فَالْأُجْرَةُ لِرَبِّهِ فِيمَا لَهُ بَالٌ؛ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةُ عَبْدِهِ قَوْلُهُ اسْتَأْجَرَهُ أَيْ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ وَغَيْرُهُ مُتَسَبِّبٌ وَالْمُبَاشِرُ مُقَدَّمٌ
(ص) لَا إنْ أَبَقَ مِنْهُ وَإِنْ مُرْتَهِنًا وَحَلَفَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَخَذَ عَبْدًا آبِقًا فَادَّعَى أَنَّهُ آبِقٌ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ أَنَّهُ مَاتَ أَوْ تَلِفَ مَثَلًا فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَكَذَلِكَ مَنْ أَخَذَ عَبْدًا رَهْنًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ أَبَقَ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ أَنَّهُ مَاتَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينٍ عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ يَرْجِعُ لِمَنْ أَخَذَ الْعَبْدَ مِنْ الْإِبَاقِ فَقَوْلُهُ وَإِنْ مُرْتَهِنًا أَيْ وَإِنْ كَانَ الْآخِذُ لِلْعَبْدِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مِنْ الْإِبَاقِ مُرْتَهِنًا بِكَسْرِ الْهَاءِ وَيَصِحُّ الْفَتْحُ أَيْ، وَإِنْ كَانَ الْآبِقُ عَبْدًا مُرْتَهِنًا وَفِيهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ اسْتِخْدَامٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ كَانَ فِي آخِذِ الْآبِقِ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَبَقَ مِنْهُ فَخَرَجَ مِنْهُ لِآخِذِ الْعَبْدِ رَهْنًا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَبَقَ مِنْهُ فَإِنْ وَجَدَهُ سَيِّدُهُ وَقَامَتْ الْغُرَمَاءُ عَلَيْهِ فَالْمُرْتَهِنُ أَوْلَى بِهِ إنْ كَانَ قَدْ حَازَهُ قَبْلَ الْإِبَاقِ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ بِيَدِ الرَّاهِنِ فَتَرَكَهُ حَتَّى فَلِسَ فَهُوَ أُسْوَةٌ بِالْغُرَمَاءِ فَقَوْلُهُ لَا إنْ أَبَقَ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى إنْ أَرْسَلَهُ فَقَوْلُهُ وَحَلَفَ خَاصٌّ بِمَسْأَلَةِ الرَّهْنِ فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُلْتَقِطِ، إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَمِينٌ أَمَّا الْمُلْتَقِطُ فَلَا كَلَامَ فِي أَمَانَتِهِ، وَأَمَّا الْمُرْتَهِنُ فَإِنَّهُ أَيْضًا أَمِينٌ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَمَسْأَلَتُنَا مِنْهُ بَلْ يَنْبَغِي أَمَّا الْمُسَاوَاةُ بَيْنَهُمَا أَوْ الْعَكْسُ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ وَثِيقَةٌ بِحَقِّهِ فَلَا يُتَّهَمُ فِي ضَيَاعِهِ قُلْت وَغَايَةُ مَا فَرَّقَ بِهِ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ ضَامِنٌ فِي الْجُمْلَةِ وَأَيْضًا نَفَقَةُ الْمُلْتَقِطِ أَيْ وَاجِدُ الْآبِقِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ فَإِنَّ نَفَقَتَهُ فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ أَيْ فَلَا تُهْمَةَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُلْتَقِطِ بِخِلَافِ الْمُرْتَهِنِ.
(ص) وَاسْتَحَقَّهُ سَيِّدُهُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ الْتَقَطَ عَبْدًا آبِقًا لَمْ يَعْرِفْ سَيِّدَهُ فَادَّعَاهُ شَخْصٌ بِأَنَّهُ لَهُ وَأَقَامَ شَاهِدًا فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ مِلْكًا بَعْدَ الْيَمِينِ مِنْ غَيْرِ اسْتِينَاءٍ فَلَوْ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ أَخَذَهُ بِلَا يَمِينٍ (ص) وَأَخَذَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا دَعْوَاهُ إنْ صَدَّقَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى أَنَّ هَذَا الْآبِقَ مِلْكُهُ وَصَدَّقَهُ الْعَبْدُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِاعْتِرَافَ حُجَّةٌ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يَتَلَوَّمَ الْحَاكِمُ فِي أَمْرِهِ وَيُضَمِّنَهُ إيَّاهُ إنْ جَاءَ غَيْرُهُ بِأَثْبَتَ مِمَّا جَاءَ بِهِ قَوْلُهُ وَأَخَذَهُ أَيْ حَوْزًا بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ لَا مِلْكًا، وَلِهَذَا غَايَرَ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ حَيْثُ عَبَّرَ فِي الْأُولَى بِاسْتَحَقَّ الْمُقْتَضِي لِلْمِلْكِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِأَخْذِ الْمُشْعِرِ بِالْحَوْزِ وَذَلِكَ بَعْدَ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ.
(ص) وَلْيُرْفَعْ لِلْإِمَامِ إنْ لَمْ يُعْرَفْ مُسْتَحِقُّهُ (ش) مُسْتَحِقُّ بِكَسْرِ الْحَاءِ ثُمَّ إنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ مَنْ أَخَذَ آبِقًا لَا يُعْرَفُ رَبُّهُ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ لَمْ يَعْرِفْهُ فَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّهُ هُوَ فَإِنَّهُ لَا يَدْفَعُهُ إلَّا بَعْدَ الرَّفْعِ لِلْإِمَامِ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ هَذَا تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا فَإِنْ أَخَذَهُ رُفِعَ لِلْإِمَامِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا اقْتَحَمَ النَّهْيَ أَوَّلًا وَثَانِيًا، أَمَّا أَوَّلًا فَحَيْثُ الْتَقَطَ آبِقًا لَا يَعْرِفُ مَالِكَهُ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَحَيْثُ أَبْقَاهُ بِيَدِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حَالَ الِالْتِقَاطِ عَرَفَ مَالِكَهُ ثُمَّ مَاتَ فَأَتَى رَجُلٌ لِوَارِثِهِ فَلَمْ يَعْرِفْهُ أَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ
ــ
[حاشية العدوي]
اسْتَأْجَرَ عَبْدًا آبِقًا وَلَمْ يَعْطَبْ ذَلِكَ الْآبِقُ فَالْأُجْرَةُ فَقَطْ لِرَبِّهِ فِيمَا لَهُ بَالٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ صَادِقٌ بِمَا إذَا عَطِبَ أَوَّلًا فَيَكُونُ ضَامِنًا لَكِنْ يَضْمَنُ عِنْدَ عَدَمِ السَّلَامَةِ قِيمَةَ الذَّاتِ وَيَضْمَنُ فِيمَا إذَا سَلَّمَ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ شَامِلٌ لِضَمَانِ الذَّاتِ وَضَمَانِ الْمَنْفَعَةِ فَتَدَبَّرْ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ أَوْ غَيْرِهِ
. (قَوْلُهُ: لَا إنْ أَبَقَ إلَخْ) بِفَتْحِ الْبَاءِ فِي الْمَاضِي وَفِي مُضَارِعِهِ الْكَسْرُ وَالضَّمُّ وَالْفَتْحُ أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أَرْسَلَهُ فِي حَاجَةٍ أَوْ أَرْسَلَهُ فِي حَاجَةٍ لَا يَأْبِقُ فِي مِثْلِهَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكَلَامَ كَانَ فِي أَخْذِ الْآبِقِ) هَذَا يُنَاسِبُ الْأَوَّلَ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: فَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ يَرْجِعُ لِمَنْ أَخَذَ الْعَبْدَ مِنْ الْإِبَاقِ فَقَطْ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مِنْهُ أَيْ مِمَّنْ هُوَ فِي يَدِهِ وَإِنْ كَانَ الَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ مُرْتَهِنًا فَلَا اسْتِخْدَامَ. (قَوْلُهُ: فَالْمُرْتَهِنُ أَوْلَى إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الرَّهْنِ أَنَّهُ إذَا رَهَنَهُ حَالَ إبَاقِهِ ثُمَّ قَبَضَهُ ثُمَّ هَرَبَ فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ إلَّا بَعْدَ الْحَوْزِ ثَانِيًا قَبْلَ الْمَانِعِ أَنَّ مَا هُنَا قَدْ رَهَنَهُ قَبْلَ إبَاقِهِ. (قَوْلُهُ: إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَمِينٌ) أَيْ وَقَدْ حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ وَلَمْ يَحْلِفْ مَنْ كَانَ الْآبِقُ تَحْتَ يَدِهِ. (قَوْلُهُ: ضَامِنٌ فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ عَلَى تَقْدِيرِ إذَا كَانَ الرَّهْنُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَيْ وَاجِدُ الْآبِقِ) أَتَى بِذَلِكَ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمُلْتَقِطُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي هُوَ وَاجِدُ اللُّقَطَةِ بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ الْعَبْدُ الْآبِقُ
(قَوْلُهُ: وَصَدَّقَهُ الْعَبْدُ عَلَى ذَلِكَ) وَصَفَهُ أَمْ لَا أَقَرَّ الْعَبْدُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ أَمْ لَا إذْ لَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ ثَانِيًا لِغَيْرِ مَنْ صَدَّقَهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَذَلِكَ بَعْدَ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ وَمَفْهُومُ صَدَّقَهُ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ إنْ وَصَفَهُ الْمُدَّعِي أَخَذَهُ أَيْضًا حَوْزًا حَيْثُ لَمْ يُقِرَّ الْعَبْدُ لِغَيْرِهِ أَوْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ وَكَذَّبَهُ ذَلِكَ الْغَيْرُ فَإِنْ صَدَّقَهُ نُزِعَ مِنْ الْأَوَّلِ وَكَانَ لِمَنْ صَدَّقَهُ الْعَبْدُ وَإِنْ لَمْ يَصِفْهُ وَقُلْنَا إنْ وَصَفَهُ الْمُدَّعِي أَخَذَهُ أَيْضًا حَوْزًا لَمْ يُقِرَّ الْعَبْدُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَصِفْهُ الْمُدَّعِي فِي الْمَوْضِعِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ أَنَّهُ كَذَّبَهُ الْعَبْدُ بَعْدُ أَوْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ وَكَذَّبَهُ ذَلِكَ الْغَيْرُ فَلَا يَأْخُذُهُ بِدَعْوَاهُ الْمَذْكُورَةِ.
(قَوْلُهُ: وَأَخَذَهُ أَيْ حَوْزًا) أَيْ وَيَضْمَنُهُ فِي حَالَةِ حَوْزِهِ قَالَهُ عج ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَانْظُرْ مَا وَجْهُ ضَمَانِهِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ) هَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ حَصْرَ دَعْوَاهُ إلَّا بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ وَقَوْلُهُ: بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ أَيْ وَالْيَمِينِ. (قَوْلُهُ: وَفِي الثَّانِيَةِ يَأْخُذُ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ وَلَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حَيْثُ كَانَ صَادِقًا.
(قَوْلُهُ: وَلْيَرْفَعْ لِلْإِمَامِ) أَيْ نَدْبًا كَمَا حَلَّ بَعْضُ الشُّيُوخِ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّهُ هُوَ) وَصَدَّقَهُ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ الرَّفْعِ لِلْإِمَامِ) وَحِينَئِذٍ يَكُونُ هَذَا مُغَايِرًا لِمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ رَفْعٌ لِلْأَخْذِ وَهَذَا رَفْعٌ لِلدَّفْعِ لِصَاحِبِهِ. (قَوْلُهُ: النَّهْيُ) أَيْ نَهْيُ الْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَ) أَيْ الْمُلْتَقِطُ وَيُحْتَمَلُ ثُمَّ مَاتَ رَبُّ الْعَبْدِ فَجَاءَ شَخْصٌ ادَّعَى أَنَّهُ وَارِثُهُ وَلَا يَعْرِفُ الْمُلْتَقِطُ أَنَّهُ وَارِثُهُ