للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمْدًا وَعَفَا عَنْ الْقِصَاصِ بَعْضُ مُسْتَحَقِّيهِ وَالْحَالُ أَنَّهُمْ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ بَعْدَ تَرَتُّبِ الدَّمِ وَثُبُوتِهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ أَوْ قَسَامَةٍ فَإِنَّ الْقَوَدَ يَسْقُطُ وَلَكِنْ لِمَنْ لَمْ يَعْفُ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ فَقَوْلُهُ وَمَهْمَا أَسْقَطَ الْبَعْضُ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْقَتْلَ ثَابِتٌ إذْ لَا يُقَالُ أَسْقَطَ إلَّا إذَا كَانَ الْقَتْلُ ثَابِتًا وَهَذَا رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ مِنْ قَوْلِهِ وَسَقَطَ إنْ عَفَا رَجُلٌ كَالْبَاقِي إلَى هُنَا وَفِيهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَلِلصَّغِيرِ إنْ عَفَا نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ قَوْلُهُ وَمَهْمَا أَيْ وَحَيْثُ أَسْقَطَ الْبَعْضُ الْقِصَاصَ سَقَطَ فَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ وَقَوْلُهُ فَلِمَنْ بَقِيَ إلَخْ مُسَبَّبٌ عَنْ الْجَوَابِ قَوْلُهُ فَلِمَنْ بَقِيَ إلَخْ أَيْ وَمَهْمَا أَسْقَطَ بَعْضُ مَنْ لَهُ التَّكَلُّمُ فِي الْقِصَاصِ مَجَّانًا فَلِمَنْ بَقِيَ مِمَّنْ لَهُ التَّكَلُّمُ أَوْ مَعَ مَنْ لَهُ التَّكَلُّمُ كَأَحَدِ الْوَلَدَيْنِ أَوْ مَعَهُمَا بِنْتٌ بِخِلَافِ لَوْ عَفَتْ الْبِنْتُ وَمَعَهَا أُخْتُهُ فَلَا شَيْءَ لِلْأُخْتِ لِأَنَّهُ لَا تَكَلُّمَ لَهَا وَلَيْسَ مَعَهَا مِمَّنْ لَهُ التَّكَلُّمُ وَيَدْخُلُ فِيمَنْ لَا تَكَلُّمَ لَهُ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ

(ص) كَإِرْثِهِ وَلَوْ قِسْطًا مِنْ نَفْسِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاتِلَ إذَا وَرِثَ الدَّمَ أَوْ بَعْضَهُ فَإِنَّ الْقَوَدَ يَسْقُطُ عَنْهُ لِأَنَّهُ كَالْعَفْوِ عَنْهُ مِثَالُ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ إذَا قَتَلَ أَحَدُ ابْنَيْنِ أَبَاهُ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ الْآخَرُ فَإِنَّ الْقَاتِلَ قَدْ وَرِثَ جَمِيعَ دَمِ نَفْسِهِ وَمِثَالُ مَا بَعْدَهَا إذَا قَتَلَ أَحَدُ الْأَوْلَادِ أَبَاهُ عَمْدًا فَثَبَتَ الْقِصَاصُ عَلَيْهِ لِجَمِيعِ الْإِخْوَةِ ثُمَّ يَمُوتُ أَحَدُهُمْ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الْقِصَاصُ عَنْ الْقَاتِلِ لِأَنَّهُ وَرِثَ مِنْ دَمِهِ حِصَّةً فَهُوَ كَالْعَفْوِ وَلِبَقِيَّةِ الْإِخْوَةِ حَظُّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ لَكِنْ قَوْلُهُ وَلَوْ قِسْطًا مِنْ نَفْسِهِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ مَنْ بَقِيَ يَسْتَقِلُّ بِالْعَفْوِ كَمَا مَرَّ مِنْ الْمِثَالِ أَمَّا لَوْ كَانَ مَنْ بَقِيَ رِجَالًا وَنِسَاءً وَالتَّكَلُّمُ لِلْجَمِيعِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ عَمَّنْ وَرِثَ قِسْطًا مِنْ دَمِ نَفْسِهِ حَتَّى يَجْتَمِعَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ أَوْ الْبَعْضُ مِنْ كُلٍّ عَلَى الْعَفْوِ مِثَالُهُ مَا إذَا قَتَلَ أَخٌ شَقِيقٌ أَخَاهُ وَتَرَكَ الْمَقْتُولُ بَنَاتٍ وَثَلَاثَةَ إخْوَةٍ أَشِقَّاءَ غَيْرَ الْقَاتِلِ فَمَاتَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ فَقَدْ وَرِثَ الْقَاتِلُ قِسْطًا مِنْ نَفْسِهِ وَهُوَ كَمُوَرِّثِهِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْقِصَاصُ بِإِرْثِهِ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ كَإِرْثِهِ تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ سَقَطَ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ وَلَوْ قِسْطًا لَكَفَاهُ عَنْ قَوْلِهِ مِنْ نَفْسِهِ لَكِنَّهُ تَبِعَ ابْنَ الْحَاجِبِ

(ص) وَإِرْثُهُ كَالْمَالِ (ش) أَيْ إرْثُ الدَّمِ كَالْمَالِ لَا كَالِاسْتِيفَاءِ فَإِذَا مَاتَ وَلِيُّ الدَّمِ تَنْزِلُ وَرَثَتُهُ مَنْزِلَتَهُ مِنْ غَيْرِ خُصُوصِيَّةٍ لِلْعَصَبَةِ مِنْهُمْ عَلَى ذَوِي الْفُرُوضِ فَتَرِثُهُ الْبَنَاتُ وَالْأُمَّهَاتُ وَيَكُونُ لَهُنَّ الْعَفْوُ وَالْقِصَاصُ كَمَا لَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ عَصَبَةً لِأَنَّهُمْ وَرِثُوهُ عَمَّنْ كَانَ ذَلِكَ لَهُ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَفِيهَا مَنْ قُتِلَ وَلَهُ أُمٌّ وَعَصَبَةٌ فَمَاتَتْ الْأُمُّ فَوَرَثَتُهَا مَكَانُهَا إنْ أَحَبُّوا أَنْ يَقْتُلُوا قَتَلُوا وَلَا عَفْوَ لِلْعَصَبَةِ دُونَهُمْ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْأُمُّ بَاقِيَةً فَقَوْلُهُ وَإِرْثُهُ أَيْ وَإِرْثُ الْقِصَاصِ أَوْ الدَّمِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ كَالْمَالِ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَرِدُ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَفِي تَعْقِيبِ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَى شَارِحَيْ ابْنِ الْحَاجِبِ نَظَرٌ لِأَنَّ كَلَامَ شَارِحَيْ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي الْمَالِ الْمَوْرُوثِ وَهَذَا يَدْخُلَانِ فِيهِ وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ فِي الْقِصَاصِ وَأَمَّا عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْمَالِ الْمَأْخُوذِ عَنْ دِيَةِ عَمْدٍ أَيْ وَإِرْثُ الْمَالِ الْمَأْخُوذِ عَنْ دِيَةِ عَمْدٍ كَالْمَالِ الْمَوْرُوثِ فِي عَدَمِ اخْتِصَاصِ الْعَاصِبِ بِهِ فَيُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ وَلِمَنْ بَقِيَ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ لِأَنَّ مَنْ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ كَمَا عَلِمْت

(ص) وَجَازَ صُلْحُهُ فِي عَمْدٍ بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْعَمْدَ لَا عَقْلَ فِيهِ مُسَمًّى وَإِنَّمَا فِيهِ الْقَوَدُ عَيْنًا كَمَا مَرَّ فَيَجُوزُ صُلْحُ الْجَانِي فِيهِ عَلَى ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ أَوْ عَرَضٍ قَدْرِ الدِّيَةِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَهَذَا تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ فِي بَابِ الصُّلْحِ وَعَنْ الْعَمْدِ بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَقَوْلُهُ فِي عَمْدٍ أَيْ فِي جِنَايَةِ عَمْدٍ فَيَشْمَلُ النَّفْسَ وَالْجُرْحَ

(ص) وَالْخَطَأِ كَبَيْعِ الدَّيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصُّلْحَ فِي الْخَطَأِ فِي النَّفْسِ أَوْ فِي الْجُرْحِ حُكْمُهُ حُكْمُ بَيْعِ الدَّيْنِ لِأَنَّ الْخَطَأَ مَا فِيهِ إلَّا الْمَالُ وَهُوَ دَيْنٌ فَيُرَاعَى فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ ذَهَبٍ عَنْ وَرِقٍ وَلَا الْعَكْسُ لِأَنَّهُ صَرْفٌ مُسْتَأْخِرٌ وَلَا أَخْذُ أَحَدِهِمَا عَنْ إبِلٍ لِأَنَّهُ

ــ

[حاشية العدوي]

التَّرْتِيبِ وَالْمُصَاحَبَةِ أَنَّ التَّرْتِيبَ بِمُجَرَّدِ عَفْوِ الْأَوَّلِ تَرَتُّبٌ لَهَا أُلْحِقَ عَلَى الْجَانِي فَلَا يَسْقُطُ بِعَفْوِ الثَّانِي بِخِلَافِ الْعَفْوِ دَفْعَةً (قَوْلُهُ كَإِرْثِهِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ وَالْأَصْلُ كَإِرْثِ الْقَاتِلِ الدَّمَ (قَوْلُهُ بِإِرْثِهِ مِنْ ذَلِكَ) لِأَنَّ الَّذِي بَقِيَ بَنَاتٌ لَا يَسْتَقْلِلْنَ بِالْعَفْوِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اتِّفَاقِ النَّوْعَيْنِ أَيْ نَوْعِ الْبَنَاتِ وَنَوْعِ الْإِخْوَةِ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَسَقَطَ إنْ وَرِثَ قِسْطًا مِنْ نَفْسِهِ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ لِلْمَيِّتِ مِنْ الْوَارِثِ وَالْبَنَاتُ هُنَا أَقْرَبُ مِنْ هَذَا الْأَخِ الَّذِي وَرِثَ قِسْطًا مِنْ نَفْسِهِ

(قَوْلُهُ لَا كَالِاسْتِيفَاءِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَالِاسْتِيفَاءِ لَكَانَ إذَا مَاتَ وَلِيُّ الدَّمِ لَاخْتَصَّ بِالتَّكَلُّمِ الْعَصَبَةُ دُونَ ذَوِي الْفُرُوضِ وَقَوْلُهُ لَا كَالِاسْتِيفَاءِ الَّذِي هُوَ مَذْهَبُ أَشْهَبَ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي كَوْنِهِ إرْثَهُ عَلَى نَحْوِ الْمَالِ أَوْ عَلَى نَحْوِ الِاسْتِيفَاءِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ (قَوْلُهُ فَلَا يَرِدُ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ) أَيْ لِأَنَّهُمَا لَا يَدْخُلَانِ فِي الِاسْتِيفَاءِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُوهِمُ أَنَّ لَهُمَا دَخْلًا (قَوْلُهُ وَفِي تَعَقُّبِ ابْنِ عَرَفَةَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ قَالَ فَهِمَ شَارِحَا ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ مُرَادَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالنِّسَاءِ الْوَارِثَاتِ مَا يَشْمَلُ الزَّوْجَةَ وَكَذَا الزَّوْجُ فِي الرِّجَالِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ لَا مَدْخَلَ لِلْأَزْوَاجِ فِي الدَّمِ

(قَوْلُهُ وَهَذَا يَدْخُلَانِ فِيهِ) أَيْ إذَا مَاتَ مُسْتَحِقُّ الدَّمِ عَنْ مَالٍ فَيَدْخُلُ فِيهِ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَأَمَّا إذَا مَاتَ عَنْ دَمٍ اسْتَحَقَّهُ فَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَالْمُرَادُ بِشَارِحَيْ ابْنِ الْحَاجِبِ ابْنُ هَارُونَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

(قَوْلُهُ قَدْرِ الدِّيَةِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ) أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِأَقَلَّ وَأَكْثَرَ

(قَوْلُهُ وَالْخَطَأُ كَبَيْعِ الدَّيْنِ) وَمِثْلُ الْخَطَأِ الْعَمْدُ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ (قَوْلُهُ فَيُرَاعَى) أَيْ فَيُرَاعَى فِي الصُّلْحِ عَنْ الدِّيَةِ فِي الْخَطَأِ مَا يُرَاعَى فِي بَيْعِ الدَّيْنِ سَوَاءٌ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ ذَهَبٍ) أَيْ وَلَوْ حَالًّا أَيْ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ صَرْفَ مَا فِي الذِّمَّةِ بِمُعَجَّلٍ إنَّمَا يَجُوزُ إذَا كَانَا حَالَّيْنِ وَمَا هُنَا بَيْعُهُ عَمَّا هُوَ مُؤَجَّلٌ عَلَيْهِ وَعَلَى الْعَاقِلَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>