أَنَّ مَوْتَ الْمُخْطِئِ مِنْ فِعْلِهِ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ إذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ فِعْلِهِمَا مَعًا أَوْ مِنْ فِعْلِ الْمُخْطِئِ وَحْدَهُ أَوْ مِنْ فِعْلِ الْمُتَعَمِّدِ وَحْدَهُ وَفِيهِ بَحْثٌ إذْ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْ الْمُتَعَمِّدِ حَيْثُ مَاتَ الْمُخْطِئُ وَحْدَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلِذَا كَانَ يُقَرِّرُ الشَّيْخُ الْبَنَوْفَرِيُّ فِيمَا إذَا مَاتَا مَعًا أَنَّ دَمَ الْمُخْطِئِ هَدَرٌ لِأَنَّ قَاتِلَهُ عَمْدًا قَدْ قُتِلَ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَنْ قَتَلَ شَخْصًا عَمْدًا ثُمَّ قُتِلَ وَأَنَّ دَمَ الْمُتَعَمِّدِ فِيهِ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ وَذَكَرَ بَعْضٌ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا إذَا تَصَادَمَ بَالِغٌ وَصَبِيٌّ عَمْدًا وَمَاتَا مَعًا مِنْ أَنَّ دِيَةَ الْبَالِغِ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ وَلَا دِيَةَ فِي الصَّبِيِّ لِأَنَّ قَاتِلَهُ عَمْدًا قَدْ قُتِلَ وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ فِي شُرُوحِهِ وَلَا فِي شَامِلِهِ حُكْمَ مَوْتِهِمَا مَعًا وَكَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ تت وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْفَرَسِ بَلْ مَا تَلِفَ بِسَبَبِ التَّصَادُمِ حُكْمُهُ كَالْفَرَسِ (ص) كَثَمَنِ الْعَبْدِ (ش) يَعْنِي لَوْ تَصَادَمَ حُرٌّ وَعَبْدٌ فَمَاتَا فَدِيَةُ الْحُرِّ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ فِي مَالِ الْحُرِّ فَإِنْ زَادَتْ دِيَةُ الْحُرِّ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ لَمْ يَضْمَنْ السَّيِّدُ الزَّائِدَ لِأَنَّهَا تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ وَالرَّقَبَةُ قَدْ زَالَتْ وَلَوْ زَادَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ أَخَذَ السَّيِّدُ الزَّائِدَ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ جِنَايَةَ الْعَبْدِ حَالَّةٌ لَا مُنَجَّمَةٌ وَتَبِعَ لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ فِي التَّعْبِيرِ عَنْ الْقِيمَةِ بِالثَّمَنِ
(ص) وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُبَاشِرُ فَفِي الْمُمَالَأَةِ يُقْتَلُ الْجَمِيعُ (ش) يَعْنِي لَوْ تَمَالَأَ قَوْمٌ عَلَى قَتْلِ شَخْصٍ فَضَرَبَهُ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ إلَى أَنْ مَاتَ فَإِنَّهُمْ كُلَّهُمْ يُقْتَلُونَ بِهِ فَقَوْلُهُ الْمُبَاشِرُ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ إذْ لَا فَرْقَ فِي الْمُمَالَأَةِ عَلَى الْقَتْلِ بَيْنَ أَنْ تَحْصُلَ مُبَاشَرَةٌ مِنْ الْجَمِيعِ أَوْ لَا تَحْصُلَ إلَّا مِنْ وَاحِدٍ وَهَذِهِ مُكَرَّرَةٌ مَعَ قَوْلِهِ وَالْمُتَمَالَئُونَ لَكِنْ ذَكَرَهَا لِيُرَتِّبَ عَلَيْهَا قَوْلَهُ وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَقْوَى وَقَوْلُهُ وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُبَاشِرُ أَيْ وَتَمَيَّزَتْ الضَّرَبَاتُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (ص) وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَقْوَى (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَمَالُؤٌ عَلَى قَتْلِهِ يُحْتَمَلُ بَلْ قَصَدَ كُلُّ وَاحِدٍ الْقَتْلَ بِانْفِرَادِهِ وَلَمْ يَتَّفِقْ مَعَ غَيْرِهِ عَلَيْهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَصَدَ الضَّرْبَ لَا الْقَتْلَ وَجَرَحَهُ كُلٌّ وَمَاتَ وَلَمْ يُدْرَ مِنْ أَيُّهَا مَاتَ وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ لِبَعْضِ مَنْ شَرَحَهُ وَالثَّانِي لِشَارِحِهِ تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ قُدِّمَ الْأَقْوَى فِعْلًا عَلَى غَيْرِهِ وَيَتَعَيَّنُ لِلْقَتْلِ وَحْدَهُ بِقَسَامَةٍ وَيُقْتَصُّ مِنْ غَيْرِهِ مِمَّنْ جَرَحَهُ وَيُعَاقَبُ مَنْ لَمْ يَجْرَحْ وَهَذَا وَاضِحٌ إذَا تَمَيَّزَتْ الضَّرَبَاتُ وَأَمَّا إنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ فَإِنْ قُتِلَ مَكَانَهُ قُتِلُوا بِهِ وَإِنْ لَمْ يُقْتَلْ مَكَانَهُ فَفِيهِ الْقَسَامَةُ أَيْ يُقْسَمُ فِي الْعَمْدِ عَلَى وَاحِدٍ يُعَيِّنُونَهُ وَيَقْسِمُونَ عَلَيْهِ
(ص) وَلَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ لِزَوَالِهَا بِعِتْقٍ أَوْ إسْلَامٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَتَلَ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ كَعَبْدٍ قَتَلَ عَبْدًا ثُمَّ تَحَرَّرَ الْقَاتِلُ بِأَنْ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ فَإِنَّ عِتْقَهُ لَا يُسْقِطُ عَنْهُ الْقِصَاصُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَتَلَ كَافِرٌ كَافِرًا مِثْلَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ فَإِنَّ إسْلَامَهُ لَا يُسْقِطُ عَنْهُ الْقِصَاصَ لِأَنَّ الْمَانِعَ إذَا حَصَلَ بَعْدَ تَرَتُّبِ الْحُكْمِ لَا أَثَرَ لَهُ وَمِثْلُ الْقَتْلِ الْجُرْحُ فَإِذَا قَطَعَ رَجُلٌ يَدَ حُرٍّ مُسْلِمٍ ثُمَّ ارْتَدَّ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ فَالْقِصَاصُ فِي الْقَطْعِ وَتَرَكَ الْمُؤَلِّفُ ذَلِكَ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْجُرْحُ كَالنَّفْسِ فَالضَّمِيرُ فِي زَوَالِهَا يَرْجِعُ لِلْمُسَاوَاةِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا زَائِدَ حُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ شَرْطٌ فِي الْقِصَاصِ وَمَا هُنَا بَيَانٌ لِعَدَمِ سُقُوطِهِ بَعْدَ تَوَجُّهِهِ فَمَا هُنَا مُغَايِرٌ لِمَا مَرَّ
(ص) وَضَمِنَ وَقْتَ الْإِصَابَةِ وَالْمَوْتِ (ش) هَذَا فِيمَا فِيهِ مَالٌ مِنْ جِنَايَةِ الْخَطَأِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَصْحَابَ السَّفِينَتَيْنِ يُحْمَلَانِ عِنْدَ الْجَهْلِ عَلَى عَدَمِ الْقَصْدِ وَيَكُونُ دَمُ أَهْلِ السَّفِينَتَيْنِ هَدَرًا لَا قَوَدَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ فَكَانَ الْخَطَأُ الْمُحَقَّقُ أَوْلَى بِعَدَمِ الضَّمَانِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْخَطَأَ الْمُحَقَّقَ تَحَقَّقَ أَنَّهُ مِنْ فِعْلٍ يَتَرَتَّبُ بِسَبَبِهِ الدِّيَةُ بِخِلَافِ حَالَةِ الْجَهْلِ الْمَذْكُورَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ بِسَبَبِ فِعْلٍ يَلْزَمُ فِيهِ الدِّيَةُ (قَوْلُهُ وَلِذَا كَانَ يُقَرِّرُ الشَّيْخُ الْبَنَوْفَرِيُّ) شَيْخُ عج فَإِنْ قُلْت الْقِيَاسُ عَكْسُ مَا قَالَهُ الْبَنَوْفَرِيُّ قُلْت مَا قَالَهُ الْبَنَوْفَرِيُّ أَلْجَأَتْ إلَيْهِ الْقَوَاعِدُ وَإِنْ كَانَ الْعَقْلُ يَقْتَضِي الْعَكْسَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ) فِي ك هَذَا الْكَلَامَ مَعَ قَوْلِهِ قَبْلُ وَلِذَا كَانَ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ مَا قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ غَيْرُ مَنْقُولٍ وَإِلَّا لَمَا سَاغَ الْعُدُولُ عَنْهُ (قَوْلُهُ يَعْنِي لَوْ تَصَادَمَ حُرٌّ وَعَبْدٌ) أَيْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَإِنَّمَا كَانَ فِي الْحُرِّ مَعَ الْعَمْدِ الدِّيَةُ لِأَنَّ لِلْوَلِيِّ اسْتِحْيَاءَهُ حَيْثُ كَانَ حَيًّا وَيُخَيَّرُ بَعْدَ ذَلِكَ سَيِّدُهُ فِي فِدَائِهِ بِالدِّيَةِ وَإِسْلَامِهِ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ الْقَتْلُ مُحَتَّمًا وَمَاتَ تَعَلَّقَتْ الدِّيَةُ بِقِيمَةِ رَقَبَةِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ) أَيْ قِيمَةِ رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَقَوْلُهُ وَالرَّقَبَةُ قَدْ زَالَتْ الْوَاوُ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ بَاقِيَةً لَتَعَلَّقَتْ بِالرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ وَقَدْ عَلِمْت إلَخْ) أَيْ أَنَّ دِيَةَ الْحُرِّ فِي قِيمَةِ رَقَبَةِ الْعَبْدِ حَالَّةٌ لَا مُنَجَّمَةٌ
(قَوْلُهُ فَضَرَبَهُ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ إلَى أَنْ مَاتَ إلَخْ) أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ أَوْ مَاتَ مَغْمُورًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ عَلَى وَاحِدٍ وَيُقْتَلُ (قَوْلُهُ قُدِّمَ الْأَقْوَى) أَيْ وَهُوَ مَنْ مَاتَ عَنْ فِعْلِهِ أَوْ أَنْفَذَ مَقْتَلًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِعْلُهُ أَشَدَّ مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ وَهَذَا وَاضِحٌ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ مَاتَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِنْ تَمَيَّزَتْ جِنَايَاتٌ إلَخْ فَإِنَّهُ فِيمَنْ لَمْ يَمُتْ فَإِذْنٌ لَا تَكْرَارٌ (قَوْلُهُ أَيْ وَتَمَيَّزَتْ الضَّرَبَاتُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا فِي الِاجْتِمَاعِ عَلَى الْقَتْلِ مِنْ غَيْرِ تَمَالُؤٍ إذْ مَعَ التَّمَالُؤِ يُقْتَلُ الْجَمِيعُ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ ضَرْبٌ مِنْ الْجَمِيعِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ قُتِلَ مَكَانَهُ أَيْ مَاتَ مَكَانَهُ أَيْ أَوْ أُنْفِذَ مَقَاتِلُهُ وَقَوْلُهُ قُتِلُوا بِهِ أَيْ وَهِيَ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُقْتَلُ الْجَمِيعُ بِوَاحِدٍ وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُقْتَلْ مَكَانَهُ أَيْ لَمْ تَنْفُذْ مَقَاتِلُهُ بِأَنْ عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ مُدَّةً
(قَوْلُهُ وَلَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ) عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ قَوَدُ الْقَتْلِ وَقَوْلُهُ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ صِفَةٌ لِلْقَتْلِ أَيْ الْكَائِنِ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ (قَوْلُهُ بِزَوَالِهَا بِعِتْقٍ أَوْ إسْلَامٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَسْأَلَةَ الْإِسْلَامِ تُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ لِلْمَقْتُولِ وَلِيٌّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ إلَّا الْمُسْلِمُونَ نُدِبَ الْعَفْوُ عَنْهُ وَعَدَمُ قَتْلِهِ اُنْظُرْ شَرْحَ عج أَوْ غَيْرِهِ.
(تَنْبِيهٌ) : كَمَا لَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ لَا يَثْبُتُ الْقَتْلُ بِزَوَالِ الزِّيَادَةِ الْكَائِنَةِ عِنْدَ الْقَتْلِ بِرِقٍّ كَحُرٍّ كَافِرٍ قَتَلَ عَبْدًا كَافِرًا ثُمَّ فَرَّ الْقَاتِلُ لِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ أُخِذَ وَاسْتُرِقَّ فَلَا يُقْتَلُ بِهِ (قَوْلُهُ وَضَمِنَ وَقْتَ إلَخْ) لَمَّا كَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَعْتَبِرُ فِي الْقِصَاصِ الْحَالَيْنِ عَبَّرَ فِيمَا تَقَدَّمَ بِالْغَايَةِ فَقَالَ مَعْصُومًا لِلتَّلَفِ وَالْإِصَابَةِ وَيَعْتَبِرُ فِي الضَّمَانِ وَقْتَ الْإِصَابَةِ وَالْمَوْتِ لَمْ يُعَبِّرْ بِالْغَايَةِ وَشَمِلَ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ وَالْمَعْنَى إذَا سَقَطَ الْقِصَاصُ لِتُغَيِّرْ الْحَالِ بَيْنَ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute