بَلْ هُمَا عَظْمَاتُ مُنْفَرِدَانِ قَوْلُهُ أَوْضَحَتْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَهِيَ الَّتِي أَوْضَحَتْ لِيَكُونَ كَالتَّعْرِيفِ لَهَا لَا صِفَةٌ لِمُوضِحَةٍ لِئَلَّا يُتَوَهَّمُ التَّخْصِيصُ وَقَوْلُهُ أَوْضَحَتْ إلَخْ هَذَا عُرْفٌ فِقْهِيٌّ وَإِلَّا فَالْمُوضِحَةُ فِي اللُّغَةِ هِيَ الَّتِي أَوْضَحَتْ الْعَظْمَ مُطْلَقًا
(ص) وَسَابِقِهَا مِنْ دَامِيَةٍ وَحَارِصَةٍ شَقَّتْ الْجَلْدَ وَسِمْحَاقٍ كَشَطَتْهُ وَبَاضِعَةٍ شَقَّتْ اللَّحْمَ وَمُتَلَاحِمَةٍ غَاصَتْ فِيهِ بِتَعَدُّدٍ وَمِلْطَاهُ قَرُبَتْ لِلْعَظْمِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا قَبْلَ الْمُوضِحَةِ مِنْ الْجِرَاحِ سِتَّةٌ يُقْتَصُّ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْجِلْدِ وَثَلَاثَةٌ بِاللَّحْمِ فَالْمُتَعَلِّقَةُ بِالْجِلْدِ الدَّامِيَةُ وَهِيَ الَّتِي تُضْعِفُ الْجِلْدِ فَيَرْشَحُ مِنْهُ الدَّمُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْشَقَّ الْجِلْدُ ثُمَّ الْحَارِصَةُ وَهِيَ الَّتِي تَشُقُّ الْجِلْدَ ثُمَّ السِّمْحَاقُ وَهِيَ الَّتِي تَكْشِطُ الْجَلْدَ وَالْمُتَعَلِّقَةُ بِاللَّحْمِ الْبَاضِعَةُ وَهِيَ الَّتِي تُبْضِعُ اللَّحْمَ أَيْ تَشُقُّهُ ثُمَّ الْمُتَلَاحِمَةُ وَهِيَ الَّتِي تَغُوصُ فِي اللَّحْمِ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ ثُمَّ الْمِلْطَاةُ وَهِيَ الَّتِي يَبْقَى بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَظْمِ سُتُورٌ رَقِيقَةٌ وَبِعِبَارَةٍ: الْمِلْطَاءُ بِالْمَدِّ الْقِشْرَةُ الرَّقِيقَةُ الَّتِي بَيْنَ عَظْمِ الرَّأْسِ وَلَحْمِهِ وَبِهِ سُمِّيَتْ الشَّجَّةُ الَّتِي تَقْطَعُ اللَّحْمَ كُلَّهُ وَتَبْلُغُ هَذِهِ الْقِشْرَةَ (ص) كَضَرْبَةِ السَّوْطِ (ش) يَعْنِي أَنَّ ضَرْبَةَ السَّوْطِ يُقْتَصُّ مِنْهَا وَأَمَّا اللَّطْمَةُ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهَا كَمَا يَأْتِي لِأَنَّ السَّوْطَ جَارِحٌ يَحْصُلُ مِنْ الضَّرْبِ بِهِ الْجُرْحُ بِخِلَافِ اللَّطْمَةِ (ص) وَجِرَاحِ الْجَسَدِ وَإِنْ مُنَقِّلَةً (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَاقْتُصَّ مِنْ مُوضِحَةٍ إلَخْ وَعَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْ بَاقِي جِرَاحِ الْجَسَدِ وَلَوْ مِنْ الْمُنَقِّلَةِ وَالْهَاشِمَةِ مَا لَمْ يَعْظُمْ الْخَطَرُ كَعِظَامِ الصَّدْرِ وَالْعُنُقِ وَالصُّلْبِ وَالْفَخْذِ وَشِبْهِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَإِنَّمَا خَصَّ الْمُنَقِّلَةَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا فِي الرَّأْسِ فَنَفَى مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ مُنَقِّلَةَ الْجَسَدِ كَذَلِكَ
(ص) بِالْمِسَاحَةِ إنْ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُقْتَصُّ بِالْمِسَاحَةِ بِكَسْرِ الْمِيمِ فَيُقَاسُ الْجُرْحُ طُولًا وَعَرْضًا وَعُمْقًا فَقَدْ تَكُونُ الْجِرَاحَةُ نِصْفَ عُضْوِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَهِيَ جُلُّ عُضْوِ الْجَانِي أَوْ كُلُّهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْعُضْوِ الْوَاحِدِ وَعَلَى هَذَا لَوْ عَظُمَ عُضْوُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ حَتَّى كَانَ الْقَدْرُ الَّذِي جُرِحَ مِنْهُ يَزِيدُ عَلَى الْعُضْوِ الْمُمَاثِلِ لَهُ مِنْ الْجَانِي فَإِنَّهُ لَا يُكْمِلُ مِنْ غَيْرِهِ بِلَا خِلَافٍ وَقَوْلُهُ (كَطَبِيبٍ زَادَ عَمْدًا) تَشْبِيهٌ فِي الْقِصَاصِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الطَّبِيبَ إذَا زَادَ عَلَى الْقَدْرِ الْمَطْلُوبِ الْمَأْذُونِ فِيهِ تَعَمُّدًا فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا زَادَ عَلَى الْقَدْرِ الْمَطْلُوبِ بِالْمِسَاحَةِ فَإِنْ نَقَصَ الطَّبِيبُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَإِنَّهُ لَا يُقْتَصُّ ثَانِيًا لِأَنَّهُ قَدْ اجْتَهَدَ قَالَ اللَّخْمِيُّ إذَا قَطَعَ الطَّبِيبُ فِي الْمَوْضِعِ الْمُعْتَادِ فَمَاتَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ يَسِيرًا وَوَقَعَ الْقَطْعُ فِيمَا قَارَبَ كَانَ خَطَأً وَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ فِيمَا لَا يَشُكُّ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ عَمْدٌ كَانَ فِيهِ الْقِصَاصُ وَإِنْ تَرَدَّدَ بَيْنَ الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ كَانَتْ مُغَلَّظَةً
ــ
[حاشية العدوي]
اللَّحْيَ الْأَعْلَى مِنْ الرَّأْسِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي إنْ كُنَّ بِرَأْسٍ أَوْ لَحْيٍ أَعْلَى أَرَادَ بِاللَّحْيِ الْأَعْلَى الْفَكَّ الْأَعْلَى (قَوْلُهُ لَا صِفَةٌ إلَخْ) قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ جَعْلُهَا صِفَةً أَوْلَى مِنْ ادِّعَاءِ حَذْفِ الْمُبْتَدَأِ أَوْ الْمَوْصُولِ إذْ الصِّفَةُ كَمَا تَكُونُ مُخَصَّصَةً تَكُونُ كَاشِفَةً كَمَا فِي قَوْلِهِ الْأَلْمَعِيُّ الَّذِي يَظُنُّ بِك الظَّنَّ اهـ. إلَّا أَنْ يُقَالَ الْأَصْلُ فِيهَا التَّخْصِيصُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا تَكُونُ كَاشِفَةً فَيَتَّجِهُ مَا قَالَهُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَسَابِقِهَا) أَيْ سَابِقِ أَثَرِهَا وَقَوْلُهُ مِنْ دَامِيَةٍ إلَخْ أَيْ مِنْ أَثَرِ دَامِيَةٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُوضِحَةَ وَمَا ذُكِرَ بَعْدَهَا عِبَارَةٌ عَنْ الشَّجَّاتِ وَاَلَّذِي يَتَّصِفُ بِالسَّبْقِيَّةِ وَالتَّأَخُّرِ إنَّمَا هُوَ الْأَثَرُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ يَعْنِي أَنَّ مَا قَبْلَ الْمُوضِحَةِ أَيْ مَا قَبْلَ أَثَرِ الْمُوضِحَةِ وَقَوْلُهُ مِنْ الْجِرَاحِ بَيَانٌ لِمَا قَبْلَ أَثَرِ الْمُوضِحَةِ وَقَوْلُهُ سِتَّةٌ لَا يَخْفَى أَنَّهُ بَيَّنَ السِّتَّةَ بِمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ مِنْ الشَّجَّاتِ الَّتِي الْجِرَاحُ السَّابِقَةُ أَثَرُهَا فَقَدْ تَسَمَّحَ وَقَوْلُهُ مِنْهُ أَيْ مِنْ جِلْدٍ (قَوْلُهُ شَقَّتْ الْجِلْدَ) أَيْ كُلَّهُ كَذَا أَفَادَهُ تت أَيْ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ انْشَقَّ بَعْضُهُ وَمُفَادُهُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تَشُقَّ الْجِلْدَ كُلَّهُ بَلْ بَعْضَهُ لَا قِصَاصَ وَالظَّاهِرُ الْأَدَبُ وَحُرِّرَ (قَوْلُهُ وَمِلْطَاهُ) بِهَاءٍ فِي آخِرِهَا وَبِإِسْقَاطِهَا بِكَسْرِ الْمِيمِ وَبِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ قَالَهُ تت
(قَوْلُهُ عِدَّةُ مَوَاضِعَ) أَيْ فَأَخَذَتْ فِيهِ يَمِينًا وَشِمَالًا وَلَمْ تَقْرُبْ مِنْ الْعَظْمِ (قَوْلُهُ وَهِيَ الَّتِي إلَخْ) أَيْ وَهِيَ الْقِشْرَةُ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَظْمِ سُتُورٌ رَقِيقَةٌ أَيْ فَلَمْ تَكُنْ مُلَاصِقَةً لِلْعَظْمِ وَلَا يُخَالِفُ هَذِهِ مَا بَعْدَهَا لِأَنَّ كَوْنَهَا بَيْنَ عَظْمِ الرَّأْسِ وَلَحْمِهِ لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَظْمِ سُتُورٌ رَقِيقَةٌ (قَوْلُهُ وَبِهِ سُمِّيَتْ الشَّجَّةُ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِالْمِلْطَاةِ الشَّجَّةَ وَلَكِنْ الْمِلْطَاةُ لَيْسَتْ فِي الْأَصْلِ هِيَ الشَّجَّةُ بَلْ هِيَ الْقِشْرَةُ الْمَذْكُورَةُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا اللَّطْمَةُ) حَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّ اللَّطْمَةَ وَهِيَ الضَّرْبُ عَلَى الْخَدَّيْنِ بِبَاطِنِ الرَّاحَةِ وَالْعَصَا لَا قِصَاصَ فِيهِمَا بِخِلَافِ السَّوْطِ وَالْفَرْقُ أَنَّ السَّوْطَ جَارِحٌ يَحْصُلُ مِنْ الضَّرْبِ بِهِ الْجُرْحُ بِخِلَافِهِمَا وَأَشَارَ أَبُو الْحَسَنِ لِلْفَرْقِ بَيْنَ السَّوْطِ وَاللَّطْمَةِ بِأَنَّ ضَرْبَةَ السَّوْطِ لَهَا انْضِبَاطٌ بِخِلَافِ اللَّطْمَةِ فَلَا يُمْكِنُ انْضِبَاطُهَا فَلَا قِصَاصَ فِيهَا وَمَحَلُّ كَوْنِ اللَّطْمَةِ وَالْعَصَا لَا قَوَدَ فِيهِمَا حَيْثُ لَمْ يَنْشَأْ عَنْهُمَا مَا فِيهِ الْقَوَدُ كَجُرْحٍ اهـ.
(قَوْلُهُ فَقَدْ تَكُونُ الْجِرَاحَةُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْجَبْهَةَ مَحَلٌّ وَالرَّأْسَ مَحَلٌّ وَالْعَضُدَ مَحَلٌّ وَالذِّرَاعَ مَحَلٌّ آخَرُ فَلَا يَتَعَدَّى أَحَدُهَا إلَى الْآخَرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ بَاطِنَ الْكَفِّ وَظَاهِرَهُ لَيْسَا مِنْ جُمْلَةِ الذِّرَاعِ وَأَمَّا الْأَصَابِعُ فَلَيْسَتْ مِنْ الذِّرَاعِ قَطْعًا وَلَا مِنْ الْكَفِّ وَاللَّحْيِ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ مَحَلَّانِ وَكُلُّ أُنْمُلَةٍ مَحَلٌّ وَلَا تُقْطَعُ الْوُسْطَى بِالسَّبَّابَةِ وَلَا الثَّنِيَّةُ بِالرُّبَاعِيَّةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَكْمُلُ مِنْ غَيْرِهِ) وَسَقَطَ عَقْلُهُ أَيْضًا فَيَسْقُطُ قِصَاصًا وَعَقْلًا وَهَذَا فِي الْجُرْحِ الَّذِي لَمْ يَحْصُلْ بِهِ إزَالَةُ عُضْوٍ فَأَمَّا إنْ حَصَلَ بِهِ إزَالَةُ عُضْوٍ فَلَا يُنْظَرُ لِلْمِسَاحَةِ فَيُقْطَعُ الْعُضْوُ الصَّغِيرُ بِالْعُضْوِ الْكَبِيرِ وَعَكْسُهُ (قَوْلُهُ زَادَ عَمْدًا) أَيْ وَأَمَّا إذَا زَادَ خَطَأً فَعَلَى الْعَاقِلَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ اجْتَهَدَ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ لَا يُنَاسِبُ الْعَمْدَ وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَوْلُهُ كَانَ خَطَأً أَيْ فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ
(قَوْلُهُ كَانَتْ مُغَلَّظَةً) أَيْ تُؤْخَذُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ مِنْ بَنَاتِ الْمَخَاضِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ وَالْحِقَاقِ وَالْجَذَعَاتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute