للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعْصِيَةٌ كَمَا لَوْ صَرَفَهَا إلَى أَهْلِ السَّفَهِ اهـ.

وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ الْحُكْمِ بِبُطْلَانِ الْوَقْفِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنْ يَصِيرَ مَالًا مِنْ أَمْوَالِ الْوَاقِفِ يَمْلِكُهُ وَيَرِثُهُ لَا أَنَّهُ يَرْجِعُ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحْبِسِ وَإِلَى امْرَأَةٍ لَوْ كَانَتْ رَجُلًا لَعُصِّبَتْ وَيَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَقْفُ الْكَافِرِ عَلَى الْكَنِيسَةِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى عُبَّادِهَا أَوْ مَرَمَّتِهَا؛ لِأَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَاَلَّذِي فِي السَّمَاعِ أَنَّ وَقْفَهُمْ عَلَى كَنَائِسِهِمْ بَاطِلٌ وَمَا نَقَلَهُ الزَّرْقَانِيُّ عَنْ النَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ هُوَ مَذْكُورٌ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى التَّوْضِيحِ كَمَا قَالَ لَكِنْ قَالَ عِيَاضٌ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ لَا يُنْفِذَ وَقْفَهُمْ سَوَاءٌ أَشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا بَانَ مِنْ تَحْتِ أَيْدِيهِمْ أَمْ لَا وَلَهُمْ الرُّجُوعُ فِيهِ إذَا أَسْلَمُوا وَهَذَا بِخِلَافِ الْعِتْقِ إذَا بَانَ الْمُعْتَقُ عَنْهُ ثُمَّ أَسْلَمُوا فَلَا رُجُوعَ لَهُمْ ذَكَرَهُ عِنْدَ نَبْشِ قُبُورِ الْكُفَّارِ حِينَ نَبَشَهَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حِينَ بَنَى مَسْجِدَهُ فَيُرَاجَعْ.

(ص) وَحَرْبِيٍّ وَكَافِرٍ لِكَمَسْجِدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْحَرْبِيِّ بَاطِلٌ، وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ وَالْوَصِيَّةُ لَهُ بَاطِلَةٌ عَكْسُ الذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إعَانَةٌ لَهُ عَلَى حَرْبِهِ وَالْمُرَادُ بِالْحَرْبِيِّ مَنْ كَانَ بِدَارِ الْحَرْبِ كَانَ مُتَصَدِّيًا لِلْحَرْبِ أَمْ لَا، وَكَذَلِكَ يَبْطُلُ وَقْفُ الْكَافِرِ عَلَى مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ عَلَى رِبَاطٍ أَوْ قُرْبَةٍ مِنْ الْقُرَبِ الدِّينِيَّةِ وَلِذَلِكَ رَدَّ مَالِكٌ دِينَارَ النَّصْرَانِيَّةِ عَلَيْهَا حَيْثُ بَعَثَتْ بِهِ إلَى الْكَعْبَةِ ابْنُ عَرَفَةَ لَا يَصِحُّ الْحَبْسُ مِنْ كَافِرٍ فِي قُرْبَةٍ دِينِيَّةٍ وَلَوْ كَانَ فِي مَنْفَعَةٍ عَامَّةٍ دُنْيَوِيَّةٍ كَبِنَاءِ الْقَنَاطِرِ فَفِي رَدِّهِ نَظَرٌ وَالْأَظْهَرُ إنْ لَمْ يُحْتَجْ إلَيْهِ رُدَّ، فَقَوْلُهُ وَكَافِرٍ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مَعْمُولِ الْمَصْدَرِ الْوَاقِعِ مُضَافًا إلَيْهِ تَقْدِيرُهُ وَبَطَلَ وَقْفُهُ عَلَى مَعْصِيَةٍ أَوْ كَافِرٍ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَقْفٌ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مَعْصِيَةٍ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ هُنَا وَاقِفٌ لَا مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ.

