أَنَّهُ رَمَاهُ؛ لِأَنَّهُ سَمِعَ النَّاسَ يَقُولُونَ إذَا طُرِحَ عَاشَ وَنَحْوُهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ وَإِمَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِأَنَّهُ وَلَدُهُ فَيُلْحَقُ بِهِ وَمَا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ الْوَجْهَ وَالْبَيِّنَةَ عَامٌّ فِي الْمُلْتَقَطِ وَفِي غَيْرِهِ هُوَ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ، فَقَوْلُهُ وَلَمْ يُلْحَقْ أَيْ لَمْ يُلْحِقْهُ الشَّرْعُ بِمُلْتَقِطِهِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا وَلَا بِغَيْرِهِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا
وَقَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ وَجْهٍ فِيهِمَا وَلِابْنِ الْحَاجِبِ تَفْصِيلٌ غَيْرُ هَذَا، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَمَانِيَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُلْتَقِطَ إمَّا مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ وَغَيْرُ الْمُلْتَقِطِ إمَّا مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ وَفِي كُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ إمَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِوَجْهٍ فَقَوْلُهُ أَوْ بِبَيِّنَةٍ فِي الْمُلْتَقِطِ وَغَيْرِهِ مُسْلِمٌ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ كَافِرٌ، وَقَوْلُهُ أَوْ بِوَجْهٍ أَيْ فِي غَيْرِ الْمُلْتَقِطِ وَهُوَ مُسْلِمٌ وَبَقِيَّةُ الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ قِيلَ قَدْ مَرَّ أَنَّ مَجْهُولَ النَّسَبِ يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ فَكَيْفَ تَوَقَّفَ هُنَا عَلَى وَجْهٍ أَوْ بَيِّنَةٍ قُلْت تَقَدَّمَ أَنَّ شَرْطَ الِاسْتِلْحَاقِ أَنْ لَا يَكُونَ مَوْلًى وَهُنَا لَمَّا ثَبَتَ وَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ كَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ تَكْذِيبِ مَوْلَاهُ لِلْأَبِ الْمُسْتَلْحَقِ لَهُ فَتَوَقَّفَ عَلَى مَاذَا
(ص) وَلَا يَرُدُّهُ بَعْدَ أَخْذِهِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهُ لِيَرْفَعَهُ لِلْحَاكِمِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ وَالْمَوْضُوعُ مَطْرُوقٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إذَا أَخَذَ الطِّفْلَ اللَّقِيطَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى مَوْضِعِهِ وَلَا إلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ حِفْظُهُ بِمُجَرَّدِ أَخْذِهِ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ يَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَخَذَهُ لِيَرْفَعَهُ لِلْحَاكِمِ لِيَنْظُرَ فِي أَمْرِهِ فَلَمَّا رَفَعَهُ إلَيْهِ لَمْ يَقْبَلْهُ مِنْهُ وَالْحَالَةُ أَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ مَطْرُوقٌ بِأَنْ يَكُونَ مَوْضِعًا لَا يَخَافُ عَلَيْهِ فِيهِ الْهَلَاكَ لِكَثْرَةِ النَّاسِ وَيُوقِنُ أَنَّ غَيْرَهُ يَأْخُذُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى الْمَوْضِعِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَوْضِعُ مَطْرُوقًا أَوْ لَمْ يُوقِنْ أَنَّ غَيْرَهُ يَأْخُذُهُ فَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُ أَخْذِهِ اقْتَصَّ مِنْهُ وَإِنْ شَكَّ ضَمِنَ دِيَتَهُ وَانْظُرْ هَلْ دِيَةُ خَطَأٍ أَوْ عَمْدٍ وَمِثْلُ سُؤَالِ الْحَاكِمِ سُؤَالُ غَيْرِهِ هَلْ هُوَ وَلَدُهُ أَمْ لَا ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ أَخَذَهُ لِلِالْتِقَاطِ وَهَذَا لِيَرْفَعَهُ لِلْحَاكِمِ
