للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّوْبِ أَوَّلًا أَنَّهُ مَا اسْتَصْنَعَهُ وَيَحْلِفُ الصَّانِعُ أَنَّهُ اسْتَصْنَعَهُ وَيَشْتَرِكَانِ فِيهِ هَذَا بِقِيمَةِ ثَوْبِهِ غَيْرَ مَعْمُولٍ وَهَذَا بِقِيمَةِ عَمَلِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُدَّعٍ عَلَى صَاحِبِهِ فَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ فِي ادَّعَاهُ عَائِدٌ عَلَى الِاسْتِصْنَاعِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ اسْتَصْنَعَ وَقَوْلُهُ سُرِقَ بَنَاهُ لِلْمَجْهُولِ لِيَشْمَلَ مَا إذَا قَالَ سَرَقَهُ غَيْرُك أَوْ سَرَقْته مِنِّي وَالْحُكْمُ وَاحِدٌ إلَّا أَنَّهُ إذَا قَالَ سَرَقْته مِنِّي نَظَرَ فِي الصَّانِعِ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُشَارُ إلَيْهِ بِذَلِكَ عُوقِبَ رَبُّ الثَّوْبِ وَإِلَّا لَمْ يُعَاقَبْ قَوْلُهُ وَأَرَادَ إنْ جَعَلَ مَفْعُولَهُ مَحْذُوفًا أَيْ: وَأَرَادَ عَدَمَ تَضْمِينِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَهُ كَانَ قَوْلُهُ أَخَذَهُ فِعْلًا مَاضِيًا وَبِيَمِينٍ مُتَعَلِّقًا بِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى حَذْفٍ وَإِنْ جُعِلَ أَخْذُهُ مَفْعُولَ أَرَادَ كَانَ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ أَيْ: أَخَذَهُ بِيَمِينٍ وَالْمُرَادُ بِالْقِيمَةِ الْأَجْرُ وَالصَّبْغُ بِالْفَتْحِ الْعَمَلُ أَيْ: دَفْعُ أَجْرِ الْعَمَلِ وَلَوْ قَالَ قِيمَةُ الصَّنْعَةِ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ الصَّبْغِ وَالطَّرْزِ وَالْخِيَاطَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَبِالْكَسْرِ الْمَصْبُوغُ بِهِ وَإِذَا قَرَأْنَاهُ بِالْفَتْحِ لَا تَضِيعُ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْمَصْبُوغِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ فِي نَظِيرِ عَمَلِهِ وَالْمَصْبُوغُ بِهِ.

(ص) لَا إنْ تُخَالَفَا فِي لَتِّ السَّوِيقِ وَأَبَى مَنْ دَفَعَ مَا قَالَ اللَّاتُّ فَمِثْلُ سَوِيقِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي لَتِّ السَّوِيقِ أَيْ: خَلْطِهِ بِأَنْ قَالَ اللَّاتُّ أَمَرْتنِي أَنْ أَلُتَّهُ بِخَمْسَةِ أَرْطَالٍ مِنْ السَّمْنِ مَثَلًا وَقَالَ رَبُّ السَّوِيقِ مَا أَمَرْتُك أَنْ تَلُتَّهُ بِشَيْءٍ أَصْلًا فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيُقَالُ لِصَاحِبِ السَّوِيقِ ادْفَعْ لَهُ مَا لَتَّهُ بِهِ وَهُوَ الْخَمْسَةُ الْأَرْطَالِ إنْ شِئْت وَخُذْ سَوِيقَك مَلْتُوتًا فَإِنْ دَفَعَ لَهُ ذَلِكَ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ أَبَى مَنْ دَفَعَ ذَلِكَ قِيلَ لِلَّاتِّ اغْرَمْ لَهُ مِثْلَ سَوِيقِهِ غَيْرَ مَلْتُوتٍ وَلَا يَأْخُذُهُ مَلْتُوتًا فَإِنْ أَبَى قِيلَ لَهُ أَسْلِمْهُ بِلُتَاتِهِ لِصَاحِبِهِ وَلَا شَيْءَ لَك وَلَا يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ هُنَا لِوُجُودِ الْمِثْلِ وَعَدَمِ وُجُودِهِ فِي الثَّوْبِ فَقَوْلُهُ فَمِثْلُ سَوِيقِهِ أَيْ: عَيْنًا فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى قَوْلِ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ أَوْ إنْ لَمْ يَرْضَ بِأَخْذِهِ مَلْتُوتًا فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِنَاءً عَلَى الْوِفَاقِ وَبِعِبَارَةٍ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ سَرَقَ مِنْهُ، وَأَمَّا إنْ ادَّعَى الْوَدِيعَةَ فَالْقَوْلُ لِلصَّانِعِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَأَنَّهُ اسْتَصْنَعَ وَقَالَ وَدِيعَةٌ وَقَدْ أَشَارَ لِهَذَا الشَّارِحُ.

(ص) وَلَهُ وَلِلْجَمَّالِ بِيَمِينٍ فِي عَدَمِ قَبْضِ الْأُجْرَةِ وَإِنْ بَلَغَا الْغَايَةَ إلَّا لِطُولٍ فَلِمُكْتَرِيهِ بِيَمِينٍ (ش) الضَّمِيرُ فِي لَهُ يَرْجِعُ إلَى الْأَجِيرِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَجِيرَ إذَا طَلَبَ أُجْرَتَهُ وَقَالَ رَبُّ الْمَتَاعِ: قَدْ دَفَعْتهَا إلَيْك فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْأَجِيرِ فِي عَدَمِ قَبْضِهَا بِيَمِينِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا تَنَازَعَ رَبُّ الْمَتَاعِ مَعَ الْجَمَّالِ فِي قَبْضِ الْأُجْرَةِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْجَمَّالِ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ مَا قَبَضَهَا وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ بُلُوغِ الْغَايَةِ أَيْ الْبَلَدِ الَّتِي تَكَارَيَا إلَيْهَا إلَّا أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْمَتَاعِ لِرَبِّهِ فَالْقَوْلُ حِينَئِذٍ قَوْلُ الْمُكْتَرِي وَهُوَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ بِيَمِينِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْجَمَّالُ بَيِّنَةً أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ، وَأَمَّا لَوْ قَامَ بِحَدٍّ ثَانٍ تَسْلِيمُ الْأَمْتِعَةِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَمَا قَرُبَ مِنْهُمَا لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بِيَمِينِهِ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُنَازَعَةَ هُنَا بَيْنَ رَبِّ الْجِمَالِ وَرَبِّ الْأَحْمَالِ فِي الْأُجْرَةِ وَقَوْلُهُ فِيمَا سَيَأْتِي وَإِنْ قَالَ بِمِائَةٍ لِبَرْقَةَ إلَخْ الْمُنَازَعَةُ فِيهَا فِي الْمَسَافَةِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَإِذَا قَرَأْنَاهُ بِالْفَتْحِ لَا تَضِيعُ) حَاصِلُهُ أَنَّنَا لَوْ قَرَأْنَاهُ بِالْفَتْحِ فَالْمُرَادُ قِيمَةُ الْعَمَلِ وَالْمَصْبُوغِ وَكَذَا إذَا قَرَأْنَاهُ بِالْكَسْرِ نُرِيدُ بِهِ الْأَمْرَيْنِ مَعًا.

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ) الَّذِي فِي كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّهُمَا لَا يَتَحَالَفَانِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ لَا إنْ تَخَالَفَا مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ حَلِفًا وَاشْتَرَكَا أَيْ فَهُوَ مُخَرَّجٌ مِنْ الْحَلِفِ وَالِاشْتِرَاكُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفَادَهُ النَّقْلُ.

(قَوْله فَقَوْلُهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَتَفَرَّعُ عَلَى مَا ذُكِرَ بَلْ الَّذِي يَتَفَرَّعُ عَلَى الَّذِي تَقَدَّمَ إنَّمَا هُوَ تَخْيِيرُ اللَّاتِّ (قَوْلُهُ أَيْ: عَيْنًا) أَيْ يَتَعَيَّنُ أَخْذُ الْمِثْلِ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ سَوِيقِهِ وَلَوْ رَضِيَ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَوُجِّهَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ بَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ مُتَفَاضِلًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ يُخَيَّرُ فِي دَفْعِ مِثْلِهِ أَوْ فِي دَفْعِهِ مَلْتُوتًا وَأَنَّ غَيْرَهُ يَقُولُ لَا يَجُوزُ أَخْذُهُ مَلْتُوتًا وَإِنَّمَا يَأْخُذُ مِثْلَهُ وَهَلْ خِلَافٌ أَوْ وِفَاقٌ فَيُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَا إذَا رَضِيَ رَبُّهُ بِأَخْذِهِ مَلْتُوتًا وَكَلَامُ غَيْرِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَرْضَ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُفَادَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْخِيَارَ لِلَّاتِّ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: إنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي دَفْعِ مِثْلِهِ أَوْ فِي دَفْعِهِ مَلْتُوتًا وَمُفَادُ هَذَا التَّوْفِيقِ أَنَّ الْخِيَارَ لِرَبِّ السَّوِيقِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا التَّوْفِيقَ يُعَارِضُ مَا يُسْتَفَادُ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ التَّخْيِيرَ لِلَّاتِّ فَإِنْ قُلْت: مَا يَقُولُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي عِلَّةِ الْمُقَابِلِ وَهِيَ لُزُومُ بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ مُتَفَاضِلًا قُلْت أُجِيبَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ التَّأْدِيَةُ الْمَذْكُورَةُ إذْ الصَّانِعُ يَقُولُ لَمْ أَتَعَدَّ فِيمَا فَعَلْته فِي طَعَامِك حَتَّى يَجِبَ عَلَيَّ مِثْلُهُ بَلْ لَتَتّهُ بِإِذْنِك فَلَمْ أَدْفَعْ لَك إلَّا مَا تَمْلِكُ وَأَنْتَ ظَلَمْتنِي فِي عَدَمِ دَفْعِ الْعِوَضِ، وَهَذَا وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ اللَّتَّ غَيْرُ نَاقِلٍ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ نَاقِلٌ فَكَيْفَ يَقُولُ أَشْهَبُ بِعَدَمِ جَوَازِ أَخْذِهِ مَلْتُوتًا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفَاضُلِ بَيْنَ الطَّعَامَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَشْهَبُ يَقُولُ إنَّهُ غَيْرُ نَاقِلٍ قَالَ الْحَطَّابُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ حَمَلَهُ عَلَى الْخِلَافِ وَتَرَكَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِتَرْجِيحِ الْغَيْرِ عِنْدَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) الصَّوَابُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي مَسْأَلَةِ السَّوِيقِ شَامِلٌ لِمَا إذَا ادَّعَى رَبُّهُ السَّرِقَةَ أَوْ الْوَدِيعَةَ وَلَا يُقَالُ إنَّ ذَلِكَ مُكَرَّرٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَصْنُوعِ الْمُقَوَّمِ وَمَا هُنَا مِثْلِيٌّ وَالْحُكْمُ مُخْتَلِفٌ؛ لِأَنَّهُ لَا اشْتِرَاكَ فِيهِ وَلَا تَخَالُفَ فَالْعِبَارَةُ الْأُولَى أَحْسَنُ لِعُمُومِهَا.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْجَمَّالُ بَيِّنَةً) الْمُرَادُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْجَمَّالُ بَيِّنَةً تَشْهَدُ بِإِقْرَارِ الْمُكْتَرِي بَعْدَ التَّسْلِيمِ بِأَنَّ الْكِرَاءَ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُكْرِي مِنْهُ، وَأَمَّا لَوْ أَقَامَهَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ ثُمَّ حَصَلَ التَّسْلِيمُ وَالطُّولُ فَلَا يُنْتَفَعُ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ وَيُصَدَّقُ الْمُكْتَرِي فِي دَفْعِ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ وَمَا قَرُبَ مِنْهُمَا) أَيْ: مِنْ الْيَوْمَيْنِ أَيْ: فَالطُّولُ مَا زَادَ عَلَى الْيَوْمَيْنِ وَمَا قَارَبَهُمَا بَعْدَ تَسْلِيمِ الْأَحْمَالِ لِرَبِّهَا الَّذِي هُوَ الْمُكْتَرِي وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْقَرِيبِ مِنْ الْيَوْمَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الثَّالِثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>