(ص) أَوْ عَلَى بَنِيهِ دُونَ بَنَاتِهِ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَبْطُلُ الْوَقْفُ إذَا وَقَفَهُ عَلَى بَنِيهِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ فَلَوْ وَقَفَهُ عَلَى بَنَاتِهِ دُونَ بَنِيهِ يَصِحُّ فَلَوْ وَقَفَهُ عَلَى الْجَمِيعِ وَشَرَطَ أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَتْ مِنْ الْبَنَاتِ لَا حَقَّ لَهَا فِي الْوَقْفِ وَتَخْرُجُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ بَاطِلًا أَيْضًا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي بَنِيهِ وَبَنَاتِهِ لِصُلْبِهِ فَيَصِحُّ وَقْفُهُ عَلَى بَنِي بَنِيهِ دُونَ بَنَاتِ بَنِيهِ، وَأَمَّا هِبَةُ الرَّجُلِ لِبَعْضِ وَلَدِهِ مَالَهُ كُلَّهُ أَوْ جُلَّهُ فَمَكْرُوهٌ وَيُكْرَهُ أَيْضًا أَنْ يُعْطِيَ مَالَهُ كُلَّهُ لِأَوْلَادِهِ وَيَقْسِمَهُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ إنْ كَانُوا ذُكُورًا وَإِنَاثًا وَإِنْ قَسَمَهُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَمَحَلُّ بُطْلَانِ.

ــ

[حاشية العدوي]

يُجْعَلُ فِي جِهَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي وُقِفَ عَلَيْهَا تَرَدُّدٌ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَجَزَمَ بَعْضُ الشُّيُوخِ فِي هَذَا بِالصِّحَّةِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ظَاهِرٌ حَيْثُ كَانَ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ مَعْصِيَةٌ، وَأَمَّا إنْ كَانَ بَعْضُهُ مَعْصِيَةً وَبَعْضُهُ غَيْرَ مَعْصِيَةٍ وَوَقَعَ الْوَقْفُ عَلَيْهِمَا مَعًا فَظَاهِرُ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ أَوْ عَلَى نَفْسِهِ وَلَوْ بِشَرِيكٍ أَنَّهُ إذَا حِيزَ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَعْصِيَةِ صَحَّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ كَالْوَقْفِ عَلَى مَسْجِدٍ وَعَلَى الْكَنِيسَةِ فَإِنْ كَانَ كُلٌّ فِي مَرْتَبَةٍ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ فِي الْمَعْصِيَةِ وَيَصِحُّ فِي غَيْرِهَا كَالْوَقْفِ عَلَى الْكَنِيسَةِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ.

(قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي السَّمَاعِ أَنَّ وَقْفَهُمْ عَلَى كَنَائِسِهِمْ بَاطِلٌ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى عُبَّادِهَا أَوْ مُرِمَّتِهَا فَيُوَافِقُ مَا قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ وَمَا نَقَلَهُ الزَّرْقَانِيُّ عِبَارَةُ الشَّيْخِ أَحْمَدَ قَوْلُهُ عَلَى مَعْصِيَةٍ مِنْ الْمَعْصِيَةِ وَقْفُ الْكَافِرِ عَلَى عُبَّادِ الْكَنِيسَةِ أَمَّا عَلَى مُرِمَّتِهَا وَالْجَرْحَى وَالْمَرْضَى فَالْوَقْفُ صَحِيحٌ مَعْمُولٌ بِهِ إذَا أَرَادَ الْأُسْقُفُ بَيْعَهُ وَصَرْفَ ثَمَنِهِ فِي ذَلِكَ وَتُوَزَّعُ فِي ذَلِكَ وَتَرَافَعُوا إلَى الْحَاكِمِ مَعَ تَرَاضِيهِمْ بِحُكْمِنَا فَإِنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ مَعَ إمْضَاءِ الْحَبْسِ وَعَدَمِ بَيْعِهِ هَذَا حَاصِلُ مَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْهُ فِي بَابِ الظِّهَارِ قَالَهُ شَيْخُنَا اللَّقَانِيِّ فِي حَوَاشِيهِ عَلَى التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ أَنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ لَا يُنْفِذَ وَقْفَهُمْ) ظَاهِرُهُ الصِّحَّةُ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْعُبَّادِ أَوْ عَلَى مُرِمَّتِهَا هَكَذَا ذَكَرَ اللَّقَانِيِّ كَلَامَ عِيَاضٍ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْأَقْوَالَ ثَلَاثَةٌ الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا وَالصِّحَّةُ مُطْلَقًا وَالتَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْعِبَاد فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمُرِمَّةِ وَالْجَرْحَى أَوْ الْمَرْضَى فَصَحِيحٌ وَمَعْمُولٌ بِهِ وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ حَاصِلُ مَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْهُ فِي بَابِ الْجِهَادِ قَالَهُ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى التَّوْضِيحِ إلَّا أَنَّ اللَّقَانِيِّ جَعَلَهُ ضَعِيفًا ثُمَّ مَا قُلْنَاهُ فِي مَعْنَى كَلَامِ عِيَاضٍ يُنَاسِبُهُ السِّيَاقُ الْمُتَقَدِّمُ إلَّا أَنَّهُ رُبَّمَا يُقَالُ إنَّ كَلَامَ عِيَاضٍ الْمَذْكُورَ فِي وَقْفِ الْكَافِرِ عَلَى الْقُرَبِ الدِّينِيَّةِ كَوَقْفِهِ عَلَى مَسْجِدٍ مَثَلًا لَا عَلَى كَنِيسَةٍ وَنَحْوِهَا.

(قَوْلُهُ وَلَهُمْ الرُّجُوعُ فِيهِ إذَا أَسْلَمُوا) كَذَا فِي شب وَك (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى رِبَاطٍ إلَخْ) أَيْ: فَالْكَافُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِكَمَسْجِدٍ أَدْخَلَتْ مَا ذُكِرَ مِنْ الرِّبَاطِ وَغَيْرِهِ وَكَذَا يَبْطُلُ بِنَاؤُهُ مَسْجِدًا فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ بَعَثَتْ بِهِ إلَى الْكَعْبَةِ) أَيْ: لِيُصْرَفَ فِي طِيبِهَا مَثَلًا فَيَدُلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ قُرْبَةٌ دِينِيَّةٌ (قَوْلُهُ فَفِي رَدِّهِ نَظَرٌ) أَيْ: تَرَدُّدٌ إلَخْ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَقْتَضِي الصِّحَّةَ وَلِذَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَأَمَّا الْقُرَبُ الدُّنْيَوِيَّةُ كَبِنَاءِ قَنَاطِرَ وَتَسْبِيلِ مَاءٍ وَنَحْوِهِمَا فَصَحِيحٌ (قَوْلُهُ وَتُخْرَجُ مِنْهُ) أَيْ أَصْلًا وَلَوْ تَأَيَّمَتْ، وَأَمَّا لَوْ شُرِطَ أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَتْ سَقَطَ حَقُّهَا مَا دَامَتْ فِي عِصْمَةِ الزَّوْجِ وَإِنْ تَأَيَّمَتْ رَجَعَ لَهَا حَظُّهَا فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ الْوَقْفُ بَاطِلًا وَإِنَّمَا بَطَلَ الْوَقْفُ عَلَى الْبَنِينَ دُونَ الْبَنَاتِ لِقَوْلِ مَالِكٍ إنَّهُ مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ أَيْ: يُشْبِهُ عَمَلَهُمْ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ خَاصٌّ بِالْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ الْجَاهِلِيَّةَ كَانُوا إذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ وَرَّثُوا الذُّكُورَ دُونَ الْإِنَاثِ فَصَارَ فِيهِ حِرْمَانُ الْإِنَاثِ دُونَ الذُّكُورِ فَالْوَقْفُ عَلَى الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ يُشْبِهُ عَمَلَ الْجَاهِلِيَّةِ.

(قَوْلُهُ دُونَ بَنَاتِ بَنِيهِ) أَيْ: وَدُونَ بَنَاتِ بَنَاتِهِ وَكَذَا فِي بَعْضِ بَنِيهِ دُونَ بَعْضِ بَنَاتِهِ وَفِي إخْوَتِهِ دُونَ أَخَوَاتِهِ أَوْ عَلَى بَنِي شَخْصٍ دُونَ بَنَاتِ ذَلِكَ الشَّخْصِ فِيمَا يَظْهَرُ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ وَقْفَهُ عَلَى بَعْضِ بَنِيهِ دُونَ بَنَاتِهِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْوَقْفِ عَلَى جَمِيعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>