للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَقِيقًا فَلَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ وَيَحْكُمُ أَيْضًا بِأَحْكَامِ الْقَوَدِ فِيمَا لَوْ قَصَدَ أَحَدُهُمَا التَّصَادُمَ أَوْ التَّجَاذُبَ دُونَ الْآخَرِ (ص) وَحُمِلَا عَلَيْهِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ (ش) الضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ يَرْجِعُ لِلْعَمْدِ يَعْنِي أَنَّ الْمُتَصَادِمَيْنِ أَوْ الْمُتَجَاذِبَيْنِ إذَا جُهِلَ حَالُهُمَا فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْعَمْدِ دُونَ الْخَطَأِ بِخِلَافِ تَصَادُمِ السَّفِينَتَيْنِ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى عَدَمِ الْعَمْدِ عِنْدَ جَهْلِ حَالِهِمَا وَيَكُونُ هَدَرًا وَالْفَرْقُ أَنَّ السَّفِينَتَيْنِ جَرْيُهُمَا بِالرِّيحِ وَلَيْسَ مِنْ عَمَلِهِمْ بِخِلَافِ الْفَارِسَيْنِ

وَاعْلَمْ أَنَّ السَّفِينَتَيْنِ لَا قَوَدَ فِيهِمَا وَلَوْ كَانَ تَصَادُمُهُمَا قَصْدًا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَظْهَرُ لِحَمْلِهِ عَلَى الْقَصْدِ أَوْ عَلَى عَدَمِهِ فَائِدَةٌ إذْ فِي كُلِّ الْوَاجِبِ الدِّيَةُ فَإِنْ قُلْت الْوَاجِبُ فِي التَّصَادُمِ قَصْدًا دِيَةُ عَمْدٍ وَأَمَّا خَطَأً فَدِيَةُ خَطَأٍ فَافْتَرَقَا قُلْت كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي بَيَانِ مَا فِيهِ ضَمَانُ الدِّيَةِ وَمَا لَا ضَمَانَ فِيهِ لَا فِي بَيَانِ مَا يُضْمَنُ: دِيَةُ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ؟ فَقَوْلُهُ عَكْسُ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَالْقَوَدُ وَلِقَوْلِهِ وَحُمِلَا عَلَيْهِ إذْ تَصَادُمُ السَّفِينَتَيْنِ قَصْدًا لَا قَوَدَ فِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (ص) إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ (ش) رَاجِعٌ لِلْمُتَصَادَمَيْنِ أَيْ لِقَوْلِهِ وَحُمِلَا عَلَيْهِ أَيْ الْعَمْدِ عِنْدَ الْجَهْلِ إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ لَا يَسْتَطِيعُ لَهُ أَصْحَابُهُمَا صَرْفَهُمَا عَنْهُ فَلَا ضَمَانَ حِينَئِذٍ وَسَيَأْتِي إذَا تَحَقَّقَ الْخَطَأُ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلسَّفِينَتَيْنِ لِفَسَادِ الْمَعْنَى لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى عَكْسَ السَّفِينَتَيْنِ أَيْ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْعَجْزِ عِنْدَ الْجَهْلِ إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْقَصْدِ وَهُوَ فَاسِدٌ وَقَوْلُهُ (لَا لِكَخَوْفِ غَرَقٍ أَوْ ظُلْمَةٍ) مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ أَيْ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْعَجْزِ عِنْدَ الْجَهْلِ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا وَلَا ضَمَانَ إلَّا لِكَخَوْفِ غَرَقٍ أَوْ ظُلْمَةٍ فَالضَّمَانُ ثَابِتٌ أَيْ لَا إنْ قَدَرُوا عَلَى الصَّرْفِ فَلَمْ يَصْرِفُوهُمَا لِخَوْفِ غَرَقٍ أَوْ نَهْبٍ أَوْ أَسْرٍ أَوْ حَرْقٍ حَتَّى تَلِفَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا وَمَا فِيهِمَا مِنْ آدَمِيٍّ وَمَتَاعٍ فَضَمَانُ الْمَالِ فِي أَمْوَالِهِمْ وَالدِّيَاتُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ لِقُدْرَتِهِمْ عَلَى الصَّرْفِ إذْ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُسَلِّمُوا أَنْفُسَهُمْ بِهَلَاكِ غَيْرِهِمْ قَوْلُهُ أَوْ ظُلْمَةٍ عُطِفَ عَلَى غَرَقٍ أَيْ خَوْفِ الْوُقُوعِ فِي ظُلْمَةٍ فِي الْبَحْرِ فَإِنَّ كُلَّ مَا كَانَ مِنْهُ جَنُوبًا كَانَ مُظْلِمًا وَمَا كَانَ شَمَالًا كَانَ مُشْرِقًا كَمَا إذَا خَافَ الْوُقُوعَ فِي الْجَنُوبِ لِظُلْمَتِهِ (ص) وَإِلَّا فَدِيَةُ كُلٍّ عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ وَفَرَسُهُ فِي مَالِ الْآخَرِ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدَا التَّصَادُمَ وَلَا التَّجَاذُبَ وَهَذَا عَامٌّ فِي السَّفِينَتَيْنِ وَغَيْرِهِمَا بَلْ كَانَا مُخْطِئَيْنِ فَدِيَةُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ وَقِيمَةُ فَرَسِهِ فِي مَالِ الْآخَرِ

وَأَمَّا لَوْ أَخْطَأَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَالْقِصَاصُ عَلَى الْمُتَعَمِّدِ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ وَإِنْ مَاتَا مَعًا فَقَالَ الْبِسَاطِيُّ دِيَةُ الْمُخْطِئِ فِي مَالِ الْمُتَعَمِّدِ وَدِيَةُ الْمُتَعَمِّدِ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ فَإِنْ قُلْت الْمُتَعَمِّدُ دَمُهُ هَدَرٌ قُلْت إنَّمَا يَكُونُ هَدَرًا إذَا تَحَقَّقَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ فِيمَا لَوْ قَصَدَ أَحَدُهُمَا التَّصَادُمَ أَوْ التَّجَاذُبَ) يَظْهَرُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا وَفِيمَا إذَا مَاتَا مَعًا عَلَى مَا يَأْتِي تَوْضِيحُهُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَأَمَّا لَوْ أَخْطَأَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ إلَى آخِرِ مَا قَالَ الشَّارِحُ هُنَاكَ (قَوْلُهُ يُحْمَلَانِ عَلَى الْعَمْدِ دُونَ الْخَطَأِ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي مَوْتِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ لِلْقَوَدِ مِنْ الْحَيِّ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى عَدَمِ الْعَمْدِ) لَيْسَ مُرَادُهُ بِالْعَدَمِ الْمَذْكُورِ الْخَطَأَ بَلْ الْعَجْزُ فَلِذَا قَالَ وَيَكُونُ هَدَرًا (قَوْلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ السَّفِينَتَيْنِ) هَذَا حَلٌّ آخَرُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ أَيْ فَإِنَّ السَّفِينَتَيْنِ يُحْمَلَانِ عَلَى الْخَطَأِ لَا عَلَى الْعَجْزِ وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَى عَدَمِهِ أَيْ وَهُوَ الْخَطَأُ وَالنَّقْلُ مُسَاعِدٌ لِلْأَوَّلِ (قَوْلُهُ دِيَةُ عَمْدٍ) أَيْ تَكُونُ فِي مَالِهِ وَقَوْلُهُ وَأَمَّا خَطَأً فَدِيَةُ خَطَأٍ أَيْ عَلَى الْعَاقِلَةِ (قَوْلُهُ ضَمَانُ مَا فِيهِ الدِّيَةُ) أَيْ وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ وَقَوْلُهُ وَمَا لَا ضَمَانَ فِيهِ أَيْ وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَالْقَوَدُ) أَيْ فَإِذَا تَصَادَمَتْ السَّفِينَتَانِ عَمْدًا فَلَا قَوَدَ وَقَوْلُهُ وَلِقَوْلِهِ وَحُمِلَا عَلَيْهِ أَيْ وَحُمِلَا عَلَى الْقَصْدِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْخَطَأِ وَقَوْلُهُ إذْ تَصَادُمُ السَّفِينَتَيْنِ قَصْدًا تَعْلِيلٌ لِلْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ فَقَوْلُهُ عَكْسُ رَاجِعٌ لِلْقَوَدِ فَقَطْ

(قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي السَّفِينَتَيْنِ وَلَوْ تَعَمَّدُوا ضَمِنُوا ابْنُ يُونُسَ فِي أَمْوَالِهِمْ وَقِيلَ الدِّيَاتُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ وَبَحَثَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ هَذَا يَنْبَغِي مَا لَمْ يَقْصِدُوا هَلَاكَ الْأَنْفُسِ وَإِلَّا فَيُقْتَصُّ مِنْهُمْ فَلَا يُقَالُ يُسْتَغْنَى عَنْ هَذَا الْبَحْثِ بِقَوْلِ مَالِكٍ وَلَوْ تَعَمَّدُوا لِأَنَّهُمْ قَدْ يَقْصِدُونَ نَهْبَ الْأَمْوَالِ خَاصَّةً انْتَهَى مَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ فِي تَقْرِيرِهِ إلَى أَنْ قَالَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ مَسْأَلَتَيْ التَّصَادُمِ وَالسَّفِينَتَيْنِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ فَتَارَةً يَتَحَقَّقُ الْقَصْدُ وَتَارَةً يَتَحَقَّقُ الْجَهْلُ وَتَارَةً يَتَحَقَّقُ الْعَجْزُ وَتَارَةً يَتَحَقَّقُ الْخَطَأُ انْتَهَى (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلْمُتَصَادَمَيْنِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِصُورَتَيْ اصْطِدَامِ الْفَارِسَيْنِ وَالسَّفِينَتَيْنِ وَأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ السَّابِقُ إلَّا أَنَّ تَصَادُمَ السَّفِينَتَيْنِ يُخَالِفُ تَصَادُمَ غَيْرِهِمَا فِي الْحُكْمِ إلَّا إذَا تَحَقَّقَ الْعَجْزُ عَنْ الصَّرْفِ عَنْ التَّصَادُمِ فَإِنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي أَنَّهُ لَا مَالَ وَلَا قَوَدَ فِي تَصَادُمِ السَّفِينَتَيْنِ وَلَا فِي تَصَادُمِ غَيْرِهِمَا لَكِنْ رَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْفَارِسَيْنِ يَضْمَنَانِ فِي جُمُوحِ فَرَسَيْهِمَا لِقَوْلِهَا فِي الدِّيَاتِ إنْ جَمَحَتْ دَابَّةٌ بِرَاكِبِهَا فَوَطِئَتْ إنْسَانًا فَهُوَ ضَامِنٌ وَبِغَيْرِ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ إنَّمَا يَفِرُّ مِنْ شَيْءٍ مَرَّ بِهِ فِي الطَّرِيقِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِ رَاكِبِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ فَعَلَ بِهِ غَيْرُهُ مَا جَمَحَ بِهِ فَذَلِكَ عَلَى الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ وَهُوَ فَاسِدٌ) أَقُولُ قَدْ عَلِمْت صِحَّتَهُ مِمَّا قُلْنَا (قَوْلُهُ مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ عَكْسُ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ أَيْ مُحْتَرَزِهِ وَالتَّقْدِيرُ لَا لِعَجْزٍ تَخْيِيلِيٍّ كَمَا إذَا كَانَ لِكَخَوْفِ غَرَقٍ أَوْ ظُلْمَةٍ (قَوْلُهُ إذْ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُسْلِمُوا أَنْفُسَهُمْ بِهَلَاكِ غَيْرِهِمْ) أَيْ وَإِنَّمَا عُدَّ خَطَأً مَعَ الْقَصْدِ لِأَنَّهُمْ مُتَأَوِّلُونَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي ك فَهُوَ خَطَأٌ حُكْمًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخَطَأَ قِسْمَانِ خَطَأٌ حَقِيقَةً وَخَطَأٌ حُكْمًا وَهَذَا عَامٌّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَا مَعًا) أَيْ فِي صُورَةِ مَا إذَا تَعَمَّدَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرَ (قَوْلُهُ دِيَةُ الْمُخْطِئِ فِي مَالِ الْمُتَعَمِّدِ) لِأَنَّ الْمُخْطِئَ مَقْتُولٌ عَمْدًا وَإِنْ كَانَ قَتْلُهُ لِغَيْرِهِ خَطَأً وَدِيَةُ الْمُتَعَمِّدِ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ أَيْ لِأَنَّهُ مَقْتُولٌ خَطَأً وَإِنْ كَانَ قَتْلُهُ لِغَيْرِهِ تَعَمُّدًا

(قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت إلَخْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>