للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذُو إلَخْ نَعْتٌ بَعْدَ نَعْتٍ أَوْ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا تَقَدَّمَ فَتَرْكُ الْمُرُوءَةِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْمُحَافَظَةِ الدِّينِيَّةِ، وَهِيَ لَازِمُ الْعَدَالَةِ، وَتَقَرَّرَ بِأَنَّهَا مُسَبَّبَةٌ غَالِبًا عَنْ اتِّبَاعِ الشَّهَوَاتِ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: الْمُرُوءَةُ: الِارْتِفَاعُ عَنْ كُلِّ مَا يُرَى أَنَّ مَنْ تَخَلَّقَ بِهِ لَا يُحَافِظُ عَلَى دِينِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَرَامًا كَالْإِدْمَانِ عَلَى لِعْبِ الْحَمَامِ وَالشِّطْرَنْجِ وَكَالْحِرَفِ الذَّمِيمَةِ مِنْ دِبَاغَةٍ وَحِجَامَةٍ وَحِيَاكَةٍ أَيْ قَزَازَةٍ اخْتِيَارًا مِمَّنْ لَا يَلِيقُ بِهِ، وَأَمَّا أَهْلُهَا أَوْ مَنْ اُضْطُرَّ لَهَا فَلَا يَقْدَحُ انْتَهَى مِنْ خَطِّ النَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ وَهِيَ بِهَذَا الْمَعْنَى تَتَّصِفُ بِهَا الْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ، وَقَدْ تُفَسَّرُ الْمُرُوءَةُ بِكَمَالِ الرُّجُولِيَّةِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَعْدُ الدِّينِ، وَهِيَ بِهَذَا الْمَعْنَى لَا تَشْمَلُ الْمَرْأَةَ، وَإِنْ كَانَ يُقَالُ: لَهَا رَجُلَةٌ تَأَمَّلْ وَسَمَاعُ الْغِنَاءِ يَرُدُّ الشَّهَادَةَ إذَا كَانَ بِغَيْرِ آلَةٍ وَتَكَرَّرَ؛ لِأَنَّ سَمَاعَ الْمَكْرُوهِ حِينَئِذٍ مَكْرُوهٌ فَإِنَّهُ يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ، وَأَمَّا بِالْآلَةِ فَحَرَامٌ وَتُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ ثُمَّ إنَّ الْغِنَاءَ بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ: الصَّوْتُ الْمُتَقَطِّعُ أَوْ الَّذِي فِيهِ تَرَنُّمٌ أَوْ الْمُمْتَدُّ وَأَمَّا بِالْكَسْرِ وَالْقَصْرِ فَهُوَ الْيَسَارُ، وَأَمَّا بِالْفَتْحِ وَالْقَصْرِ فَهُوَ النَّفْعُ

(فَائِدَةٌ) وَالنَّرْدُ قِطَعٌ تُكَوَّنُ مِنْ الْعَاجِ أَوْ مِنْ الْبَقْسِ مُلَوَّنَةٌ يُلْعَبُ بِهَا لَيْسَ فِيهَا لَبْسٌ وَإِنَّمَا تُرَصُّ فِي حَالِ لِعْبِهَا وَأَوَّلُ مَنْ وَضَعَ الشِّطْرَنْجَ كَمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْمُؤَرِّخُونَ صِصَّةُ بْنُ دَارٍ الْهِنْدِيُّ، وَهُوَ بِكَسْرِ الصَّادِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ مَعَ التَّشْدِيدِ، وَاسْمُ الْمَلِكِ الَّذِي وُضِعَ لَهُ سِهْرَامُ بِكَسْرِ السِّينِ كَذَا قَالَهُ ابْنُ خَلِّكَانَ وَقَالَ الصَّلَاحُ الصَّفَدِيُّ فِي شَرْحِ لَامِيَّةِ الْعَجَمِ: إنَّ اسْمَهُ بِلْهِيثُ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ فِي آخِرِهِ وَكَانَ أَزْدَشِيرُ بْنُ بَابَكَ أَوَّلَ مُلُوكِ الْفُرْسِ قَدْ وَضَعَ النَّرْدَ؛ وَلِذَلِكَ قِيلَ لَهُ: نَرْدَشِيرُ نَسَبُوهُ إلَى وَاضِعِهِ وَجَعَلَهُ مِثَالًا لِلدُّنْيَا وَأَهْلِهَا وَجَعَلَ الرُّقْعَةَ اثْنَيْ عَشَرَ بَيْتًا بِعَدَدِ شُهُورِ السَّنَةِ، وَقَسَّمَهَا أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ عَلَى عَدَدِ فُصُولِ السَّنَةِ وَجَعَلَ الْقِطَعَ ثَلَاثِينَ قِطْعَةً بِعَدَدِ أَيَّامِ الشَّهْرِ بِيضًا وَسُودًا كَالْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي وَجَعَلَ الْفُصُوصَ مُسَدَّسَةً إشَارَةً إلَى أَنَّ الْجِهَاتِ سِتَّةٌ لَا سَابِعَ لَهَا وَجَعَلَ مَا فَوْقَ الْفُصُوصِ وَتَحْتَهَا كَيْفَ وَقَعَتْ سَبْعَ نُقَطٍ عَدَدَ الْأَفْلَاكِ وَعَدَدَ الْأَرْضِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ أَوْ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ تَعَدُّدَ الْخَبَرِ إنَّمَا هُوَ ظَاهِرِيٌّ، وَإِلَّا فَفِي الْحَقِيقَةِ الْخَبَرُ هُوَ الْمَجْمُوعُ عَلَى حَدِّ الرُّمَّانِ حُلْوٌ حَامِضٌ

(قَوْلُهُ: يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْمُحَافَظَةِ الدِّينِيَّةِ) أَيْ فَالْمُرُوءَةُ الْمُحَافَظَةُ الدِّينِيَّةُ (قَوْلُهُ: وَهِيَ لَازِمُ الْعَدَالَةِ) أَيْ وَالْمُحَافَظَةُ الدِّينِيَّةُ لَازِمُ الْعَدَالَةِ بَلْ هِيَ مِنْ جُمْلَةِ أَوْصَافِ الْعَدْلِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهَا مُسَبَّبَةٌ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِأَنَّهَا بِضَمِيرِ التَّأْنِيثِ أَيْ الْمُرُوءَةَ، وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ تَرْكُهَا مُسَبَّبٌ غَالِبًا عَنْ اتِّبَاعِ الشَّهَوَاتِ وَبَعْدَ أَنْ عَلِمْت ذَلِكَ، فَهَذِهِ الْعِبَارَةُ تَحْرِيفٌ، وَأَصْلُهَا: وَتَقَرَّرَ بِأَنَّهَا الْكَفُّ غَالِبًا عَنْ اتِّبَاعِ الشَّهَوَاتِ (قَوْلُهُ: الِارْتِفَاعُ عَنْ كُلِّ مَا يَرَى) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِزُهْدٍ كَأَنْ يَمْشِيَ فِي السُّوقِ بِطَقِيَّةٍ وَقَمِيصٍ كَالْقُرْطُبِيِّ الْمُفَسِّرِ صَاحِبِ التَّذْكِرَةِ الْمَدْفُونِ فِي الصَّعِيدِ تُجَاهَ مُنْيَةِ ابْنِ خَصِيبٍ شَرْقِيَّهَا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا أَهْلُهَا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مِمَّنْ لَا يَلِيقُ بِهِ؛ لِأَنَّ أَهْلَهَا تَلِيقُ بِهِمْ، وَقَوْلُهُ: أَوْ مَنْ اُضْطُرَّ مُحْتَرَزُ اخْتِيَارًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ هَذِهِ الْحِرَفُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ وَالْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ، فَإِنَّ الْحِيَاكَةَ عِنْدَنَا بِتُونُسَ لَيْسَتْ مِنْ الصِّنَاعَاتِ الدَّنِيَّةِ الْبُرْزُلِيُّ، وَهِيَ بِإِفْرِيقِيَّةَ مِنْ الصِّنَاعَاتِ الرَّفِيعَةِ يَفْعَلُهَا وُجُوهُ النَّاسِ وَمِمَّا يَخْتَلِفُ بِهِ الْعَوَائِدُ فِي هَذَا الْمَعْنَى الْمَشْيُ حَافِيًا وَالْأَكْلُ فِي الْحَوَانِيتِ إلَّا أَنَّ عج قَالَ الظَّاهِرُ أَنَّ الدِّبَاغَةَ مِنْ الصِّنَاعَاتِ الدَّنِيَّةِ مُطْلَقًا، وَالْخِيَاطَةُ مِنْ الرَّفِيعَةِ مُطْلَقًا أَيْ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَمَلُ الْأَبْرَارِ مِنْ الرِّجَالِ الْخِيَاطَةُ، وَمِنْ النِّسَاءِ الْغَزْلُ» وَقَوْلُهُ أَوْ مَنْ اُضْطُرَّ أَيْ وَكَذَا مَنْ يُعَانِيهَا لِكَسْرِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ يُقَالُ لَهَا: رَجُلَةٌ تَأَمَّلْ) أَيْ تَأَمَّلْ مَا ذُكِرَ مِنْ الِاخْتِصَاصِ مَعَ اشْتَرَاك الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ فِي الْمَادَّةِ، وَإِنْ زَادَتْ الْأُنْثَى بِزِيَادَةِ التَّاءِ، وَكَأَنَّ وَجْهَ ذَلِكَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ الْأَصْلَ وَضْعُ رَجُلٍ لِلذَّكَرِ لِذَلِكَ الْمَعْنَى ثُمَّ تُوُسِّعَ بِاسْتِعْمَالِهِ فِي الْمَرْأَةِ بِزِيَادَةِ التَّاءِ لِلتَّمْيِيزِ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ سَمَاعَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ فِعْلَ الْغِنَاءِ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا، وَأَمَّا سَمَاعُهُ فَمَكْرُوهٌ حِينَ التَّكْرَارِ فَقَطْ، وَقَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُخِلُّ بِالشَّهَادَةِ حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَعْنَى إنَّمَا كَانَ سَمَاعُ الْغِنَاءِ مَكْرُوهًا حِينَ التَّكْرَارِ؛ لِأَنَّهُ يَرُدُّ الشَّهَادَةَ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَأَقُولُ: فِيهِ أَمْرَانِ الْأَوَّلُ أَنَّ سَمَاعَهُ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا كَفِعْلِهِ الثَّانِي: أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْكَرَاهَةِ رَدُّ الشَّهَادَةِ مَعَ أَنَّ رَدَّ الشَّهَادَةِ لَا يُنْتِجُ خُصُوصَ الْكَرَاهَةِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ مَا يَقْبُحُ مِمَّا يَحْمِلُ عَلَى التَّهْيِيجِ أَوْ التَّشْبِيهِ بِأَمْرَدَ، وَإِلَّا حَرُمَ (قَوْلُهُ: فَحَرَامٌ، وَتُرَدُّ إلَخْ) وَلَكِنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ الْمَوَّاقُ وَالْمَشَذَّالِيُّ أَنَّ سَمَاعَ الْغِنَاءِ سَوَاءٌ كَانَ مَعَ آلَةٍ أَمْ لَا إنَّمَا يُسْقِطُ الشَّهَادَةَ إذَا أَدْمَنَهُ كَمَا أَنَّ فِعْلَ الْغِنَاءِ إنَّمَا يُسْقِطُهَا مَعَ الِاشْتِهَارِ كَانَ بِآلَةٍ أَمْ لَا فَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لتت مِنْ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِآلَةٍ تُطْرِبُ يَحْرُمُ وَيَحِلُّ بِالشَّهَادَةِ، وَإِنْ لَمْ يُدْمِنْهُ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا بِغَيْرِ آلَةٍ فَيُكْرَهُ، وَإِنْ تَكَرَّرَ، وَلَيْسَ بِحَرَامٍ هَكَذَا عِبَارَةُ بَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي فِيهِ تَرَنُّمٌ إلَخْ) هَذِهِ الْأَقْوَالُ تَرْجِعُ لِقَوْلٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُمْتَدُّ) أَيْ مَعَ التَّقْطِيعِ فَلَا يُنَافِي الْأَوَّلَ

(قَوْلُهُ: فَائِدَةٌ وَالنَّرْدُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَمَّا قَدَّمَ الْحُكْمَ فِيهِ، وَفِي الشِّطْرَنْجِ مِنْ أَنَّ النَّرْدَ يَرُدُّ الشَّهَادَةَ مُطْلَقًا، وَالشِّطْرَنْجُ يَرُدُّهَا بِشَرْطِ الْإِدَامَةِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ الْخِلَافُ فِي إبَاحَتِهِ ابْتِدَاءً، وَلَكِنْ اُنْظُرْ تَعْرِيفَ الْمُؤَلِّفِ وَمَنْ تَبِعَهُمَا مَعَ قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ وَالنَّرْدُ قَالَ الْمَازِرِيُّ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ كَالشِّطْرَنْجِ وَنَقَلَ فِي تَوْضِيحِهِ كَلَامَ الْمَازِرِيِّ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ (قَوْلُهُ: لَيْسَ فِيهَا لَبْسٌ) أَيْ اخْتِلَاطٌ كَأَنَّ الْمُرَادَ لَا تَلْتَبِسُ الْقِطَعُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، وَقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تُرَصُّ فِي حَالِ لِعْبِهَا، وَانْظُرْ مَا وَجْهُ الْحَصْرِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ بِلْهَيْثٍ) رَأَيْت مَضْبُوطًا بِالْقَلَمِ بِكَسْرَةٍ تَحْتَ الْبَاءِ (قَوْلُهُ: نَسَبُوهُ إلَى وَاضِعِهِ) أَيْ أَضَافُوهُ إلَى جُزْءِ وَاضِعِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ أَضَافُوا نَرْدَ إلَى شِيرَ (قَوْلُهُ: وَجَعَلَ الْفُصُوصَ) كَأَنَّهَا قِطَعٌ أُخْرَى

(قَوْلُهُ: وَجَعَلَ مَا فَوْقَ الْفُصُوصِ) أَيْ تِسْعُ نُقَطٍ فَوْقَ الْفَصِّ وَسَبْعٌ تَحْتَهُ قَوْلُهُ: وَمَنْ تَبِعَهُمَا لَعَلَّهُ وَمَنْ تَبِعَهُ فَلْيُحَرَّرْ

<<  <  ج: ص:  >  >>