للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِعِبَارَةٍ: وَصِحَّةُ الْمِلْكِ أَيْ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ شَهَادَةِ الْمِلْكِ إذَا شَهِدُوا عَلَى الْبَتِّ أَنْ يَعْتَمِدَ الشَّاهِدُ فِي بَتِّهِ عَلَى مُشَاهَدَةِ التَّصَرُّفِ وَعَدَمِ مُنَازِعٍ إلَخْ وَيَذْكُرُوا ذَلِكَ لِلْقَاضِي إنْ سَأَلَهُمْ عَنْهُ، وَإِلَّا كَفَى اعْتِمَادُهُمْ عَلَيْهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَإِلَّا فَالْعِبَارَةُ مُشْكِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَصِحُّ بِدُونِ التَّصَرُّفِ، وَشَهَادَةُ السَّمَاعِ تَقَدَّمَتْ، وَقَوْلُهُ: (لَا بِالِاشْتِرَاءِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِالتَّصَرُّفِ أَيْ: وَصِحَّةُ الْمِلْكِ بِالتَّصَرُّفِ وَعَدَمِ مُنَازِعٍ وَحَوْزٍ طَالَ لَا بِمُجَرَّدِ الِاشْتِرَاءِ وَبِعِبَارَةِ لَا بِالِاشْتِرَاءِ أَيْ الْمُطْلَقِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ الْمُشْتَرَى مِنْهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَبِنَقْلٍ عَلَى مُسْتَصْحِبَةٍ فَقَدْ عَيَّنَتْ الْمُشْتَرَى مِنْهُ فَلَا تَكْرَارَ.

(ص) وَإِنْ شَهِدَ بِإِقْرَارٍ اُسْتُصْحِبَ (ش) أَيْ ثُمَّ رَجَعَ لِلْإِنْكَارِ وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ لِأَحَدِ الْمُتَنَازِعَيْنِ فِي شَيْءٍ بِأَنَّ الْآخَرَ أَقَرَّ بِهِ لِمَنْ يُنَازِعُهُ فِيهِ قَبْلَ هَذَا الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يَسْتَصْحِبُ هَذَا الْإِقْرَارَ، وَلَا تَحْتَاجُ الْبَيِّنَةُ أَنْ تَزِيدَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فِي عِلْمِنَا؛ لِأَنَّ الْخَصْمَ لَمَّا أَقَرَّ لِخَصْمِهِ ثَبَتَ ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ لِلْمُقِرِّ دَعْوَى الْمِلْكِ فِيهِ إلَّا بِإِثْبَاتِ انْتِقَالِهِ إلَيْهِ ثَانِيَةً.

(ص) وَإِنْ تَعَذَّرَ تَرْجِيحٌ سَقَطَتَا وَبَقِيَ بِيَدِ حَائِزِهِ (ش) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الشَّيْءَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ بِيَدِ شَخْصٍ يَدَّعِيهِ كَدَارٍ مَثَلًا فَادَّعَاهَا رَجُلَانِ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ وَتَكَافَأَتْ بَيِّنَتُهُمَا فَإِنَّ الدَّارَ تَبْقَى فِي يَدِ الَّتِي هِيَ فِي يَدِهِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّ الشَّيْءَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ بِيَدِ شَخْصٍ أَيْ غَيْرِ الْمُتَنَازِعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا لَمْ يَتَأَتَّ قَوْلُهُ تَعَذَّرَ التَّرْجِيحُ لِحُصُولِهِ بِالْيَدِ فَفِي تَعَذُّرِ التَّرْجِيحِ إشَارَةٌ إلَى مَا ذَكَرْنَا وَأَمَّا عَلَى مَا فَهِمَهُ الشَّارِحَانِ مِنْ أَنَّ الْحَائِزَ هُوَ أَحَدُهُمَا فَيَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ قَبْلُ وَبِيَدٍ إنْ لَمْ تَرْجَحْ بَيِّنَةُ مُقَابِلِهِ وَقَوْلُ الْبِسَاطِيِّ ذَكَرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ بَعِيدٌ لِعَدَمِ تَعَذُّرِ التَّرْجِيحِ حِينَئِذٍ لِحُصُولِهِ بِالْيَدِ كَمَا مَرَّ.

(ص) أَوْ لِمَنْ يُقِرُّ لَهُ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى بِيَدِ حَائِزِهِ أَيْ وَبَقِيَ لِمَنْ يُقِرُّ الْحَائِزُ لَهُ وَبَقِيَ هُنَا بِمَعْنَى صَارَ فَقَدْ اُسْتُعْمِلَ فِي مَعْنَيَيْنِ أَيْ صَارَ الشَّيْءُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ لِمَنْ يُقِرُّ الْحَائِزُ لَهُ مِنْ الْمُتَنَازِعَيْنِ وَأَمَّا إنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِمَا فَلَا يُعْمَلُ بِإِقْرَارِهِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ هَذَا فِيمَا إذَا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ وَتَعَذَّرَ التَّرْجِيحُ وَأَمَّا إنْ تَجَرَّدَتْ دَعْوَى كُلٍّ مِنْ الْبَيِّنَةِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِإِقْرَارِهِ وَلَوْ لِغَيْرِهِمَا فَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ لِأَحَدٍ وَادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيَأْخُذُهُ حَيْثُ تَجَرَّدَتْ دَعْوَاهُ عَنْ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ: وَقُسِمَ عَلَى الدَّعْوَى إنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا وَإِذَا أَقَرَّ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: إذَا شَهِدُوا عَلَى الْبَتِّ) احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ بَيِّنَةِ السَّمَاعِ فَإِنَّهَا إنَّمَا تَقُولُ: لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْبَتِّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْقَطْعِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ، وَهَذَا هُوَ الْمُشَارُ لَهُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ: وَشَهَادَةُ السَّمَاعِ تَقَدَّمَتْ وَتَقَدَّمَ أَنَّ بَيِّنَةَ السَّمَاعِ لَا بُدَّ مِنْ طُولِ الْحِيَازَةِ كَعِشْرِينَ سَنَةً فَهِيَ مُغَايِرَةٌ لِشَهَادَةِ الْبَتِّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْعِبَارَةُ مُشْكِلَةٌ) أَيْ: وَإِلَّا تُحْمَلُ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصِّحَّةِ الِاعْتِمَادُ فَلَا يَصِحُّ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْعِبَارَةَ مُشْكِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَصِحُّ وَيَثْبُتُ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ تَصَرُّفٌ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ مَتَى اشْتَرَى شَيْئًا أَوْ وُهِبَ لَهُ أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ وَقَبِلَ ذَلِكَ مَلَكَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَصَرَّفْ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِالتَّصَرُّفِ) حَاصِلُ الْمَعْنَى أَنَّ الْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ بِالْمِلْكِ تَعْتَمِدُ عَلَى مَا ذُكِرَ أَيْ: وَلَا تَعْتَمِدُ عَلَى مُجَرَّدِ الشِّرَاءِ أَيْ: وَلَوْ كَانَتْ تَعْرِفُ الْمُشْتَرَى مِنْهُ فَلَيْسَ هُنَاكَ تَصْرِيحٌ بِالشِّرَاءِ إنَّمَا ذَلِكَ مُجَرَّدُ اعْتِمَادٍ، وَقَوْلُهُ: وَبِعِبَارَةِ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ بَيِّنَةً شَهِدَتْ لِزَيْدٍ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ السُّوقِ، وَلَمْ تُعَيِّنْ الْمُشْتَرَى مِنْهُ وَشَهِدَتْ أُخْرَى لِعَمْرٍو بِأَنَّهَا نَتَجَتْ عِنْدَهُ فَتُقَدَّمُ الثَّانِيَةُ فَهَذَا تَصْوِيرُهُ، وَعَلَى هَذَا الْحَلِّ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: لَا بِالِاشْتِرَاءِ عَطْفًا عَلَى التَّصَرُّفِ بَلْ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ بِسَبَبِ مِلْكٍ أَيْ: وَالْأَرْجَحُ بِسَبَبِ مِلْكٍ لَا بِمُجَرَّدِ الِاشْتِرَاءِ الْمُطْلَقِ أَيْ أَنَّ التَّرْجِيحَ لَا يَكُونُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَى الشِّرَاءِ الْمُطْلَقِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ تَعْيِينَ الْمُشْتَرَى مِنْهُ صَادِقٌ بِأَنْ يَكُونَ شَخْصًا آخَرَ غَيْرَ الشَّخْصِ الْمُنَازِعِ لَهُ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ تَرْجِيحًا وَمُفَادُهُ أَنَّهُ تَرْجِيحٌ.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ: وَأَنَّهَا إلَخْ) أَيْ أَنَّ الشَّاهِدَةَ بِالْمِلْكِ لَا بُدَّ أَنْ تُصَرِّحَ بِقَوْلِهَا وَأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ مَا لَمْ تَشْهَدْ بِالْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى التَّصْرِيحِ بِقَوْلِهِ: وَإِنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ إلَخْ حَاصِلُهُ أَنْ يَدَّعِيَ زَيْدٌ بِأَنَّ هَذَا الشَّيْءَ مِلْكُهُ، وَيُنَازِعُهُ عَمْرٌو ثُمَّ أَتَى زَيْدٌ بِبَيِّنَةٍ شَهِدَتْ بِأَنَّ عَمْرًا أَقَرَّ بِأَنَّهُ لَهُ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِهَا، وَلَا تَحْتَاجُ أَنْ تَقُولَ: وَأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِ زَيْدٍ فِي عِلْمِنَا.

(قَوْلُهُ: بِيَدِ شَخْصٍ يَدَّعِيهِ) أَيْ: وَلَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَامَ لَكَانَ هُوَ الْمُرَجَّحَ عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الدَّارَ تَبْقَى فِي يَدِ الَّتِي هِيَ فِي يَدِهِ) أَيْ مِلْكًا (قَوْلُهُ: الشَّارِحَانِ) بَهْرَامُ وَالْبِسَاطِيُّ (قَوْلُهُ: يَتَكَرَّرُ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ يُنَافِي، وَقَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْبِسَاطِيِّ أَيْ زِيَادَةً عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ مَعَ بَهْرَامَ ذَكَرَهُ جَوَابًا عَنْ التَّكْرَارِ أَيْ فَقَدْ سَلَّمَ التَّكْرَارَ وَأَجَابَ بِأَنَّهُ ذَكَرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ خَبَرَ قَوْلِهِ، وَقَوْلُهُ لِعَدَمِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عِلَّةٌ لِلْبُعْدِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ عِلَّةً لَهُ بَلْ إنَّمَا يُفِيدُ عَدَمَ التَّكْرَارِ مِنْ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُفِيدُ الْمُنَافَاةَ فَلَا يُعْقَلُ تَكْرَارٌ.

(قَوْلُهُ: بَقِيَ هُنَا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ بَقِيَ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ بِيَدِ حَائِزِهِ الَّذِي هُوَ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ عَلَى أَصْلِهَا وَبِالنَّظَرِ لِلْمَعْطُوفِ بِمَعْنَى صَارَ عَلَى مَعْنَى النَّقْلِ أَيْ أَنَّهُ كَانَ أَوَّلًا بِيَدِ الْمُقِرِّ ثُمَّ صَارَ لِلْمُقَرِّ لَهُ (قَوْلُهُ: الْمُتَنَازِعَيْنِ) أَيْ الَّذِي أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً، وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِمَا أَيْ الَّذِي تَجَرَّدَتْ دَعْوَاهُ عَنْ الْبَيِّنَةِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ لِغَيْرِهِمَا) أَيْ الْمُتَجَرِّدِ دَعْوَاهُ عَنْ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ تَجَرَّدَتْ دَعْوَاهُ عَنْ الْبَيِّنَةِ) أَيْ وَتَجَرَّدَتْ دَعْوَاهُمَا عَنْ الْبَيِّنَةِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْحَائِزِ وَالْمُتَنَازِعِينَ تَجَرَّدَتْ دَعْوَاهُ عَنْ الْبَيِّنَةِ، وَلَكِنْ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَيْ، وَادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ فَيَبْقَى بِيَدِهِ مِلْكًا مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ لِسُقُوطِ بَيِّنَتِهِمَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، فَإِنْ قُلْت: مَا وَجْهُ الْحَلِفِ عِنْدَ تَجَرُّدِ دَعْوَى كُلٍّ مِنْ الْبَيِّنَةِ وَعَدَمِهِ عِنْدَ إقَامَةِ كُلِّ الْبَيِّنَةِ قُلْت:

<<  <  ج: ص:  >  >>