للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ يَوْمِ الْإِيقَافِ وَأَمَّا النَّفَقَةُ فِي ذَهَابِهِ إلَى مَوْضِعِ الْبَيِّنَةِ فَعَلَى الذَّاهِبِ بِهِ وَبِعِبَارَةٍ: وَالنَّفَقَةُ أَيْ فِي زَمَنِ الْإِيقَافِ، وَمِنْهُ زَمَنُ الذَّهَابِ بِالْعَبْدِ لِبَلَدٍ يَشْهَدُ فِيهِ أَنَّهُ لِلْمُدَّعِي كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَأَمَّا قَبْلَ الْإِيقَافِ فَالنَّفَقَةُ عَلَى مَنْ هُوَ بِيَدِهِ كَمَا أَنَّ لَهُ الْغَلَّةَ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ فِي تَبْصِرَتِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَالنَّفَقَةُ إلَخْ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ غَلَّةٌ أَوْ لَا، وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

(ص) وَجَازَتْ عَلَى خَطِّ مُقِرٍّ بِلَا يَمِينٍ (ش) الشَّهَادَةُ عَلَى الْخَطِّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ تَارَةً تَكُونُ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ وَتَارَةً تَكُونُ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ الْمَيِّتِ أَوْ الْغَائِبِ غَيْبَةً بَعِيدَةً وَتَارَةً تَكُونُ عَلَى خَطِّ نَفْسِهِ وَبَدَأَ بِالْأُولَى وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ جَائِزَةٌ وَالْمُرَادُ بِالْإِقْرَارِ كِتَابَتُهُ فَإِذَا شَهِدَ عَدْلَانِ عَلَى خَطِّ شَخْصٍ فِي وَرَقَةٍ مَكْتُوبَةٍ بِالشُّرُوطِ الْآتِيَةِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِهَا، وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ كَالشَّهَادَةِ عَلَى اللَّفْظِ وَلَوْ شَهِدَ عَدْلٌ وَاحِدٌ حَلَفَ الطَّالِبُ وَاسْتَحَقَّ فَالضَّمِيرُ فِي جَازَتْ لِلشَّهَادَةِ أَيْ أَدَاؤُهَا، وَقَوْلُهُ: عَلَى خَطِّ مُقِرٍّ أَيْ مَنْ كَانَ مُقِرًّا وَأَمَّا الْآنَ فَهُوَ مُنْكِرٌ أَوْ سَمَّاهُ مُقِرًّا بِاعْتِبَارِ خَطِّهِ إذْ فِيهِ أَقَرَّ فُلَانٌ أَنَّ لِفُلَانٍ عِنْدَهُ كَذَا مَثَلًا، وَقَوْلُهُ: بِلَا يَمِينٍ أَيْ مُتَمِّمَةٍ لِلنِّصَابِ مَعَ الشَّاهِدَيْنِ وَأَمَّا مَعَ الشَّاهِدِ فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينٍ مُتَمِّمَةٍ لِلنِّصَابِ وَأَمَّا يَمِينُ الْقَضَاءِ فَلَا بُدَّ مِنْهَا مُطْلَقًا، وَهِيَ أَنْ يَحْلِفَ مَا بَاعَ، وَلَا وَهَبَ وَلَا أَبْرَأَ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَلَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ إلَّا عَدْلَانِ، وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ مِمَّا يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ أَوْ الْمَرْأَتَيْنِ مَعَ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى خَطِّ الْوَاحِدِ كَالنَّقْلِ عَنْهُ، وَلَا يَنْقُلُ عَنْهُ إلَّا اثْنَانِ، وَلَوْ فِي الْمَالِ كَمَا صَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَإِذَا كَانَ هَذَا الْأَمْرُ ثَابِتًا فِي الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ الَّتِي هِيَ أَقْوَى فَأَوْلَى أَنْ يَجْرِيَ ذَلِكَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ الْمَيِّتِ أَوْ الْغَائِبِ الَّتِي هِيَ ضَعِيفَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى تِلْكَ لَكِنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ لَا بُدَّ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى خَطِّ كُلِّ شَاهِدٍ شَاهِدَانِ كَمَا يَأْتِي فِي شَهَادَةِ النَّقْلِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ بِلَا يَمِينٍ أَيْ لِتَكْمِيلِ النِّصَابِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَحْلِفُ يَمِينَ الْقَضَاءِ كَمَا إذَا كَانَ الْمُقِرُّ بِخَطِّهِ مَيِّتًا أَوْ غَائِبًا فِي بَعْضِ صُوَرِهِ، وَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إلَّا مِنْ الْفَطِنِ الْعَارِفِ بِالْخُطُوطِ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ قَدْ أَدْرَكَ ذَا الْخَطِّ.

(ص) وَخَطِّ شَاهِدٍ مَاتَ أَوْ غَابَ بِبُعْدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ الْمَيِّتِ جَائِزَةٌ بِشُرُوطِهَا الْآتِيَةِ وَكَذَلِكَ الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ الْغَائِبِ جَائِزَةٌ بِشَرْطِ بُعْدِ الْغَيْبَةِ فَلَا تَجُوزُ فِي قُرْبِ الْغَيْبَةِ

ــ

[حاشية العدوي]

يَوْمٍ فَقَطْ، وَيُقَالُ فِيهِ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ مِنْ الْفَرْقِ الَّذِي أَبْدَاهُ عَلَى فَهْمِهِ وَظَهَرَ أَنَّ السَّمَاعَ الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ بِأَنْ تَقُولَ: لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ هَذَا عَبْدُهُ، وَالسَّمَاعُ الْمُتَقَدِّمُ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ: أَوْ بَيِّنَةٌ سَمِعْت سَمَاعًا لَا يَثْبُتُ بِهِ بِأَنْ تَقُولَ: لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ هَرَبَ لَهُ عَبْدٌ مِثْلُ هَذَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا التَّقْدِيرَ لَا مَحِيصَ عَنْهُ فَاحْفَظْهُ فَإِنْ قُلْت لَا حَاجَةَ لِوَضْعِ الْقِيمَةِ مَعَ كَوْنِ الْعَبْدِ بَاقِيًا عِنْدَ الْقَاضِي، وَلَمْ يَأْخُذْهُ قُلْت إنَّمَا اُحْتِيجَ لِذَلِكَ خَوْفًا مِنْ هُرُوبِ الْعَبْدِ، وَلَا يَأْتِي بِبَيِّنَةٍ فَيَضِيعُ الْعَبْدُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ قُلْت: إذَا كَانَ الرَّسُولُ يُوَكِّلُهُ بِحِفْظِهِ فِي الْيَوْمِ وَنَحْوِهِ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْبَيِّنَةِ حَاضِرَةً بِالْبَلَدِ بَلْ مَتَى كَانَ كَذَلِكَ فَالْمَدَارُ عَلَى الْبَيِّنَةِ كَانَتْ حَاضِرَةً أَمْ لَا قُلْت: غَيْبَةُ الْبَيِّنَةِ مَظِنَّةُ الطُّولِ فَيَحْصُلُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الضَّرَرُ.

(قَوْلُهُ: فَعَلَى الذَّاهِبِ بِهِ) وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يَذْهَبُ بِهِ إلَّا الْمُدَّعِي أَيْ فَالنَّفَقَةُ عَلَى كُلِّ حَالٍ عَلَى الْمُدَّعِي وَقَعَ الْقَضَاءُ لَهُ أَوْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَظْهَرُ بِذَلِكَ مُغَايَرَةُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ لِمَا بَعْدَهَا، وَاَلَّذِي يُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْآتِيَةُ كَمَا يُفِيدُهُ بَعْضُهُمْ، وَقَوْلُهُ: أَيْ فِي زَمَنِ الْإِيقَافِ، وَهُوَ مِنْ يَوْمِ الدَّعْوَى إلَى يَوْمِ الْقَضَاءِ فَالتَّخَالُفُ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ إنَّمَا هُوَ فِي نَفَقَةِ الذَّهَابِ فَقَطْ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ تَلَامِذَةِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) اعْلَمْ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَنَفَقَةُ الْعَبْدِ فِي الْإِيقَافِ عَلَى مَنْ يُقْضَى لَهُ بِهِ أَيْ، وَأَمَّا قَبْلَ الْإِيقَافِ فَالْغَلَّةُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا فِيهِ حَيْلُولَةٌ ثُمَّ قَالَ: وَالْغَلَّةُ أَبَدًا لِلَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهَا مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ بِهَا لِلطَّالِبِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: النَّفَقَةُ وَالْغَلَّةُ لِمَنْ ذَلِكَ بِيَدِهِ، وَقِيلَ لِمَنْ يُقْضَى لَهُ بِهِ، وَالتَّفْصِيلُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ قَالَ: وَمَذْهَبُ الْكِتَابِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ مَنْ لَهُ الْغُنْمُ عَلَيْهِ الْغُرْمُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ جَوَابًا عَنْ الْإِشْكَالِ وَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا ادَّعَى الْعَبْدَ كَأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّ نَفَقَتَهُ عَلَيْهِ فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي الْغَلَّةِ؛ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ فِيهَا اهـ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ كَمَا أَنَّ لَهُ الْغَلَّةَ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ أَيْ قَبْلَ الْإِيقَافِ.

(قَوْلُهُ: وَجَازَتْ عَلَى خَطِّ إلَخْ) أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ الْخَطِّ (قَوْلُهُ: بِنَاءً إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا حُكِمَ لَهُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ فَهَلْ ذَلِكَ بِيَمِينٍ مَعَ الشَّاهِدَيْنِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا: يُحْكَمُ لَهُ بِمُجَرَّدِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ، وَالثَّانِيَةُ: لَا يُحْكَمُ بِذَلِكَ حَتَّى يَحْلِفَ مَعَهَا، وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ يُنَزَّلُ الشَّاهِدَانِ عَلَى خَطِّهِ مَنْزِلَةَ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْإِقْرَارِ أَوْ مَنْزِلَةَ الشَّاهِدِ فَقَطْ لِضَعْفِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ (قَوْلُهُ: حَلَفَ الطَّالِبُ وَاسْتَحَقَّ) سَيَأْتِي أَنَّ الرَّاجِحَ خِلَافُ هَذَا وَأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا إذَا شَهِدَ عَلَى الْخَطِّ شَاهِدَانِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ شَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدًا مَعَ يَمِينٍ فَيُكَرَّرُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فِي الْأَخِيرَةِ.

(تَنْبِيهٌ) : الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ يُنْتَزَعُ بِهَا مِنْ يَدِ حَائِزٍ فَهِيَ أَقْوَى مِنْ شَهَادَةِ السَّمَاعِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا كَانَ هَذَا الْأَمْرُ) أَيْ، وَهُوَ اشْتِرَاطُ الشَّاهِدَيْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْغَائِبِ) أَيْ غَيْبَةً بَعِيدَةً، وَقَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا، وَهُوَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ مَعَ يَمِينِ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: فِي بَعْضِ الصُّوَرِ) ، وَهُوَ مَا إذَا غَابَ غَيْبَةً بَعِيدَةً، وَالْقَرِيبَةُ كَالْحَاضِرِ.

(قَوْلُهُ فَلَا تَجُوزُ فِي قُرْبِ الْغَيْبَةِ إلَخْ) فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْغَيْبَةُ قِسْمَانِ فَقَطْ قَرِيبَةٌ، وَهِيَ مَا لَا يَنَالُ الشَّاهِدَ فِيهِ مَشَقَّةٌ، وَالْبَعِيدَةُ بِخِلَافِهَا وَلَيْسَ هُنَاكَ غَيْبَةٌ مُتَوَسِّطَةٌ، وَجَهْلُ الْمَوْضِعِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْبَعِيدَةِ كَمَا اُسْتُظْهِرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>