للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَنَحْوَهُ مِمَّنْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ، وَالْقِنُّ مِنْ بَابِ أَحْرَى لَيْسَ لَهُ أَنْ يَلْتَقِطَ طِفْلًا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَإِنَّمَا احْتَاجَ الْمُكَاتَبُ لِإِذْنِ سَيِّدِهِ مَعَ أَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَدَّى إلَى عَجْزِهِ لِاشْتِغَالِهِ بِتَرْبِيَتِهِ وَأَيْضًا يَحْتَاجُ إلَى حَضَانَةٍ وَهُوَ تَبَرُّعٌ وَالْمُكَاتَبُ لَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ فَقَوْلُهُ الْتِقَاطٌ أَيْ أَخْذُ لَقِيطٍ، وَأَمَّا الِالْتِقَاطُ أَيْ أَخْذُ اللُّقَطَةِ أَيْ الْمَالِ فَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَذُو الرِّقِّ كَذَلِكَ فَلَهُ أَخْذُهَا وَتَعْرِيفُهَا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَيُؤْخَذُ الْفَرْقُ مِمَّا مَرَّ فِي التَّقْرِيرِ.

(ص) وَنَزْعُ مَحْكُومٍ بِإِسْلَامِهِ مِنْ غَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ اللَّقِيطَ الْمَحْكُومَ بِإِسْلَامِهِ بِأَنْ وُجِدَ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ عَلَى مَا مَرَّ يُنْزَعُ مِنْ مُلْتَقِطِهِ الْغَيْرِ الْمُسْلِمِ وَيُقَرُّ تَحْتَ يَدِ الْمُسْلِمِينَ فَقَوْلُهُ بِإِسْلَامِهِ أَيْ اللَّقِيطِ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا كَأَنْ لَمْ يُطَّلَعْ عَلَيْهِ حَتَّى كَبِرَ لَكِنْ إنْ كَانَ صَغِيرًا يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ إنْ لَمْ يُطَّلَعْ عَلَيْهِ حَتَّى كَبِرَ فَيُؤْمَرُ بِالْإِسْلَامِ فَإِنْ أَسْلَمَ فَوَاضِحٌ وَإِنْ أَبَى أُجْرِيَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ، وَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِهِ أَيْ غَيْرِ الْمُسْلِمِ أَيْ مِنْ الْكَافِرِ أَيْ مِنْ غَيْرِ مُلْتَقِطِهِ الْمُسْلِمِ أَيْ مِنْ مُلْتَقِطِهِ الْكَافِرِ لَا مِنْ غَيْرِ الطِّفْلِ

(ص) وَنُدِبَ أَخْذُ آبِقٍ لِمَنْ يَعْرِفُ وَإِلَّا فَلَا يَأْخُذُهُ فَإِنْ أَخَذَهُ رُفِعَ لِلْإِمَامِ وَوُقِفَ سَنَةً ثُمَّ بِيعَ وَلَا يُهْمَلُ أَوْ أُخِذَ نَفَقَتُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الْآبِقَ إذَا وَجَدَهُ شَخْصٌ وَعَرَفَ رَبَّهُ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ لِيَدْفَعَهُ لِرَبِّهِ حِفْظًا لِلْأَمْوَالِ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ رَبَّهُ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ فَإِنْ أَخَذَهُ وَهُوَ لَا يَعْرِفُ رَبَّهُ فَلَهُ أَنْ يَرْفَعَهُ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: وَالْقِنُّ مِنْ بَابِ أَحْرَى) أَيْ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي نَحْوِهِ مَا يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالنَّحْوِ الْقِنُّ وَإِنَّمَا كَانَ الْقِنُّ نَحْوَ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ. (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ) أَيْ وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ فَإِنَّ السَّيِّدَ يُخَيَّرُ فِي إبْقَائِهِ وَيَلْزَمُهُ حَضَانَتُهُ وَنَفَقَتُهُ؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ مُلْتَقَطٌ فِي الْأَصْلِ وَبَيْنَ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى مَوْضِعِهِ لَكِنْ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الْمَوْضِعُ مَطْرُوقًا وَأَنْ يُوقِنَ أَنَّ غَيْرَهُ يَأْخُذُهُ وَإِلَّا اُقْتُصَّ مِنْهُ إنْ تَحَقَّقَ عَدَمَ أَخْذِ الْغَيْرِ لَهُ وَإِنْ شَكَّ فَالدِّيَةُ، وَهَلْ دِيَةُ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ وَمَفْهُومُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِإِذْنِهِ جَازَ وَيَلْزَمُ السَّيِّدَ حَضَانَتُهُ وَنَفَقَتُهُ؛ لِأَنَّهُ بِإِذْنِهِ كَأَنَّهُ هُوَ الْمُلْتَقِطُ لَهُ وَاسْتَظْهَرُوا أَنَّ الزَّوْجَةَ أَوْلَى مِنْ الْمُكَاتَبِ فِي الْمَنْعِ مِنْ الْتِقَاطِهَا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَكَذَلِكَ مَنْ لَقَطَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُكَاتَبِ ظَاهِرٌ إذْ هِيَ لَا تَخْرُجُ لِلتَّعْرِيفِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَدَّى إلَى عَجْزِهِ) هَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ مَعَ الْإِذْنِ. (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ الْفَرْقُ إلَخْ) هُوَ أَنَّ اللُّقَطَةَ الْوَاجِبُ فِيهَا التَّعْرِيفُ وَذَلِكَ لَا يَشْغَلُ عَنْ خِدْمَةِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ فِي حَالِ تَصَرُّفِهِ لِسَيِّدِهِ، وَأَمَّا حَضَانَةُ اللَّقِيطِ فَتَشْغَلُهُ عَنْ مَصَالِحِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ لَا تَتَيَسَّرُ لَهُ حَالَةَ اشْتِغَالِهِ بِمَصَالِحِ سَيِّدِهِ

. (قَوْلُهُ: وَنُزِعَ مَحْكُومٌ إلَخْ) أَيْ خَشْيَةَ أَنْ يُرَبِّيَهُ عَلَى دِينِهِ أَوْ يَطُولَ الْأَمَدُ فَيَسْتَرِقَّهُ. (قَوْلُهُ: أُجْرِيَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ) أَيْ فَيُسْتَتَابُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ أَسْلَمَ فِيهَا فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ قُتِلَ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ الْمُسْلِمِ أَيْ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ؛ لِأَنَّ الْمُتَقَدِّمَ اللَّقِيطُ وَهَذَا الْمُلْتَقِطُ أَوْ نَقُولُ مِنْ غَيْرِهِ أَيْ الْمُسْلِمِ الْمُلْتَقَطِ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْمَقَامِ وَغَيْرِهِ هُوَ الْمُلْتَقِطُ الْكَافِرُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمَعْنَى وَنُزِعَ اللَّقِيطُ الْمَحْكُومُ بِإِسْلَامِهِ مِمَّنْ غَايَرَ ذَاتَهُ وَظَاهِرَهُ وَلَوْ مُسْلِمًا وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ، وَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ وَحَاصِلُ الْأَوَّلِ أَنَّك تَقُولُ إنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمَحْكُومَ بِإِسْلَامِهِ يُوصَفُ بِكَوْنِهِ مُسْلِمًا وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِهِ يَعُودُ عَلَى الْمُسْلِمِ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ وَهُوَ اللَّقِيطُ بَلْ مُسْلِمًا بِمَعْنَى غَيْرِهِ وَهُوَ الْمُلْتَقِطُ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَنُزِعَ مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِ مِنْ الْمُلْتَقِطِ الْكَافِرِ لَا مِنْ الْمُلْتَقِطِ الْمُسْلِمِ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ الثَّانِي أَنَّك تَقُولُ إنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الْمُسْلِمِ الْمُلْتَقِطِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَقَامِ وَغَيْرِهِ هُوَ الْمُلْتَقِطُ الْكَافِرُ وَيَصِحُّ رُجُوعُ الضَّمِيرِ إلَى اللَّقِيطِ الْمَحْكُومِ بِإِسْلَامِهِ لَكِنْ يُلَاحَظُ الْغَيْرِيَّةُ بِاعْتِبَارِ وَصْفِ الْكُفْرِ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَنُزِعَ الطِّفْلُ الْمَحْكُومُ بِإِسْلَامِهِ مِنْ الَّذِي غَايَرَ ذَاتَهُ بِوَصْفِ الْكُفْرِ أَيْ وَنُزِعَ الطِّفْلُ الْمَحْكُومُ بِإِسْلَامِهِ مِنْ الْكَافِرِ وَلَا يَكُونُ إلَّا لِلْمُلْتَقِطِ

