للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِلْإِمَامِ وَلَوْ جَاءَ مَنْ يَدَّعِيهِ فَإِذَا رَفَعَهُ فَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُوقِفَهُ عِنْدَهُ سَنَةً وَيُنْفِقَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَرْسَلَهُ فِيمَا ضَمِنَ ثُمَّ بَعْدَهَا يَبِيعُهُ وَلَا يُطْلِقُهُ كَضَالَّةِ الْإِبِلِ لِئَلَّا يَأْبَقَ هَذَا مَعْنَى وَلَا يُهْمَلُ، وَيَحْتَمِلُ وَلَا يُهْمَلُ بَعْدَ بَيْعِهِ بَلْ يَكْتُبُ الْحَاكِمُ اسْمَهُ وَحِلْيَتَهُ وَبَلَدَهُ وَرَبَّهُ وَيُشْهِدَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَيَجْعَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَإِذَا جَاءَ مَنْ يَطْلُبُهُ قَابَلَ مَا عِنْدَهُ فَإِنْ وَافَقَ دَفَعَ لَهُ الثَّمَنَ بَعْدَ أَخْذِهِ النَّفَقَةَ مِنْهُ فَقَوْلُهُ لِمَنْ يَعْرِفُ مُتَعَلِّقٌ بِنُدِبَ وَيَعْرِفُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ مُضَارِعُ عَرَفَ مِنْ الْمَعْرِفَةِ يَتَعَدَّى لِمَفْعُولٍ وَاحِدٍ وَهُوَ هُنَا مَحْذُوفٌ أَيْ لِمَنْ يَعْرِفُ مَالِكَهُ؛ لِأَنَّهُ يُخْبِرُهُ مِنْ غَيْرِ إنْشَادٍ وَتَعْرِيفٍ إذْ الْإِنْشَادُ يُخْشَى مِنْهُ أَنْ يَصِلَ إلَى عِلْمِ السُّلْطَانِ فَيَأْخُذَهُ، وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ الصَّرِيحِ بِالنَّهْيِ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ لَا يُفِيدُ إلَّا عَدَمَ النَّدْبِ أَخَذَهُ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْكَرَاهَةِ وَلِيُفَرِّعَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ فَإِنْ أَخَذَهُ إلَخْ الْمُؤَكِّدَ لِلنَّهْيِ تَأَمَّلْ وَالْآبِقُ هُوَ مَنْ ذَهَبَ فِي اسْتِتَارٍ بِلَا سَبَبٍ وَإِلَّا فَهُوَ هَارِبٌ.

(ص) وَمَضَى بَيْعُهُ وَإِنْ قَالَ رَبُّهُ كُنْت أَعْتَقْته (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ إذَا بَاعَ الْعَبْدَ الْآبِقَ بَعْدَ السَّنَةِ ثُمَّ جَاءَ رَبُّهُ وَقَالَ كُنْت أَعْتَقْته قَبْلَ أَنْ يَأْبِقَ أَوْ بَعْدَ أَنْ أَبَقَ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ السُّلْطَانَ بَاعَهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ وَهُوَ يُتَّهَمُ عَلَى نَقْضِ الْبَيْعِ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تَقُومَ لَهُ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ فَيَعْمَلَ بِمُقْتَضَاهَا وَكَذَلِكَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ السَّيِّدِ أَنَا كُنْت اسْتَوْلَدْتهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ وَلَدُهَا قَائِمًا فَتُرَدُّ إلَيْهِ إذَا كَانَ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ فِيهَا بِمَحَبَّةٍ وَنَحْوِهَا، وَقَوْلُهُ وَمَضَى أَيْ وَيَجُوزُ ابْتِدَاءً (ص) وَلَهُ عِتْقُهُ وَهِبَتُهُ لِغَيْرِ ثَوَابٍ وَتُقَامُ عَلَيْهِ الْحُدُودُ (ش) يَعْنِي أَنَّ رَبَّ الْآبِقِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْتِقَهُ فِي حَالِ إبَاقِهِ وَيَهَبَهُ هِبَةً لِغَيْرِ ثَوَابٍ، وَأَمَّا لِلثَّوَابِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ وَالْآبِقُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلِسَيِّدِهِ أَنْ يُدَبِّرَهُ وَأَنْ يُوصِيَ بِهِ وَأَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى الْغَيْرِ، وَإِذَا فَعَلَ الْآبِقُ فِعْلًا فِي حَالِ إبَاقِهِ يُوجِبُ الْحَدَّ فَإِنَّهُ يُقَامُ عَلَيْهِ وَلَوْ رَجْمًا كَمَا لَوْ لَاطَ كَانَ فَاعِلًا أَوْ مَفْعُولًا فَقَوْلُهُ وَيُقَامُ أَيْ وُجُوبًا عَلَيْهِ الْحَدُّ وَإِنَّمَا نَصَّ الْمُؤَلِّفُ عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي يَدِ مَنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ نَفَقَةً فَيُخْشَى عَلَيْهِ الْمَوْتُ مِنْ الْحَدِّ فَتَضِيعُ نَفَقَتُهُ.