(ص) وَقُدِّمَ الْأَسْبَقُ ثُمَّ الْأَوْلَى وَإِلَّا فَالْقُرْعَةُ (ش) يَعْنِي لَوْ رَأَى الطِّفْلَ جَمَاعَةٌ فَبَادَرَ إلَيْهِ أَحَدُهُمْ فَأَخَذَهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ إلَّا أَنْ يَخْشَى عَلَى الطِّفْلِ الضَّيَاعَ مِنْ عِنْدِهِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لِمَنْ يُشْفِقُ عَلَيْهِ فَلَوْ تَنَازَعَ اثْنَانِ عَلَى أَخْذِهِ وَتَسَاوَيَا فِي السَّبْقِيَّةِ فَإِنَّ الْأَوْلَى أَيْ الْأَقْوَى عَلَى كَفَالَتِهِ أَيْ مَنْ لَا يُخْشَى عَلَى الْوَلَدِ عِنْدَهُ ضَيْعَةٌ يُقَدَّمُ غَيْرُهُ فَإِنْ تَسَاوَيَا فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُصَارُ لِلْقُرْعَةِ، وَقَوْلُهُ (وَيَنْبَغِي الْإِشْهَادُ) أَيْ عِنْدَ الْتِقَاطِهِ أَنَّهُ الْتَقَطَهُ خَوْفَ الِاسْتِرْقَاقِ، وَأَمَّا لَوْ تَحَقَّقَ أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ الِاسْتِرْقَاقُ فَيَجِبُ الْإِشْهَادُ.
(ص) وَلَيْسَ لِمُكَاتَبٍ وَنَحْوِهِ الْتِقَاطٌ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَاتَبَ
ــ
[حاشية العدوي]
أَوْ لِعَجْزٍ عَنْ حَمْلِهِ فِي سَفَرٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَبَقِيَّةُ الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ) وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي الْمُلْتَقِطُ أَوْ غَيْرُهُ وَهُوَ كَافِرٌ فِي الْحَقِيقَةِ الصُّوَرُ سِتَّ عَشْرَةَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُسْتَلْحِقَ بِكَسْرِ الْحَاءِ إمَّا الْمُلْتَقِطُ أَوْ غَيْرُهُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَلْحَقُ مَحْكُومًا بِإِسْلَامِهِ أَمْ لَا فَهَذِهِ ثَمَانِ صُوَرٍ وَفِي كُلٍّ مِنْهَا إمَّا أَنْ يَكُونَ الِاسْتِلْحَاقُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِوَجْهٍ فَالِاسْتِلْحَاقُ بِالْبَيِّنَةِ فِي الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ مَعْمُولٌ بِهِ مُطْلَقًا
وَأَمَّا الِاسْتِلْحَاقُ بِالْوَجْهِ فَهَلْ هُوَ مَعْمُولٌ بِهِ فِي الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ كَالِاسْتِلْحَاقِ بِالْبَيِّنَةِ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّتَّائِيِّ وَالشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَوْ إنَّمَا يُعْمَلُ بِهِ فِي أَرْبَعٍ مِنْهَا فَقَطْ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْمُسْتَلْحِقُ بِالْكَسْرِ مُسْلِمًا سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْمُلْتَقِطُ أَوْ غَيْرُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَلْحَقُ مَحْكُومًا بِإِسْلَامِهِ أَوْ لَا وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ، أَوْ إنَّمَا يُعْمَلُ بِهِ فِي صُورَتَيْنِ فَقَطْ مِنْ الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْمُسْتَلْحِقُ بِالْكَسْرِ مُسْلِمًا وَكَانَ غَيْرَ الْمُلْتَقِطِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَلْحَقُ بِالْفَتْحِ مَحْكُومًا بِإِسْلَامِهِ أَوْ لَا، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ بَعْضُهُمْ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ تَقَارِيرَ. (وَأَقُولُ) إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ يُوَافِقُ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ وَعِبَارَةُ غَيْرِ وَاحِدٍ تُفِيدُ تَرْجِيحَهُ فَيُتَّبَعُ. (قَوْلُهُ: وَبَقِيَّةُ الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْبَيِّنَةِ) أَيْ لَا يَكْفِي فِيهَا الْوَجْهُ بَلْ يَرْجِعُ لِلْبَيِّنَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ فَقَوْلُهُ: لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْبَيِّنَةِ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ. (قَوْلُهُ: قُلْت إلَخْ) رَدَّهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنَّ كُلَّ مَجْهُولٍ نُسِبَ كَذَلِكَ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَقَدْ خَالَفَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَصْلَهُ فِي الِاسْتِلْحَاقِ.
