أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْصِدْ ضَرَرًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ عَلَى تَفْصِيلٍ اُنْظُرْهُ فِي الْكَبِيرِ فَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَالدِّيَةُ رَاجِعٌ لِلْأَخِيرِ وَقَوْلُهُ فَالدِّيَةُ أَيْ إنْ كَانَ الْهَالِكُ حُرًّا وَالْقِيمَةُ إنْ كَانَ غَيْرَهُ
وَلَوْ قَالَ فَالضَّمَانُ لَكَانَ أَشْمَلَ (ص) وَكَالْإِكْرَاهِ وَتَقْدِيمِ مَسْمُومٍ وَرَمْيِهِ عَلَيْهِ حَيَّةً (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَكَحَفْرِ بِئْرٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ مِنْ أَسْبَابِ الْقَتْلِ الْإِكْرَاهَ وَهُوَ نِسْبَةٌ بَيْنَ الْمُكْرَهِ وَالْمُكْرِهِ فَيُقْتَلُ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ لِتَسَبُّبِهِ وَالْمُكْرَهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ لِمُبَاشَرَتِهِ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ مُخَالَفَةُ الْآمِرِ خَوْفَ قَتْلِهِ فَكَلَامُهُ مُجْمَلٌ يُفَصِّلُهُ الْآتِي وَمِنْ أَسْبَابِهِ مَنْ قَدَّمَ لِشَخْصٍ طَعَامًا أَوْ لِبَاسًا مَسْمُومًا فَقُتِلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الْمُقَدِّمُ عَالِمًا بِأَنَّهُ مَسْمُومٌ أَيْ وَلَمْ يَعْلَمْ الْآكِلُ بِهِ فَإِنْ عَلِمَ الْآكِلُ بِأَنَّهُ مَسْمُومٌ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُقَدِّمِ وَمِنْ أَسْبَابِهِ مَنْ رَمَى حَيَّةً حَيَّةً عَلَى شَخْصٍ فَقَتَلَتْهُ بِلَدْغَتِهَا وَسَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهَا تَقْتُلُهُ أَمْ لَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ وَأَمَّا لَوْ مَاتَ مِنْ الْخَوْفِ فَالدِّيَةُ كَانَتْ حَيَّةً أَوْ مَيِّتَةً وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا قَاتِلَةٌ وَإِلَّا اُقْتُصَّ مِنْهُ (ص) وَكَإِشَارَتِهِ بِسَيْفٍ فَهَرَبَ وَطَلَبَهُ وَبَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ وَإِنْ سَقَطَ فَبِقَسَامَةٍ وَإِشَارَتُهُ فَقَطْ خَطَأٌ وَكَالْإِمْسَاكِ لِلْقَتْلِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَشَارَ عَلَيْهِ بِسَيْفٍ أَوْ رُمْحٍ أَوْ عَصًا لِيَقْتُلَهُ فَهَرَبَ مِنْهُ فَتَبِعَهُ حَتَّى مَاتَ وَهُوَ قَائِمٌ بِأَنْ اسْتَنَدَ إلَى حَائِطٍ مَثَلًا وَالْحَالُ أَنَّ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةً فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَا رَاكِبَيْنِ أَوْ مَاشِيَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ فَلَوْ سَقَطَ فَمَاتَ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ أَيْضًا لَكِنْ بِقَسَامَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ السَّقْطَةِ فَيَحْلِفُ وُلَاةُ الدَّمِ خَمْسِينَ يَمِينًا مُتَوَالِيَةً بَتًّا أَنَّهُ مَاتَ خَوْفًا مِنْهُ وَلَوْ مَاتَ بِمُجَرَّدِ الْإِشَارَةِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِيَةُ خَطَأٍ مُخَمَّسَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَظَاهِرُهُ مِنْ غَيْرِ قَسَامَةٍ وَكَذَلِكَ يُقْتَصُّ مِمَّنْ مَسَكَ غَيْرَهُ لِشَخْصٍ لِيَقْتُلَهُ فَقَتَلَهُ لِتَسَبُّبِهِ وَيُقْتَلُ الْآخَرُ أَيْضًا لِمُبَاشَرَتِهِ وَلَوْ مَسَكَهُ لِشَخْصٍ لِيَضْرِبَهُ ضَرْبًا مُعْتَادًا فَضَرَبَهُ فَمَاتَ فَإِنَّ الضَّارِبَ يُقْتَلُ بِهِ
وَأَمَّا الْمُمْسِكُ فَإِنَّهُ يُعَاقَبُ أَشَدَّ الْعُقُوبَةِ وَيُحْبَسُ سَنَةً وَبِعِبَارَةٍ: اللَّامُ فِي لِلْقَتْلِ لِلتَّعْلِيلِ وَلَا يُقْتَلُ الْمُمْسِكُ إلَّا بِقُيُودٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ يُمْسِكَهُ لِأَجْلِ الْقَتْلِ وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الطَّالِبَ إنَّمَا يُرِيدُ قَتْلَهُ وَأَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ لَوْلَا الْمُمْسِكُ مَا قَدَرَ
ــ
[حاشية العدوي]
أُنْذِرَ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَعْقِرُ النَّاسَ وَإِنْ اتَّخَذَ فِي مَحَلٍّ يَجُوزُ لَهُ كَالزَّرْعِ وَالضَّرْعِ ضَمِنَ إنْ أُنْذِرَ عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ وَلَيْسَ مِثْلَ الْإِنْذَارِ هُنَا عِلْمُهُ أَنَّهُ يَعْقِرُ النَّاسَ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ مَرْزُوقٍ أَنَّ عِلْمَهُ بِعُقْرِهِ يَقُومُ مَقَامَ الْإِنْذَارِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ تَقَدَّمَ لِصَاحِبِهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ فِيهِ فَلَا ضَمَانَ وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا اتَّخَذَهُ فِي مَوْضِعٍ يَجُوزُ وَبِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِعُقْرِهِ لِلنَّاسِ وَكَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى هَذَيْنِ الْقَيْدَيْنِ وَالتَّقَدُّمُ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَيَقُومُ مَقَامَهُ الْإِشْهَادُ وَلِذَلِكَ قَالَ مُحَشِّي تت قَوْلُهُ وَاِتِّخَاذُ كَلْبٍ عَقُورٍ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِ قَيْدِ تَقَدُّمِ الْإِنْذَارِ لِأَنَّ الْكَلَامَ حَيْثُ قَصَدَ الضَّرَرَ وَهَلَكَ الْمَقْصُودُ وَهَذَا لَا قَيْدَ فِيهِ
وَإِنَّمَا الْقَيْدُ حَيْثُ اتَّخَذَهُ لِمَا يَجُوزُ لَهُ اتِّخَاذُهُ فِيهِ كَحِرَاسَةِ الزَّرْعِ وَالضَّرْعِ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إذَا اتَّخَذَهُ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ فَلَا يَضْمَنُ مَا أَصَابَ حَتَّى يَتَقَدَّمَ فِيهِ إلَيْهِ وَإِنْ اتَّخَذَهُ لِمَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ لَهُ اتِّخَاذُهُ فِيهِ كَالدُّورِ وَشِبْهِهِ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ عَقُورٌ ضَمِنَ مَا أَصَابَ وَقَالَ مَالِكٌ مَنْ اتَّخَذَ لَهُ فِي دَارِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَ إنْ تَقَدَّمَ فِيهِ إلَيْهِ اهـ. نَصًّا بِتَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ جَعْلَ الْكَلْبِ لِحِرَاسَةِ دَارِهِ أَوْ فُنْدُقِهِ مِنْ سَبِيلِ مَا لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ زَرْعِهِ أَوْ ضَرْعِهِ فَيَجُوزُ خِلَافًا لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ الْقَائِلِ بِأَنَّ اتِّخَاذَهُ لِلدُّورِ وَالْفَنَادِقِ يَجُوزُ ذَكَرَهُ عج (قَوْلُهُ عَلَى تَفْصِيلٍ) أَقُولُ قَدْ بَيَّنَّاهُ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا حَفَرَهُ فِي مَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ حَفْرُهُ فِيهِ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ وَأَمَّا إذَا حَفَرَهُ فِي مَوْضِعٍ يَجُوزُ لَهُ حَفْرُهُ فِيهِ فَلَا دِيَةَ وَقَوْلُهُ فَالدِّيَةُ أَيْ عَلَى الْعَاقِلَةِ أَيْ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا قَصَدَ جِنْسَ السَّارِقِ فَهَلَكَ فِيهَا وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهُمْ فَإِنَّ دِيَةَ مَنْ هَلَكَ فِي مَالِ الْحَافِرِ وَإِنْ هَلَكَ مِنْ غَيْرِ السُّرَّاقِ فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ (قَوْلُهُ نِسْبَةٌ بَيْنَ الْمُكْرَهِ وَالْمُكْرِهِ) أَيْ إلَّا أَنَّهَا قَائِمَةٌ بِالْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ مُخَالَفَةُ الْآمِرِ) لَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَهُ مُخَالَفَةُ الْآمِرِ لَا يَكُونُ مُكْرَهًا وَالْفَرْضُ أَنَّهُ مُكْرَهٌ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ الْمُقَدَّمُ عَالِمًا) فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مُقَدِّمُهُ فَلَا قِصَاصَ وَلَا أَدَبَ وَقَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُقَدِّمِ لَا قِصَاصَ وَلَا أَدَبَ قَالَ عج وَلَوْ وَضَعَ شَخْصٌ سُمًّا فِي طَعَامٍ وَقَدَّمَهُ لِضَيْفٍ فَعَلِمَ الضَّيْفُ بِأَنَّهُ مَسْمُومٌ ثُمَّ قَدَّمَهُ لِرَبِّهِ فَأَكَلَ مِنْهُ فَمَاتَ فَالْقِصَاصُ عَلَى الضَّيْفِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ مَاتَ مِنْ الْخَوْفِ فَالدِّيَةُ كَانَتْ حَيَّةً أَوْ مَيِّتَةً ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهَا تَقْتُلُ أَمْ لَا عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ أَمْ لَا لَكِنْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مَتَى عَلِمَ بِأَنَّهَا قَاتِلَةٌ وَهِيَ حَيَّةٌ فَمَاتَ فَالْقِصَاصُ وَإِنْ لَمْ تَلْدَغْهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إنْ قَتَلَتْهُ وَطَرَحَهَا عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ فَيُقْتَصُّ عَلَى أَنَّهَا تَقْتُلُ أَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهَا لَا تَقْتُلُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ شَيْئًا وَأَمَّا إنْ كَانَ لَا عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا تَقْتُلُ اُقْتُصَّ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا لَا تَقْتُلُ أَوْ شَكَّ فَلَا يُقْتَلُ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ لَدْغَتِهَا وَأَمَّا لَوْ مَاتَ مِنْ الْخَوْفِ فَلَا يُقْتَلُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ أَمْ لَا كَانَتْ حَيَّةً أَمْ لَا عَلِمَ أَنَّهَا تَقْتُلُ أَمْ لَا هَذَا مُفَادُ الشَّارِحِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ إذَا مَاتَ مِنْ الْخَوْفِ وَكَانَتْ حَيَّةً وَاعْتَقَدَ أَنَّهَا تَقْتُلُ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ كَانَ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ أَمْ لَا
(قَوْلُهُ وَبَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ يَكُونُ خَطَأً وَالْمُرَادُ بِالْعَدَاوَةِ مَا يَشْمَلُ الْغَضَبَ لِمُقَابَلَتِهَا بِاللَّعِبِ قَالَهُ الْجِيزِيُّ (قَوْلُهُ لَكِنْ بِقَسَامَةٍ) قَيَّدَ الدَّمِيرِيُّ هَذَا بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ وَأَمَّا عج فَنَظَرَ فَقَالَ وَهَلْ تُعْتَبَرُ الْعَدَاوَةُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ سَقَطَ فَبِقَسَامَةٍ أَيْضًا أَوْ لَا وَقَالَ تِلْمِيذُهُ عب وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ (قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِيَةٌ) وَمَوْضُوعُهُ أَنَّ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةً وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهِ (قَوْلُهُ أَنْ يُمْسِكَ لِأَجْلِ الْقَتْلِ) فَإِنْ أَمْسَكَهُ لِيَضْرِبَهُ ضَرْبًا مُعْتَادًا وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهُ يَقْصِدُ قَتْلَهُ وَلَا رَأَى مَعَهُ سَيْفًا وَلَا رُمْحًا قُتِلَ الْمُبَاشِرُ وَحْدَهُ وَضُرِبَ الْآخَرُ أَشَدَّ الضَّرْبِ وَحُبِسَ سَنَةً (قَوْلُهُ وَأَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ لَوْلَا الْمُمْسِكُ مَا قَدَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute