للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَوَّلِ أَوْ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ ثَانِيًا فِيهِ خِلَافٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَرَأَ جُنُونٌ عَلَى الشَّاهِدِ الْأَصْلِ فَإِنَّهُ لَا يَقْدَحُ فِي النَّقْلِ عَنْهُ، وَلَمْ يَكْتَفِ الْمُؤَلِّفُ بِالْمَرَضِ عَنْ الْجُنُونِ مَعَ أَنَّهُ مُشْبِهٌ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَانِعًا مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ بِخِلَافِ الْمَرَضِ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مَنْعُ النَّقْلِ عَمَّنْ حَصَلَ لَهُ.

(ص) ، وَلَمْ يُكَذِّبْهُ أَصْلُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ (ش) يَعْنِي وَمِنْ شَرْطِ صِحَّةِ النَّقْلِ أَيْضًا أَنْ لَا يُكَذِّبَ الْأَصْلُ فَرْعَهُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ النَّقْلِ؛ لِأَنَّ تَكْذِيبَهُ قَبْلَ الْحُكْمِ رُجُوعٌ عَنْ الشَّهَادَةِ وَشَكُّ الْأَصْلِ مَعَ جَزْمِ الْفَرْعِ بِمَنْزِلَةِ الْإِنْكَارِ فَقَوْلُهُ: قَبْلَ الْحُكْمِ رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ، وَمُرَادُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ النَّقْلِ.

(ص) وَإِلَّا مَضَى بِلَا غُرْمٍ (ش) أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ كَذَّبَ الْأَصْلُ فَرْعَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ فَإِنَّهُ يَمْضِي، وَلَا غَرَامَةَ عَلَى الشُّهُودِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْ بِكَذِبِهِمْ، وَالْحُكْمُ صَدَرَ عَنْ اجْتِهَادٍ فَلَا يُنْقَضُ وَمِثْلُهُ مَا إذَا طَرَأَ فِسْقٌ أَوْ عَدَاوَةٌ بَعْدَ الْحُكْمِ.

(ص) وَنَقَلَ - عَنْ كُلٍّ - اثْنَانِ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَصْلًا، وَفِي الزِّنَا أَرْبَعَةٌ عَنْ كُلٍّ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَرْطَ النَّقْلِ فِي غَيْرِ الزِّنَا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ شُهُودِ الْأَصْلِ اثْنَانِ لَيْسَ أَحَدُهُمَا مِنْ شُهُودِ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ شُهُودِ الْأَصْلِ صَارَ الْحَقُّ كَأَنَّهُ إنَّمَا ثَبَتَ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ، وَفِي الزِّنَا أَنْ يَنْقُلَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ أَرْبَعَةُ شُهُودٍ فَلَوْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ عَنْ ثَلَاثَةٍ، وَوَاحِدٌ عَنْ الْأَرْبَعَةِ لَمْ يَتِمَّ الْحُكْمُ؛ إذْ الرَّابِعُ لَمْ يَشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِهِ اثْنَانِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ شُهُودُ الزِّنَا لِمَنْ يَنْقُلُ عَنْهُمْ: اشْهَدُوا عَنَّا أَنَّا رَأَيْنَا فُلَانًا يَزْنِي، وَهُوَ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ، وَلَا تَجِبُ التَّفْرِقَةُ فِي النَّاقِلِ بِخِلَافِ الْأُصُولِ، وَقَوْلُهُ: (أَوْ عَنْ كُلِّ اثْنَيْنِ اثْنَانِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: عَنْ كُلٍّ إلَخْ أَيْ أَوْ أَرْبَعَةٌ عَنْ كُلّ اثْنَيْنِ اثْنَانِ مِنْهُمْ وَأُخْرَى عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ اثْنَانِ، وَأَمَّا إذَا نَقَلَ اثْنَانِ عَنْ الثَّلَاثَةِ، وَاثْنَانِ عَنْ وَاحِدٍ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: إنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ لَا تَدْخُلُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَتَدْخُلُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ اهـ.

وَتَأَمَّلْ وَجْهَهَا قَالَ: وَإِنَّمَا لَمْ تَدْخُلْ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ اُشْتُرِطَ أَنْ يَكُونَ عَنْ كُلٍّ اثْنَانِ اثْنَانِ اهـ. أَيْ فَعِنْدَ الْمُؤَلِّفِ الْمَشْهُورُ لَا يَشْهَدُ اثْنَانِ عَلَى ثَلَاثَةٍ بِخِلَافِ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فَإِنَّهُ يَكْفِي عِنْدَهُ ذَلِكَ، وَبِعِبَارَةٍ: أَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ أَيْ لَا يَخْلُو الْحَالُ عَنْ هَذَا أَوْ عَنْ هَذَا فَيَصِيرُ الْعِنَادُ بَيْنَهُمَا حَقِيقِيًّا فَتَخْرُجُ صُورَةُ التَّوْضِيحِ لَا مَانِعَةُ جَمْعٍ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ بِهَا.

(ص) وَلَفْقُ نَقْلٍ بِأَصْلٍ وَجَازَ تَزْكِيَةُ نَاقِلٍ أَصْلَهُ (ش) يُرِيدُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَلْفِيقُ النَّاقِلِ مَعَ شُهُودِ الْأَصْلِ فَإِذَا شَهِدَ اثْنَانِ بِالرُّؤْيَةِ بِالزِّنَا وَنَقَلَ اثْنَانِ عَنْ اثْنَيْنِ تَمَّتْ الشَّهَادَةُ وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ بِالرُّؤْيَةِ وَاثْنَانِ نَقْلًا عَنْ وَاحِدٍ تَمَّتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُزَكِّيَ رَجُلًا، وَيَنْقُلَ عَنْهُ شَهَادَتَهُ بِخِلَافِ تَزْكِيَةِ أَحَدِ

ــ

[حاشية العدوي]

فَإِنْ طَرَأَ بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا ضَرَرَ فِي الثَّلَاثَةِ، وَإِنْ طَرَأَ وَاحِدٌ بَعْدَ التَّحَمُّلِ وَقَبْلَ الْأَدَاءِ ضَرَّ، وَإِنْ طَرَأَ وَاحِدٌ بَعْدَ الْأَدَاءِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ فَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ يَقُولُ بِبُطْلَانِ الشَّهَادَةِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ: وَقَوْلُهُ: قَبْلَ الْحُكْمِ رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ

وَالثَّانِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ: أَنَّ قَوْلَهُ قَبْلَ الْحُكْمِ رَاجِعٌ لِلْأَخِيرِ أَعْنِي التَّكْذِيبَ، وَأَمَّا الْفِسْقُ وَالْعَدَاوَةُ فَطُرُّوهُمَا بَعْدَ الْأَدَاءِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ لَا يَضُرُّ، وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ قَبْلَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ مُشْبِهٌ بِهِ) أَيْ مَعَ أَنَّ اُلْجُنَّ مُشْبِهٌ لِلْمَرَضِ فَمُشْبِهٌ مِنْ أَشْبَهَ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى اللَّامِ.

(قَوْلُهُ: شَكُّ الْأَصْلِ) وَأَوْلَى الظَّنُّ أَيْ فِي الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَكَّ هَلْ أَوْدَعَهُ الشَّهَادَةَ أَوْ لَا.

(قَوْلُهُ: وَنَقَلَ عَنْ كُلٍّ اثْنَانِ) أَيْ يَنْقُلُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ شُهُودِ الْأَصْلِ اثْنَانِ لَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ كُلِّ وَاحِدٍ اثْنَانِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ يَنْقُلُونَ عَنْ الِاثْنَيْنِ فِي غَيْرِ الزِّنَا بَلْ اثْنَانِ يَكْفِيَانِ فِي النَّقْلِ عَنْ اثْنَيْنِ لَكِنْ يَأْتِيَانِ لِكُلِّ شَخْصٍ مِنْ الِاثْنَيْنِ وَيَصِحُّ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ اثْنَانِ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَقَوْلُهُ: وَفِي الزِّنَا صُورَةُ نَقْلِ الْأَرْبَعَةِ فِي الزِّنَا أَنْ تَتَوَجَّهَ الْأَرْبَعَةُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّهُودِ الْأَصْلِيَّةِ وَيَنْقُلُونَ عَنْهُمْ وَصَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعَةٌ، وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْبَعَةُ وَاحِدَةً وَفِي الزِّنَا إذَا نَقَلَ اثْنَانِ عَنْ وَاحِدٍ وَنَقَلَ عَنْ الثَّانِي وَاحِدٌ مِنْ الِاثْنَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَآخَرُ مِنْ غَيْرِهِمَا فَإِنَّ النَّقْلَ صَحِيحٌ وَفِي بَهْرَامَ مَا يُوَافِقُهُ وَفِي الْمَوَّاقِ لَا تَجُوزُ وَلَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ تَرْكَ أَحَدِ النَّاقِلَيْنِ الشَّهَادَةَ مَعَ مَنْ نَقَلَ عَنْهُ أَوَّلًا عَنْ الْآخَرِ رِيبَةٌ، وَقَوْلُهُ: فِي الزِّنَا مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ وَنَقَلَ عَنْ كُلٍّ اثْنَانِ فِيمَا عَدَا الزِّنَا، وَفِي الزِّنَا أَرْبَعَةٌ فَقَدْ عَطَفَ مَعْمُولَيْنِ عَلَى مَعْمُولَيْنِ لِعَامِلٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: إذْ الرَّابِعُ لَمْ يَشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِهِ اثْنَانِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ عَلَى ثَلَاثَةٍ أَرْبَعَةٌ، وَعَلَى وَاحِدٍ اثْنَانِ أَنَّهُ يَكْفِي لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَوْنِهَا مَانِعَةَ خُلُوٍّ عَلَى كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي، وَقَوْلُهُ: وَأَحْرَى عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ اثْنَانِ قَضِيَّةُ كَوْنِهَا مَانِعَةَ خُلُوٍّ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَا مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَوِيَّةِ (قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَنْ كُلٍّ) فِيهِ تَسَامُحٌ بَلْ قَوْلُهُ: اثْنَانِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَرْبَعَةٌ وَالتَّقْدِيرُ وَفِي الزِّنَا إمَّا أَرْبَعَةٌ عَنْ كُلٍّ وَإِمَّا اثْنَانِ عَنْ كُلِّ اثْنَيْنِ (قَوْلُهُ: وَتَأَمَّلْ وَجْهَهَا) أَيْ جَوَازَهَا وَلَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى أَنْ يَنْقُلَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ اثْنَانِ أَوْ وَجْهَ مَنْعِهَا، وَلَعَلَّ وَجْهَ الْمَنْعِ أَنَّ الِاثْنَيْنِ اللَّذَيْنِ سَمِعَا مِنْ الْوَاحِدِ يَنْزِلَانِ مَنْزِلَتَهُ، وَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ لَوْ أَدَّى مَعَ الِاثْنَيْنِ النَّاقِلَيْنِ عَنْ الثَّلَاثِ لَمَا تَمَّتْ لِعَدَمِ الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ: فَيَصِيرُ الْعِنَادُ بَيْنَهُمَا حَقِيقِيًّا) التَّفْرِيعُ لَا يُنَاسِبُ مَا قَبْلَهُ أَيْ لَا يَخْلُو الْحَالُ عَنْ هَذَا أَوْ هَذَا إمَّا أَنْ يَشْهَدَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعَةٌ أَوْ يَشْهَدَ عَنْ كُلِّ اثْنَيْنِ اثْنَانِ فَمَتَى خَلَا مِنْ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ النَّقْلُ فِي شَهَادَةِ الزِّنَا.

(قَوْلُهُ: بِأَصْلٍ) الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ مَعَ أَصْلٍ، وَقَوْلُهُ: وَالْإِضَافَةُ أَيْ إضَافَةُ أَصْلٍ، وَقَوْلُهُ: بَلْ أَحْرَى غَيْرُهُ أَيْ فَيَجُوزُ أَنْ يُزَكِّيَ وَاحِدًا مِنْ الشُّهُودِ غَيْرَ الَّذِي نَقَلَ عَنْهُ بِالْأَوْلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>