عَلَى عَدَمِ النَّظَرِ وَكَذَلِكَ تَجُوزُ مُسَاقَاةُ الْمَدِينِ إذَا لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فَإِنْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ لَمْ تَجُزْ مُسَاقَاتُهُ وَالْمُرَادُ بِالْحَجْرِ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّارِحِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْحَجْرَ بِمَعْنَى قِيَامِ الْغُرَمَاءِ إنَّمَا يَمْنَعُ تَصَرُّفَهُ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ لَا عَلَى وَجْهِ الْمُعَاوَضَةِ وَقَدْ يُقَالُ رُوعِيَ هُنَا كَوْنُهُ مِنْ بَابِ التَّبَرُّعِ لِأَنَّهُ لَمَّا اُغْتُفِرَ فِيهَا أَيْ فِي الْمُسَاقَاةِ مَا يَحْرُمُ فِي الْمُعَاوَضَةِ أَشْبَهَ التَّبَرُّعَ تَأَمَّلْ.
(ص) وَدَفْعُهُ لِذِمِّيٍّ لَمْ يَعْصِرْ حِصَّتَهُ خَمْرًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ الْمُسْلِمَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ حَائِطَهُ لِذِمِّيٍّ أَوْ مُعَاهَدٍ أَوْ حَرْبِيٍّ مُسَاقَاةً بِشَرْطِ أَنْ يَأْمَنَ مِنْهُ أَنْ يَعْصِرَ مَا يَنُوبُهُ خَمْرًا فَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ فِيهِ حِينَئِذٍ إعَانَةً لَهُمْ عَلَى عُدْوَانِهِمْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الذِّمِّيِّ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَتَعَاطَى ذَلِكَ غَالِبًا.
(ص) لَا مُشَارَكَةُ رَبِّهِ (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَمَاكِنِ الَّتِي لَا تَجُوزُ فِي الْمُسَاقَاةِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِرَبِّ الْحَائِطِ أَنْ يَقُولَ لِشَخْصٍ اسْقِ أَنْتِ وَأَنَا فِي حَائِطِي وَلَك نِصْفُ ثَمَرَتِهِ مَثَلًا، إنَّمَا الْمُسَاقَاةُ أَنْ يُسَلِّمَ الْحَائِطَ إلَيْهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الشَّرِكَةَ وَقَعَتْ بَيْنَهُمَا بَعْدَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ فَإِنَّ هَذِهِ جَائِزَةٌ ثُمَّ إنَّ هَذِهِ غَيْرُ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ اُشْتُرِطَ عَمَلُ رَبِّهِ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ فِي هَذِهِ ابْتِدَاءً عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ عَلَيْهِمَا وَالرِّبْحَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا بِخِلَافِ الْآتِيَةِ فِيهِمَا وَيَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَيْضًا عَلَى مَا إذَا اشْتَرَطَ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ الْعَمَلَ مَعَهُ وَيُشَارِكُهُ فِي الْجُزْءِ الَّذِي شَرَطَهُ لَهُ وَلَك أَنْ تُدْخِلَ هَذِهِ فِي قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ اُشْتُرِطَ عَمَلُ رَبِّهِ فَيَكُونُ شَامِلًا لِصُورَتَيْنِ (ص) أَوْ إعْطَاءُ أَرْضٍ لِتُغْرَسَ فَإِذَا بَلَغَتْ كَانَتْ مُسَاقَاةً (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ مَفْهُومُ الشَّرْطِ مِنْ قَوْلِهِ لَمْ يَعْصِرْ حِصَّتَهُ خَمْرًا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَدْفَعَ أَرْضَهُ لِمَنْ يَغْرِسُ فِيهَا شَجَرًا سَمَّاهُ لَهُ وَيَقُومُ عَلَيْهِ فَإِذَا بَلَغَ الشَّجَرُ قَدْرًا مَعْلُومًا كَانَتْ الْأَرْضُ بِيَدِهِ مُسَاقَاةً سِنِينَ أَيْ ثُمَّ تَكُونُ مِلْكًا لِرَبِّ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ خَطَرٌ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ نَزَلَ ذَلِكَ فُسِخَتْ الْمُغَارَسَةُ مَا لَمْ يُثْمِرْ الشَّجَرُ فَإِنْ أَثْمَرَ وَعَمِلَ لَمْ تُفْسَخْ الْمُسَاقَاةُ وَيَكُونُ لَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَنَفَقَتُهُ، وَفِي سِنِينَ الْمُسَاقَاةِ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ كَانَتْ مُسَاقَاةً بِأَنْ قَالَ خُذْ هَذِهِ الْأَرْضَ وَاغْرِسْهَا نَوْعًا مُعَيَّنًا فَإِذَا بَلَغَتْ قَدْرًا
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ بِمَعْنَى قِيَامِ الْغُرَمَاءِ) أَيْ وَأَمَّا الْحَجْرُ بِمَعْنَى حُكْمِ الْحَاكِمِ فَيُمْنَعُ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ التَّبَرُّعِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ التَّبَرُّعِ بِمُجَرَّدِ الْإِحَاطَةِ.
(قَوْلُهُ لَمْ يَعْصِرْ حِصَّتَهُ خَمْرًا) أَيْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ فَإِنْ ظَنَّ أَوْ تَحَقَّقَ عَصْرُهَا خَمْرًا حَرُمَ فَإِنْ شَكَّ كُرِهَ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ أَنْ يَأْمَنَ مِنْهُ) أَيْ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا كَمَا أَفَادَهُ تت وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ عَصْرَهَا خَمْرًا أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ امْتَنَعَ وَالْمُنَاسِبُ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَغْشُوشِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ مَعَ الشَّكِّ وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَعْصِرُ حِصَّتَهُ خَمْرًا قَالَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الذِّمِّيِّ) أَيْ دُونَ الْمُعَاهَدِ وَالْمُسْتَأْمَنِ، ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُعَاهَدَ وَالْمُسْتَأْمَنَ لَيْسَ كَذَلِكَ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَلَامَ مَعَ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّهَا قَالَتْ وَلَا بَأْسَ أَنْ تَدْفَعَ نَخْلَك لِنَصْرَانِيٍّ مُسَاقَاةً إنْ أُمِنَ أَنْ يَعْصِرَ حِصَّتَهُ خَمْرًا فَيُقَالُ لِمَ خَصَّتْ الْمُدَوَّنَةُ النَّصْرَانِيَّ بِالذِّكْرِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ إنَّمَا خَصَّتْهُ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَعَاطَى ذَلِكَ غَالِبًا.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْآتِيَةِ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْأَمْرَيْنِ أَيْ فَالْآتِيَةُ وَقَعَ فِي الِانْتِهَاءِ الْعَمَلُ عَلَيْهِمَا وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا وَفِي الِابْتِدَاءِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَلْ وَقَعَ ابْتِدَاءً عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ عَلَى الْعَامِلِ وَالرِّبْحَ كُلَّهُ لِلْعَامِلِ أَوْ لِرَبِّ الْمَالِ هَذَا ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ (ثُمَّ أَقُولُ) وَهَذَا لَا يَصِحُّ بَلْ الَّذِي عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَقَعَتَا فِي الِابْتِدَاءِ إلَّا أَنَّ الْأُولَى وَقَعَ الشَّرْطُ مِنْ رَبِّ الْحَائِطِ ابْتِدَاءً وَالْآتِيَةَ وَقَعَ مِنْ الْعَامِلِ أَيْ ابْتِدَاءً وَالثِّمَارُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً وَنَصُّ الْعُتْبِيَّةِ سَمِعَ الْقَرِينَانِ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ اسْقِ أَنْتِ وَأَنَا فِي حَائِطِي وَلَك نِصْفُ ثَمَرِهِ لَمْ يُصْلَحْ إنَّمَا الْمُسَاقَاةُ أَنْ يُسَلِّمَ الْحَائِطَ إلَى الْعَامِلِ ابْنُ رُشْدٍ إنْ وَقَعَ وَفَاتَ فَالْعَامِلُ أَجِيرٌ؛ لِأَنَّ رَبَّهُ شَرَطَ أَنْ يَعْمَلَ مَعَهُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَيْهِ إنَّمَا أَعْطَاهُ جُزْءًا مِنْ الثَّمَرَةِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ مَعَهُ بِخِلَافِ إنْ اشْتَرَطَ الْعَامِلُ أَنْ يَعْمَلَ مَعَهُ رَبُّ الْحَائِطِ هَذَا. قَالَ فِيهَا وَغَيْرِهَا أَنَّهُ يُرَدُّ إلَى مُسَاقَاةِ مِثْلِهِ قَالَ مُحَشِّي تت وَمَسْأَلَةُ اشْتِرَاطِ الْعَامِلِ هِيَ الْآتِيَةُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي تَقْرِيرِ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ بِالْمُرَادِ فَقَالَ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِرَبِّ الْحَائِطِ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْعَامِلِ غَلَّةَ الْحَائِطِ عَلَى أَنْ يَكُونَ مَعَهُ شَرِيكًا بِالنِّصْفِ لَا بِغَيْرِهِ مِنْ الْأَجْزَاءِ (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ وَقَعَ الْعَقْدُ ابْتِدَاءً عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ عَلَى الْعَامِلِ وَلَهُ نِصْفُ الثِّمَارِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ اشْتَرَطَ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ أَنْ يَعْمَلَ مَعَهُ وَيُشَارِكَهُ فِي النِّصْفِ الَّذِي جَعَلَهُ لَهُ قَبْلُ، وَفِي تَسْمِيَةِ ذَلِكَ شَرْطًا تَسَمُّحٌ، وَقَوْلُهُ لِصُورَتَيْنِ الْأُولَى هِيَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ لَهُ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ الْآتِيَةِ وَالثَّانِيَةُ هِيَ هَذِهِ وَقَدْ عَلِمْتَ مَا فِي ذَلِكَ
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ خَطَرٌ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ كَانَتْ مُسَاقَاةً) هَذِهِ نُسْخَةُ الشَّارِحِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ زِيَادَةُ وَهِيَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ نَزَلَ ذَلِكَ فُسِخَتْ الْمُغَارَسَةُ مَا لَمْ يُثْمِرْ الشَّجَرُ فَإِنْ أَثْمَرَ وَعَمِلَ لَمْ تُفْسَخْ الْمُسَاقَاةُ وَيَكُونُ لَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَنَفَقَتُهُ وَفِي سِنِينَ الْمُسَاقَاةِ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ قَالَ فَضْلٌ: وَلَهُ قِيمَةُ الْأَشْجَارِ يَوْمَ غَرْسِهَا انْتَهَى وَنَتَكَلَّمُ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ فَنَقُولُ قَوْلُهُ فَإِنْ أَثْمَرَ وَعَمِلَ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا أَثْمَرَتْ وَلَمْ يَعْمَلْ يُفْسَخُ أَيْضًا وَهُوَ كَذَلِكَ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْفَاسِدَةَ قَبْلَ الْعَمَلِ تُفْسَخُ فَإِنْ قُلْت قَدْ وُجِدَ الْعَمَلُ قُلْت الْعَمَلُ الَّذِي وُجِدَ فِي الزَّمَنِ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَلَمْ يُوجَدْ عَمَلٌ فِي الزَّمَنِ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ وَسَيَأْتِي مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ وَفُسِخَتْ إلَخْ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي بَعْدُ قَالَهُ عج (قَوْلُهُ فُسِخَتْ الْمُغَارَسَةُ) الْمُنَاسِبُ الْمُسَاقَاةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute