الشَّاهِدِ وَ " شَهَادَةَ " مَفْعُولٌ لِسَمَاعِهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ سَمَاعِهِ إيَّاهُ عَطْفٌ عَلَى السَّمَاعِ وَالضَّمِيرُ الْمُضَافُ إلَيْهِ يَعُودُ عَلَى الشَّاهِدِ وَإِيَّاهُ عَائِدٌ عَلَى الْإِخْبَارِ وَذَكَرَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لِيُدْخِلَ نَقْلَ النَّقْلِ وَفِي نُسْخَةٍ إيَّاهَا فَضَمِيرُ سَمَاعِهِ يَعُودُ عَلَى غَيْرِهِ فِي قَوْلِهِ شَهَادَةَ غَيْرِهِ وَضَمِيرُ إيَّاهَا يَعُودُ عَلَى الشَّهَادَةِ وَأَدْخَلَ بِهَا أَيْضًا نَقْلَ النَّقْلِ، وَقَوْلُهُ: كَاشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي وَلَوْ تَسَلْسَلَ وَلَا يُطْلَبُ بِتَارِيخِ النَّقْلِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ رَآهُ يُؤَدِّيهَا مِثَالٌ لِمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْإِشْهَادِ؛ لِأَنَّ سَمَاعَهُ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْقَاضِي يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ قَوْلِهِ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي.
(ص) إنْ غَابَ الْأَصْلُ، وَهُوَ رَجُلٌ بِمَكَانٍ لَا يَلْزَمُ الْأَدَاءُ مِنْهُ (ش) يُشِيرُ بِهَذَا إلَى أَنَّ شَرْطَ جَوَازِ النَّقْلِ أَنْ يَتَعَذَّرَ حُضُورُ شَاهِدِ الْأَصْلِ أَوْ يَتَعَسَّرَ حَيْثُ كَانَ رَجُلًا فَالْحَاضِرُ الْقَادِرُ عَلَى الْأَدَاءِ لَا يَجُوزُ النَّقْلُ عَنْهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْأَصْلُ امْرَأَةً فَإِنَّهُ يَجُوزُ النَّقْلُ عَنْهَا مَعَ حُضُورِهَا لِلضَّرُورَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ غِيَابُهَا كَالرَّجُلِ، وَالْغَيْبَةُ الَّتِي يَسُوغُ النَّقْلُ مَعَهَا هِيَ مَا فَوْقَ الْبَرِيدَيْنِ فَقَوْلُهُ: بِمَكَانٍ مُتَعَلِّقٌ بِ غَابَ أَيْ غَابَ فِي مَكَان لَا يَلْزَمُ الشَّاهِدَ الْأَدَاءُ مِنْهُ، وَهُوَ مَا فَوْقَ الْبَرِيدَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ الشَّيْءُ الْمَشْهُودُ فِيهِ مَالًا أَوْ حَدًّا وَقِيلَ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ النَّقْلِ فِي الْحُدُودِ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ الْأَصْلِيُّ غَائِبًا غَيْبَةً بَعِيدَةً فَوْقَ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَا يَكْفِي فِي الْحُدُودِ الثَّلَاثَةُ الْأَيَّامِ أَوْ مَاتَ أَوْ مَرِضَ) مَعْطُوفٌ عَلَى غَابَ أَيْ وَكَذَلِكَ يَصِحُّ النَّقْلُ إذَا كَانَ الْأَصْلُ قَدْ مَاتَ أَوْ كَانَ مَرِيضًا مَرَضًا شَدِيدًا يَتَعَسَّرُ مَعَهُ الْحُضُورُ إلَى مَحَلِّ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ.
