أَوْ الْعَمْدِ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ وَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ فِي الْعَمْدِ الَّذِي فِيهِ الْقِصَاصُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي ضَمَانِ الدِّيَةِ وَقِيمَةِ الْعَبْدِ وَقْتُ الْإِصَابَةِ فِي الْجُرْحِ وَوَقْتُ الْمَوْتِ فِي النَّفْسِ وَلَا يُرَاعَى وَقْتُ السَّبَبِ فِيهِمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ إنَّهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ وَقْتُ السَّبَبِ ثُمَّ رَجَعَ سَحْنُونَ لِمُوَافَقَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَوْ رَمَى شَخْصٌ عَبْدًا فَلَمْ تَصِلْ الرَّمْيَةُ إلَيْهِ حَتَّى عَتَقَ أَوْ رَمَى كَافِرًا فَلَمْ تَصِلْ الرَّمْيَةُ إلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ عِوَضَ جُرْحِ حُرٍّ أَوْ مُسْلِمٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَمَّا عِنْدَ غَيْرِهِ فَيَضْمَنُ عِوَضَ جُرْحِ عَبْدٍ أَوْ كَافِرٍ فَقَوْلُهُ وَضَمِنَ إلَخْ رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ بِزَوَالِهَا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُسَاوَاةٌ سَقَطَ الْقَتْلُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْقَاتِلُ أَعْلَى وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَالضَّمَانُ وَوَقْتُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقْتُ الْإِصَابَةِ إلَخْ
(ص) وَالْجُرْحُ كَالنَّفْسِ فِي الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ (ش) لَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ فِيمَا دُونَهَا وَهُوَ إبَانَةُ طَرَفٍ وَكَسْرٌ وَجُرْحٌ وَمَنْفَعَةٌ وَعَبَّرَ عَنْهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا بِالْجُرْحِ وَلَعَلَّهُ لِكَوْنِهِ هُوَ الْغَالِبُ وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ كَالنَّفْسِ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْجُرْحَ الَّذِي فِيهِ الْقِصَاصُ حُكْمُهُ حُكْمُ النَّفْسِ فِي الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ وَمُرَادُهُ بِالْفِعْلِ الْجُرْحُ وَبِالْفَاعِلِ الْجَارِحُ وَبِالْمَفْعُولِ الْمَجْرُوحُ أَيْ فَيُعْتَبَرُ حَالُ الرَّمْيِ وَحَالُ الْإِصَابَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَبِعِبَارَةٍ: الْجُرْحُ بِالضَّمِّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي الْفِعْلِ لَا بِالْفَتْحِ وَإِلَّا لَزِمَ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ لِأَنَّ الْجَرْحَ بِالْفَتْحِ: الْفِعْلُ وَقَوْلُهُ فِي الْفِعْلِ وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ إنْ قَصَدَ ضَرْبًا وَالْفَاعِلُ فِي قَوْلِهِ مُكَلَّفٌ غَيْرُ حَرْبِيٍّ إلَخْ وَالْمَفْعُولُ فِي قَوْلِهِ مَعْصُومًا لِلتَّلَفِ وَالْإِصَابَةِ بِإِيمَانٍ أَوْ أَمَانٍ وَالْمُسْتَثْنَى هُوَ قَوْلُهُ
(ص) إلَّا نَاقِصًا جَرَحَ كَامِلًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ أَوْ الْكَافِرَ إذَا قَطَعَ يَدَ الْحَرِّ الْمُسْلِمِ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَى الْعَبْدِ وَلَا عَلَى الْكَافِرِ وَإِنْ كَانَ يُقْتَصُّ لَهُ مِنْهُمَا فِي النَّفْسِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَبِهِ قَالَ الْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ وَعَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَتَلْزَمُ الدِّيَةُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمُسْلِمُ مُخَيَّرٌ فِي الْقِصَاصِ أَوْ الدِّيَةِ وَقِيلَ بِالْقِصَاصِ وَصُحِّحَ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُسْتَثْنًى مِنْ الْفَاعِلِ فَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ الْمَفْعُولِ لِيَسْلَمَ مِنْ الْفَصْلِ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لَكَانَ أَوْلَى وَإِنَّمَا لَمْ يُقْتَصَّ لِلْكَامِلِ مِنْ النَّاقِصِ فِي غَيْرِ النَّفْسِ لِأَنَّ جُرْحَهُ مَعَهُ كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ مَعَ الصَّحِيحَةِ
(ص) وَإِنْ تَمَيَّزَتْ جِنَايَاتٌ بِلَا تَمَالُؤٍ فَمِنْ كُلٍّ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ إنْ تَمَالَأَ جَمَاعَةٌ عَلَى قَتْلِ رَجُلٍ فَإِنَّهُمْ يُقْتَلُونَ بِهِ كُلَّهُمْ أَمَّا إذَا جَنَوْا عَلَيْهِ جِنَايَاتٍ مُتَعَدِّدَةً مِنْ غَيْرِ تَمَالُؤٍ وَتَمَيَّزَتْ جِنَايَاتُهُمْ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ مَا فَعَلَ بِالْمِسَاحَةِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ (كَفِعْلِهِ) وَلَا يُنْظَرُ لِتَفَاوُتِ الْأَيْدِي بِالْغِلَظِ وَالرِّقَّةِ بَلْ يُقْتَصُّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِمِسَاحَةِ مَا جَرَحَ إذَا عُرِفَ ذَلِكَ
(ص) وَاقْتُصَّ مِنْ مُوضِحَةٍ أَوْضَحَتْ عَظْمَ الرَّأْسِ وَالْجَبْهَةِ وَالْخَدَّيْنِ وَإِنْ كَ إبْرَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَوْضَحَ إنْسَانًا عَمْدًا فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ وَلَوْ كَانَتْ كَإِبْرَةٍ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا بَيَّنَتْ وَأَظْهَرَتْ عَظْمَ الرَّأْسِ وَالْجَبْهَةِ وَالْخَدَّيْنِ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَمَّا الْأَنْفُ وَاللَّحْيُ الْأَسْفَلُ فَلَيْسَا مِنْ الرَّأْسِ عِنْدَنَا
ــ
[حاشية العدوي]
وَرَجَعَ الْحُكْمُ لِلضَّمَانِ فَالْمُعْتَبَرُ وَقْتُ الْإِصَابَةِ أَوْ بَيْنَ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ فَالْمُعْتَبَرُ فِي الضَّمَانِ الْمَوْتُ وَسَحْنُونٌ يَعْتَبِرُ حَالَ الرَّمْيِ وَالْجُرْحِ
(قَوْلُهُ فَلَوْ رَمَى شَخْصٌ إلَخْ) هَذَا تَمْثِيلٌ لِلْعَمْدِ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ وَسَكَتَ عَنْ التَّمْثِيلِ لِلْخَطَأِ وَمِثَالُهُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا فِيهِ الْقِصَاصُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ حَيْثُ اُعْتُبِرَتْ الْمُسَاوَاةُ حِينَ السَّبَبِ، وَالْمُسَبَّبُ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي أَنَّ الْقِصَاصَ أَمْرُهُ شَدِيدٌ فَغُلِّظَ فِيهِ حَيْثُ اُشْتُرِطَتْ فِيهِ الْمُسَاوَاةُ حِينَ السَّبَبِ وَالْمُسَبَّبِ بِخِلَافِ مَا لَا قِصَاصَ فِيهِ فَتَأَمَّلْهُ كَذَا لِبَعْضِ شُيُوخِ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ) أَيْ مُتَعَلِّقٌ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ بِزَوَالِهَا (قَوْلُهُ فَالضَّمَانُ) أَيْ لِلْمَالِ أَيْ فَيَضْمَنُ الْجَانِي الْمَالَ
(قَوْلُهُ وَكَسْرٌ) عَطْفٌ عَلَى إبَانَةٍ (قَوْلُهُ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَهُوَ مِثْلُهَا فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ (قَوْلُهُ فِي الْفِعْلِ) أَيْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَصْدُرَ الْجُرْحُ مَعَ قَصْدٍ كَمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْقِصَاصِ مِنْ قَصْدِ الضَّرْبِ عَدَاوَةً فَيَنْشَأُ عَنْهُ جُرْحٌ لَا لِلَعِبٍ أَوْ أَدَبٍ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ وَقَوْلُهُ وَالْفَاعِلِ أَيْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا غَيْرَ حَرْبِيٍّ وَقَوْلُهُ وَالْمَفْعُولِ أَيْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَجْرُوحُ مَعْصُومًا (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ جَمِيعِ الْأَحْوَالِ) الْجَمْعُ لِمَا فَوْقَ الْوَاحِدِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا لَزِمَ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَإِلَّا لَزِمَ اتِّحَادُ الْمُشَبَّهِ مَعَ وَجْهِ الشَّبَهِ مَعَ أَنَّهُمَا مُتَغَايِرَانِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ يُقْتَصُّ لَهُمَا بِالنَّفْسِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَقُتِلَ الْأَدْنَى بِالْأَعْلَى أَيْ وَيَلْزَمُهُ لِلْكَامِلِ مَا فِيهِ إنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ مُتَعَلِّقٌ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ وَذِمَّةِ الْحُرِّ الْكَافِرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ فَحُكُومَةٌ إنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْجَانِي إلَّا الْأَدَبُ (قَوْلُهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُسْتَثْنًى) أَرَادَ بِالِاسْتِثْنَاءِ الْمُسْتَثْنَى (قَوْلُهُ مُسْتَثْنًى مِنْ الْفَاعِلِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَحْذُوفٌ مُتَعَلِّقٌ بِالْفَاعِلِ وَالْمَعْنَى وَالْفَاعِلُ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ إلَّا إلَخْ
(قَوْلُهُ لِأَنَّ جُرْحَهُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِأَنَّ عُضْوَهُ مَعَ عُضْوِهِ كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ مَعَ الصَّحِيحَةِ
(قَوْلُهُ بِلَا تَمَالُؤٍ) لَا مَفْهُومَ لِذَلِكَ بَلْ وَلَوْ تَمَيَّزَتْ مَعَ التَّمَالُؤِ فَإِذَا تَمَالَأَ رَجُلَانِ عَلَى فَقْءِ عَيْنَيْ رَجُلٍ فَفَقَأَ كُلُّ وَاحِدٍ عَيْنًا أَنَّهُ يُفْقَأُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مُمَاثَلَةَ مَا فَقَأَ أَيْ وَمَوْضُوعُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مَوْتٌ وَأَمَّا إذَا تَمَالَآ عَلَى فَقْءِ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ كَالْيُمْنَى مِنْ زَيْدٍ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْ كُلٍّ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ تَمَالُؤٌ فِي ذَلِكَ فَهَلْ يُقْتَصُّ مِنْ كُلٍّ أَوْ لَهُ عَلَيْهِمْ الدِّيَةُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ
(قَوْلُهُ أَوْضَحَتْ) أَيْ أَظْهَرَتْ (قَوْلُهُ أَوْضَحَتْ عَظْمَ الرَّأْسِ) وَحَدُّ ذَلِكَ مُنْتَهَى الْجُمْجُمَةِ لَا مَا تَحْتَهَا لِأَنَّهُ مِنْ الْعُنُقِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَإِبْرَةٍ) أَيْ مَغْرِزِهَا كَإِبْرَةٍ (قَوْلُهُ فَلَيْسَا مِنْ الرَّأْسِ عِنْدَنَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّ