قَالَ إلَّا أَنْ يُتِمَّ الْعَمَلَ لَكَانَ أَشْمَلَ ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَرْجِعُ لِكِرَاءِ السُّفُنِ وَلِمَا قَبْلَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ كَالشَّارِحِ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ كِرَاءِ السُّفُنِ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِكِرَاءِ السُّفُنِ وَعَلَيْهِ فَمَنْ اسْتَأْجَرَ مَرْكَبًا لِحِمْلٍ كَقَمْحٍ فَغَرِقَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ وَذَهَبَ بَعْضُ الْقَمْحِ وَبَقِيَ الْبَعْضُ فَاسْتَأْجَرَ عَلَى مَا بَقِيَ فَإِنَّ لِلْأَوَّلِ كِرَاءَ مَا بَقِيَ إلَى مَحَلِّ الْغَرَقِ عَلَى حِسَابِ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ لَا بِنِسْبَةِ الثَّانِي وَلَيْسَ لَهُ كِرَاءُ مَا ذَهَبَ بِالْغَرَقِ وَكَذَا لَوْ فَرَّطَ الْمُكْتَرِي فِي نَقْلِ مَتَاعِهِ بَعْدَ بُلُوغِ الْغَايَةِ فَإِنَّ عَلَيْهِ جَمِيعَ الْكِرَاءِ.
(ص) وَإِنْ اُسْتُحِقَّ وَلَوْ بِحُرِّيَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَجْعُولَ لَهُ يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ عَلَى الْجَاعِلِ إذَا أَتَى بِالْعَبْدِ الْآبِقِ إلَى رَبِّهِ وَلَوْ اسْتَحَقَّهُ شَخْصٌ بِحُرِّيَّةٍ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ رَبُّهُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي وَرَّطَهُ فِي الْعَمَلِ وَلَا يَرْجِعُ الْجَاعِلُ بِالْجُعْلِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي اسْتِحْقَاقِ الْجُعْلِ (ص) بِخِلَافِ مَوْتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُجَاعِلَ إذَا أَتَى بِالْعَبْدِ الْآبِقِ فَمَاتَ فِي يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهُ لِرَبِّهِ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْجُعْلِ لِعَدَمِ تَمَامِ الْعَمَلِ كَمَا لَوْ هَرَبَ الْعَبْدُ، وَأَمَّا مَوْتُهُ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَهُ لِسَيِّدِهِ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ بِتَمَامِهِ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ حَقِيقَةَ الْمَوْتِ عَرَضٌ يُضَادُّ الْحَيَاةَ أَوْ هُوَ عَدَمُ الْحَيَاةِ، فَإِذَا أَسْلَمَهُ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ فَقَدْ سَلَّمَهُ حَيًّا وَقَدْ أَعْطَوْا حُكْمَ مَنْفُوذِ الْمَقَاتِلِ حُكْمَ الْحَيِّ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الِاسْتِحْقَاقِ بِحُرِّيَّةٍ وَبَيْنَ مَوْتِهِ لَعَلَّهُ عَدَمُ النَّفْعِ بِالْمَيِّتِ وَأَيْضًا الِاسْتِحْقَاقُ يَحْصُلُ عَنْ عَدَاءٍ مِنْ الْمَالِكِ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْمَوْتِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَقْدَ وَالْأَسْرَ وَالْغَصْبَ كَالْمَوْتِ.
(ص) بِلَا تَقْدِيرِ زَمَنٍ إلَّا بِشَرْطٍ تُرِكَ مَتَى شَاءَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجُعْلَ لَا يَجُوزُ فِيهِ تَقْدِيرُ الْأَجَلِ لِلْجَهْلِ وَالْغَرَرِ؛ إذْ لَوْ قُدِّرَ بِزَمَنٍ يَقَعُ فِيهِ لَاحْتُمِلَ أَنْ يَنْقَضِيَ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ فَيَذْهَبَ عَمَلُهُ بَاطِلًا إلَّا أَنْ يَكُونَ اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ أَنْ يَتْرُكَ الْعَمَلَ مَتَى شَاءَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ ضَرْبُ الْأَجَلِ فِيهِ حِينَئِذٍ لِخِفَّةِ الْغَرَرِ فَقَوْلُهُ إلَّا بِشَرْطٍ تُرِكَ مَتَى شَاءَ مُسْتَثْنًى مِنْ مَفْهُومِ مَا قَبْلَهُ فَإِنْ قِيلَ شَأْنُ هَذَا الْعَقْدِ التَّرْكُ فِيهِ مَتَى شَاءَ فَلِمَ كَانَ الْعَقْدُ غَيْرَ جَائِزٍ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَجْعُولَ لَهُ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ دَخَلَ عَلَى التَّمَامِ وَإِنْ كَانَ لَهُ التَّرْكُ وَحِينَئِذٍ فَغَرَرُهُ قَوِيٌّ، وَأَمَّا عِنْدَ الشَّرْطِ فَقَدْ دَخَلَ ابْتِدَاءً عَلَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فَغَرَرُهُ خَفِيفٌ.
(ص) وَلَا نَقْدٍ مُشْتَرَطٍ (ش) يَعْنِي وَمِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الْجُعْلِ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ النَّقْدُ فِيهِ فَإِنْ شُرِطَ النَّقْدُ فَسَدَ الْعَقْدُ سَوَاءٌ حَصَلَ نَقْدٌ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا لِدَوَرَانِ الْجُعْلِ بَيْنَ الثَّمَنِيَّةِ إنْ وَجَدَ الْآبِقَ وَأَوْصَلَهُ إلَى رَبِّهِ وَالسَّلَفِيَّةِ إنْ لَمْ يُوصِلْهُ إلَى رَبِّهِ بِأَنْ لَمْ يَجِدْهُ أَصْلًا أَوْ وَجَدَهُ وَهَرَبَ مِنْهُ فِي الطَّرِيقِ، وَأَمَّا النَّقْدُ تَطَوُّعًا فَجَائِزٌ فَلَوْ قَالَ بِلَا شَرْطِ نَقْدٍ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ تُعْطِي
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ لَكَانَ أَشْمَلَ إلَخْ) وَأَوْلَى لَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ بَاعَهُ صَاحِبُهُ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ لَكِنْ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ إنَّمَا يَكُونُ لِلْعَامِلِ بِنِسْبَةِ عَمَلِهِ مِنْ الْمُسَمَّى لَهُ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ هُنَا ثَانٍ هَذَا مَا اسْتَظْهَرَهُ عج فِي شَرْحِهِ.
(أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ بَلْ الْبَابُ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إلَخْ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ فَاسْتَأْجَرَ عَلَى مَا بَقِيَ) أَيْ أَوْ بَاعَهُ بِمَوْضِعِ الْفَرْقِ أَوْ انْتَفَعَ بِهِ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الِانْتِفَاعِ.
(قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ كِرَاءُ مَا ذَهَبَ) أَيْ: لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ قَبْضِهِ وَقَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ فُرِّطَ فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ وَكَذَا بِالْكَافِ وَلَا مُنَاسَبَةَ لَهَا فَالْأَوْلَى جَعْلُهَا لَامًا وَتَكُونُ لِلتَّعْلِيلِ لِمَحْذُوفٍ وَيَصِيرُ الْمَعْنَى وَلَيْسَ لَهُ كِرَاءُ مَا ذَهَبَ بِالْفَرْقِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ، وَبِتِلْكَ الْعِلَّةِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ فَرَّطَ الْمُكْتَرِي فِي نَقْلِ مَتَاعِهِ يَصِيرُ ضَامِنًا لِانْتِفَاءِ تِلْكَ الْعِلَّةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَمَكِّنًا.
(قَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ) أَيْ بَعْدَ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا لَهُ بَالٌ كَمَا قَيَّدُوهُ، فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِالتَّمَامِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَهَذَا وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ أَوْ اُسْتُحِقَّ فَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى يَسْتَأْجِرُ لَكَانَ أَحْسَنَ وَأَقَلَّ كُلْفَةً (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ) أَجْمَلَ فِي ذِكْرِ الْخِلَافِ وَعِبَارَةُ تت مُفْصِحَةٌ بِبَيَانِ الْمُرَادِ وَنَصِّهِ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الشَّيْءُ الْمُجَاعَلُ عَلَى تَحْصِيلِهِ عَبْدًا أَوْ غَيْرَهُ لِغَيْرِ مَنْ جَاعَلَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْجُعْلُ يَلْزَمُ الْجَاعِلَ إذَا أَتَى بِهِ الْعَامِلُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْهُ الْجَاعِلُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَدْخَلَهُ فِي الْعَمَلِ ظَاهِرُهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِالْجُعْلِ عَلَى مَنْ اسْتَحَقَّهُ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى أَوْ جُعْلِ الْمِثْلِ إلَى أَنْ قَالَ تت ثُمَّ بَالَغَ عَلَى مَا لَوْ كَانَ عَبْدًا وَاسْتُحِقَّ بِحُرِّيَّةٍ فَقَالَ وَلَوْ بِحُرِّيَّةٍ فَإِنَّ الْجُعْلَ لَازِمٌ لِلْجَاعِلِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةٌ، وَأَشَارَ بِلَوْ لِقَوْلِ أَصْبَغَ بِسُقُوطِهِ عَنْهُ، وَأَمَّا إنْ اُسْتُحِقَّ بِرِقٍّ فَلَا إشْكَالَ فِي لُزُومِ ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ عَلَى مُسْتَحِقِّهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ.
(قَوْلُهُ عَرَضٌ يُضَادُّ الْحَيَاةَ) فَيَكُونُ وُجُودِيًّا يُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ (قَوْلُهُ فَقَدْ سَلَّمَهُ حَيًّا) وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا عَامٌّ فِي سَائِرِ أَفْرَادِ الْحَيَوَانِ حَتَّى فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ، فَإِذَا سَلَّمَهُ حَيًّا لَزِمَهُ الْعِوَضُ وَلَا يُقَالُ غَيْرُ الْآدَمِيِّ لَا فَائِدَةَ فِيهِ بَعْدَ إنْفَاذِ مَقَاتِلِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا أَسْقَطَ الْعِوَضَ بِالْمَوْتِ فَقَطْ وَالْأَصْلُ الْعُمُومُ وَأَيْضًا مَنْفُوذُ الْمَقَاتِلِ تَعْمَلُ فِيهِ الذَّكَاةُ عَلَى بَعْضِ الْمَذَاهِبِ (قَوْلُهُ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ) كَمَا لَوْ مَاتَ مَا يَرِثُهُ مَنْفُوذُ الْمَقَاتِلِ بَعْدَ أَنْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ وَلَمْ تَخْرُجْ رُوحُهُ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ.
(قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُ عَدَمُ النَّفْعِ بِالْمَيِّتِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مَوْجُودٌ فِي الَّذِي مَاتَ بَعْدَ الْقَبْضِ إلَّا أَنْ يُقَالَ بِالْقَبْضِ وَصَلَ إلَى الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مُقْتَضَى الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ أَنَّهَا كَالِاسْتِحْقَاقِ لَا الْمَوْتِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هِبَتَهُ كَالْعِتْقِ، وَأَمَّا بَيْعُهُ قَبْلَ رُؤْيَةِ الْعَامِلِ لَهُ فَلَا يَصِحُّ.
(قَوْلُهُ بِلَا تَقْدِيرِ زَمَنٍ) أَيْ: سَوَاءٌ شَرَطَ عَدَمَ النَّقْدِ أَوْ سَكَتَ سَوَاءٌ وَقَعَ بِلَفْظِ جَعَالَةٍ أَوْ لَا بِلَفْظِ جَعَالَةٍ وَلَا إجَارَةٍ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ إلَخْ) قَالَ اللَّقَانِيِّ وَتَبِعَهُ شب، وَالْحَاصِلُ أَنَّ