. (قَوْلُهُ: وَالْمَوْضِعُ مَطْرُوقٌ) الْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ: إذَا أَخَذَ الطِّفْلَ اللَّقِيطَ) أَيْ لِلِالْتِقَاطِ أَيْ لِلْحِفْظِ أَيْ بِقَصْدِ أَنْ يَحْفَظَهُ أَيْ وَبِلَا نِيَّةِ حِفْظِهِ وَرَفَعَهُ لِلْحَاكِمِ. (قَوْلُهُ: وَيُوقِنُ إلَخْ) أَيْ يَجْزِمُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ الْإِيقَانُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَمُفَادُهُ أَنَّ الظَّنَّ وَلَوْ غَالِبًا لَا يَكْفِي وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ فَعَلَى الْمُصَنِّفِ الدَّرَكُ فِي إسْقَاطِ الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُصَنِّفُ فَهِمَ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ كَاللَّازِمِ لِقَوْلِهِ وَالْمَوْضِعُ مَطْرُوقٌ وَلَوْ بِالْمَظِنَّةِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ) أَقُولُ لَا يَتَعَيَّنُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ ضَمِيرَ وَلَا يَرُدُّهُ عَائِدٌ لِلْمُلْتَقِطِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى وَلَا يَرُدُّهُ الْمُلْتَقِطُ لِالْتِقَاطِهِ
. (قَوْلُهُ: وَقُدِّمَ الْأَسْبَقُ) أَيْ فِي وَضْعِ الْيَدِ فَإِنْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ بَعْدَ وَضْعِ يَدِ الْأَسْبَقِ نُزِعَ مِنْهُ وَدُفِعَ لِلْأَسْبَقِ فَقَوْلُهُ: قُدِّمَ أَيْ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ نَزْعِ الطِّفْلِ مِنْ يَدِ مَنْ هُوَ دُونَهُ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ الْأَوْلَى.
(تَنْبِيهٌ) مِثْلُ اللَّقِيطِ فِيمَا ذُكِرَ اللُّقَطَةُ. (قَوْلُهُ: وَتَسَاوَيَا فِي السَّبْقِيَّةِ) الْمُنَاسِبُ وَتَسَاوَيَا فِي وَضْعِ الْيَدِ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ يَقْتَضِي تَقْدِيمَ الْأَكْفَإِ ثُمَّ الْأَسْبَقِ؛ وَلِذَا قَالَ اللَّقَانِيِّ وَقُدِّمَ الْأَسْبَقُ أَيْ إذَا كَانَ أَكْفَأَ فَلَوْ قَالَ وَقُدِّمَ الْأَكْفَأُ كَانَ أَوْلَى.
(قَوْلُهُ: خَوْفَ الِاسْتِرْقَاقِ) أَيْ خَوْفًا مِنْ نَفْسِهِ أَنْ يَدَّعِيَ هُوَ أَوْ وَارِثُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ اسْتِرْقَاقَهُ لِطُولِ الزَّمَنِ عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ) أَيْ قَوْلِ الظَّنِّ. (أَقُولُ) مَفْهُومُهُ أَنَّ أَصْلَ الظَّنِّ لَا يُعْطَى حُكْمَهُ وَأَنَّهُ كَالشَّكِّ. (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ الْإِشْهَادُ) وَلِذَلِكَ قَالَ يَجِبُ لَقْطُ الطِّفْلِ وَلَوْ عَلِمَ خِيَانَةَ نَفْسِهِ لِوُجُوبِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، وَاللُّقَطَةُ كَذَلِكَ أَيْ إذَا الْتَقَطَهَا وَعَلِمَ خِيَانَةَ نَفْسِهِ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ خِيَانَةَ نَفْسِهِ.