. (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ أَخْذُ آبِقٍ) اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ نَدْبِهِ حَيْثُ لَمْ يَخَفْ الْخَائِنَ وَلَمْ يَعْلَمْ خِيَانَةَ نَفْسِهِ، فَإِنْ خَافَ الْخَائِنَ وَعَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ وَجَبَ أَخْذُهُ فَإِنْ شَكَّ فِي أَمَانَةِ نَفْسِهِ فَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ الْأَخْذُ وَإِنْ عَلِمَ خِيَانَةَ نَفْسِهِ حَرُمَ أَخْذُهُ فَمَحَلُّ النَّدْبِ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ مُوجِبُ التَّحْرِيمِ وَمُوجِبُ الْوَاجِبِ أَوْ الْكَرَاهَةِ هَكَذَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ النَّدْبَ حَيْثُ عَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ وَلَمْ يَخَفْ الْخَائِنَ كَذَا فِي شَرْحِ شب. (قَوْلُهُ: فَلَا يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ) أَيْ بَلْ يُكْرَهُ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَرْفَعَهُ) أَيْ وَلَهُ أَنْ يَمْسِكَهُ وَحِينَئِذٍ فَالرَّفْعِ مُخَيَّرٌ فِيهِ وَلَيْسَ مَطْلُوبًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ أَيْ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، لَكِنْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّفْعُ لِلْإِمَامِ أَوْ لَا وَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ اهـ.، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا حَلَّ بِهِ شَارِحُنَا مِنْ التَّخْيِيرِ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: فِيمَا سَيَأْتِي فِي حِلِّ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلْيُرْفَعْ لِلْإِمَامِ مِنْ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ بِالرَّفْعِ وَالْجَوَابُ أَنَّ كُلًّا عَلَى قَوْلٍ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ قَوْلَيْنِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَمْشِيَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ هُنَا مِنْ أَنَّهُ مَطْلُوبٌ فَيُوَافِقُ الْآتِي وَيَكُونُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَهُ وَيُوَافِقُهُ مَا لِلرَّجْرَاجِيِّ فَإِنَّهُ يَقُولُ إنْ كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الرَّفْعِ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ جَائِزًا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَرْفَعَهُ إلَيْهِ وَيُعَرِّفَهُ سَنَةً وَيُنْفِقَ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ حُكْمُهُ فِي النَّفَقَةِ عَلَى السُّلْطَانِ

وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَعْنَى كَلَامِ شَارِحِنَا أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي الرَّفْعِ إنْ شَاءَ رَفَعَ وَإِنْ شَاءَ فَعَلَ مَا يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ مِنْ النَّفَقَةِ وَالرُّجُوعِ بِهَا لَكِنْ الْإِمَامُ يَضَعُ الثَّمَنَ فِيمَا إذَا بَاعَهُ بَعْدَ السَّنَةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَفِيمَا إذَا بَاعَهُ الْآخِذُ لَا يَتَصَدَّقُ بِهِ وَلَيْسَ هُوَ كَاللُّقَطَةِ فِي أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ التَّمَلُّكِ أَوْ التَّصَدُّقِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ، وَالْفَرْقُ أَنَّ اللُّقَطَةَ بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ قَدْ بَذَلَ جُهْدَهُ لِكَوْنِهِ عَرَّفَهَا فِي مَوْضِعٍ يَتَفَقَّدُهَا فِيهِ صَاحِبُهَا، وَأَمَّا الْآبِقُ لَا يَدْرِي صَاحِبُهُ أَيْنَ هُوَ فَيَتَفَقَّدُهُ؛ لِأَنَّ الْآبِقَ لَا يَسْتَقِرُّ بِمَوْضِعٍ فَلَمْ تَأْتِ السَّنَةُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَا أَتَى عَلَيْهِ اللُّقَطَةُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ هَذَا مَا أَفَادَهُ فِي ك

<<  <  ج: ص:  >  >>