(ص) وَضَمِنَهُ إنْ أَرْسَلَهُ إلَّا لِخَوْفٍ مِنْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الْآبِقَ إذَا أَرْسَلَهُ الَّذِي أَخَذَهُ فَهَلَكَ ثُمَّ جَاءَ رَبُّهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لَهُ وَلَوْ كَانَ أَرْسَلَهُ لِشِدَّةِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَرْسَلَهُ لِخَوْفٍ مِنْهُ أَنْ يُؤْذِيَهُ أَوْ يَقْتُلَهُ فَلَا يَضْمَنُهُ لِرَبِّهِ إذَا هَلَكَ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ إنَّهُ خَافَ مِنْهُ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَدَمَ الضَّمَانِ حَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ رَفْعُهُ لِلْإِمَامِ وَإِلَّا فَلْيَرْفَعْهُ وَلَا يُرْسِلْهُ وَإِلَّا ضَمِنَ (ص) كَمَنْ اسْتَأْجَرَهُ فِيمَا يَعْطَبُ فِيهِ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الضَّمَانِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا فِيمَا يَعْطَبُ فِي مِثْلِهِ فَعَطِبَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَسَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهُ آبِقٌ أَمْ لَا، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْطَبْ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: أَنْ يُوقِفَهُ عِنْدَهُ سَنَةً) أَيْ وَيَضَعَهُ فِي مَوْضِعٍ يَحْفَظُهُ مِنْ الْهُرُوبِ وَلَا يَلْزَمُ وَضْعُهُ فِي السِّجْنِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْحَطَّابِ أَيْ مَحَلِّهِ مَا لَمْ يَخْشَ عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ فِي هَذَا الْأَمَدِ فَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ بِيعَ قَبْلَ السَّنَةِ. (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ إلَخْ) الِاحْتِمَالَانِ مَنْقُولَانِ إلَّا أَنَّ الثَّانِيَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: بِيعَ. (قَوْلُهُ: فِي بَيْتِ الْمَالِ) إنَّمَا كَانَ فِي بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَضَعُ أَمَانَةً تَحْتَ يَدِهِ لَا يَعْلَمُ رَبَّهَا لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ فَتَصِيرُ مَالًا مِنْ أَمْوَالِهِ فَتَضِيعُ عَلَى رَبِّهَا وَبَيْتُ الْمَالِ أَمِينٌ لِلْمُسْلِمِينَ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ أَخْذِهِ النَّفَقَةَ مِنْهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ النَّفَقَةَ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَأْتِيَ رَبُّهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إذَا بَاعَهُ الْإِمَامُ يَأْخُذُ نَفَقَتَهُ مِنْ ثَمَنِهِ عَاجِلًا وَلَا يَلْزَمُهُ الصَّبْرُ بِهَا إلَى قُدُومِ رَبِّهِ وَحَبْسِ نَفَقَتِهِ لِرَبِّهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَأُجْرَةُ الدَّلَّالِ كَالنَّفَقَةِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ الْجَزِيرِيِّ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْكَرَاهَةِ) أَيْ وَخِلَافُ الْأَوْلَى، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ أَفَادَ الْكَرَاهَةَ بِالتَّصْرِيحِ بِالنَّهْيِ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَرَاتِبِ الْكَرَاهَةِ.

(قَوْلُهُ: الْمُؤَكِّدُ لِلنَّهْيِ) وَجْهُ كَوْنِهِ مُؤَكِّدًا لِلنَّهْيِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى فَإِنْ تَعَدَّى وَأَخَذَهُ وَالتَّعَدِّي يُشْعِرُ بِأَنَّ ذَلِكَ النَّهْيَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَقَوْلُهُ: تَأَمَّلْ أَيْ تَأَمَّلْ وَجْهَ ذَلِكَ وَقَدْ أَفَدْنَاك وَجْهَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُوَ هَارِبٌ) هَذَا الْفَرْقُ نَسَبَهُ غَيْرُهُ لِابْنِ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيِّ. (أَقُولُ) وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُرَادٍ بَلْ الْمُرَادُ هُنَا مَا هُوَ أَعَمُّ، وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ أَيْ الْآبِقُ حَيَوَانٌ نَاطِقٌ وُجِدَ بِغَيْرِ حِرْزٍ مُحْتَرَمٍ قَالَ شَارِحُهُ وَتَأَمَّلْ حَدَّهُ لِلْآبِقِ فَإِنَّهُ صَادِقٌ عَلَى اللَّقِيطِ فَهُوَ غَيْرُ مَانِعٍ اهـ. قَالَ عج قُلْت فَلَوْ زَادَ فِي الْحَدِّ رَقِيقٌ غَيْرُ صَغِيرٍ لَسَلِمَ مِنْ هَذَا؛ إذْ الصَّغِيرُ الرَّقِيقُ لُقَطَةٌ لَا آبِقٌ وَلَا لَقِيطٌ وَالْحَرُّ وَلَوْ صَغِيرًا لَيْسَ بِلُقَطَةٍ وَلَا آبِقٍ اهـ.

. (قَوْلُهُ: فَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهَا إلَخْ) وَلَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ نَفَقَتُهُ وَلَا يُتْبَعُ بِهَا الْعَبْدُ فِي ذِمَّتِهِ بَلْ تَضِيعُ عَلَى مَنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ وَلَدُهَا قَائِمًا) فِي شَرْحِ شب وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَكَذَلِكَ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْحَطَّابِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهَا بِمَحَبَّةٍ إلَخْ) أَيْ لَا يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ كُنْت أَوْلَدْتهَا إلَّا أَنْ يَحْضُرَهُ وَيَقُولَ هُوَ وَلَدُهَا فَتُرَدُّ إلَيْهِ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهَا بِمَحَبَّةٍ فَإِنْ اُتُّهِمَ فِيهَا بِمَحَبَّةٍ وَنَحْوِهَا فَلَا تُرَدُّ إلَيْهِ وَلَا يُرَدُّ ثَمَنُهَا وَقَوْلُهُ: وَنَحْوُهَا كَنَبَاهَةٍ وَحِذْقٍ أَيْ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ مُجَرَّدُ دَعْوَى مِنْهُ أَنَّ هَذَا وَلَدُهَا وَأَمَّا لَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تُرَدُّ وَلَوْ اُتُّهِمَ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ لَاطَ) أَيْ انْتَسَبَ لِلِّوَاطِ فَظَهَرَ قَوْلُهُ: فَاعِلًا أَوْ مَفْعُولًا. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا نَصَّ الْمُؤَلِّفُ عَلَى ذَلِكَ لِكَذَا) أَيْ لَا لِرَدِّ قَوْلٍ مُخَالِفٍ

. (قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ: إلَخْ) فِي شَرْحِ شب وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ حَيْثُ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ بِتَصْدِيقِ أَحَدِهِمَا عُمِلَ بِهَا وَإِلَّا فَالْأَصْلُ أَنَّهُ أَرْسَلَهُ لِخَوْفٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَدَاءِ اهـ.، وَلَا يَخْفَى مُخَالَفَتُهُ لِمَا قَالَهُ شَارِحُنَا؛ لِأَنَّ كَلَامَ شَارِحِنَا يَقْتَضِي أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ لَا يُصَدَّقُ وَكَلَامُ شب يُفِيدُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ وَالظَّاهِرُ مَا عَلَيْهِ شب. (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَدَمَ إلَخْ) وَانْظُرْ إذَا خَافَ مِنْهُ وَلَكِنْ يُمْكِنُ التَّحَفُّظُ مِنْهُ فَهَلْ يُرْسِلُهُ وَلَا نُكَلِّفُهُ الْحِيلَةَ فِي التَّحَفُّظِ مِنْهُ أَوْ لَا يُرْسِلُهُ، وَالظَّاهِرُ ارْتِكَابُ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ وَفِي الْحَطَّابِ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا) أَيْ عَبْدًا آبِقًا. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ) أَيْ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الِاسْتِئْجَارِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْطَبْ) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>