وَإِلَّا فَدِيَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ طَرَحَ شَخْصًا فِي نَهْرٍ وَهُوَ لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ وَالْقَتْلِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ وَلَا قَسَامَةَ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَسَوَاءٌ عَلِمَ الطَّارِحُ أَنَّ الْمَطْرُوحَ يُحْسِنُ الْعَوْمَ أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الطَّرْحُ عَدَاوَةً بَلْ كَانَ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ وَشَبَهِهِ وَهُوَ لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ أَوْ كَانَ يُحْسِنُهُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ أَوْ اللَّعِبِ فَلَا يُقْتَلُ بِهِ وَلَهُ عَلَيْهِ دِيَةٌ مُخَمَّسَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهَا لَا مُغَلَّظَةً كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ
(ص) وَكَحَفْرِ بِئْرٍ وَإِنْ بِبَيْتِهِ أَوْ وَضْعِ مَزْلَقٍ أَوْ رَبْطِ دَابَّةٍ بِطَرِيقٍ أَوْ اتِّخَاذِ كَلْبٍ عَقُورٍ تُقُدِّمَ لِصَاحِبِهِ إنْذَارٌ (ش) لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْإِتْلَافِ بِالْمُبَاشَرَةِ شَرَعَ الْآنَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْإِتْلَافِ بِالسَّبَبِ وَهُوَ أَنْ يَفْعَلَ فِعْلًا يَكُونُ سَبَبًا لِلْإِتْلَافِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ لَهُ حَفْرُهَا فِيهِ كَطَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ حَفَرَهَا فِي مَوْضِعٍ يَجُوزُ لَهُ حَفْرُهَا فِيهِ كَبَيْتِهِ وَقَصَدَ بِذَلِكَ الضَّرَرَ كَهَلَاكِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَهَلَكَ فِيهَا ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ فَإِنْ هَلَكَ فِيهَا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَعَلَيْهِ دِيَتُهُ إنْ كَانَ حُرًّا أَوْ قِيمَتُهُ إنْ كَانَ عَبْدًا أَمَّا إنْ حَفَرَ الْبِئْرَ فِي بَيْتِهِ لِضَرُورَةٍ اقْتَضَتْ ذَلِكَ فَهَلَكَ فِيهَا إنْسَانٌ أَوْ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ بَلْ هُوَ هَدَرٌ وَكَذَلِكَ يُقْتَصُّ مِمَّنْ وَضَعَ مَا يُزْلِقُ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ كَقُشُورِ بِطِّيخٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَقَصَدَ بِذَلِكَ الضَّرَرَ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَهَلَكَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمُعَيَّنُ وَأَمَّا إنْ هَلَكَ غَيْرُهُ فَالدِّيَةُ وَكَذَلِكَ يُقْتَصُّ مِمَّنْ رَبَطَ دَابَّةً بِطَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ وَقَصَدَ الْأَذِيَّةَ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَهَلَكَ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَإِنْ هَلَكَ غَيْرُهُ فَالدِّيَةُ وَكَذَلِكَ يُقْتَصُّ مِمَّنْ اتَّخَذَ كَلْبًا عَقُورًا وَقَدْ أُنْذِرَ عَنْ اتِّخَاذِهِ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَهَلَكَ وَإِنْ هَلَكَ غَيْرُهُ فَالدِّيَةُ فَقَوْلُهُ (قَصَدَ الضَّرَرَ وَهَلَكَ الْمَقْصُودُ) قَيْدٌ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الْقَوَدُ إذَا قَصَدَ الضَّرَرَ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَهَلَكَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ وَقَوْلُهُ (وَإِلَّا فَالدِّيَةُ) شَامِلٌ لِصُورَتَيْنِ الْأُولَى أَنْ يَقْصِدَ ضَرَرَ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَيُهْلِكَ غَيْرَهُ وَالثَّانِيَةُ أَنْ لَا يَقْصِدَ شَخْصًا مُعَيَّنًا وَمَفْهُومُ قَصْدِ الضَّرَرِ
ــ
[حاشية العدوي]
وَيُورَثُ وَهُوَ أَحْسَنُ الْأَقْوَالِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَفِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ الثَّانِي وَلَا يَكُونُ عَلَى الْأَوَّلِ إلَّا الْأَدَبُ أَيْ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَحْيَاءِ يَرِثُ وَيُورَثُ وَيُوصِي بِمَا شَاءَ مِنْ عِتْقٍ وَغَيْرِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ أَيْ الَّذِي يَقُولُ يُقْتَلُ الْأَوَّلُ وَلَوْ قِيلَ يُقْتَلَانِ بِهِ جَمِيعًا لِأَنَّهُمَا قَدْ اشْتَرَكَا فِي قَتْلِهِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ انْتَهَى
(قَوْلُهُ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ) الصَّوَابُ أَنَّهُ يُقْتَصُّ حَيْثُ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ وَلَا عَدَمِهِ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يُحْسِنُ الْعَوْمَ وَإِنَّمَا كَانَ يُقْتَلُ حَيْثُ طَرَحَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُحْسِنُ الْعَوْمَ لِأَنَّهُ إنَّمَا طَرَحَهُ حَيْثُ يَظُنُّ أَنَّهُ لَا يَنْجُو مِنْهُ وَكَذَا إذَا طَرَحَهُ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ وَأَمَّا إذَا طَرَحَهُ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُحْسِنُ الْعَوْمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ وَلَا بِعَدَمِهِ فَلَا
(قَوْلُهُ كَطَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ) وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَحْفِرْهَا بِهَا لِلْمَطَرِ وَإِلَّا فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ إنْ حَظَرَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ أَمَّا إنْ حَفَرَ الْبِئْرَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ حَاصِلَ مَسْأَلَةِ الْبِئْرِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِحَفْرِهَا ضَرَرًا فَإِنْ حَفَرَهَا فِي مَحَلٍّ لَا يَجُوزُ لَهُ كَالطَّرِيقِ ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِهَا لِأَنَّ فِعْلَهَا فِي الطَّرِيقِ يُحْمَلُ عَلَى قَصْدِ الضَّرَرِ وَإِنْ كَانَ فِي مَحَلٍّ يَجُوزُ لَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ حَفَرَهَا بِقَصْدِ الضَّرَرِ وَلَوْ فِي مَحَلٍّ يَجُوزُ لَهُ فَإِنْ حَفَرَهَا لِإِهْلَاكِ شَخْصٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا هَلَكَ فِيهَا وَإِنْ حَفَرَهَا لِإِهْلَاكِ سَارِقٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَهَلَكَ فِيهَا غَيْرُ آدَمِيٍّ فَالظَّاهِرُ الضَّمَانُ وَإِنْ حَفَرَهَا لِإِهْلَاكِ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ فَإِنْ هَلَكَ ذَلِكَ الشَّخْصُ اُقْتُصَّ مِنْهُ وَإِنْ هَلَكَ غَيْرُهُ ضَمِنَ دِيَتَهُ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَإِنْ حَفَرَهَا لِمَنْ يَجُوزُ قَتْلُهُ كَحَفْرِهَا فِي بَيْتِهِ أَوْ حَائِطِهِ لِكَسَبْعٍ فَلَا يَضْمَنُ مَا هَلَكَ فِيهَا مِنْ آدَمِيٍّ سَارِقٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا حَوْلَ زَرْعِهِ لِمَنْعِ الدَّوَابِّ عَنْهُ خَشْيَةَ أَنْ تُفْسِدَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ حَفَرَهَا لِإِتْلَافِ دَوَابِّ النَّاسِ ضَمِنَ هَذَا مَا ذَكَرُوهُ (قَوْلُهُ مَا يُزْلِقُ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ كَرَشٍّ وَوَضْعِ قِشْرِ بِطِّيخٍ حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا فَعَلَهُ فِي الطَّرِيقِ وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ الضَّرَرَ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى قَصْدِ الضَّرَرِ وَإِنْ فَعَلَهُ فِي مَحَلٍّ يَجُوزُ لَهُ فَإِنْ قَصَدَ إتْلَافَ آدَمِيٍّ بِعَيْنِهِ مُحْتَرَمٍ وَتَلِفَ اُقْتُصَّ مِنْهُ وَإِنْ تَلِفَ غَيْرُهُ أَوْ فَعَلَهُ لِإِتْلَافِ سَارِقٍ لَا بِعَيْنِهِ أَوْ لِإِتْلَافِ مَا لَا يَجُوزُ إتْلَافُهُ وَتَلِفَ بِهِ آدَمِيٌّ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ دِيَتَهُ وَإِنْ فَعَلَهُ لِإِتْلَافِ مَا يَجُوزُ إتْلَافُهُ فَلَا يَضْمَنُ مَا تُلْفِ بِهِ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ هَلَكَ غَيْرُهُ فَالدِّيَةُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ إهْلَاكَ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ فَإِنْ قَصَدَ بِهِ إهْلَاكَ مَنْ لَا يَجُوزُ إهْلَاكُهُ وَهَلَكَ بِذَلِكَ آدَمِيٌّ مُحْتَرَمٌ ضَمِنَ دِيَتَهُ وَإِنْ هَلَكَ غَيْرُهُ كَدَابَّةٍ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ ضَرَرًا أَصْلًا فَإِنْ اتَّخَذَ ذَلِكَ لِحَاجَةٍ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ جَعَلَ ذَلِكَ مَرْبِطًا لَهُ ضَمِنَ وَانْظُرْ مَنْ اتَّخَذَ دَابَّةً مَعْرُوفَةً بِالْعَدَاءِ بِبَيْتِهِ وَلَمْ يَفْعَلْ بِهَا مَا يَمْنَعُهَا مِنْ الْعَدَاءِ الَّذِي عُرِفَتْ بِهِ وَفِي الْمَوَّاقِ مَا يُفِيدُ أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْكَلْبِ الْعَقُورِ فَيَجْرِي فِيهَا تَفْصِيلِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يُقْتَصُّ مِمَّنْ اتَّخَذَ كَلْبًا عَقُورًا) لَا يَخْتَصُّ بِالْكَلْبِ بَلْ يُشَارِكُهُ فِيهِ كُلُّ حَيَوَانٍ مُؤْذٍ مُتَّخَذٍ وَالْجِدَارُ الْمَائِلُ وَالْعَقُورُ مَا يَعْقِرُ وَيُؤْذِي بِلَا سَبَبٍ مِنْ الْعُقْرِ وَهُوَ الْجُرْحُ وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا بِتَكَرُّرِ ذَلِكَ مِنْهُ وَلِذَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ إنَّ هَذَا مِنْ الْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ وَقَدْ أَنْذَرَ) اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ تُقُدِّمَ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ مُسْتَتِرٌ دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ أَيْ تَقَدَّمَ الْإِنْذَارُ فِيهِ وَحَاصِلُ مَسْأَلَةِ ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ اتَّخَذَهُ لِإِهْلَاكِ مُعَيَّنٍ مُحْتَرَمٍ وَأَهْلَكَهُ اُقْتُصَّ مِنْهُ إنْ وُجِدَتْ الْمُكَافَأَةُ وَمَا يُعْتَبَرُ فِي ثُبُوتِ الْقِصَاصِ وَسَوَاءٌ كَانَ عَقُورًا أَمْ لَا أُنْذِرَ صَاحِبُهُ أَمْ لَا وَإِنْ أَهْلَكَ غَيْرَهُ ضَمِنَهُ وَإِنْ اتَّخَذَهُ لِإِهْلَاكِ مَنْ لَا يَجُوزُ إهْلَاكُهُ وَأَهْلَكَ آدَمِيًّا مُحْتَرَمًا ضَمِنَ دِيَتَهُ سَوَاءٌ كَانَ عَقُورًا أَمْ لَا اتَّخَذَهُ فِي مَحَلٍّ يَجُوزُ لَهُ أَمْ لَا وَإِنْ أَهْلَكَ غَيْرَهُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَّخِذْهُ لِإِهْلَاكِ مَنْ لَا يَجُوزُ إهْلَاكُهُ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَقُورِ فَلَا ضَمَانَ اتَّخَذَهُ فِي مَحَلٍّ يَجُوزُ لَهُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ مِنْ الْعَجْمَاءِ الَّتِي فِعْلُهَا جُبَارٌ أَيْ: هَدَرٌ وَإِنْ كَانَ عَقُورًا فَإِنْ اتَّخَذَهُ فِي مَحَلٍّ لَا يَجُوزُ كَمَا إذَا اتَّخَذَهُ لِحِرَاسَةِ الدَّارِ ضَمِنَ إنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute