للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّاهِدَيْنِ لِصَاحِبِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَالْإِضَافَةُ لَيْسَتْ لِلتَّقْيِيدِ بَلْ أَحْرَى غَيْرُهُ ثُمَّ ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّزْكِيَةَ وَقَعَتْ بَعْدَ النَّقْلِ، وَهُوَ صَحِيحٌ وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا لِلتُّهْمَةِ فِي تَرْوِيجِ نَقْلِهِ؛ لِأَنَّهُ خُفِّفَ فِيهَا مَا لَا يُخَفَّفُ فِي الشَّهَادَةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَعَكْسُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ التُّهْمَةَ فِي هَذِهِ أَقْوَى مِنْهَا فِيمَا قَبْلَهَا.

(ص) وَنَقْلُ امْرَأَتَيْنِ مَعَ رَجُلٍ فِي بَابِ شَهَادَتِهِنَّ (ش) أَيْ وَجَازَ نَقْلُ امْرَأَتَيْنِ مَعَ رَجُلٍ نَاقِلٍ عَنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ فِي الْأَمْوَالِ أَوْ مَا يَئُولُ إلَيْهَا أَوْ كَالْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ وَعَيْبِ الْفَرْجِ أَمَّا نَقْلُ النِّسَاءِ مَعَ رَجُلٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَصْلًا فَالْمُرَادُ بِبَابِ شَهَادَتِهِنَّ مَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ فِيهِ اسْتِقْلَالًا أَوْ مَعَ يَمِينٍ أَوْ مَعَ رَجُلٍ أَمَّا مَا لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ فِيهِ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُنَّ فِيهِ انْفَرَدْنَ أَوْ كُنَّ مَعَ رَجُلٍ.

(ص) وَإِنْ قَالَا: وَهِمْنَا بَلْ هُوَ هَذَا سَقَطَتَا لَا رُجُوعُهُمْ، وَغَرِمَا مَالًا وَدِيَةً، وَلَوْ تَعَمَّدَا (ش) هَذَا افْتِتَاحٌ لِبَابِ رُجُوعِ الشُّهُودِ عَنْ الشَّهَادَةِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَخِّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ: لَا رُجُوعُهُمْ بِأَنْ يَقُولَ: لَا رُجُوعُهُمْ كَقَوْلِهِمْ: وَهِمْنَا بَلْ هُوَ هَذَا، وَيُتْرَكُ قَوْلُهُ: سَقَطَتَا، وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ إذَا شَهِدَا بِحَقٍّ عَلَى شَخْصٍ عِنْدَ الْقَاضِي ثُمَّ قَالَا بَعْدَ الشَّهَادَةِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ بِهِمَا: وَهِمْنَا بَلْ الْحَقُّ إنَّمَا هُوَ عَلَى هَذَا الشَّخْصِ لِآخَرَ غَيْرِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ تَسْقُطُ لِاعْتِرَافِهِمَا أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى الْوَهْمِ وَالشَّكِّ، وَأَمَّا لَوْ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بَعْدَ الْحُكْمِ فَإِنَّ الْحُكْمَ لَا يُنْقَضُ سَوَاءٌ كَانَ الْحُكْمُ بِمَالٍ أَوْ بِنَفْسٍ تَعَمَّدَا الزُّورَ أَوْ لَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا رَجَعَا فِي طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ قِصَاصٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ قِيمَةَ الْمُعْتَقِ وَفِي الطَّلَاقِ إنْ دَخَلَ بِالزَّوْجَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ ضَمِنَا نِصْفَ الصَّدَاقِ لِلزَّوْجِ وَيَضْمَنَانِ الدَّيْنَ وَيَضْمَنَانِ الْعَقْلَ فِي الْقِصَاصِ فِي أَمْوَالِهِمَا اهـ.

وَقَالَ أَشْهَبُ: يُقْتَصُّ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ فِي الْعَمْدِ وَاسْتَقْرَبَهُ الْمُؤَلِّفُ كَأَنَّهُمْ قَتَلُوا نَفْسًا بِغَيْرِ شُبْهَةٍ.

(ص) وَنُقِضَ إنْ ثَبَتَ كَذِبُهُمْ كَحَيَاةِ مَنْ قُتِلَ أَوْ جَبَّهُ قَبْلَ الزِّنَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشُّهُودَ إذَا ثَبَتَ كَذِبُهُمْ فَإِنَّ الْحُكْمَ يُنْقَضُ كَمَا إذَا شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ فُلَانًا فَاقْتُصَّ مِنْهُ ثُمَّ قَدِمَ الْمَشْهُودُ بِقَتْلِهِ حَيًّا أَوْ شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا زَنَى فَحُدَّ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مَجْبُوبٌ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ الزِّنَا، وَفَائِدَةُ نَقْضِ الْحُكْمِ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ الْغُرْمُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَغَرِمَا مَالًا وَدِيَةً وَبِعِبَارَةٍ وَنُقِضَ الْحُكْمُ أَيْ حَيْثُ الْإِمْكَانُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَغَرِمَا مُتَعَلِّقٌ بِمَسْأَلَةِ الرُّجُوعِ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ لَكِنْ مَعَ غَرَامَةِ الدِّيَةِ يُوجَعَانِ أَدَبًا وَيُسْجَنَانِ مُدَّةً طَوِيلَةً كَمَا فِي الْمَوَّاقِ.

(ص) وَلَا يُشَارِكُهُمْ شَاهِدَا الْإِحْصَانِ كَرُجُوعِ الْمُزَكِّي (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا شُهِدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَا وَاثْنَانِ بِالْإِحْصَانِ فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعُوا كُلُّهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا غَرَامَةَ عَلَى شَاهِدَيْ الْإِحْصَانِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُضِيفَا عَيْبًا لِلزَّوْجِ، وَالْغَرَامَةُ كُلُّهَا عَلَى شُهُودِ الزِّنَا كَمَا أَنَّهُ لَا غَرَامَةَ عَلَى الْمُزَكِّي إذَا رَجَعَ فَقَطْ أَوْ رَجَعَ هُوَ وَشُهُودُ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ بِغَيْرِهِ أُخِذَ، وَإِنَّمَا الْغَرَامَةُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ؛ لِأَنَّ بِهِمَا قَامَ الْحَقُّ.

(ص) وَأُدِّبَا فِي كَقَذْفٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُمَا إذَا

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: نَاقِلٍ عَنْ رَجُلٍ) أَيْ فَالْمَرْأَتَانِ وَالرَّجُلُ نَاقِلَانِ عَنْ الرَّجُلِ وَقَوْلُهُ أَوْ امْرَأَةٍ إلَخْ فَإِذَا شَهِدَ امْرَأَتَانِ فِي مَالٍ أَيْ مَعَ الْيَمِينِ وَأُرِيدَ النَّقْلُ عَنْهُمَا فَيَنْقُلُ عَنْ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُمَا رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَتَانِ يَنْقُلَانِ عَنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ ثُمَّ يَنْقُلَانِ عَنْ الْمَرْأَةِ الْأُخْرَى.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ تَعَمُّدًا) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِعْلًا مَاضِيًا أَوْ مَصْدَرًا خَبَرًا لِكَانَ مَحْذُوفَةً وَيُوجَعَانِ أَدَبًا وَيُسْجَنَانِ مُدَّةً طَوِيلَةً (قَوْلُهُ: لَا رُجُوعُهُمْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ أَيْ وَاعْتُبِرَ التَّلْفِيقُ لَا رُجُوعُهُمْ أَيْ بَعْدَ الْحُكْمِ وَالِاسْتِيفَاءِ كَمَا هُوَ مُفَادُ شَارِحِنَا وَكَذَا قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ وَبَعْدَ الْحُكْمِ فِي الْمَالِ فَلَا يُنْقَضُ اتِّفَاقًا وَكَذَا فِي الدَّمِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَيُسْتَوْفَى (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ) هَذَا حَلُّ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا قَالَ وَيَكُونُ قَوْلُهُ بَعْدُ: أَمَّا لَوْ رَجَعَا تَفْسِيرًا لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا رُجُوعُهُمَا (قَوْلُهُ لِاعْتِرَافِهِمَا أَنَّهُمَا شَهِدَا إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي سُقُوطِ الْأُولَى، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِاعْتِرَافِهِمَا بِعَدَمِ عَدَالَتِهِمَا حَيْثُ شَهِدَا عَلَى شَكٍّ (قَوْلُهُ: وَقَالَ أَشْهَبُ) هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الضَّعِيفُ الَّذِي رَدَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ تَعَمُّدًا، وَقَوْلُهُ بِقَرِينَةٍ إلَخْ أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ غُرْمَ الدِّيَةِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ.

(قَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةٍ وَنُقِضَ الْحُكْمُ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ مُقَابِلَةٌ لِلْعِبَارَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ حَيْثُ الْإِمْكَانُ أَيْ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ الِاسْتِيفَاءُ، وَالْعِبَارَةُ الْأُولَى حَمَلَتْ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ، وَالْعِبَارَةُ الثَّانِيَةُ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ الْأُولَى عَبَّرَتْ بِالنَّقْضِ عَنْ ثَمَرَتِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِالْقَتْلِ عَمْدًا وَاقْتُصَّ مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَقَدِمَ الْمَشْهُودُ بِقَتْلِهِ حَيًّا فَالدِّيَةُ فِي مَالِ الشَّاهِدِينَ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْإِمَامِ، وَلَا عَلَى مَنْ قَتَلَهُ، وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِالْقَتْلِ خَطَأً فَإِنْ أُخِذَتْ الدِّيَةُ مِنْ عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ رَجَعَتْ الْعَاقِلَةُ عَلَى مَنْ أَخَذَهَا مِنْهُمْ وَهُمْ الْمُسْتَحِقُّونَ لِلدِّيَةِ فَإِنْ كَانُوا مُعْدِمِينَ رَجَعُوا عَلَى مَنْ شَهِدَ بِالْقَتْلِ؛ لِأَنَّهُمْ السَّبَبُ فِي أَخْذِهَا، وَلَا رُجُوعَ لِلْغَارِمِ مِنْ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ عَلَى الْآخَرِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَبِهَذَا يُعْلَمُ إلَخْ) يَرِدُ أَنْ يُقَالَ: إذَا كَانَ النَّقْضُ حَيْثُ الْإِمْكَانُ، وَهُوَ عَدَمُ حُصُولِ الِاسْتِيفَاءِ فَلَا يَأْتِي غُرْمٌ فَمَا وَجْهُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَغَرِمَا، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ: أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَغَرِمَا إلَخْ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مِنْ مَسَائِلِ الرُّجُوعِ بَلْ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَسْأَلَةِ الرُّجُوعِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: لَا رُجُوعُهُمْ إذَا حَصَلَ حُكْمٌ ثُمَّ حَصَلَ الرُّجُوعُ، وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ اسْتِيفَاءٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ، وَقَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ أَيْ إذَا ثَبَتَ الْكَذِبُ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ فَلَا وَاجِبَ إذْ ذَاكَ إلَّا الْغُرْمُ فَقَطْ، وَهِيَ غَيْرُ صُورَةِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ، وَصُورَةُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْعِبَارَةِ الْأُولَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>