للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْنَهُمَا أَوْ لِلصَّغِيرِ نِصْفُ التَّرِكَةِ مِنْ الْآنَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُقِرٌّ بِأَنَّهُ أَخُوهُ، وَيُجْبَرُ الطِّفْلُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَنَحْوُهُ فِي النَّوَادِرِ عَنْ أَصْبَغَ قَوْلَانِ أَيْ: وَيُقْسَمُ النِّصْفُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنَّمَا حَلَفَا ثَانِيًا إذَا مَاتَ بَعْدَ مَا حَلَفَا أَوَّلًا عَلَى أَنَّ أَبَاهُمْ مَاتَ عَلَى الدِّينِ الَّذِي ذَكَرَاهُ لِأَجْلِ أَنْ يَسْتَحِقَّا مَا وُقِفَ وَإِنَّمَا لَمْ يُشَارِكْ مَنْ وَافَقَهُ مَعَ أَنَّهُ مُسَاوٍ لَهُ فِي الدَّرَجَةِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ الْمَوْتِ قَدْ اسْتَحَقَّ كُلٌّ مِنْ أَصْحَابِ الْجِهَتَيْنِ الثُّلُثَ فَلَا يَنْقُصُ عَنْهُ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي انْتَفَى فِيهِ مُسَاوَاةُ أَصْحَابِ الْجِهَةِ فَمَنْ وَاقِعَةٌ عَلَى أَحَدِ الْوَلَدَيْنِ، وَضَمِيرُ وَافَقَهُ الْبَارِزُ عَائِدٌ عَلَى مَنْ وَالْمُسْتَتِرُ رَاجِعٌ إلَى الطِّفْلِ وَضَمِيرُ أَخَذَ عَائِدٌ عَلَيْهِ وَالضَّمِيرُ الْمُضَافُ إلَيْهِ عَائِدٌ عَلَى مَنْ أَيْضًا وَالتَّقْدِيرُ فَأَيُّ وَلَدٍ وَافَقَهُ الطِّفْلُ أَخَذَ ذَلِكَ الطِّفْلُ حِصَّتَهُ أَيْ الَّتِي وُقِفَتْ لَهُ مِنْهُ وَإِنَّمَا حُكِمَ لِلطِّفْلِ بِمَا ذُكِرَ هُنَا؛ لِأَنَّ أَبَاهُ لَمْ يُعْلَمْ دِينُهُ بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فِي الرِّدَّةِ مِنْ قَوْلِهِ وَحُكِمَ بِإِسْلَامِ مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ بِإِسْلَامِ أَبِيهِ كَإِنْ مَيَّزَ؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ تَحَقَّقَ إسْلَامُ الْأَبِ وَالطِّفْلُ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَيَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ.

(ص) وَإِنْ قَدَرَ عَلَى شَيْئِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ إنْ يَكُنْ غَيْرَ عُقُوبَةٍ، وَأَمِنَ فِتْنَةً وَرَذِيلَةً (ش) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ الظَّفَرِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا كَانَ لَهُ حَقٌّ عِنْدَ غَيْرِهِ وَقَدَرَ عَلَى أَخْذِهِ أَوْ أَخْذِ مَا يُسَاوِي قَدْرَهُ مِنْ مَالِ ذَلِكَ الْغَيْرِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ ذَلِكَ مِنْهُ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مِنْ جِنْسِ شَيْئِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَسَوَاءٌ عَلِمَ غَرِيمُهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَا يَلْزَمُهُ الرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ، وَجَوَازُ الْأَخْذِ مَشْرُوطٌ بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ لَا يَكُونَ حَقُّهُ عُقُوبَةً، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ رَفْعِهِ إلَى الْحَاكِمِ وَكَذَلِكَ الْحُدُودُ لَا يَتَوَلَّاهَا إلَّا الْحَاكِمُ وَالثَّانِي أَنْ يَأْمَنَ الْفِتْنَةَ بِسَبَبِ أَخْذِ حَقِّهِ كَقِتَالٍ أَوْ إرَاقَةِ دَمٍ وَأَنْ يَأْمَنَ مِنْ الرَّذِيلَةِ أَيْ أَنْ يَنْسُبَ إلَيْهَا كَالْغَصْبِ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهُ فَقَوْلُهُ: وَإِنْ قَدَرَ أَيْ مَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَى غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ: شَيْئِهِ وَكَذَا غَيْرُ شَيْئِهِ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ أَمْ لَا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ كَذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ: إنْ يَكُنْ غَيْرَ عُقُوبَةٍ؛ لِأَنَّ الْعُقُوبَةَ لَا يُمْكِنُ أَخْذُهَا وَإِنَّمَا يُمْكِنُ أَخْذُ مِثْلِهَا فَلَوْ أَرَادَ الْمُؤَلِّفُ بِشَيْئِهِ عَيْنَهُ لَمْ يَحْتَجْ إلَى قَوْلِهِ: إنْ يَكُنْ غَيْرَ عُقُوبَةٍ لِعَدَمِ شُمُولِ عَيْنِ شَيْئِهِ لَهُ فَيُرَادُ بِشَيْئِهِ حَقُّهُ الشَّامِلُ لِعَيْنِ شَيْئِهِ وَعِوَضُهُ فَاحْتَاجَ إلَى إخْرَاجِ الْعُقُوبَةِ مِنْهُ، وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِشَيْئِهِ حَقُّهُ، وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ مِنْ وَدِيعَةٍ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا مَرَّ لِلْمُؤَلِّفِ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهَا لِمَنْ ظَلَمَهُ بِمِثْلِهَا خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ.

(ص) وَإِنْ قَالَ أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُك الْغَائِبُ اُنْظُرْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ عَنْ رَجُلٍ غَائِبٍ إذَا ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ حَاضِرٍ أَنَّ مُوَكِّلَهُ يَسْتَحِقُّ فِي ذِمَّةِ هَذَا الْحَاضِرِ كَذَا وَكَذَا فَأَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالِاعْتِرَافِ وَادَّعَى أَنَّ الْمُوَكِّلَ الْمَذْكُورَ أَبْرَأَهُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَنَّهُ قَضَاهُ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى أَنْ يَأْتِيَ الْمُوَكِّلُ بِكَفِيلٍ بِالْمَالِ وَسَوَاءٌ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ أَوْ بَعُدَتْ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى نَقْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَقَبُولُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَهُ، وَلَا يَحْلِفُ الْوَكِيلُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِمَا يَدَّعِيهِ الْغَرِيمُ؛ إذْ لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِي الْيَمِينِ وَانْظُرْ اعْتِرَاضَ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَعَلَى قَبُولِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَهُ فِيمَا كَتَبْنَاهُ عَلَى تت.

(ص) وَمَنْ اُسْتُمْهِلَ لِدَفْعِ بَيِّنَةٍ أُمْهِلَ بِالِاجْتِهَادِ كَحِسَابٍ وَشِبْهِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِحَقٍّ لِشَخْصٍ فَطَلَبَ الْمُهْلَةَ لِدَفْعِ تِلْكَ الْبَيِّنَةِ

ــ

[حاشية العدوي]

وَرَثَةٌ يُعْرَفُونَ فَهُمْ أَحَقُّ بِمِيرَاثِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَثَةٌ وُقِفَ فَإِذَا كَبِرَ الصَّغِيرُ وَادَّعَاهُ كَانَ لَهُ، وَقَوْلُهُ: أَوْ لِلصَّغِيرِ النِّصْفُ أَيْ مِنْ غَيْرِ حَلِفٍ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُقِرٌّ بِأَنَّهُ أَخُوهُ، وَقَوْلُهُ: وَيُجْبَرُ الطِّفْلُ عَلَى الْإِسْلَامِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَشْكَلَ حَالُ الْأَبِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ تَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: التَّعْلِيلُ) هُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ إذَا بَلَغَ يَدَّعِي جِهَةً أُخْرَى؛ إذْ ذَاكَ صَادِقٌ بِكَوْنِ الطِّفْلِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى.

(قَوْلُهُ: إنْ يَكُنْ غَيْرَ عُقُوبَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْعُقُوبَةَ لَا بُدَّ مِنْ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ وَشَمِلَ قَوْلُهُ: شَيْئِهِ دَيْنَهُ عَلَى مُمْتَنِعٍ مِنْ أَدَائِهِ فَلَهُ أَخْذُ قَدْرِهِ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَإِنْ كَانَ غَرِيمُهُ مَدِينًا أَخَذَ قَدْرَ حِصَّتِهِ فِي الْحِصَاصِ فَقَطْ وَإِذَا كَانَ شَخْصَانِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَقٌّ عَلَى الْآخَرِ فَجَحَدَ أَحَدُهُمَا حَقَّ صَاحِبِهِ فَلِلْآخَرِ جَحْدُ مَا يُعَادِلُهُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ عَيْنَ شَيْئِهِ يَأْخُذُهُ بِلَا خِلَافٍ، وَإِذَا وَجَدَ غَيْرَهُ فَأَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ ثَالِثُهَا إذَا كَانَ جِنْسَهُ جَازَ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ عَلِمَ غَرِيمُهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ غَرِيمُهُ فَاعِلٌ لِقَوْلِهِ عَلِمَ أَيْ سَوَاءٌ عَلِمَ غَرِيمُهُ أَيْ فِي حَالِ الْأَخْذِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ فِي حَالِ الْأَخْذِ لَكِنْ إذَا عَلِمَ يَكُونُ الْأَخْذُ غَصْبًا (قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ بِشَيْئِهِ حَقُّهُ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى التَّجَوُّزِ فَيُخَالِفُ قَوْلَهُ سَابِقًا وَكَذَلِكَ غَيْرُ شَيْئِهِ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ) أَيْ كَالثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بَعُدَتْ كَالْعَشَرَةِ وَمَا قَارَبَ كُلًّا يُعْطَى حُكْمَهُ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ اعْتِرَاضَ ابْنِ عَرَفَةَ) أَيْ فَقَدْ اعْتَرَضَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ فِي عَزْوِهِ لِابْنِ الْقَاسِمِ الْقَوْلَ بِالْإِنْظَارِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ أَوْ بَعُدَتْ أَيْ بَلْ إنَّمَا يُنْظَرُ بِكَفِيلٍ بِالْمَالِ إنْ قَرُبَتْ غَيْبَةُ الْمُوَكِّلِ فَإِنْ بَعُدَتْ قَضَى عَلَيْهِ بِالدَّفْعِ مِنْ غَيْرِ يَمِينِ الْوَكِيلِ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ مُوَكِّلَهُ أَبْرَأَ أَوْ اقْتَضَى، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ الْمَوَّازِ ثُمَّ إنْ قَدِمَ الْمُوَكِّلُ مِنْ الْبَعِيدَةِ حَلَفَ وَتَمَّ الْأَخْذُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْغَرِيمُ ثُمَّ رَجَعَ عَلَى الْوَكِيلِ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ.

(قَوْلُهُ: فَطَلَبَ الْمُهْلَةَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ فَطَلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ تِلْكَ الْبَيِّنَةَ بِأَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ دَفَعَ الْحَقَّ أَوْ أَنَّهُ أَبْرَأَهُ مَثَلًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ طَلَبَ دَفْعَهَا لِعَدَاوَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ هَذَا قَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَأَنْظَرَهُ لَهَا بِاجْتِهَادِهِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إنْ قَرُبَتْ بَيِّنَتُهُ كَالْجُمُعَةِ، وَإِلَّا قَضَى عَلَيْهِ، وَبَقِيَ عَلَى حُجَّتِهِ إذَا أَحْضَرَهَا، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي وَيَأْتِي أَيْضًا فِي بَيِّنَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِالدَّفْعِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ لِإِقَامَتِهَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِدَفْعِ بَيِّنَةٍ أَيْ طَلَبَ الْمُهْلَةَ لِدَفْعِ بَيِّنَةٍ أَوْ لِإِقَامَتِهَا (أَقُولُ) : لَا يَخْفَى

<<  <  ج: ص:  >  >>