للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، وَلَوْ كَانَ الشَّاهِدُ أَعْدَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ؛ إذْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ لَا يَرَى الْحُكْمَ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، وَعَلَى الشَّاهِدِ وَالْمَرْأَتَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: ٢٨٢] فَجَعَلَ مَرْتَبَتَهُنَّ عِنْدَ عَدَمِ الشَّاهِدَيْنِ مَا لَمْ يَكُنْ الشَّاهِدُ الَّذِي مَعَ الْمَرْأَتَيْنِ أَعْدَلَ فَيُقَدَّمُ هُوَ وَالْمَرْأَتَانِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ.

(ص) وَبِ يَدٍ إنْ لَمْ تَرْجَحْ بَيِّنَةُ مُقَابِلِهِ فَيَحْلِفُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْيَدَ مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ فِيمَا لَمْ يُعْرَفْ أَصْلُهُ عِنْدَ تَسَاوِي الْبَيِّنَتَيْنِ فِي الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ وَيَبْقَى الشَّيْءُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بِيَدِ حَائِزِهِ وَيَحْلِفُ حِينَئِذٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الَّذِي بِالْيَدِ دَارًا أَوْ عَرْضًا أَوْ نَقْدًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ هَذَا إنْ لَمْ تَرْجَحْ بَيِّنَةُ مُقَابِلِ الْيَدِ فَإِنْ رَجَحَتْ بِأَيِّ مُرَجِّحٍ كَانَ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ لِمُقَابِلِ الْيَدِ، وَيَحْلِفُ وَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ الْيَدِ فَفَاعِلُ يَحْلِفُ هُوَ صَاحِبُ الْيَدِ عِنْدَ التَّسَاوِي، وَمَنْ رَجَحَتْ بَيِّنَتُهُ فِي الْعَدَالَةِ فَقَوْلُهُ: وَبِيَدٍ أَيْ بِسَبَبِ وَضْعِ يَدٍ أَيْ كَوْنِ الشَّيْءِ فِي حَوْزِهِ مَعَ تَسَاوِي الْبَيِّنَتَيْنِ فِي الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَبِالْمِلْكِ عَلَى الْحَوْزِ وَقَوْلُنَا فِيمَا لَمْ يُعْرَفْ أَصْلُهُ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا عُرِفَ أَصْلُهُ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ بَيْنَ ذِي الْيَدِ، وَمُقَابِلِهِ فَإِذَا مَاتَ شَخْصٌ وَأَخَذَ مَالَهُ مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ وَارِثُهُ أَوْ مَوْلَاهُ وَأَقَامَ غَيْرُهُ بَيِّنَةً أَنَّهُ مَوْلَاهُ أَوْ وَارِثُهُ، وَأَقَامَ مَنْ بِيَدِهِ الْمَالُ بَيِّنَةً أَيْضًا تَشْهَدُ بِذَلِكَ، وَتَعَادَلَتَا فَإِنَّهُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ.

(ص) وَبِالْمِلْكِ عَلَى الْحَوْزِ (ش) يَعْنِي أَنَّ التَّرْجِيحَ يَكُونُ بِالْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِالْمِلْكِ عَلَى الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِالْحَوْزِ وَلَوْ كَانَ تَارِيخُ الْحَوْزِ سَابِقًا؛ لِأَنَّ الْحَوْزَ قَدْ يَكُونُ عَنْ مِلْكٍ وَعَنْ غَيْرِهِ فَهُوَ أَعَمُّ، وَالْمِلْكُ أَخَصُّ وَالْأَعَمُّ لَا يَدُلُّ عَلَى الْأَخَصِّ.

(ص) وَبِنَقْلٍ عَنْ مُسْتَصْحِبَةٍ (ش) فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: وَبِنَقْلٍ عَنْ أَصْلٍ عَلَى مُسْتَصْحِبَةٍ لَهُ أَيْ لِذَلِكَ الْأَصْلِ فَإِذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ مَثَلًا لِزَيْدٍ أَنْشَأَهَا مِنْ مَالِهِ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِنَاقِلٍ شَرْعِيٍّ إلَى تَارِيخِهِ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ عَمْرًا اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِالْبَيِّنَةِ النَّاقِلَةِ؛ لِأَنَّهَا عَلِمَتْ مَا لَمْ تَعْلَمْهُ الْأُخْرَى وَمَنْ عَلِمَ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ.

(ص) وَصِحَّةُ الْمِلْكِ بِالتَّصَرُّفِ وَعَدَمِ مُنَازِعٍ وَحَوْزٍ طَالَ كَعَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فِي عِلْمِهِمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ إذَا شَهِدَتْ بِمِلْكِ شَخْصٍ سَوَاءٌ كَانَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا أَنْ يَعْتَمِدُوا فِي شَهَادَتِهِمْ عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ إلَّا الْأَمْرَ الْأَخِيرَ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي الْأَمْرُ الْأَوَّلُ: التَّصَرُّفُ التَّامُّ لِلْمَشْهُودِ لَهُ

الثَّانِي: عَدَمُ الْمُنَازِعِ لَهُ فِي ذَلِكَ

الْأَمْرُ الثَّالِثُ: الْحِيَازَةُ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ حِيَازَةً طَوِيلَةً كَعَشَرَةِ أَشْهُرٍ

الْأَمْرُ الرَّابِعُ: أَنْ تَذْكُرَ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِنَاقِلٍ شَرْعِيٍّ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ إلَى الْآنَ فَإِنْ قَالُوا: إنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ قَطْعًا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ فَإِنْ أَطْلَقُوا فَفِيهِ خِلَافٌ فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَقُولُوا: مَا عَلِمُوهُ بَاعَ وَلَا وَهَبَ فَشَهَادَتُهُمْ بَاطِلَةٌ هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ ذَلِكَ شَرْطُ صِحَّةٍ وَقِيلَ: شَرْطُ كَمَالٍ كَمَا فِي عَارِيَّةِ الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ لَمْ يَقُولُوا لَا نَعْلَمُ أَنَّهُ بَاعَ. وَلَا وَهَبَ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَتَمَّتْ شَهَادَتُهُمْ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى الْكَمَالِ فِي الْأَخِيرِ) وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، وَفِي نُسْخَةٍ فِي الْأَخِيرَةِ أَيْ الْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ

ــ

[حاشية العدوي]

عَلَى شَاهِدٍ وَيَمِينٍ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ وَالْمَرْأَتَيْنِ مَعْمُولٌ بِهِمَا اتِّفَاقًا بِخِلَافِ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ.

(قَوْلُهُ: أَعْدَلَ) وَأَوْلَى إذَا كَانَتْ الْمَرْأَتَانِ أَعْدَلَ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَتَانِ أَعْدَلَ فَقَطْ فَلَا يَحْصُلُ بِهَا تَقَدُّمٌ.

(قَوْلُهُ: احْتِرَازًا عَمَّا إذَا عُرِفَ أَصْلُهُ) أَيْ: وَهُوَ أَنَّهُ مَالٌ مَوْرُوثٌ عَنْ الْمَيِّتِ الْفُلَانِيِّ.

(قَوْلُهُ: وَبِالْمِلْكِ عَلَى الْحَوْزِ) أَيْ مَعَ اعْتِمَادِهَا عَلَى حَوْزٍ سَابِقٍ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي: وَصِحَّةُ الْمِلْكِ بِالتَّصَرُّفِ وَعَدَّهُ مُنَازِعٌ وَحَوْزٍ طَالَ كَعَشَرَةٍ اهـ.، وَقَوْلُهُ: عَلَى الْحَوْزِ أَيْ الْآنَ أَيْ: وَالْفَرْضُ أَنَّ ذَلِكَ الْحَائِزَ يَدَّعِي الْمِلْكِيَّةَ أَيْ مَا لَمْ تَحْصُلْ الْحِيَازَةُ الْمُعْتَبَرَةُ، وَهِيَ عَشْرُ سِنِينَ بِقُيُودِهَا الْآتِيَةِ ثُمَّ كَوْنُ هَذَا مِمَّا اُعْتُبِرَ فِيهِ التَّرْجِيحُ تَجَوُّزٌ؛ إذْ التَّرْجِيحُ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ التَّعَارُضِ، وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ قَاطِعٍ وَظَنِّيٍّ وَلَكِنْ مَا يُشْبِهُ الْقَاطِعَ كَالْقَاطِعِ.

(قَوْلُهُ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ عَمْرًا اشْتَرَاهَا) أَيْ: وَلَوْ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَيَمِينٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا عَلِمَتْ إلَخْ) ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ التَّعَارُضِ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْبَيِّنَتَيْنِ لِأَنَّ قَوْلَ إحْدَاهُمَا لَا يَعْلَمُونَهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ لَا يَقْتَضِي عَدَمَ الْخُرُوجِ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ نَفْيَ الْعِلْمِ بِالْخُرُوجِ لَا نَفْيَ الْخُرُوجِ نَعَمْ لَوْ شَهِدَتْ الْمُسْتَصْحِبَةُ أَنَّهَا بَاقِيَةٌ فِي مِلْكِهِ إلَى الْآنَ فَالْمُعَارَضَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاقِلَةِ ظَاهِرَةٌ وَلَا يَكُونُ التَّرْجِيحُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ لَا بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا الرَّجُلَانِ الشَّاهِدَانِ بِالِاسْتِصْحَابِ إلَّا بِمُرَجِّحٍ آخَرَ كَمَزِيدِ عَدَالَةٍ وَانْظُرْ التَّرْجِيحَ بِالتَّارِيخِ، ثُمَّ النَّاقِلَةُ تُقَدَّمُ عَلَى الْمُسْتَصْحِبَةِ، وَلَوْ كَانَتْ النَّاقِلَةُ سَمَاعًا.

(قَوْلُهُ: أَنْ يَعْتَمِدُوا إلَخْ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالصِّحَّةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الِاعْتِمَادُ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ تَعْتَمِدُ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِالْمِلْكِ عَلَى تِلْكَ الْأَشْيَاءِ، وَقَوْلُهُ: أَنْ تَذْكُرَ الْبَيِّنَةُ أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ الذِّكْرِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَطْلَقُوا) أَيْ لَمْ يَقُولُوا قَطْعًا، وَلَمْ يَقُولُوا فِي عِلْمِنَا أَيْ بَلْ قَالُوا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ وَسَكَتُوا فَإِنْ قَالُوا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ ظَنًّا أَيْ نَعْتَقِدُ ذَلِكَ، وَلَا نَقْطَعُ فَلَا يَضُرُّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا تَارَةً تُصَرِّحُ بِقَوْلِهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ، وَفِيهِ تَفْصِيلٌ بَيْنَ أَنْ تَقُولَ أَوْ تَقُولَ فِي عِلْمِنَا، وَمِثْلُهُ إذَا قَالَتْ: فِي ظَنِّنَا، وَأَمَّا إنْ سَكَتَتْ عَنْ ذَلِكَ فَقَدْ عَلِمْت حُكْمَ ذَلِكَ وَتَارَةً لَمْ تُصَرِّحْ بِقَوْلِهَا وَأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ، وَفِيهِ الْخِلَافُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى الْكَمَالِ فِي الْأَخِيرِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَقُولُوا إلَخْ) الْمُرَادُ أَبَوْا أَنْ يَقُولُوا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ أَيْ أَبَوْا عَنْ التَّصْرِيحِ بِهِ، الْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ الْمُتَقَدِّمَ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِقَوْلِهِمْ: إنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ إلَّا أَنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا بَيْنَ أَنْ يَقْطَعُوا أَوْ يَقُولُوا فِي عِلْمِنَا أَوْ يَسْكُتُوا وَأَمَّا قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبَوْا مَعْنَاهُ أَبَوْا عَنْ التَّصْرِيحِ بِقَوْلِهِمْ: إنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ بِأَوْجُهِهِ الثَّلَاثَةِ فَالْمَقَامُ مُخْتَلِفٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقُولُوا) الْمُنَاسِبُ الْإِتْيَانُ بِالْفَاءِ تَفْرِيعًا عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>