للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا هَذَا الشَّاهِدُ وَحْدَهُ فَإِنَّ الْمُوصَى لَهُ يَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ، وَأَمَّا الشَّاهِدُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مَا شَهِدَ لِنَفْسِهِ بِهِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ؛ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ فِي حُكْمِ التَّبَعِ، فَإِنْ نَكَلَ الْغَيْرُ يَنْبَغِي أَنْ يَبْطُلَ حَقُّ الشَّاهِدِ؛ لِأَنَّهُ الْآنَ لَا تَبَعَ ثُمَّ إنَّ كُلًّا مِنْ بِكَثِيرٍ وَبِوَصِيَّةٍ مُتَعَلِّقٌ بِشَهِدَ وَلِغَيْرِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى لَهُ ثُمَّ إنَّ الْأُولَى لَا تُقْبَلُ لَهُمَا وَالثَّانِيَةُ تُقْبَلُ لَهُمَا فَقَوْلُهُ: وَلَا مَنْ شَهِدَ لَهُ بِكَثِيرٍ وَلِغَيْرِهِ أَيْ بِقَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ كَمَا فُهِمَ مِنْ الْمُقَابَلَةِ وَمِنْ حَذْفِ الْمُتَعَلِّقِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ فَلِذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى أَنْ يَقُولَ: وَلِغَيْرِهِ مُطْلَقًا، وَالْمُرَادُ بِالْكَثِيرِ فِي نَفْسِهِ بِحَيْثُ يُتَّهَمُ فِي ذَلِكَ لَا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا شَهِدَ بِهِ الْآخَرُ، وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ فِي قَوْلِهِ: وَلَا مَنْ شَهِدَ إلَخْ إذَا كُتِبَتْ الْوَصِيَّةُ بِكِتَابٍ وَاحِدٍ بِغَيْرِ خَطِّ الشَّاهِدِ بِأَنْ كَانَتْ بِخَطِّ الْمَيِّتِ أَوْ بِخَطِّ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ فَإِنْ كُتِبَتْ بِخَطِّ الشَّاهِدِ أَوْ لَمْ تُكْتَبْ أَصْلًا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِغَيْرِهِ لَا لِنَفْسِهِ وَلَوْ قَلَّ كَأَنْ كُتِبَتْ بِكِتَابَيْنِ أَيْ كُتِبَتْ الْوَصِيَّةُ لَهُ بِكِتَابٍ وَالْوَصِيَّةُ لِمَنْ شَهِدَ لَهُ بِكِتَابٍ آخَرَ فَإِنَّهَا تَصِحُّ لِلْآخَرِ أَيْضًا دُونَهُ، وَأَمَّا الشَّهَادَةُ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ فِي غَيْرِ الْوَصِيَّةِ فَلَا تُقْبَلُ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ لِلتُّهْمَةِ.

(ص) وَلَا إنْ دَفَعَ كَشَهَادَةِ بَعْضِ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقِ شُهُودِ الْقَتْلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ الدَّفْعَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ ضَرَرًا كَشَهَادَةِ بَعْضِ عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ خَطَأً بِفِسْقِ الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا بِالْقَتْلِ الْمَذْكُورِ وَلَوْ كَانَ هَذَا الشَّاهِدُ فَقِيرًا لَا يَلْزَمُهُ مِنْ الدِّيَةِ شَيْءٌ فَإِنَّ شَهَادَتَهُ لَا تَصِحُّ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقَيِّدْ الْقَتْلَ بِالْخَطَأِ لِذِكْرِهِ الْعَاقِلَةَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحْمِلُ عَمْدًا، وَلَا مَا دُونَ الثُّلُثِ، وَظَاهِرُهُ كَانَتْ شَهَادَةُ بَعْضِ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقِ شُهُودِ الْقَتْلِ وَقَعَتْ بَعْدَ أَدَاءِ شُهُودِ الْقَتْلِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُمَا مَعًا فَقَوْلُهُ: وَلَا إنْ دَفَعَ أَيْ وَلَا بِالدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ ضَرَرًا فَهُوَ فِي الْمَعْنَى مَعْطُوفٌ عَلَى بِمُغَفَّلٍ.

(ص) أَوْ الْمُدَّانِ الْمُعْسِرِ لِرَبِّهِ (ش) الضَّمِيرُ فِي لِرَبِّهِ رَاجِعٌ لِلدَّيْنِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمُدَانِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُدَانَ، وَهُوَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ إذَا كَانَ مُعْسِرًا فَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ سَوَاءٌ شَهِدَ لَهُ بِمَالٍ أَوْ بِغَيْرِهِ كَقِصَاصٍ أَوْ بِسَبَبِهِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَالِ قَدْ يَكُونُ أَهَمَّ خِلَافًا لِنَقْلِ ابْنِ زَرْقُونٍ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا لَا يَسْتَضِرُّ بِدَفْعِ مَا عَلَيْهِ فَإِنَّ شَهَادَتَهُ جَائِزَةٌ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ سَوَاءٌ شَهِدَ لَهُ بِمَالٍ أَوْ بِغَيْرِهِ قَوْلُهُ: الْمُعْسِرِ أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَهُوَ مَلِيءٌ فِي الظَّاهِرِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ ثَابِتًا عِنْدَ الْحَاكِمِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْشَى مِنْ رَبِّ الْمَالِ الْحَبْسَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَبْسُهُ.

(ص) وَلَا مُفْتٍ عَلَى مُسْتَفْتِيهِ إنْ كَانَ مِمَّا يُنْوَى فِيهِ، وَإِلَّا رَفَعَ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمُفْتِي عَلَى مُسْتَفْتِيهِ إنْ كَانَ اسْتِفْتَاؤُهُ فِي شَيْءٍ يَنْوِي الْحَالِفُ فِيهِ كَمَا إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يُكَلِّمَ زَيْدًا وَكَلَّمَهُ بَعْدَ أَيَّامٍ مَثَلًا وَادَّعَى نِيَّةَ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَلِفِ فَإِذَا طَلَبَتْ الزَّوْجَةُ الْمُفْتِيَ لِيَشْهَدَ لَهَا عِنْدَ الْقَاضِي عَلَى زَوْجِهَا بِمَا سَمِعَهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُفْتِيَ يَعْلَمُ مِنْ بَاطِنِ الْيَمِينِ خِلَافَ مَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُهَا، وَأَمَّا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَنْوِي فِيهِ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَسِيرٌ فِي حُكْمِ التَّبَعِ) هَذَا التَّعْلِيلُ غَيْرُ مُنَاسِبٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ إلَّا إذَا كَانَ لَهُ بِقَلِيلٍ وَلِغَيْرِهِ بِكَثِيرٍ؛ وَلِذَا كَانَ الصَّوَابُ أَنَّ الْبُطْلَانَ إذَا شَهِدَ لِنَفْسِهِ بِقَلِيلٍ وَلِغَيْرِهِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَبِوَصِيَّةٍ إلَخْ) إلَّا أَنَّ الْبَاءَ فِي بِكَثِيرٍ لِلتَّعْدِيَةِ، وَفِي بِوَصِيَّةٍ لِلظَّرْفِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَا مَنْ شَهِدَ لَهُ) الْأَوْلَى تَجْرِيدُهُ مِنْ لَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ سِلْكِ مَا قَبْلَهُ وَتَوَهُّمُ عَطْفِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ لَيْسَ بِمُسَوِّغٍ لَهُ ذَلِكَ ثُمَّ فِيهِ تَعَدَّى فِعْلُ الْفَاعِلِ الْمُتَّصِلِ إلَى ضَمِيرِهِ الْمُتَّصِلِ، وَذَلِكَ خَاصٌّ بِأَفْعَالِ الْقُلُوبِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ قَوْلَهُ لَهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِ شَهِدَ، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِمَا بَعْدَهُ، وَهُوَ كَثِيرٌ، وَفِيهِ تَكَلُّفٌ، وَفِي الْكَلَامِ رَكَّةٌ ذَكَرَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: فَهُمْ مِنْ الْمُقَابَلَةِ) أَيْ مُقَابَلَتِهِ لِقَوْلِهِ وَلِغَيْرِهِ بِكَثِيرٍ، وَيُنَاقَشُ بِأَنَّ الْمُقَابَلَةَ تُفِيدُ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِالْيَسِيرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَتْ بِخَطِّ الْمَيِّتِ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ رَجَعَ عَنْهَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَلَا تُقْبَلُ لَهُ، وَلَا لِغَيْرِهِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْمُوصِيَ قَدْ يَخْشَى مُعَاجَلَةَ الْمَوْتِ، وَلَا يَجِدُ غَيْرَ الْمُوصَى لَهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ هَذَا الشَّاهِدُ فَقِيرًا) فِي عب خِلَافُهُ فَإِنْ قَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَعْضُ فَقِيرًا بِحَيْثُ لَا يَغْرَمُ شَيْئًا فِي الدِّيَةِ وَاسْتَغْنَى عَنْ تَقْيِيدِ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ: دَفَعَ إلَخْ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ تت وَبَهْرَامُ تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ التَّقْيِيدُ. (قَوْلُهُ ضَرَرًا) أَيْ وَهُوَ غُرْمُ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ فِي الْمَعْنَى إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلٍ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ حِينَئِذٍ لَا بِالْغَفْلَةِ، وَلَا بِالدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ يَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ تَقْدِيرِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مَا يُنَافِي ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: الْمُدَانِ الْمُعْسِرِ إلَخْ) أَيْ إنْ حَلَّ الدَّيْنُ أَوْ قَرُبَ حُلُولُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ بِسَبِّهِ) بِسِينٍ وَبَاءٍ كَمَا فِي الشَّارِحِ أَيْ السَّبُّ الْمَعْلُومُ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِنَقْلِ ابْنِ زَرْقُونٍ) أَيْ فَإِنَّهُ يَقُولُ: تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ فِيمَا عَدَا الْمَالَ قَالَهُ أَهْلُ النَّظَرِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ كَانَ ثَابِتًا) لَكِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ الْآنَ بِالْحَبْسِ، وَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا فَعَلَى هَذَا لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمَدِينِ مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ: وَلَا مُفْتٍ) وَلَا حَاضِرٍ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمُفْتِي) وَمِثْلُهُ الْمُصْلِحُ بَيْنَ الْجَمَاعَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِالصُّلْحِ؛ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَادَّعَى نِيَّةَ ذَلِكَ) أَيْ وَسُئِلَ الْمُفْتِي عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ: إنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْك الطَّلَاقُ حَيْثُ نَوَيْت ثُمَّ وَطِئْت بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: خِلَافُ مَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَلَوْ نَوَى الْبَاطِنَ مَعَ أَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ عِنْدَ النِّيَّةِ هَكَذَا عِنْدَ الْمُفْتِي، وَأَمَّا الْقَاضِي فَيَحْكُمُ بِالطَّلَاقِ، وَلَا يَنْظُرُ لِتِلْكَ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ لِلظَّاهِرِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ مَسَائِلَ يُقْبَلُ فِيهَا عِنْدَ الْمُفْتِي دُونَ الْقَاضِي وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، وَإِلَّا رَفَعَ إلَخْ رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ كَانَ مِمَّا يُنْوَى فِيهِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ: كَمَا إذَا أَقَرَّ إلَخْ مَعْنَاهُ إنَّهُ أَقَرَّ عِنْدَ الْقَاضِي بِأَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ أَوْ بِأَنَّهُ زَنَى ثُمَّ اسْتَفْتَى الْمُفْتِيَ قَائِلًا لَهُ: أَنَا نَوَيْت بِقَوْلِي ذَلِكَ الطَّلَاقَ، أَوْ نَوَيْت الزِّنَا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: ثُمَّ أَنْكَرَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ بَعْدُ: وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَا اسْتَفْتَاهُ فِيهِ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>