فِيهَا بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ لَهُ عَلَى عَيْنِهِ فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى سُؤَالِهِ، وَيُمَكَّنُ مِنْ الذَّهَابِ بِهِ إلَى الْبَلَدِ الَّذِي طَلَبَهُ وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ لَمْ تَقْطَعْ وَاوُ الْحَالِ؛ لِأَنَّهَا إذَا قَطَعَتْ بِأَنْ قَالَتْ لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ ثِقَاتٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ هَذَا عَبْدُهُ فَيَكْفِي وَلَا يَحْتَاجُ لِلشَّهَادَةِ عَلَى عَيْنِهِ وَيُمْكِنُ إبْقَاءُ الْوَاوِ عَلَى حَالِهَا لِلْمُبَالَغَةِ، وَيَكُونُ مَا قَبْلَهَا حَيْثُ كَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بِيَدِ حَائِزٍ أَوْ بِيَدِهِ، وَلَمْ يَحْلِفْ الطَّالِبُ مَعَهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ: أَوْ سَمَاعًا يَثْبُتُ بِهِ أَيْ سَمَاعًا فَاشِيًا بِشَرْطِهِ بِأَنْ يَكُونَ سَمَاعًا فَاشِيًا، وَلَمْ يَكُنْ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بِيَدِ حَائِزٍ وَحَلَفَ مَعَهَا.
(ص) لَا إنْ انْتَفَيَا وَطَلَبَ إيقَافَهُ لِيَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ بِكَيَوْمَيْنِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ بَيِّنَةً حَاضِرَةً أَوْ سَمَاعًا يَثْبُتُ بِهِ فَيُوقَفُ وَيُوَكَّلُ بِهِ فِي كَيَوْمٍ (ش) ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ يَرْجِعُ لِلْعَدْلِ وَلِبَيِّنَةِ السَّمَاعِ أَيْ فَإِنْ لَمْ يُقِمْ الْمُدَّعِي عَدْلًا، وَلَا شَهَادَةَ سَمَاعٍ وَطَلَبَ إيقَافَ الْعَبْدِ أَوْ غَيْرِهِ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ وَطَلَبَ وَضْعَ قِيمَتِهِ لِيَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُجَابُ إلَى ذَلِكَ وَلَوْ كَانَتْ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمَيْنِ وَنَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ بِذَلِكَ إضْرَارَ الْمَالِكِ وَإِبْطَالَ مَنْفَعَةِ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى فِيهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَلَوْ قَالَ: لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ تَشْهَدُ لِي بِمَا ادَّعَيْت بِهِ أَوْ قَالَ: عِنْدِي بَيِّنَةٌ بِالسَّمَاعِ الْفَاشِي الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ الْحَقُّ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُوقِفُ الشَّيْءَ الْمُدَّعَى فِيهِ وَيُوَكِّلُ الرَّسُولَ بِحِفْظِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَنَحْوِهِ فَإِنْ جَاءَ الْمُدَّعِي بِمَا قَالَ عُمِلَ بِمُقْتَضَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِمَا قَالَ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُحَلِّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ وَيُسَلِّمُ إلَيْهِ ذَلِكَ الشَّيْءَ الْمُدَّعَى فِيهِ وَيُخَلِّي سَبِيلَهُ مِنْ غَيْرِ كَفِيلٍ.
