للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُرَى الصَّعِيدِ يَأْتِي رَجُلٌ مِمَّنْ يُسْخَرُ بِهِ لِكَبِيرِ الْقَرْيَةِ فَيَجْعَلُ عَلَيْهِ فَرْوَةً مَقْلُوبَةً أَوْ حَصِيرًا يَخْرِقُهَا فِي رَقَبَتِهِ وَيَرْكَبُهُ فَرَسًا، وَيَتْبَعُهُ رَعَاعُ النَّاسِ وَحَوْلَهُ جَمَاعَةٌ يَقْبِضُونَ عَلَى مَنْ أَمَرَهُمْ بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ، وَلَا يُطْلِقُونَهُ إلَّا بِشَيْءٍ يَدْفَعُهُ لَهُمْ أَوْ يَعِدُهُمْ بِهِ اهـ.

وَمِنْهَا الْمَطْلُ مِنْ الْغَنِيِّ بِإِعْطَاءِ الْحَقِّ؛ لِأَنَّهُ أَذِيَّةٌ لِلْمُسْلِمِ فِي مَالِهِ، وَالْمَطْلُ تَأْخِيرُ الدَّفْعِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْحَقِّ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الدَّفْعِ، وَلَوْ لَمْ يَطْلُبْ رَبُّ الدَّيْنِ الْوَفَاءَ اسْتِحْيَاءً مِنْ طَلَبِهِ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ بَحْثِ الْمُؤَلِّفِ فِي تَوْضِيحِهِ وَهَذَا إذَا تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ، وَمِنْهَا تَكْرَارُ الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ أَوْ الطَّلَاقِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ مِنْ أَيْمَانِ الْفُسَّاقِ» فَسُمِّيَ الْحَالِفُ بِذَلِكَ فَاسِقًا، وَهُوَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَمِنْهَا مَجِيئُهُ لِمَجْلِسِ الْقَاضِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ بِلَا عُذْرٍ وَبِعِبَارَةٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةٍ بِلَا عُذْرٍ قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَمِنْ بَابٍ أَوْلَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي يَوْمٍ، وَمِنْهَا التِّجَارَةُ إلَى بِلَادِ الْحَرْبِ أَوْ إلَى بِلَادِ السُّودَانِ لَا إنْ دَخَلَهَا لِمُفَادَاةِ أَسِيرٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَهُمْ أَوْ أَدْخَلَتْهُ الرِّيحُ غَلَبَةً، وَمِنْهَا الِانْتِفَاعُ بِمَا عَلِمَ غَصْبَهُ، وَمِنْهَا مَنْ سَكَنَ مَعَ وَلَدِهِ الَّذِي يُكْثِرُ شُرْبَ الْخَمْرِ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى مَنْعِهِ أَوْ إزَالَتِهِ، وَلَمْ يُغَيِّرْهُ وَغَيْرُ الْوَلَدِ أَوْلَى، وَلَا مَفْهُومَ لِلشُّرْبِ بَلْ غَيْرُهُ مِنْ الْمَعَاصِي كَذَلِكَ ثُمَّ إنَّ الْكَثْرَةَ الْمَفْهُومَةَ مِنْ صِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ بِالْعُرْفِ أَوْ تُفَسَّرُ بِمَا فُسِّرَ بِهِ إدَامَةُ الشِّطْرَنْجِ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ بَعْضٌ، وَمِنْهُ وَطْءُ مَنْ لَا تُوطَأُ شَرْعًا كَمَنْ اشْتَرَى أَمَةً فَوَطِئَهَا قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا أَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فِي حَيْضِهَا أَوْ عَادَةً كَوَطْءِ مَنْ لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ

وَمِنْهَا إذَا كَانَ يَلْتَفِتُ فِي صَلَاتِهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَسَوَاءٌ كَانَتْ صَلَاتُهُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اكْتِرَاثِهِ بِهَا، وَذَلِكَ مُخِلٌّ لِلْمُرُوءَةِ، وَلَعَلَّ هَذَا إذَا كَثُرَ ذَلِكَ مِنْهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، وَكَذَا مَنْ أَخَّرَ صَلَاتَهُ عَنْ وَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيِّ عَمْدًا، وَمِنْهَا مَنْ اقْتَرَضَ حِجَارَةً مِنْ حِجَارَةِ الْمَسْجِدِ أَوْ لَبِنًا، وَهُوَ عَالِمٌ بِالتَّحْرِيمِ، وَلَا مَفْهُومَ لِلْمَسْجِدِ بَلْ الْحَبْسُ مُطْلَقًا، وَلَا مَفْهُومَ لِلْحِجَارَةِ، وَمِنْهَا مَنْ لَمْ يُحْكِمْ الْوُضُوءَ أَوْ الْغُسْلَ مِنْ الْجَنَابَةِ وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ أَحْكَامَ الزَّكَاةِ حَيْثُ لَزِمَتْهُ فَمَعْنَى إحْكَامٍ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ إتْقَانٌ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ نَقْلُ الشَّارِحِ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ لَمْ يُحْكِمْ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ أَيْ لَمْ يُتْقِنْهُمَا ثُمَّ لَا مَفْهُومَ لِلْوُضُوءِ بَلْ كُلُّ مَا يَلْزَمُهُ فِعْلُهُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَيَتْبَعُهُ رَعَاعُ النَّاسِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْعَيْنِ أَيْ سَفَلَةُ النَّاسِ (قَوْلُهُ: الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ مِنْ أَيْمَانِ الْفُسَّاقِ) قَالَ تت وَلَعَلَّهُ إذَا تَكَرَّرَ ذَلِكَ لَا بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ اهـ.

وَغَيْرُهُ جَزَمَ بِذَلِكَ غَيْرَ أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ السَّخَاوِيَّ قَالَ: لَمْ أَقِفْ عَلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ وَذَكَرَهُ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَذَكَرَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ فِي تَأْلِيفِهِ أَنَّهُ مَرْفُوعٌ وَظَهَرَ مِمَّا قُلْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّكْرَارِ مَا زَادَ عَلَى مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَأَقُولُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ -: مُرَادُهُ بِالْفَاسِقِ مَنْ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ لَا مَنْ ارْتَكَبَ مُحَرَّمًا (قَوْلُهُ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إلَخْ) ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَإِنَّمَا لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ لِاتِّهَامِهِ أَنَّ لَهُ خُصُوصًا بِالْقَاضِي أَوْ؛ لِأَنَّهُ يَطَّلِعُ عَلَى الْخُصُومَةِ وَغَيْرِهَا فَيَتَحَيَّلُ فِي تَحْرِيفِ الْخُصُومَةِ وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِلَا عُذْرٍ) وَأَمَّا إذَا كَانَ الْعُذْرُ كَحَاجَةٍ أَوْ عِلْمٍ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ قَادِحًا (قَوْلُهُ: التِّجَارَةُ إلَى بِلَادِ الْحَرْبِ) إذَا كَانَتْ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْحَرْبِيِّينَ، وَقَيَّدَهُ أَبُو إِسْحَاقَ بِمَا إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْإِطْلَاقُ اهـ.

وَمِثْلُ التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ تِجَارَةُ مَنْ لَيْسَ بِعَالِمٍ بِأَحْكَامِ التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ إلَى بِلَادِ السُّودَانِ إلَخْ) رَأَيْت النَّقْلَ عَنْ ابْنِ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي السَّفَرِ لِلسُّودَانِ خَوْفُ جَرَيَانِ أَحْكَامِ الشِّرْكِ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: إنَّ سَفَرَ السُّودَانِ غَيْرُ جُرْحَةٍ، وَقِيلَ: بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ عِلْمِ جَرَيَانِ أَحْكَامِ الشِّرْكِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ إلَى بِلَادِ السُّودَانِ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ مُشَارِكٌ لَهُ فِي الْكُفْرِ فَأَرَادَ بِبِلَادِ الْحَرْبِ أَيْ مِنْ الرُّومِ أَيْ؛ لِأَنَّهُمْ الَّذِينَ شَأْنُهُمْ الْحَرْبُ وَالسُّودَانُ لَيْسَ شَأْنُهُمْ الْحَرْبَ، وَإِنْ اشْتَرَكُوا فِي الْكُفْرِ كَمَا قُلْنَا

(قَوْلُهُ: الِانْتِفَاعُ بِمَا عَلِمَ غَصْبَهُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ قَصَدَ حِلَّ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَسُكْنَى مَغْصُوبَةٍ وَأَشَارَ إلَى أَنَّ السُّقُوطَ لِلشَّهَادَةِ لَا يَتَقَيَّدُ بِسُكْنَى الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ، بَلْ الْمَدَارُ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِمَا عَلِمَ غَصْبَهُ كَالطَّحْنِ عَلَى دَابَّةٍ مَغْصُوبَةٍ (قَوْلُهُ: يُكْثِرُ شُرْبَ الْخَمْرِ) تَفْسِيرٌ لِشَرِّيبٍ (قَوْلُهُ: وَالْحَالُ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى مَنْعِهِ) أَيْ مَنْعِ وَلَدِهِ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ إزَالَتِهِ أَيْ إزَالَةِ ذَلِكَ الْمُنْكَرِ هَذَا أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ كَأَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ الدَّارِ إذَا لَمْ يَنْزَجِرْ، وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ أَوْضَحُ وَنَصُّهُ وَهَذَا إذَا عَلِمَ بِهِ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ مَعَ الْقُدْرَةِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ، أَوْ أَنْكَرَ جَهْدَهُ وَلَمْ يَنْزَجِرْ أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّغْيِيرِ، وَلَا عَلَى الِانْتِقَالِ عَنْهُ لَمْ تَسْقُطْ شَهَادَتُهُ إذَا هَجَرَهُ طَاقَتَهُ وَغَيْرُ الْوَلَدِ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ تُفَسَّرُ بِمَا فَسَّرَ بِهِ الْإِدَامَةَ فِي الشِّطْرَنْجِ) فَسَّرَ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الْإِدَامَةَ فِي الشِّطْرَنْجِ بِأَنْ يَلْعَبَ فِي السَّنَةِ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ وَبَعْضُ الْأَشْيَاخِ بِمَرَّةٍ فِي السَّنَةِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ هَذَا إذَا أَكْثَرَ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ) أَيْ وَيَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ مَنْ أَخَّرَ صَلَاتَهُ عَنْ وَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيِّ) مُفَادُهُ أَنَّهُ إذَا انْتَبَهَ فِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ وَأَخَّرَهَا إلَى أَنْ خَرَجَ الْوَقْتُ الضَّرُورِيُّ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَبِاقْتِرَاضِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ اشْتَرَيْت مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ لِأَجْلِ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَأَمَّا إذَا اقْتَرَضَ النَّاظِرُ مَا يَحْصُلُ مِنْ غَلَّتِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ اقْتِرَاضِ الْوَدِيعَةِ وَانْظُرْ هَلْ الِاقْتِرَاضُ تُرَدُّ بِهِ لِكَوْنِهِ كَبِيرَةً أَوْ لِكَوْنِهِ يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَالِمٌ بِالتَّحْرِيمِ) سَوَاءٌ كَانَ الْمَسْجِدُ عَامِرًا أَوْ خَرَابًا سَوَاءٌ كَانَ يَحْتَاجُ لِتِلْكَ الْحِجَارَةِ أَمْ لَا تُرْجَى عِمَارَتُهُ أَمْ لَا، وَأَمَّا إنْ جَهِلَ فَلَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ كَمَا فِي النَّوَادِرِ عَنْ سَحْنُونَ

(قَوْلُهُ: بَلْ الْحَبْسُ مُطْلَقًا) كَانَ مَسْجِدًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ أَحْكَامَ الزَّكَاةِ إلَخْ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ الْمُنَاسِبُ لِمَا قَبْلَهُ أَنْ يَقُولَ

<<  <  ج: ص:  >  >>