للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ تَعَدُّدُ مُسْتَقِلٍّ عَامٍّ أَوْ خَاصٍّ لَا بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى تَعَدُّدٍ وَلَا بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى مُسْتَقِلٍّ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِقْلَالِ فِي الْعَامِّ وَالْخَاصِّ.

(ص) وَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ ثُمَّ مَنْ سَبَقَ رَسُولُهُ وَإِلَّا أَقُرِعَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْخَصْمَيْنِ إذَا تَنَازَعَا فَاخْتَارَ أَحَدُهُمَا التَّنَازُعَ عِنْدَ قَاضٍ وَاخْتَارَ الْآخَرُ التَّنَازُعَ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ فَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ مِنْهُمَا وَالْمُرَادُ بِهِ صَاحِبُ الْحَقِّ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ فَالْقَوْلُ لِمَنْ سَبَقَ رَسُولُهُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ دَعْوَاهُمَا مُتَّفِقَةً أَوْ مُخْتَلِفَةً فَلَوْ اسْتَوَيَا فِي السَّبْقِيَّةِ فَإِنَّهُ يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهُ فَهُوَ الْمُدَّعِي وَحُكْمُ تَنَازُعِهِمَا فِي تَقْدِيمِ مَنْ يَدَّعِي مِنْهُمَا يَجْرِي عَلَى ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَأَمْرُ مُدَّعٍ تَجَرَّدَ قَوْلُهُ عَنْ مُصَدِّقٍ بِالْكَلَامِ وَإِلَّا فَالْجَالِبُ وَإِلَّا أُقْرِعَ، وَعَلَى هَذَا فَمَا يُوجَدُ هُنَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَالِادِّعَاءِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِمَا يَأْتِي

(ص) وَتَحْكِيمُ غَيْرِ خَصْمٍ وَجَاهِلٍ وَكَافِرٍ وَغَيْرِ مُمَيِّزٍ فِي مَالٍ وَجُرْحٍ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَجَازَ تَعَدُّدٌ إلَخْ وَعَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْخَصْمَيْنِ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنْ يُحَكِّمَا شَخْصًا لَيْسَ مُوَلًّى مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي غَيْرَ خَصْمٍ لِأَحَدِهِمَا لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمَا فِي الْأَمْوَالِ وَالْجِرَاحِ الْعَمْدِ وَلَوْ عَظُمَ كَقَطْعِ يَدٍ لَا فِي غَيْرِهِمَا كَحَدٍّ كَمَا يَأْتِي فَلَوْ حَكَّمَا خَصْمًا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ كَمَا إذَا حَكَّمَا جَاهِلًا أَوْ كَافِرًا أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَالْمُرَادُ بِالْخَصْمِ هُنَا مَنْ ثَبَتَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ خُصُومَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ وَإِنْ لَمْ تَصِلْ إلَى الْعَدَاوَةِ كَمَا يَأْتِي نَظِيرُهُ فِي الشَّاهِدِ، وَلَوْ شَاوَرَ الْجَاهِلُ الْعُلَمَاءَ فِيمَا حَكَّمَ فِيهِ وَعَلِمَ الْحُكْمَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ حُكْمَ جَاهِلٍ، وَلَوْ حَكَمَ الْجَاهِلُ أَوْ الْخَصْمُ أَوْ الْكَافِرُ كَانَ الْحُكْمُ مَرْدُودًا وَيَنْبَغِي إذَا قَتَلَ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ تَكُونَ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَإِذَا أَتْلَفَ شَيْئًا أَنْ يَكُونَ ضَامِنًا لَهُ فَقَوْلُهُ وَغَيْرِ مُمَيِّزٍ مَعْطُوفٌ عَلَى خَصْمٍ أَيْ وَغَيْرِ مُمَيِّزٍ وَهُوَ الْمُمَيِّزُ؛ لِأَنَّ نَفْيَ النَّفْيِ إثْبَاتٌ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الصَّبِيُّ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَفِي صَبِيٍّ إلَخْ وَتَحْكِيمُ مُمَيِّزٍ مِنْ الْبَالِغِينَ فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ يَسْتَغْنِ بِغَيْرِ الْأُولَى وَيَكُونُ قَوْلُهُ " مُمَيِّزٍ " مَعْطُوفًا عَلَى غَيْرِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْتِ بِغَيْرِ لَتُوهِمَ الْعَطْفُ عَلَى خَصْمٍ كَبَقِيَّةِ الْمَعْطُوفَاتِ فَرُفِعَ هَذَا بِإِتْيَانِهِ بِلَفْظِ غَيْرِ

(ص) لَا حَدٍّ وَقَتْلٍ وَلِعَانٍ وَوَلَاءٍ وَنَسَبٍ وَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقٌّ لِغَيْرِ الْخَصْمَيْنِ إمَّا لِلَّهِ تَعَالَى وَإِمَّا لِآدَمِيٍّ فَفِي اللِّعَانِ حَقٌّ لِلْوَلَدِ لِقَطْعِ النَّسَبِ، وَكَذَلِكَ النَّسَبُ وَالْوَلَاءُ وَفِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى إذْ لَا يَجُوزُ بَقَاءُ الْمُطَلَّقَةِ الْبَائِنِ فِي الْعِصْمَةِ وَلَا رَدُّ الْعَبْدِ فِي الرِّقِّ وَتَرَكَ هُنَا الْمُؤَلِّفُ بَعْضَ مَسَائِلَ ذَكَرَهَا فِي بَابِ الْحَجْرِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا يَحْكُمُ فِي الرُّشْدِ وَضِدِّهِ وَأَمْرِ الْغَائِبِ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ بِأَنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ الطَّالِبُ أَيْ أَوْ كَانَ كُلٌّ طَالِبًا. (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لِمَنْ سَبَقَ رَسُولُهُ) أَيْ فَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ الَّذِي سَبَقَ رَسُولُهُ أَيْ رَسُولُ الطَّالِبِ أَيْ رَسُولَ الْقَاضِي الَّذِي أَتَى بِهِ الطَّالِبُ فَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ أَوْ مَنْ سَبَقَ رَسُولَ الْقَاضِي أَيْ فَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ الَّذِي سَبَقَ رَسُولَ الْقَاضِي مَعَهُ عَلَى غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَتْ دَعْوَاهُمَا مُتَّفِقَةً أَوْ مُخْتَلِفَةً) مِثَالُ الْمُتَّفِقَةِ أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا أَنَا لِي عَلَيْك عَشَرَةُ دَنَانِيرَ ثَمَنُ سِلْعَةٍ فَيَقُولُ الْآخَرُ مَا صَدَقْت بَلْ أَنَا لِي عَلَيْك تِلْكَ الْعَشَرَةُ ثَمَنُ سِلْعَةٍ وَمِثَالُ الْمُخْتَلِفَةِ بِأَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا أَنَا لِي عَلَيْك عَشَرَةُ دَنَانِيرَ ثَمَنُ سِلْعَةٍ فَيَقُولُ الْآخَرُ بَلْ أَنَا لِي عِنْدَك عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَدِيعَةٌ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ اسْتَوَيَا فِي السَّبْقِيَّةِ) الْمُرَادُ اسْتَوَيَا فِي الْإِتْيَانِ مَعَ دَعْوَى كُلٍّ أَنَّهُ الطَّالِبُ أَوْ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّ كُلًّا طَالِبٌ فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهُ فَهُوَ الْمُدَّعِي بِكَسْرِ الْعَيْنِ أَيْ فَيُحْكَمُ أَنَّهُ الْمُدَّعِي بِكَسْرِ الْعَيْنِ فَيَعْتَبِرُ الْقَاضِي الَّذِي يُرِيدُ الْحُكُومَةَ عِنْدَهُ لَا غَيْرُهُ الَّذِي يُرِيدُ الْحُكُومَةَ عِنْدَهُ خَصْمُهُ.

(تَنْبِيهٌ) : مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ تَابِعٌ لِلْمَازِرِيِّ إلَّا أَنَّهُ نَاقِصٌ وَنَصُّهُ عَلَى نَقْلِ الْمَوَّاقِ، وَلَوْ فَرَضْنَا الْخَصْمَيْنِ جَمِيعًا طَالِبِينَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَطْلُبُ صَاحِبَهُ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَطْلُبَ حَقَّهُ عِنْدَ مَنْ شَاءَ مِنْ الْقُضَاةِ وَيَطْلُبُ الْآخَرُ حَقَّهُ عِنْدَ مَنْ شَاءَ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيمَنْ يَبْتَدِئُ بِالطَّلَبِ وَفِيمَنْ يَذْهَبَانِ إلَيْهِ مِنْ الْقَاضِيَيْنِ أُوجِبَتْ لِلسَّابِقِ مِنْ رَسُولِ الْقَاضِيَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا تَرْجِيحٌ بِسَبْقِ الطَّالِبِ عَلَى الْآخَرِ وَلَا بِغَيْرِ ذَلِكَ أَقُرِعَ بَيْنَهُمَا، انْتَهَى كَلَامُ الْمَازِرِيِّ فَتَضَمَّنَ كَلَامُهُ بِاعْتِبَارِ آخِرِهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ كُلٌّ طَالِبًا لِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَطْلُبَ حَقَّهُ عِنْدَ مَنْ شَاءَ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ كُلٌّ طَالِبًا إلَّا مَعَ اخْتِلَافِ الدَّعْوَى وَلَا يُتَصَوَّرُ فِي دَعْوَى وَاحِدَةٍ بِأَنْ يَكُونَ كُلٌّ طَالِبًا فَإِذَا طَلَبَ الطَّالِبُ فِي دَعْوَى حَقِّهِ عِنْدَ قَاضٍ فَإِنَّهُ يُجَابُ فَإِذَا فَرَغَتْ الدَّعْوَى وَطَلَبَ الطَّالِبُ قَاضِيًا آخَرَ أُجِيبَ لِذَلِكَ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِيمَنْ يَبْتَدِئُ بِالطَّلَبِ وَفِيمَنْ يَذْهَبَانِ إلَيْهِ فَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا بِالطَّلَبِ تَرَجَّحَ قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْمُعْتَبَرُ مَنْ جَاءَ رَسُولُهُ مِنْ الْقُضَاةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَرْجِيحٌ بِشَيْءٍ أَقُرِعَ بَيْنَهُمَا اهـ. ذَكَرَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا) أَيْ عَلَى أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي تَقْدِيمِ مَنْ يَدَّعِي يَأْتِي غَيْرَ خَصْمٍ لِأَحَدِهِمَا.

. (قَوْلُهُ: وَتَحْكِيمُ غَيْرِ خَصْمٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَوْلِيَةِ قَاضٍ وَلَا يَحْتَاجُ لِشُهُودٍ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ تَنْظِيرُ بَعْضِهِمْ لَهُ بِالْمَعْنَى. (قَوْلُهُ: غَيْرَ خَصْمٍ لِأَحَدِهِمَا) وَأَمَّا إذَا كَانَ خَصْمًا لَهُمَا فَسَكَتَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّهُمَا لَا يَطْلُبَانِ تَحْكِيمَهُ وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ وَحَكَّمَاهُ فَهَلْ يَصِحُّ أَوْ لَا، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَتَحْكِيمُ مُمَيِّزٍ مِنْ الْبَالِغِينَ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ وَصْفَ الْخُصُومَةِ وَالْجَهْلِ وَالْكُفْرِ فِي غَيْرِ الْبَالِغِ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ يُفِيدُ الْمُغَايَرَةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَتَحْكِيمُ بَالِغٍ غَيْرِ خَصْمٍ وَجَاهِلٍ وَكَافِرٍ وَغَيْرِ مُمَيِّزٍ

. (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ النَّسَبُ) أَيْ إذَا كَانَ النِّزَاعُ بَيْنَ الْأَبِ وَرَجُلٍ آخَرَ غَيْرِ الْوَلَدِ فَالْأَبُ يَقُولُ لَيْسَ ابْنِي وَالرَّجُلُ يَقُولُ هُوَ ابْنُك، أَمَّا لَوْ كَانَ التَّنَازُعُ بَيْنَ الْأَبِ وَالْوَلَدِ فَالْحَقُّ لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَالْوَلَاءُ) أَيْ إذَا كَانَ السَّيِّدُ يَتَنَازَعُ مِنْ رَجُلٍ فِي الْعَبْدِ الْمَعْتُوقِ أَمَّا لَوْ كَانَ النِّزَاعُ مِنْ السَّيِّدِ مَعَ الْعَبْدِ الْمَعْتُوقِ فَالْحَقُّ لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَتَرَكَ هُنَا الْمُؤَلِّفُ بَعْضَ مَسَائِلَ) أَيْ كَالرُّشْدِ وَضِدِّهِ وَالْحَبْسِ الْمُعَقِّبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>