للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَعَدَدَ الْكَوَاكِبِ السَّيَّارَةِ وَجَعَلَ مَا تَأْتِي الْفُصُوصُ بِهِ مِنْ الْأَعْدَادِ فِي الْكَثْرَةِ وَالْقِلَّةِ لِمَنْ يَضْرِبُ بِهَا مِثْلَ الْقَضَاءِ وَالْقَدْرِ وَتَقَلُّبِهِ فِي الدُّنْيَا وَجَعَلَ تَصَرُّفَ اللَّاعِبِ فِي تِلْكَ الْأَعْدَادِ لِاخْتِيَارِهِ وَلَهُ فِيهِ حُسْنُ التَّدْبِيرِ كَمَا يُرْزَقُ الْمُوَفَّقُ شَيْئًا يَسِيرًا فَيُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِيهِ وَيُرْزَقُ الْأَحْمَقُ شَيْئًا كَثِيرًا فَلَا يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِيهِ فَالنَّرْدُ جَامِعٌ لِحُكْمِ الْقَضَاءِ وَالْقَدْرِ وَحُسْنِ التَّصَرُّفِ فِي اخْتِيَارِ لَاعِبِهِ وَالشِّطْرَنْجُ مُقَرَّرٌ لِاخْتِيَارِ اللَّاعِبِ وَعَقْلِهِ وَتَصَرُّفِهِ الْجَيِّدِ أَوْ الرَّدِيءِ.

(ص) وَإِنْ أَعْمَى فِي قَوْلٍ أَوْ أَصَمَّ فِي فِعْلٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَعْمَى الْعَدْلَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فِي الْأَقْوَالِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَمَّا فِي الْأَفْعَالِ فَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فِيهَا مَا لَمْ يَكُنْ عَلِمَ الْفِعْلَ قَبْلَ الْعَمَى كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَذَكَرَ الْحَطَّابُ مَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَأَمَّا الْأَعْمَى الْأَصَمُّ فَلَا يُقْبَلُ، وَلَا يَتَزَوَّجُ وَلَهُ أَنْ يَطَأَ زَوْجَتَهُ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَيَعْتَمِدُ عَلَى الْقَرَائِنِ، وَأَمَّا الْعَدْلُ الْأَصَمُّ غَيْرُ الْأَعْمَى فَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ فِي الْأَفْعَالِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِشَهَادَةِ الْأَخْرَسِ، وَهِيَ مَقْبُولَةٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ شَعْبَانَ وَيُؤَدِّيهَا بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ وَالْكِتَابَةِ وَأَمَّا الْأَصَمُّ فِي الْأَقْوَالِ فَلَا يُقْبَلُ مَا لَمْ يَكُنْ سَمِعَهُ قَبْلَ الصَّمَمِ كَذَا يَنْبَغِي عَلَى قِيَاسِ مَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ.

(ص) لَيْسَ بِمُغَفَّلٍ إلَّا فِيمَا لَا يَلْبِسُ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَا وُجُودُهُ مَانِعٌ بِخِلَافِ مَا مَرَّ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَمَا مَعَهَا وُجُودُهَا شُرُوطٌ، وَعَدَمُهَا مَوَانِعُ وَالْمَوَانِعُ جَمْعُ مَانِعٍ، وَهُوَ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ مَنَعَ الشَّيْءَ إذَا حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَقْصُودِهِ فَالْمَوَانِعُ تَحُولُ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَبَيْنَ مَقْصُودِهَا فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الشَّهَادَةِ قَبُولُهَا وَالْحُكْمُ بِهَا، وَالْمَانِعُ هُوَ الْوَصْفُ الْوُجُودِيُّ الظَّاهِرُ وَالْمُغَفَّلُ هُوَ الَّذِي لَهُ قُوَّةُ التَّنَبُّهِ، وَلَمْ يَسْتَعْمِلْ قُوَّتَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّاهِدَ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُغَفَّلٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: قَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ الْخَيِّرُ الْفَاضِلُ ضَعِيفًا لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ لِغَفْلَتِهِ أَنْ يَلْبِسَ عَلَيْهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ الْمَشْهُودُ فِيهِ جَلِيًّا وَاضِحًا بَيِّنًا لَا يَلْبِسُ عَلَى أَحَدٍ كَقَوْلِهِ: رَأَيْت هَذَا يَقْطَعُ يَدَ هَذَا، وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّ شَهَادَةَ الْمُغَفَّلِ تُقْبَلُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْبَلِيدُ فَلَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ مُطْلَقًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُغَفَّلِ وَالْبَلِيدِ أَنَّ الْمُغَفَّلَ لَهُ مَلَكَةٌ أَيْ قُوَّةٌ مُنَبِّهَةٌ لَكِنْ لَا يَسْتَعْمِلُهَا، وَالْبَلِيدُ لَيْسَ لَهُ مَلَكَةٌ أَصْلًا قَوْلُهُ: إلَّا فِيمَا لَا يَلْبِسُ بِكَسْرِ الْبَاءِ؛ لِأَنَّ مَاضِيَهُ مَفْتُوحُ الْبَاءِ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ قَوْله تَعَالَى {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} [الأنعام: ٩] .

(ص) وَلَا مُتَأَكِّدِ الْقُرْبِ كَأَبٍ، وَإِنْ عَلَا وَزَوْجِهِمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ شَرْطِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ أَنْ لَا يَكُونَ الشَّاهِدُ مُتَأَكِّدَ الْقُرْبِ لِلْمَشْهُودِ لَهُ فَلَا تَصِحُّ شَهَادَةُ الْوَلَدِ لِأَبِيهِ، وَإِنْ عَلَا، وَلَا شَهَادَتُهُ لِأُمِّهِ، وَإِنْ عَلَتْ، وَلَا لِزَوْجَةِ أَبِيهِ، وَلَا لِزَوْجِ أُمِّهِ وَيَدْخُلُ فِي الْوَلَدِ وَلَدُ الْمُلَاعَنَةِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَلْحِقَهُ فَقَوْلُهُ: وَلَا مُتَأَكِّدِ الْقُرْبِ مَعْطُوفٌ بِالْوَاوِ عَلَى مُغَفَّلٍ، وَلَا لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ وَكَذَلِكَ لَا يَشْهَدُ لِزَوْجَتِهِ، وَلَا لِابْنِهَا وَلَا لِأَبِيهَا، وَلَا الزَّوْجَةُ لِزَوْجِهَا، وَلَا لِابْنِهِ وَأَبَوَيْهِ، وَأَمَّا شَهَادَةُ الرَّجُلِ لِابْنِ زَوْجِ ابْنَتِهِ فَهِيَ جَائِزَةٌ، وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ السِّمْسَارِ إذَا تَوَلَّى الْعَقْدَ، وَإِلَّا فَتَجُوزُ إذَا كَانَتْ سَمْسَرَتُهُ لَا تَخْتَلِفُ بِقِلَّةِ الثَّمَنِ وَكَثْرَتِهِ، وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْخَاطِبِ إذَا تَوَلَّى الْعَقْدَ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْمُشْرِفِ لِمَنْ هُوَ مُشْرِفٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ لِمَنْ أَوْصَى عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: وَزَوْجِهِمَا أَيْ زَوْجِ الْأَبِ وَالْأُمِّ الَّتِي دَخَلَتْ فِي الْأَبِ.

(ص) وَوَلَدٍ، وَإِنْ سَفَلَ كَبِنْتٍ وَزَوْجِهِمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لِوَلَدِ بِنْتِهِ، وَإِنْ سَفَلَتْ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَعَدَدَ الْكَوَاكِبِ السَّيَّارَةِ) أَيْ فَالْكَوَاكِبُ كُلُّهَا ثَابِتَةٌ إلَّا السَّبْعَةَ السَّيَّارَةَ: الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَعُطَارِدُ وَالْمُشْتَرَى وَالْمِرِّيخُ وَالزُّهْرَةُ وَزُحَلُ، وَقَوْلُهُ: فِي اخْتِيَارٍ أَيْ بِسَبَبِ اخْتِيَارِ لَاعِبِهِ، وَقَوْلُهُ: وَالشِّطْرَنْجُ مُقَرَّرٌ أَيْ مُثْبَتٌ لِاخْتِيَارِ اللَّاعِبِ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَعَقْلُهُ وَتَصَرُّفُهُ حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النَّرْدِ غَيْرُ الْمَقْصُودِ مِنْ الشِّطْرَنْجِ فَالْمَقْصُودُ مِنْ النَّرْدِ بَيَانُ حُكْمِ اللَّهِ وَقَدْرِهِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ الشِّطْرَنْجِ بَيَانُ كَمَالِ عَقْلِ الشَّخْصِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَعْمَى فِي قَوْلٍ إلَخْ) لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْقَوْلِ بَلْ تَجُوزُ فِيمَا عَدَا الْمَرْئِيَّاتِ مِنْ الْمَسْمُوعَاتِ وَالْمَلْمُوسَاتِ وَالْمَذُوقَاتِ وَالْمَشْمُومَاتِ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: فَيُقْبَلُ فِيمَا يَلْمِسُهُ بِيَدِهِ أَنَّهُ حَارٌّ أَوْ بَارِدٌ أَوْ لَبِنٌ أَوْ خَشِنٌ، وَفِيمَا يَذُوقُهُ أَنَّهُ حُلْوٌ أَوْ حَامِضٌ، وَفِيمَا يَشُمُّهُ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ الْحَطَّابُ) فِي شَرْحِ عب اعْتِمَادُهُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ والْمُعْتَمَدُ مَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: وَيَعْتَمِدُ فِي وَطْءِ زَوْجَتِهِ عَلَى الْقَرَائِنِ) أَيْ كَكَوْنِهَا نَحِيفَةً أَوْ جَسِيمَةً.

(قَوْلُهُ: الْوَصْفُ الْوُجُودِيُّ) احْتِرَازًا عَنْ الْعَدَمِيِّ كَعَدَمِ الطُّهْرِ، وَقَوْلُهُ: الظَّاهِرُ احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا كَانَ وَصْفًا وُجُودِيًّا وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ فَلَا يُعَدُّ مَانِعًا كَالْعُلُوقِ فَالْحَيْضُ وَصْفٌ وُجُودِيٌّ فَعُدَّ مَانِعًا مِنْ الصَّلَاةِ ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ: سَابِقًا شُرُوطٌ، وَعَدَمُهَا: مَوَانِعُ يُنَافِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ حِينَئِذٍ لَيْسَ وَصْفًا وُجُودِيًّا، وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا الْأَخِيرَ هُوَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ، وَالْإِطْلَاقُ عَلَى عَدَمِ الْمَوَانِعِ مَجَازٌ.

(قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ شَهَادَةُ الْوَلَدِ لِأَبِيهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ سِيَاقَ الْمُصَنِّفِ فِي الشَّاهِدِ لَا فِي الْمَشْهُودِ لَهُ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: فَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَبِ لِابْنِهِ، وَلَا الْأُمِّ لِابْنِهَا، وَزَوْجَةُ الْأَبِ لَا تَشْهَدُ لِوَلَدِ زَوْجِهَا، وَإِنْ سَفَلَ، وَزَوْجُ الْأُمِّ لَا يَشْهَدُ لِوَلَدِهَا، وَإِنْ سَفَلَ (قَوْلُهُ: سَمْسَرَتُهُ) أَيْ أُجْرَةُ سَمْسَرَتِهِ لَا تَخْتَلِفُ أَمَّا إذَا اخْتَلَفَتْ بِأَنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَشَرَةً إذَا كَانَ الثَّمَنُ مِائَةً وَخَمْسَةً إذَا كَانَ الثَّمَنُ خَمْسِينَ، وَقَدْ شَهِدَ بِأَنَّ الثَّمَنَ مِائَةٌ فَلَا تُعْتَبَرُ (قَوْلُهُ: الْخَاطِبِ) أَيْ لِغَيْرِهِ أَيْ بِكَثْرَةِ الصَّدَاقِ وَقِلَّتِهِ أَيْ بِأَنْ خَطَبَ لِلزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ، وَتَوَلَّى الْعَقْدَ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: مُشْرِفٌ، وَهُوَ شَخْصٌ يَجْعَلُهُ الْوَاقِفُ مَثَلًا أَمِينًا عَلَى الْمُتَوَلِّي لِصَرْفِ وَقْفِهِ (قَوْلُهُ: دَخَلَتْ فِي الْأَبِ) أَيْ عَلَى طَرِيقِ التَّجَوُّزِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهَا دَخَلَتْ تَحْتَ الْكَافِ.

(قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لِوَلَدِ بِنْتِهِ) الْمُنَاسِبُ لِحَلِّهِ أَوَّلًا أَنْ يَقُولَ لِبِنْتِهِ وَابْنِهِ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ هَذَا لَا يُنَاسِبُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ سِيَاقَ الْمُؤَلِّفِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>