَهُ هَدَرًا (ش) يَعْنِي أَنَّ عَامِلَ الْمُسَاقَاةِ إذَا عَجَزَ عَنْ سَقْيِ الْحَائِطِ وَلَمْ يَجِدْ شَخْصًا أَمِينًا يُسَاقِيهِ مَكَانَهُ عَلَى الْحَائِطِ يُسَلِّمُهُ لِرَبِّهِ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ يَأْخُذُهُ مِنْ رَبِّ الْحَائِطِ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ كَالْجُعْلِ لَا تُسْتَحَقُّ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ (ص) وَلَمْ تَنْفَسِخْ بِفَلَسِ رَبِّهِ وَبَيْعِ مُسَاقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَقْدَ الْمُسَاقَاةِ لَا يَنْفَسِخُ بِفَلَسِ رَبِّ الْحَائِطِ سَوَاءٌ كَانَ الْعَامِلُ قَدْ عَمِلَ أَمْ لَا وَيُقَالُ لِلْغُرَمَاءِ بِيعُوا الْحَائِطَ عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ مُسَاقٍ فِيهِ بِالنِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ أَوْ نَحْوِهِمَا مِنْ الْأَجْزَاءِ فَقَوْلُهُ وَلَمْ تَنْفَسِخْ أَيْ لَمْ يُحْكَمْ بِفَسْخِهَا، وَلَمْ وَإِنْ كَانَتْ تَقْلِبُ مَعْنَى الْمُضَارِعِ إلَى الْمُضِيِّ لَكِنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ وَالْقَرِينَةُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي أَحْكَامٍ مُسْتَقْبَلَةٍ فَصَارَ التَّعْبِيرُ بِلَمْ مُسَاوِيًا لِلَا لَكِنَّ التَّعْبِيرَ بِلَا أَوْلَى وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا تَقَدَّمَ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ عَلَى الْفَلَسِ، وَأَمَّا لَوْ تَأَخَّرَ لَكَانَ لِلْغُرَمَاءِ فَسْخُهُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ بِفَلَسِ رَبِّهِ يَشْمَلُ الْفَلَسَ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ، وَانْظُرْ لَوْ اُسْتُحِقَّ الْحَائِطُ هَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْفَلَسِ لَا تَنْفَسِخُ الْمُسَاقَاةُ أَمْ لَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خِلَافُهُ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُسْتَحِقِّ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَهُ أَخْذُ الْحَائِطِ وَدَفْعُ أَجْرِ عَمَلِهِ كَمَسْأَلَةِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُهَا وَدَفْعُ كِرَاءِ الْحَرْثِ، وَأَمَّا الْمَوْتُ فَلَا تَنْفَسِخُ بِهِ كَالْفَلَسِ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ كَالْكِرَاءِ.

(ص) وَمُسَاقَاةُ وَصِيٍّ وَمَدِينٍ بِلَا حَجْرٍ (ش) أَيْ وَجَازَ مُسَاقَاةُ وَصِيٍّ حَائِطَ يَتِيمِهِ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ تَصَرُّفِهِ لَهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى النَّظَرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَيْعِ الرُّبْعِ حَتَّى يُحْمَلَ

ــ

[حاشية العدوي]

حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ عَلَى جُزْءٍ مُسَمًّى مِنْ الثَّمَرَةِ وَلَمْ تَطِبْ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْعَمَلِ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْعَمَلِ فَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنَعَهُ أَصْبَغُ وَعَلَّلَهُ بِاتِّهَامِ رَبِّ الْحَائِطِ عَلَى اسْتِئْجَارِ الْعَامِلِ تِلْكَ الْأَشْهُرَ بِشَيْءٍ مِنْ ثَمَرِ الْحَائِطِ فَصَارَتْ الْمُسَاقَاةُ دُلْسَةً بَيْنَهُمَا وَصَارَ بَيْعُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا قَالَ الْحَطَّابُ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ هُوَ الْمَذْهَبُ خُصُوصًا وَقَدْ قَبِلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ خُصُوصًا وَقَدْ قَطَعَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ إلَخْ) أَوْ أَنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ أَيْ جَازَ تَقَايُلُهُمَا حَالَ كَوْنِهِمَا هَادِرَيْنِ لِكُلِّ مَا عُمِلَ نَزَلَ الْمَصْدَرُ مَنْزِلَةَ اسْمِ الْفَاعِلِ.

(قَوْلُهُ وَحُمِلَ عَلَى ضِدِّهَا) أَيْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَمِينٌ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى ضِدِّهَا وَإِنْ لَمْ يُدَّعَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِخِلَافِ بَابِ الْحَضَانَةِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى ضِدِّهَا حَيْثُ ادَّعَى عَلَيْهِ فَلَوْ سَاقَى غَيْرَ أَمِينٍ وَقَالَ ظَنَنْته أَمِينًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ظَاهِرَ الْفِسْقِ مَشْهُورًا انْتَهَى (قَوْلُهُ فَإِنْ وَقَعَ مِنْ هَذَا الْعَامِلِ الثَّانِي تَقْصِيرٌ) أَيْ الَّذِي هُوَ شَأْنُهُ، وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ غَيْرَ أَمِينٍ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَمَانَةِ فَيُنَافِي قَوْلُهُ وَحُمِلَ عَلَى ضِدِّهَا وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَعْنَى إنْ لَمْ تَتَحَقَّقْ أَمَانَتُهُ (قَوْلُهُ فَمَحْمُولُونَ عَلَى الْأَمَانَةِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ أَنَّ الْوَارِثَ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ مُوَرِّثِهِ فَلَا يُزَالُ عَنْهُ إلَّا بِأَمْرٍ مُحَقَّقٍ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ وَرَثَةِ عَامِلِ الْقِرَاضِ فَإِنَّهُمْ مَحْمُولُونَ عَلَى ضِدِّهَا بِأَنَّهُ يُغَابُ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ عَجَزَ وَلَمْ يَجِدْ) وَكَذَلِكَ لَوْ عَجَزَ وَارِثُهُ عَنْ الْعَمَلِ وَيَلْزَمُ رَبَّهُ الْقَبُولُ لِلنَّهْيِ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ حَتَّى حَصَلَ فِيهِ تَلَفٌ أَوْ نَحْوُهُ فَضَمَانُهُ مِنْهُ فَإِنْ عَجَزَ رَبُّهُ أَيْضًا وَكَّلَ مَنْ يَعْمَلُ فِيهِ (قَوْلُهُ أَيْ لَمْ يُحْكَمْ بِفَسْخِهَا) أَيْ لَا يُجَابُ الْغُرَمَاءُ لِلْحُكْمِ بِفَسْخِهَا، وَقَوْلُهُ لَكِنَّ التَّعْبِيرَ بِلَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إلَى كُلْفَةِ الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ التَّعْبِيرَ بِلَا أَوْلَى) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُحْوِجُ إلَى تِلْكَ الْمَعُونَةِ (قَوْلُهُ الْفَلَسَ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ) أَيْ الَّذِي هُوَ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خِلَافُهُ) أَيْ تَنْفَسِخُ إنْ شَاءَ الْمُسْتَحِقُّ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِحْقَاقِ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالْفَسْخِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ كَالْكِرَاءِ) أَيْ كِرَاءِ أَرْضِهِ وَدَارِهِ فَلَا فَسْخَ بِالْمَوْتِ وَلَا بِالْفَلَسِ.

(قَوْلُهُ وَصِيٍّ) أَيْ مِنْ قِبَلِ أَبٍ أَوْ أُمٍّ وَمِثْلُ ذَلِكَ الْقَاضِي وَمُقَدَّمُهُ وَكَذَا لِلْوَصِيِّ أَخْذُ حَائِطِ غَيْرِهِ مُسَاقَاةً لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَنَصُّهُ عَلَى مُسَاقَاةِ الْوَصِيِّ هُنَا وَعَلَى مُقَارَضَتِهِ لَا فِي بَابِهِ بَلْ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ حَيْثُ قَالَ وَدَفَعَ مَالَهُ قِرَاضًا أَوْ بِضَاعَةً وَلَا يَعْمَلُ هُوَ بِهِ وَانْظُرْ مَا وَجْهُ ذَلِكَ وَانْظُرْ هَلْ يُقَالُ فِي الْمُسَاقَاةِ لَا يَعْمَلُ هُوَ بِهِ أَيْضًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ الرُّبُعِ) أَيْ الْعَقَارِ (قَوْلُهُ لَيْسَ مِنْ بَيْعِ الرُّبُعِ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابِهِ مُبَيَّنًا، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ إلَخْ اُعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ التَّبَرُّعِ حَاصِلٌ بِمُجَرَّدِ الْإِحَاطَةِ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ الْغُرَمَاءُ، وَقَوْلُهُ تَأَمَّلْ أَيْ تَأَمَّلْ مَا قُلْنَا مِنْ الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ تَجِدْهُ صَحِيحًا أَوْ هَلْ تَجِدُهُ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ الِاعْتِرَاضِ يُوجِبُ فَسَادَهُ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى فَاسِدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>