وَلَوْ كَانَ الصَّبْغُ يَنْقُصُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ خِيرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ فَإِنْ أَبَى رَبُّهُ مِنْ التَّخْيِيرِ وَمِنْ الْحَلِفِ الْمَذْكُورِ اشْتَرَكَ هُوَ وَالصَّانِعُ هَذَا بِقِيمَةِ ثَوْبِهِ أَبْيَضَ وَهَذَا بِقِيمَةِ صَبْغِهِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الصَّانِعُ.
(ص) وَفِي الْأُجْرَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّانِعَ إذَا ادَّعَى مِنْ الْأُجْرَةِ مَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَجْرًا لِذَلِكَ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ وَخَالَفَهُ رَبُّهُ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الصَّانِعِ مَعَ يَمِينِهِ وَيَأْخُذُ مَا ادَّعَى مِنْ الْأَجْرِ أَشْبَهَ رَبَّهُ أَمْ لَا فَإِنْ أَشْبَهَ رَبَّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ فَقَطْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَيَدْفَعُ لِلصَّانِعِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَكَانَ لِلصَّانِعِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فَقَوْلُهُ (إنْ أَشْبَهَ) رَاجِعٌ لِلْفُرُوعِ الْأَرْبَعَةِ وَقَوْلُهُ (وَحَازَ) خَاصٌّ بِالِاخْتِلَافِ فِي الْأُجْرَةِ فَإِنْ لَمْ يَحُزْ الصَّانِعُ مَصْنُوعَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ كَالْبَنَّاءِ فَقَوْلُهُ (لَا كَبِنَاءٍ) مَفْهُومُ حَازَ وَبَنَّاءٍ بِبَاءٍ مَفْتُوحَةٍ وَتَشْدِيدِ النُّونِ أَيْ: وَالْقَوْلُ لِلْأَجِيرِ كَخَيَّاطٍ لَا كَبَنَّاءٍ فَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ لِعَدَمِ حَوْزِهِ وَيَصِحُّ كَوْنُهُ بِبَاءٍ مَكْسُورَةٍ وَنُونٍ مُخَفَّفَةٍ أَيْ: وَالْقَوْلُ لِلْأَجِيرِ فِي كَخِيَاطَةٍ لَا فِي كَبِنَاءٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا الْحَوْزُ وَعَدَمُهُ وَهَذَا مُجَرَّدُ مِثَالٍ بَلْ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ خَيَّاطٌ غَيْرَ حَائِزٍ كَمَا لَوْ كَانَ يَخِيطُ فِي بَيْتِ رَبِّ الْمَخِيطِ وَلَا يُمْكِنُهُ مِنْهُ بَلْ إذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ يَتْرُكُهُ وَلَا يَنْقُلُهُ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ الْحِيَازَةُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً وَلَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ تَحْتِ يَدِهِ.
(ص) وَلَا فِي رَدِّهِ فَلِرَبِّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّانِعَ إذَا صَنَعَ الْمَتَاعَ وَقَالَ رَدَدْته لِرَبِّهِ وَكَذَّبَهُ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَالِكِ وَلَوْ كَانَ الصَّانِعُ قَبَضَ الْمَصْنُوعَ مِنْ رَبِّهِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ.
(وَإِنْ بِلَا بَيِّنَةٍ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُودِعِ إذَا قَبَضَ الْوَدِيعَةَ بِلَا بَيِّنَةٍ وَادَّعَى رَدَّهَا لِرَبِّهَا أَنَّهُ مُصَدَّقٌ أَنَّ الْمُودِعَ قَبَضَ الْوَدِيعَةَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الضَّمَانِ وَالصَّانِعُ قَبَضَ مَا لَهُ فِيهِ صَنْعَةٌ عَلَى وَجْهِ الضَّمَانِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هَذَا فِي الصَّانِعِ وَهُوَ مَخْصُوصٌ بِمَا لَا يَقْبَلُ فِيهِ دَعْوَاهُ التَّلَفَ بِأَنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ إذَا ادَّعَى رَدَّهُ لِرَبِّهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ دَعْوَاهُ تَلَفَهُ مَقْبُولَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَبْضُهُ بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ عِنْدَ قَوْلِهِ كَدَعْوَاهُ رَدَّ مَا لَمْ يَضْمَنْ.
(ص) وَإِنْ ادَّعَاهُ وَقَالَ سَرَقَ مِنِّي وَأَرَادَ أَخْذَهُ دَفَعَ قِيمَةَ الصَّبْغِ بِيَمِينٍ إنْ زَادَتْ دَعْوَى الصَّانِعِ عَلَيْهَا وَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَهُ فَإِنْ دَفَعَ الصَّانِعُ قِيمَتَهُ أَبْيَضَ فَلَا يَمِينَ وَإِلَّا حَلَفَا وَاشْتَرَكَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّانِعَ إذَا ادَّعَى الِاسْتِصْنَاعَ وَقَالَ رَبُّ الْمَتَاعِ: بَلْ سَرَقَ مِنِّي، فَإِنْ أَرَادَ رَبُّ الْمَتَاعِ أَخْذَ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ أُجْرَةَ عَمَلِ الصَّبْغِ بِيَمِينٍ إنْ زَادَتْ دَعْوَى الصَّانِعِ عَلَى الْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ وَفَائِدَةُ هَذَا إسْقَاطُ الزَّائِدِ عَنْ رَبِّ الْمَتَاعِ وَإِنْ أَرَادَ رَبُّ الْمَتَاعِ أَنْ يُضَمِّنَ الصَّانِعَ فَإِنْ دَفَعَ الصَّانِعُ قِيمَةَ الثَّوْبِ أَبْيَضَ لِرَبِّهِ فَلَا يَمِينَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ أَبَى تَحَالَفَا بِأَنْ يَحْلِفَ رَبُّ
ــ
[حاشية العدوي]
قَالَهُ عج عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ خِيرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ) هَذَا تَعْلِيلٌ لِمَا فِيهِ التَّخْيِيرُ وَهُوَ إذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ لَهُ مَجَّانًا، وَأَمَّا إذَا سَلَّمَهُ لَهُ مَجَّانًا فَعَدَمُ كَلَامِهِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي الِاسْتِصْنَاعِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ وَظَاهِرُهُ إلَخْ عَامٌّ فِيمَا قَبْلَ الْقَيْدِ وَبَعْدَهُ، وَأَمَّا التَّعْلِيلُ فَإِنَّهُ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْقَيْدِ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ لَا كَبِنَاءٍ إلَخْ) قَالَ عج وَاَلَّذِي يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِمْ بِالتَّأَمُّلِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحُزْ الصَّانِعُ وَلَكِنَّهُ أَشْبَهَ وَلَمْ يُشْبِهْ رَبَّهَا فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِقَوْلِ الصَّانِعِ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَحَازَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي قَبُولِ قَوْلِ الصَّانِعِ مُطْلَقًا بَلْ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ حَيْثُ أَشْبَهَا، وَأَمَّا إنْ أَشْبَهَ أَحَدَهُمَا فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ الْحَائِزُ غَيْرَهُ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَهَلْ يُعْمَلُ بِقَوْلِ الْحَائِزِ مِنْهُمَا أَوْ الْوَاجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَلَا يُنْظَرُ لِلْحَوْزِ انْتَهَى.
وَقَالَ اللَّقَانِيِّ قَوْلُهُ وَحَازَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا عِنْدَ شَبَهِهِمَا وَإِلَّا فَلَا تَنْفَعُ الْحِيَازَةُ وَيَنْظُرُ فَإِنْ أَشْبَهَ أَحَدَهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَكَانَتْ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ) أَيْ: الصَّانِعِ فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُتَبَايِعِينَ إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ وَفَاتَ الْمَبِيعُ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِقَوْلِ الْمُشْتَرِي حَيْثُ أَشْبَهَا وَحَلَفَا وَسَوَاءٌ كَانَ حَائِزًا لِلسِّلْعَةِ أَمْ لَا وَلَعَلَّ الْفَرْقَ كَمَا نَقَلَهُ بَعْضُ تَلَامِذَةِ الشَّارِحِ عَنْهُ قُوَّةُ يَدِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُ حَازَ أَوْ لَمْ يَحُزْ بِخِلَافِ الصَّانِعِ لَا تَقْوَى يَدُهُ قُوَّةَ يَدِ الْمُشْتَرِي إلَّا زَمَنَ ضَمَانِهِ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ الْحَوْزِ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ دَفَعَ قِيمَةَ الصَّبْغِ) وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ دَفَعَ الصَّانِعُ قِيمَتَهُ أَبْيَضَ) أَيْ: يَوْمَ الْعَدَاءِ عَلَى زَعْمِ رَبِّهِ كَذَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ وَفِي بَعْضِهَا يَوْمَ الْحُكْمِ كَذَا ذَكَرُوا أَقُولُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا حَلَفَا) وَبُدِئَ الصَّانِعُ؛ لِأَنَّهُ بَائِعٌ فَيَحْلِفُ أَنَّهُ اسْتَصْنَعَهُ وَرَبُّهُ أَنَّهُ مَا اسْتَصْنَعَهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ سَرَقَ مِنِّي كَمَا فِي النَّقْلِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ طِبْقَ دَعْوَاهُ وَقَاعِدَةُ الْيَمِينِ أَنْ تَكُونَ عَلَى طِبْقِ الدَّعْوَى وَوَجْهُ مَا فِي النَّقْلِ أَنَّ تَرَتُّبَ غُرْمِ قِيمَتِهِ أَبْيَضَ إنَّمَا هُوَ عَلَى حَلِفِهِ أَنَّهُ مَا اسْتَصْنَعَهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ مَعَهُ سَرِقَةً وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَقُضِيَ لِحَالِفٍ عَلَى نَاكِلٍ، فَإِذَا حَلَفَ رَبُّ الثَّوْبِ فَقَطْ قُضِيَ لَهُ بِقِيمَتِهِ أَبْيَضَ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَدَفَعَ قِيمَةَ الصَّبْغِ وَلَوْ نَقَصَتْ الثَّوْبُ؛ لِأَنَّ خِيرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ أَنَّهُ سَرَقَهُ أَوْ غَصَبَهُ فَيَأْخُذُهُ بِدُونِ قِيمَةِ الصَّبْغِ.
(قَوْلُهُ وَاشْتَرَكَا) وَالِاشْتِرَاكُ وَلَوْ نَقَصَ بِسَبَبِ الصَّبْغِ؛ لِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ بِقِيمَتِهِ أَبْيَضَ وَبِقِيمَةِ الصَّبْغِ لَا بِمَا زَادَهُ الصَّبْغُ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْحُكْمِ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ أَنَّهُ إذَا بِيعَ بِثَمَنٍ فَإِنَّهُ يُوَزَّعُ عَلَى حَسْبِ قِيمَتِهِ أَبْيَضَ وَقِيمَةِ الصَّبْغِ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ أَبْيَضَ عَشْرَةً وَقِيمَةُ الصَّبْغِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ خَمْسَةً فَنِسْبَةُ الْخَمْسَةِ لِلْعَشَرَةِ ثُلُثٌ، فَإِذَا بِيعَ الثَّوْبُ مَصْبُوغًا بِخَمْسَةَ عَشَرَ أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ وَاحِدٌ يَأْخُذُ بِنِسْبَةِ مَا لَهُ.
(قَوْلُهُ إنْ زَادَتْ) قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ قِيمَةُ الصَّبْغِ وَفِي قَوْلِهِ بِيَمِينٍ أَيْ، فَإِذَا لَمْ تَزِدْ بِأَنْ سَاوَتْ أَوْ نَقَصَتْ أُخِذَ مَا ادَّعَى فَقَطْ وَلَا يُعْطَى أَكْثَرَ مِنْهُ وَلَا يَمِينَ عَلَى رَبِّهِ