(ص) وَالْغَلَّةُ لِلْقَضَاءِ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْغَلَّةَ تَكُونُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى يَوْمِ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ كَانَ مِنْهُ وَأَمَّا النَّفَقَةُ عَلَى الْمُدَّعَى فِيهِ مِنْ يَوْمِ الدَّعْوَى إلَى يَوْمِ الْقَضَاءِ فَإِنَّهَا تَكُونُ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْغَيْبَ كَشَفَ أَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ
ــ
[حاشية العدوي]
الْقَاضِي (قَوْلُهُ: فَيَكْفِي) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّهَادَةِ عَلَى عَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْتَاجُ لِلشَّهَادَةِ عَلَى عَيْنِهِ) أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا عَيَّنَتْهُ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ مَا قَبْلَهَا) أَيْ هَذَا إذَا قَطَعَتْ بِأَنْ قَالَتْ: لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ هَذَا عَبْدُهُ بَلْ، وَإِنْ لَمْ تَقْطَعْ أَيْ وَيُحْمَلُ مَا قَبْلَهَا عَلَى مَا إذَا فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ السَّمَاعِ وَهُمَا الْحَلِفُ وَأَنْ لَا يَكُونَ بِيَدِ حَائِزٍ (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بِيَدِ حَائِزٍ) ، وَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ أَنَّ الْبَيِّنَةَ إذَا قَطَعَتْ بِأَنْ قَالَتْ: إنَّهُ عَبْدُ زَيْدٍ، وَالْحَالُ أَنَّ الْعَبْدَ فِي يَدِ خَالِدٍ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُهُ أَمَّا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ بِيَدِ رَبِّهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِ أَحَدٍ وَقَطَعَتْ بَيِّنَةُ السَّمَاعِ، وَحَلَفَ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَأْخُذُهُ هَذَا حَاصِلُ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ وَلَكِنَّ الصَّوَابَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَطْعِ الْجَزْمُ بِالْمَشْهُودِ بِهِ، وَعَدَمُ الْقَطْعِ هُوَ غَلَبَةُ ظَنِّهِمْ بِذَلِكَ، وَأَمَّا كَوْنُهُ عَيَّنَهُ أَوْ مَثَّلَهُ فَلَا تَعَلُّقَ لَنَا بِهِ بَلْ الْمَوْضُوعُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّهَا لَمْ تُعَيِّنْهُ لَكِنْ تَارَةً تَجْزِمُ بِذَهَابِ عَبْدٍ لَهُ وَتَارَةً لَا، وَلَوْ عَيَّنَتْهُ قُبِلَتْ فِي كِلَا الْقِسْمَيْنِ عَلَى مَا هُوَ الْمَعْلُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَفَادَ ذَلِكَ الْمُحَقِّقُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ: بِيَدِ حَائِزٍ) أَيْ غَيْرِ الْمُدَّعِي، وَقَوْلُهُ: أَوْ بِيَدِهِ أَيْ بِيَدِ الْمُدَّعِي، وَهُوَ الطَّالِبُ فَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَحْلِفْ أَيْ الطَّالِبُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بِيَدِ حَائِزٍ) وَإِنَّمَا شُرِطَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ السَّمَاعِ لَا يُنْزَعُ بِهَا مِنْ يَدِ حَائِزٍ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يُجَابُ إلَى ذَلِكَ) أَيْ وَمِنْ بَابٍ أَوْلَى لَوْ طَلَبَ وَضْعَ قِيمَتِهِ وَيَذْهَبُ بِهِ لِبَلَدٍ لِيَشْهَدَ لَهُ عَلَى عَيْنِهِ لَا يُجَابُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يُجَابُ مَعَ الْعَدْلِ أَوْ بَيِّنَةِ السَّمَاعِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمَيْنِ وَنَحْوِهِمَا) الْمُرَادُ أَوْ نَحْوِهِمَا كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ، وَصَرَّحَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ بِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ الثَّلَاثَةُ الْأَيَّامِ، وَأَقُولُ: إذَا كَانَ الْحَالُ كَذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ لِلْكَافِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يُجَابُ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمَيْنِ فَأَوْلَى الثَّلَاثَةُ (قَوْلُهُ: بَيِّنَةً حَاضِرَةً إلَخْ) أَيْ بِالْبَلَدِ كَمَا فِي شَرْحِ عب (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ عِنْدِي بَيِّنَةٌ بِالسَّمَاعِ) أَيْ السَّمَاعِ الْحَاضِرِ كَمَا أَفَادَهُ عج صَرِيحًا وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ بَعْضُ الشُّيُوخِ مِنْ شُيُوخِنَا وَغَيْرِهِمْ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَمَا قَالَهُ ابْنُ فُجْلَةَ مِنْ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَسَافَةُ بَعِيدَةً وَسَلَّمَهُ لَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَيُوَكِّلُ الرَّسُولَ بِحِفْظِهِ) أَيْ بِحِفْظِ ذَلِكَ الْمَوْقُوفِ فَقَدْ قَالَ اللَّقَانِيِّ: وَيُوَكِّلُ بِهِ أَيْ وَهُوَ مَوْقُوفٌ وَقَوْلُهُ بِهِ أَيْ بِالْمُدَّعَى فِيهِ أَيْ يُوَكِّلُ بِهِ مَنْ يَحْفَظُهُ حَتَّى يَأْتِيَ الْمُدَّعِيَ بِبَيِّنَةٍ أَقُولُ: حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا انْتَفَى الْإِتْيَانُ بِالْعَدْلِ وَالسَّمَاعِ الَّذِي لَا يَثْبُتُ بِهِ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَشْهَدْ عَلَى عَيْنِهِ وَطَلَبَ إيقَافَهُ لِيَأْتِيَ بِبَيِّنَتِهِ الَّتِي عَلَى يَوْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لَا يُجَابُ لِذَلِكَ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمٍ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا ادَّعَى بَيِّنَةً حَاضِرَةً بِالْبَلَدِ فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى الْإِيقَافِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَأْتِي فِيهِ قَوْلُهُ: وَيُوَكِّلُ بِهِ فِي كَيَوْمٍ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ أَوْ سَمَاعًا يَثْبُتُ بِهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ سَمَاعًا حَاضِرًا، وَمَعْنَى يَثْبُتُ بِهِ أَيْ بِأَنْ تَشْهَدَ عَلَى عَيْنِهِ بِأَنْ تَقُولَ هَذَا عَبْدُ فُلَانٍ فَإِذَا كَانَ الْمُرَادُ سَمَاعًا حَاضِرًا فَلَا يَأْتِي قَوْلُهُ: وَيُوَكِّلُ بِهِ فِي كَيَوْمٍ كَمَا لَمْ يَأْتِ فِي قَوْلِهِ بَيِّنَةً حَاضِرَةً وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ ذَكَرَ خِلَافَهُ فَقَالَ: وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَسَافَةُ بَعِيدَةً وَسَلَّمَهُ قَائِلًا فَإِنْ قِيلَ: قَدْ سَبَقَ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى بَيِّنَةً عَلَى مَسَافَةِ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ لَا يُجَابُ لِذَلِكَ وَجَعَلُوهُ هُنَا يُجَابُ مَعَ أَنَّهُ أَضْعَفُ مِنْ الْبَيِّنَةِ فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ تَحْتَاجُ لِتَزْكِيَةٍ، وَقَدْ يُجَرَّحُ فِيهَا بِخِلَافِ السَّمَاعِ الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ كَمَا قَالَ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى شَيْءٍ آخَرَ؛ فَلِذَلِكَ أُجِيبَ فِي السَّمَاعِ، وَلَمْ يُجَبْ فِي الْبَيِّنَةِ اهـ.
ثُمَّ أَقُولُ: وَقَوْلُ الشَّيْخِ أَحْمَدَ ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَسَافَةُ بَعِيدَةً يَتَّكِدُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فِي كَيَوْمٍ فَإِنَّ غَايَةَ مَا تُدْخِلُ الْكَافُ يَوْمًا فَالْجُمْلَةُ يَوْمَانِ فَلَا بُعْدَ وَاَلَّذِي يَتَحَرَّرُ وَيَزُولُ بِهِ التَّعَبُ أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ: حَاضِرَةً وَمِثْلُهَا مَا كَانَ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَإِنْ بِكَيَوْمَيْنِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ سَمَاعًا أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا لَكِنْ عَلَى مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ كَيَوْمَيْنِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَيُوَكِّلُ بِهِ فِي كَيَوْمٍ، وَيَكُونُ مُرْتَبِطًا بِقَوْلِهِ أَوْ سَمَاعًا يَثْبُتُ بِهِ فَقَطْ وَيَسْأَلُ حِينَئِذٍ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيِّنَةِ وَالسَّمَاعِ فَقَدْ قُلْتُمْ إنَّ السَّمَاعَ الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمَيْنِ يُجَابُ لَهُ بِخِلَافِ الْبَيِّنَةِ فَلَا يُغْتَفَرُ إلَّا مَا كَانَ عَلَى مَسَافَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute