للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ لِإِقَامَتِهَا فَإِنَّهُ يُمْهَلُ لِأَجَلِ انْقِطَاعِ حُجَّتِهِ، وَالْمُهْمَلَةُ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ، وَلَا تَحْدِيدَ فِي ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ لَكِنْ بِكَفِيلٍ بِالْمَالِ، وَكَذَلِكَ إذَا طَلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُهْمَلَةَ كَحِسَابٍ يُظْهِرُهُ أَوْ لِشَيْءٍ مَكْتُوبٍ عِنْدَهُ لِيُحَرِّرَهُ لِيَكُونَ فِي جَوَابِهِ بِإِقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ فِي ذَلِكَ عَلَى بَصِيرَةٍ فَإِنَّهُ يُجَابُ لِذَلِكَ بِكَفِيلٍ بِالْمَالِ فَقَوْلُهُ: (بِكَفِيلٍ بِالْمَالِ) قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ وَفِي قَوْلِهِ (كَأَنْ أَرَادَ إقَامَةَ ثَانٍ) فَيَكُونُ التَّشْبِيهُ تَامًّا، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُدَّعِي إذَا أَقَامَ شَاهِدًا بِالْحَقِّ وَطَلَبَ الْمُهْلَةَ حَتَّى يُقِيمَ الشَّاهِدَ الثَّانِيَ فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ بِكَفِيلٍ بِالْمَالِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ وَيُثْبِتَ الْحَقَّ.

(ص) أَوْ بِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ فَبِحَمِيلٍ بِوَجْهِهِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: كَأَنْ أَرَادَ إقَامَةَ ثَانٍ يَعْنِي أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا طَلَبَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَفِيلًا بِالْمَالِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَأَمَّا كَفِيلٌ بِالْوَجْهِ فَفِيهِ خِلَافٌ فَقِيلَ: يَلْزَمُهُ كَمَا هُنَا، وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الضَّمَانِ حَيْثُ قَالَ: وَلَا كَفِيلٌ بِالْوَجْهِ بِالدَّعْوَى، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ هُنَا.

(ص) وَفِيهَا أَيْضًا نَفْيُهُ، وَهَلْ خِلَافٌ أَوْ الْمُرَادُ وَكِيلٌ يُلَازِمُهُ أَوْ إنْ لَمْ يَعْرِفْ عَيْنَهُ تَأْوِيلَاتٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا طَلَبَ حَمِيلًا بِالْوَجْهِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: أَوْ لِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ فَبِحَمِيلٍ بِوَجْهِهِ، وَهُوَ الَّذِي فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ وَفِي كِتَابِ الْحِمَالَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فَقِيلَ مَا فِي الْكِتَابَيْنِ خِلَافٌ وَقِيلَ لَا بَلْ وِفَاقٌ، وَهُوَ بِأَحَدِ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا لِأَبِي عِمْرَانَ قَالَ: الْمُرَادُ بِالْكَفِيلِ الَّذِي فِي الشَّهَادَاتِ الْوَكِيلُ الَّذِي يُلَازِمُهُ وَيَحْرُسُهُ خَوْفًا مِنْ هُرُوبِهِ لَا كَفِيلٌ بِالْوَجْهِ فَوَافَقَ مَا فِي كِتَابِ الْحِمَالَةِ.

وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي الْحِمَالَةِ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعْرُوفًا مَشْهُورًا فَلِلطَّالِبِ عَلَيْهِ كَفِيلٌ بِوَجْهِهِ لِتَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ عَلَى عَيْنِهِ، وَلَوْ كَانَ مَعْرُوفًا مَشْهُورًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ كَفِيلٌ؛ لِأَنَّا نَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَيْسَ بَيْنَ الْمَحَلَّيْنِ خِلَافٌ.

(ص) وَيُجِيبُ عَنْ الْقِصَاصِ الْعَبْدُ وَعَنْ الْأَرْشِ السَّيِّدُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّعْوَى عَلَى الْعَبْدِ إنْ كَانَتْ بِقِصَاصٍ أَوْ بِحَدِّ قَذْفٍ أَوْ بِأَدَبٍ فَإِنَّ الَّذِي يُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ هُوَ الْعَبْدُ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى بِمَا يُوجِبُ الْأَرْشَ فَإِنَّ الَّذِي يُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ هُوَ السَّيِّدُ؛ لِأَنَّ الْجَوَابَ

ــ

[حاشية العدوي]

أَنَّهُ إذَا طَلَبَ الْمُهْلَةَ لِلدَّفْعِ فَقَدْ طَلَبَ الْمُهْلَةَ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي يَدْفَعُ بِهَا فَهُوَ تَنْوِيعٌ فِي الْعِبَارَةِ، وَالْمَآلُ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: وَلَا تَحْدِيدَ فِي ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ) وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ: جُمُعَةٌ (قَوْلُهُ: كَحِسَابٍ يُظْهِرُهُ) أَيْ فَهُوَ غَيْرُ مُنْكِرٍ بَلْ أَتَى بِمَا يَحْتَمِلُ الْإِقْرَارَ، وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَلَمْ يَجِبْ وَكِيلٌ لِلْخُصُومَةِ، وَلَا كَفِيلٌ بِالْوَجْهِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى إلَّا بِشَاهِدٍ لِحَمْلِ مَا تَقَدَّمَ عَلَى الْمُنْكِرِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِشَيْءٍ مَكْتُوبٍ) تَفْسِيرٌ لِلْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَحِسَابٍ (قَوْلُهُ: كَفِيلٍ بِالْمَالِ) أَيْ يَكْفُلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يُحْضِرَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً (قَوْلُهُ: قَيَّدَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَسْأَلَتَيْنِ أُولَاهُمَا قَوْلُهُ: وَمَنْ اُسْتُمْهِلَ ثَانِيَتُهُمَا قَوْلُهُ كَحِسَابٍ إلَخْ إلَّا أَنَّ فِي عب أَنَّ هَذَا رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ فَقَطْ وَأَوْلَى لِقَوْلِهِ اُنْظُرْ وَأَمَّا مَا بَعْدَهَا فَبِكَفِيلٍ بِالْوَجْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا وَقَعَ طَلَبُ حِسَابٍ وَشِبْهِهِ بَعْدَ شَهَادَةِ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ وَيَفُوتُ الْمُصَنِّفَ حِينَئِذٍ مَا إذَا كَانَ طَلَبُهُ لِلْحِسَابِ وَشِبْهِهِ قَبْلَ إقَامَتِهَا وَلِذَلِكَ قَالَ مُحَشِّي تت مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَنْقُولَ بِكَفِيلٍ بِالْوَجْهِ فِي مَسْأَلَةِ الْحِسَابِ وَأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِكَفِيلٍ بِالْمَالِ عَائِدٌ عَلَى مَا قَبْلَ الْكَافِ، وَإِنَّمَا أَخَّرَهُ الْمُصَنِّفُ لِيُشَبِّهَ بِهِ قَوْلَهُ فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ أَيْ بِكَفِيلٍ بِالْمَالِ يَأْخُذُهُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: كَأَنْ أَرَادَ إلَخْ) أَيْ وَيَكُونُ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ أَيْ أَوْ كَأَنْ ادَّعَى بِحَقٍّ مُلْتَبِسًا بِإِرَادَةِ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ فَيُجَابُ بِحَمِيلٍ بِالْوَجْهِ لَا بِالْمَالِ أَيْ أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى إقَامَةِ ثَانٍ، وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ إلَّا أَنَّ الْعَطْفَ فِيهِ قَلَقٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ الْحَمِيلُ فِيهِ بِالْمَالِ، وَالْمَعْطُوفُ الْحَمِيلُ فِيهِ بِالْوَجْهِ فَالْأَحْسَنُ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ: لِدَفْعِ بَيِّنَةٍ أَيْ: وَإِذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي إمْهَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ فَلَهُ ذَلِكَ لَكِنْ مَعَ كَوْنِهِ يَأْخُذُ مِنْهُ حَمِيلًا بِالْوَجْهِ لَا بِالْمَالِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ لِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ وَعَلَيْهَا يَكُونُ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ لِدَفْعِ بَيِّنَةٍ (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ أَنَّ هَذَا مُخْتَصٌّ بِالْمَسَائِلِ الَّتِي يَتَوَقَّفُ الْحَلِفُ فِيهَا عَلَى الْخُلْطَةِ حَيْثُ كَانَتْ هُنَاكَ خُلْطَةٌ وَأَمَّا إذَا لَمْ تُوجَدْ خَلْطَةٌ فَلَا يُطْلَبُ بِحَمِيلٍ بِالْوَجْهِ، وَلَا بِكَفِيلٍ يُلَازِمُهُ سَوَاءٌ عُرِفَ نَسَبُهُ أَمْ لَا وَأَمَّا الْمَسَائِلُ الَّتِي تَتَوَجَّهُ فِيهَا الْيَمِينُ لِغَيْرِ خُلْطَةٍ كَدَعْوَى الْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ فَإِمَّا حَلَفَ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ حَمِيلًا (الثَّانِي) أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَدَّعِ بَيِّنَةً بِكَالسُّوقِ، وَإِلَّا أَوْقَفَهُ الْقَاضِي عِنْدَهُ.

(قَوْلُهُ: وَفِي كِتَابِ الْحِمَالَةِ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: يُلَازِمُهُ وَيَحْرُسُهُ إلَخْ) أَيْ بِحَيْثُ لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْكَفِيلِ بِالْوَجْهِ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَأْتِ بِالْمَضْمُونِ يَضْمَنُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعْرُوفًا مَشْهُورًا فَالشَّأْنُ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَيُمْكِنُ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ إنَّمَا شَهِدَا عَلَى ذَاتِهِ وَحِلْيَتِهِ لَا عَلَى اسْمِهِ فَلَا تَكُونُ شَهَادَتُهُمْ عِنْدَ الْقَاضِي إلَّا بِحُضُورِهِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّ الَّذِي يُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ هُوَ الْعَبْدُ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْحَقُّ وَيَقَعُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ فَيَدَّعِي عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ الْجَوَابُ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ سَيِّدِهِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى غَيْرِهِ وَكَذَا يَدَّعِي بِمَالٍ فَيُجِيبُ عَنْهُ فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ إنْ كَانَ مَأْذُونًا، وَإِلَّا وُقِفَ الْأَمْرُ عَلَى سَيِّدِهِ فَإِنْ عَتَقَ قَبْلَ الْعِلْمِ لَزِمَهُ وَإِذَا أَقَرَّ الْعَبْدُ بِسَرِقَةٍ لَزِمَهُ الْقَطْعُ بِلَا غُرْمٍ، وَإِقْرَارُ السَّيِّدِ عَلَيْهِ بِالْعَكْسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>