(ص) وَلَمْ يَطْرَأْ فِسْقٌ أَوْ عَدَاوَةٌ بِخِلَافِ جُنَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ النَّقْلِ أَيْضًا أَنْ لَا يَطْرَأَ عَلَى الشَّاهِدِ الْأَصْلِيِّ فِسْقٌ أَوْ عَدَاوَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ قَبْلَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَلَوْ زَالَ الْفِسْقُ عَنْ الْأَصْلِ فَهَلْ يُنْقَلُ عَنْهُ بِالسَّمَاعِ
ــ
[حاشية العدوي]
شَهَادَتِي فَيَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَاشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا إذَا أَدَّى الشَّهَادَةَ عِنْدَ الْقَاضِي وَكَانَ ذَلِكَ بِحَضْرَتِهِ فَيَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ رَآهُ يُؤَدِّيهَا وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ شَهَادَةٌ عِنْدَهُ أَيْ أَدَاءً وَالْأَوْلَى قَصْرُهُ عَلَى الْأَوَّلِ فَيَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَاشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي، وَيَقُولُ: لَوْ تَسَلْسَلَ فَيَدْخُلُ نَقْلُ النَّقْلِ فِي هَذَا (قَوْلُهُ: وَالضَّمِيرُ الْمُضَافُ إلَيْهِ يَعُودُ عَلَى الشَّاهِدِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى هَذَا أَوْ إخْبَارُ الشَّاهِدِ عَنْ سَمَاعِهِ الْإِخْبَارَ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُصَوَّرُ بِمَا إذَا سَمِعَ إخْبَارَ الشَّاهِدِ لِلْقَاضِي فَيَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ رَآهُ يُؤَدِّيهَا فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ نَقْلَ نَقْلٍ، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَالْمُتَبَادَرُ وَنَقْلُ النَّقْلِ دَخَلَ فِي الْأَوَّلِ وَيُصَوَّرُ بِمَا إذَا سَمِعَ الْإِخْبَارَ لِغَيْرِ قَاضٍ كَمَا إذَا سَمِعَ زَيْدٌ عَمْرًا يَقُولُ أَنَا سَمِعْت خَالِدًا يَقُولُ أَنَا أَشْهَدُ بِكَذَا قَائِلًا لِي اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي وَأَنْتَ يَا زَيْدُ تَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِي فَهَذَا نَقْلُ نَقْلٍ، وَهِيَ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَذَكَرَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لِيُدْخِلَ نَقْلَ النَّقْلِ يُصَوَّرُ بِهَذِهِ مَعَ أَنَّ نَقْلَ النَّقْلِ دَخَلَ بِالطَّرَفِ الْأَوَّلِ كَمَا قَالَ فَلَا حَاجَةَ لِهَذِهِ الزِّيَادَةِ بَلْ سَمَاعُهُ الْإِخْبَارَ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي لَا يَلْزَمُهُ مِنْهُ نَقْلُ النَّقْلِ بِأَنْ يَقُولَ أَنَا سَمِعْت زَيْدًا يُخْبِرُ قَائِلًا: أَنَا أَشْهَدُ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا لِفُلَانٍ، وَأَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِي فَهَذِهِ نَقْلٌ فَقَطْ لَا نَقْلُ نَقْلٍ، وَقَوْلُهُ: يَعُودُ عَلَى الْغَيْرِ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ أَوْ إخْبَارُ الشَّاهِدِ عَنْ سَمَاعِ الْغَيْرِ الشَّهَادَةَ أَيْ أَدَاءَهَا أَيْ إخْبَارُ الشَّاهِدِ أَيْ كَزَيْدٍ يُخْبِرُ الْقَاضِيَ إخْبَارًا نَاشِئًا عَنْ سَمَاعِ عَمْرٍو الشَّهَادَةَ عِنْدَ الْقَاضِي أَيْ أَدَاءَهَا أَيْ بِأَنْ يَكُونَ سَمِعَ عَمْرٌو خَالِدًا يُؤَدِّي الشَّهَادَةَ عِنْدَ الْقَاضِي فَيُخْبِرُ زَيْدٌ الشَّاهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي بِذَلِكَ حَالَةَ كَوْنِ عَمْرٍو يَقُولُ لِزَيْدٍ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي فَزَيْدٌ نَاقِلٌ عَنْ عَمْرٍو، وَعَمْرٌو نَاقِلٌ عَنْ خَالِدٍ فَكَأَنَّ خَالِدًا يَقُولُ لِعَمْرٍو: اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي بِالْقُوَّةِ وَعَمْرًا يَقُولُ لِزَيْدٍ: اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي بِالْفِعْلِ فَقَدْ نَقَلَ زَيْدٌ لِلْقَاضِي عَنْ عَمْرٍو وَعَمْرٌو نَاقِلٌ عَنْ خَالِدٍ وَيَحْتَمِلُ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْأَدَاءِ وَالتَّحَمُّلِ أَمَّا الْأَدَاءُ فَقَدْ عَلِمْته.
أَمَّا التَّحَمُّلُ فَبِأَنْ يُخْبِرَ زَيْدٌ الْقَاضِيَ إخْبَارًا نَاشِئًا عَنْ سَمَاعِ عَمْرٍو شَهَادَةً مِنْ خَالِدٍ تَحَمُّلًا أَيْ بِأَنْ يُخْبِرَ خَالِدٌ عَمْرًا بِمَا شَهِدَ بِهِ تَحَمُّلًا قَائِلًا لَهُ: اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي وَيُخْبِرُ عَمْرٌو زَيْدًا بِذَلِكَ قَائِلًا لَهُ: اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي فَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ نَقْلُ نَقْلٍ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ أَشَارَ إلَى الْأَمْرَيْنِ اللَّذَيْنِ أَشَارَ لَهُمَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: كَاشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي أَوْ رَآهُ يُؤَدِّيهَا فَقَوْلُهُ: أَوْ عَنْ سَمَاعِهِ الْإِخْبَارَ أَيْ لِقَاضٍ وَيَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ رَآهُ يُؤَدِّيهَا، وَقَوْلُهُ: أَوْ عَنْ سَمَاعِهِ شَهَادَةً غَيْرُ رَاجِعٍ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَاشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي أَيْ سَمِعَ زَيْدٌ عَمْرًا يَذْكُرُ شَهَادَةً عِنْدَهُ أَيْ عِنْدَ الْقَاضِي قَائِلًا لَهُ: اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي كَانَ ذَلِكَ الذَّاكِرُ شَهَادَةً عِنْدَهُ مُبَاشِرًا أَوْ بِوَاسِطَةٍ فَيَدْخُلُ نَقْلُ النَّقْلِ فِي الطَّرَفِ الْأَوَّلِ كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْ الْمُصَنِّفِ نَقْلُ النَّقْلِ إلَّا فِي الطَّرَفِ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: كَاشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي أَيْ: وَلَوْ تَسَلْسَلَ ثُمَّ إنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَرْجِيعُ نُسْخَةِ إيَّاهَا لِنُسْخَةِ إيَّاهُ وَيُرَادُ بِالشَّهَادَةِ أَدَاؤُهَا وَيَرْجِعُ الضَّمِيرُ لِلشَّاهِدِ وَتَرْجِيعُ الضَّمِيرِ لِلْغَيْرِ خُرُوجٌ عَنْ الظَّاهِرِ.
(قَوْلُهُ هِيَ مَا فَوْقَ الْبَرِيدَيْنِ) هَذَا يُعَيِّنُ الِالْتِفَاتَ إلَى ذَلِكَ دُونَ مَفْهُومِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا كَمَسَافَةِ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يُشْتَرَطُ إلَخْ) كَلَامُ هَذَا الشَّارِحِ كَكَلَامِ بَهْرَامَ يُفِيدُ ضَعْفَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَلَا يَكْفِي فِي الْحُدُودِ الثَّلَاثَةُ الْأَيَّامِ وَلَكِنَّ كَلَامَ الْمَوَّاقِ يُفِيدُ اعْتِمَادَ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَطْرَأْ فِسْقٌ) مَعْطُوفٌ مِنْ حَيْثُ مَعْنَاهُ عَلَى غَابَ الْأَصْلُ أَيْ وَبَقِيَ عَلَى حَالِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ جُنَّ) أَيْ طُرُوِّ جُنُونٍ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، وَلَمْ يَقُلْ لَا جُنَّ مَعَ كَوْنِهِ أَخْصَرَ؛ لِأَنَّ لَا لَا تَعْطِفُ بَعْدَ النَّفْيِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَدَاوَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ) وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ عَدَاوَةٌ بَيْنَ الشَّاهِدِ الْأَصْلِ وَمَنْ نَقَلَ عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ شَاهِدًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُخَالِفُ مَا سَيَأْتِي لَهُ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ قَبْلَ الْحُكْمِ رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ وَهُمَا تَقْرِيرَانِ، وَحَاصِلُ مَا فِي ذَلِكَ أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثٌ وَذَلِكَ إمَّا أَنْ يَطْرَأَ وَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ التَّحَمُّلِ أَوْ بَعْدَ الْأَدَاءِ أَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute