للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّهُ لَا يُنْفِقُ شَيْئًا عَلَى إصْلَاحِهَا وَكَانَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنْ أَنْفَقَ مِنْ عِنْدِهِ كَانَ مُتَطَوِّعًا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ كَانَتْ الْأَرْضُ مَأْمُونَةً وَإِلَّا فَلَا يُنْفِقُ شَيْئًا إنْ أَبَى رَبُّهَا مِنْ الْإِصْلَاحِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْكِرَاءُ؛ لِأَنَّ تَلَفَ زَرْعِهَا مِنْ الْعَطَشِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْمَأْمُونَةِ مَا يَحْصُلُ بِإِنْفَاقِ حِصَّةِ السَّنَةِ فِيهَا الْأَمْنُ مِنْ عَطَشِهَا فِي تِلْكَ السَّنَةِ.

(ص) وَإِنْ تَزَوَّجَ ذَاتَ بَيْتٍ وَإِنْ بِكِرَاءٍ فَلَا كِرَاءَ إلَّا إنْ تَبَيَّنَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ ذَاتَ بَيْتٍ تَمْلِكُ ذَاتَه أَوْ مَنْفَعَتَهُ بِإِجَارَةٍ وَجِيبَةٍ أَوْ مُشَاهَرَةٍ مَعَ حُصُولِ نَقْدٍ فَسَكَنَ مَعَهَا فَإِنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ وَمِثْلُ مِلْكِهَا مَا إذَا كَانَ الْمِلْكُ لِأَبِيهَا أَوْ أُمِّهَا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِعَدَمِ الْمُطَالَبَةِ نَعَمْ إنْ بَيَّنَتْ لِلزَّوْجِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ السُّكْنَى أَنَّ عَلَيْهِ الْأُجْرَةَ فَإِنَّ الْكِرَاءَ لَازِمٌ لَهُ لِلشَّرْطِ، وَأَمَّا مِلْكُ أَخِيهَا وَعَمِّهَا فَقَالَ اللَّخْمِيُّ أَرَى إنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ فَلَا شَيْءَ لَهُمَا عِنْدَهُ وَإِنْ قَصُرَتْ يَحْلِفَانِ أَنَّهُمَا لَمْ يَسْكُنَاهُ إلَّا بِأُجْرَةٍ وَأَخَذَاهَا مِنْهُ، وَأَمَّا أَبَوَا الزَّوْجِ فَهُمَا كَأَبَوَيْ الزَّوْجَةِ، وَأَمَّا أَخُوهُ أَوْ عَمُّهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُمَا عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ إذَا قَالَا إنَّمَا سُكْنَاهُ بِالْأُجْرَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَخِي الزَّوْجَةِ أَوْ عَمِّهَا وَبَيْنَ أَخِي الزَّوْجِ أَوْ عَمِّهِ أَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِانْضِمَامِ الْبِنْتِ إلَيْهِمَا خَشْيَةَ الْفِتْنَةِ وَحِفْظِهَا لِلْعِرْضِ بِخِلَافِ أَخِي الزَّوْجِ أَوْ عَمِّهِ فَإِنَّهُ لَمْ تَجْرِ عَادَةٌ بِانْضِمَامِهِ إلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُخْشَى مِنْهُ مَا يُخْشَى مِنْ الْبِنْتِ وَبِعِبَارَةٍ إلَّا إنْ تَبَيَّنَ لَهُ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَفِي شَرْحِ الْعَاصِمِيَّةِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ مِنْهَا بَيَانٌ فِي أَيِّ وَقْتٍ فَيَكُونُ لَهَا الْكِرَاءُ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ مِنْ الدُّخُولِ.

(ص) وَالْقَوْلُ لِلْأَجِيرِ أَنَّهُ وَصَلَ كِتَابًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا عَلَى تَبْلِيغِ كِتَابٍ إلَى بَلَدِ كَذَا أَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى تَبْلِيغِ حَمْلٍ إلَى بَلَدِ كَذَا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ادَّعَى أَنَّهُ أَوْصَلَهُ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فِي أَمَدٍ يُبَلَّغُ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هُنَا فِي اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ لَا فِي نَفْيِ الضَّمَانِ عَنْهُ حَيْثُ أَنْكَرَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ الْوُصُولَ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِي الْوَدِيعَةِ عَاطِفًا عَلَى مَا فِيهِ الضَّمَانُ أَوْ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ الْمُنْكِرُ وَلَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِي الْوَكَالَةِ وَضَمِنَ إنْ أَقْبَضَ الدَّيْنَ وَلَمْ يَشْهَدْ وَتَقَدَّمَ أَنَّ غَيْرَ الدَّيْنِ كَالدَّيْنِ.

(ص) وَأَنَّهُ اسْتَصْنَعَ وَقَالَ وَدِيعَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَجِيرَ إذَا ادَّعَى الِاسْتِصْنَاعَ وَرَبُّ الْمَتَاعِ يَقُولُ بَلْ هُوَ وَدِيعَةٌ عِنْدَك فَالْقَوْلُ قَوْلُ الصَّانِعِ؛ لِأَنَّ جُلُوسَهُ لِلصَّنْعَةِ كَأَنَّهُ أَتَى بِمَا يُشْبِهُ وَالْآخَرُ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ وَبِعِبَارَةٍ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَا يُدْفَعُ لِلصُّنَّاعِ لِلِاسْتِصْنَاعِ وَالْإِيدَاعِ نَادِرٌ وَالنَّادِرُ لَا حُكْمَ لَهُ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَعَلَيْهِ فَيُنْظَرُ مَا وَجْهُ رُجُوعٍ إنْ أَشْبَهَ لِهَذَا وَلَعَلَّ مَعْنَاهُ أَنْ يَدَّعِيَ الصَّانِعُ مَا يُشْبِهُ أَنْ يَصْنَعَ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا إذَا ادَّعَى الصَّانِعُ اسْتِصْنَاعَ مَا تُكَذِّبُ الْقَرِينَةُ دَعْوَاهُ كَدَعْوَاهُ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: افْتَقْ خِيَاطَةَ الْمَخِيطِ وَأَعِدْهَا حَيْثُ لَا مُوجِبُ لِذَلِكَ.

(ص) أَوْ خُولِفَ فِي الصِّفَةِ (ش) عُطِفَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ اُسْتُصْنِعَ أَيْ وَالْقَوْلُ لِلصَّانِعِ إنْ خُولِفَ فِي الِاسْتِصْنَاعِ أَوْ خُولِفَ فِي الصِّفَةِ وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى اسْتَصْنَعَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ الصَّانِعَ يُصَدَّقُ إذَا اخْتَلَفَ مَعَ رَبِّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ فِي الصِّفَةِ حَيْثُ أَتَى بِمَا يُشْبِهُ كَمَا إذَا قَالَ أَمَرْتنِي بِصَبْغِهِ أَحْمَرَ أَوْ أَسْوَدَ وَقَالَ رَبُّهُ أَخْضَرَ مَثَلًا وَمُفَادُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ فِي اخْتِلَافِهِمَا فِي الصِّفَةِ يُصَدَّقُ الصَّانِعُ إنْ أَشْبَهَ وَظَاهِرُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ حَلَفَ رَبُّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ وَثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ فِي أَخْذِهِ وَدَفَعَ قِيمَةَ الصَّبْغِ وَفِي أَخْذِ قِيمَتِهِ أَبْيَضَ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَمَحَلُّ تَخْيِيرِهِ حَيْثُ لَمْ يُسَلِّمْهُ الصَّانِعُ مَجَّانًا وَإِلَّا فَلَا خِيَارَ لِرَبِّهِ وَظَاهِرُهُ

ــ

[حاشية العدوي]

لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَقَالَتْ، وَكَذَلِكَ مَنْ أَخَذَ نَخْلًا مُسَاقَاةً فَغَارَ مَاؤُهَا فَإِنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهَا قَدْرَ حِصَّةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ مِنْ الثَّمَرَةِ سَنَةً تِلْكَ لَا أَكْثَرَ ثُمَّ قَالَ وَلَيْسَ الدَّوْرُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ لَا نَفَقَةَ لَهُ فِيهَا وَاَلَّذِي زَرَعَ أَوْ سَاقَى قَدْ تَقَدَّمَتْ لَهُ نَفَقَةٌ فِيهَا وَعَمَلٌ وَفِي نَفَقَتِهِ إحْيَاءٌ لِزَرْعِهِ وَلَوْ لَمْ يَزْرَعْ الْأَرْضَ وَلَا سَقَى النَّخْلَ حَتَّى غَارَتْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُكْتَرِي أَنْ يُنْفِقَ فِيهَا شَيْئًا اهـ. فَالشَّارِحُ أَجْحَفَ فِي الْعِبَارَةِ وَقَوْلُهُ مَا يَحْصُلُ بِإِنْفَاقٍ فَلَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا دِينَارَيْنِ وَلَا تَتَأَتَّى إلَّا بِهِمَا فَحِصَّةُ السَّنَةِ دِينَارٌ فَقَطْ فَالظَّاهِرُ أَنَّ رَبَّهَا يَلْزَمُهُ دِينَارٌ فَقَطْ وَالدِّينَارُ الثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ لَا أَنَّ رَبَّهَا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ أَصْلًا.

(قَوْلُهُ ذَاتَ بَيْتٍ) أَيْ: رَشِيدَةً وَهَلْ لِوَلِيِّ غَيْرِهَا فِعْلُ مَا تَفْعَلُهُ الرَّشِيدَةُ أَوْ لَا أَوْ يُفْصَلُ بَيْنَ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا ثُمَّ إنَّ اشْتِرَاطَ الزَّوْجِ فِي الْعَقْدِ سُكْنَاهُ مَعَهَا بِبَيْتِهَا بِلَا كِرَاءٍ لَا يُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ هُنَا وَلَا يُقَالُ: إنَّ اجْتِمَاعَ النِّكَاحِ وَالْإِجَارَةِ يُوجِبُ الْفَسَادَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنْ سَلِمَ فَيُفِيدُ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْإِجَارَةُ فِيمَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ.

(قَوْلُهُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ السُّكْنَى) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ الْبَيَانُ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ السُّكْنَى كَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ شَارِحُ الْعَاصِمِيَّةِ.

(قَوْلُهُ وَصَّلَ) بِتَشْدِيدِ الصَّادِ (قَوْلُهُ فِي أَمَدٍ يَبْلُغُ مِثْلَهُ) أَيْ: فِي مِثْلِهِ.

(قَوْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ وَالْقَوْلُ لَهُ أَنَّهُ خُولِفَ فَيَقْتَضِي أَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِيهَا النِّزَاعُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ رَبِّ الثَّوْبِ مُحَقَّقَةً (قَوْلُهُ كَمَا إذَا قَالَ إلَخْ) أَيْ: وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَنْ يَلْبَسُ الْأَحْمَرَ أَوْ الْأَسْوَدَ وَلَمْ يَكُنْ رَبُّهُ شَرِيفًا وَمِثَالُ مَا يُشْبِهُ كَصَبْغِهِ شَاشًا أَخْضَرَ لِشَرِيفٍ أَوْ أَزْرَقَ لِنَصْرَانِيٍّ فَلَا يَقْبَلُ دَعْوَى شَرِيفٍ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِصَبْغِهِ أَزْرَقَ لِيُهْدِيَهُ لِنَصْرَانِيٍّ وَلَا دَعْوَى نَصْرَانِيٍّ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِصَبْغِهِ أَخْضَرَ لِيُهْدِيَهُ لِشَرِيفٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لِقَرِينَةٍ عَلَى ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا وُجِدَتْ قَرِينَةٌ يُعْمَلُ بِهَا وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ اخْتِلَافَهُمَا فِي صِفَةٍ لَا تَجْتَمِعُ بِمَحَلٍّ وَاحِدٍ كَأَسْوَدَ وَأَزْرَقَ، وَأَمَّا إنْ قَالَ رَبُّهُ أَمَرْتُك بِصَبْغِهِ أَكْحَلَ وَالصَّانِعُ أَزْرَقَ فَالْقَوْلُ لِرَبِّهِ فِي تَخْفِيفِ الْأُجْرَةِ وَلِلصَّانِعِ فِي عَدَمِ لُزُومِ إعَادَتِهِ.

(قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ) أَقُولُ: وَكَذَلِكَ مَسْأَلَةُ الِاسْتِصْنَاعِ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ وَإِنْ كَانَ يَحْلِفُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْأُجْرَةِ إنْ أَشْبَهَ وَإِلَّا فَأَجْرُ الْمِثْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>