للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص) وَإِنْ عَفَا عَنْ جُرْحِهِ أَوْ صَالَحَ فَمَاتَ فَلِأَوْلِيَائِهِ الْقَسَامَةُ وَالْقَتْلُ وَرَجَعَ الْجَانِي فِيمَا أُخِذَ مِنْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ إذَا عَفَا عَمَّنْ جَرَحَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ صَالَحَهُ الْجَانِي عَلَى شَيْءٍ أَخَذَهُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ ثُمَّ نَزَا فَمَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَوْلِيَاؤُهُ مُخَيَّرُونَ بَيْنَ أَنْ يُجِيزُوا عَفْوَهُ أَوْ صُلْحَهُ أَوْ يَرُدُّوهُ وَيَقْسِمُوا وَيَسْتَحِقُّوا الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ مِنْ الْعَاقِلَةِ وَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ الْجَانِي فِيمَا أَخَذَهُ مِنْهُ وَلِيُّهُمْ فَلَوْ أَرَادَ الْجَانِي الرُّجُوعَ فِيمَا أَخَذَهُ مِنْهُ وَأَبَى أَوْلِيَاءُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلَا كَلَامَ لَهُ وَإِنَّمَا الْخِيَارُ لَهُمْ لَا لَهُ وَهَذَا إذَا لَمْ يُصَالِحْ عَنْهُ وَعَمَّا يَئُولُ إلَيْهِ وَإِلَّا فَخِلَافٌ وَقَدْ مَرَّتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِتَمَامِهَا فِي بَابِ الصُّلْحِ فَتَجْرِي عَلَى مَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ مَا ذَكَرَهُ هُنَا لِأَنَّهُ بَابُهُ

(ص) وَلِلْقَاتِلِ الِاسْتِحْلَافُ عَلَى الْعَفْوِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ وَاحِدَةً وَبَرِئَ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْجَانِيَ إذَا ادَّعَى عَلَى وَلِيِّ الدَّمِ أَنَّهُ عَفَا عَنْهُ وَكَذَّبَهُ وَلِيُّ الدَّمِ فِي ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ نَكَلَ وَلِيُّ الدَّمِ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الْجَانِي يَمِينًا وَاحِدَةً لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي كَانَتْ عَلَى الْمُدَّعِي فَرَدَّهَا عَلَى الْجَانِي وَحِينَئِذٍ يَبْرَأُ الْجَانِي فَإِنْ نَكَلَ الْجَانِي قُتِلَ حِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ عَلَى الْعَفْوِ أَيْ عَلَى عَدَمِ الْعَفْوِ أَوْ أَنَّ عَلَى بِمَعْنَى فِي السَّبَبِيَّةِ أَيْ فِي دَعْوَى الْعَفْوِ أَيْ بِسَبَبِ دَعْوَى الْعَفْوِ

(ص) وَتَلَوَّمَ لَهُ فِي بَيِّنَتِهِ الْغَائِبَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَانِيَ إذَا قَالَ بَيِّنَتِي الَّتِي تَشْهَدُ لِي بِالْعَفْوِ غَائِبَةٌ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَتَلَوَّمُ لَهُ بِاجْتِهَادِهِ أَيْ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى مِنْ صِحَّةِ دَعْوَاهُ وَدَيْنِهِ فَإِنْ حَضَرَتْ عَمِلَ بِمُقْتَضَاهَا وَإِنْ لَمْ تَحْضُرْ قُتِلَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ التَّلَوُّمَ ثَابِتٌ سَوَاءٌ كَانَتْ بَيِّنَتُهُ قَرِيبَةَ الْغَيْبَةِ أَوْ بَعِيدَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَحَمَلَهَا عَلَيْهِ عِيَاضٌ وَالصَّقَلِّيُّ ثُمَّ إنَّ التَّلَوُّمَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً غَائِبَةً

(ص) وَقُتِلَ بِمَا قَتَلَ وَلَوْ نَارًا إلَّا بِخَمْرٍ وَلِوَاطٍ وَسِحْرٍ وَمَا يَطُولُ وَهَلْ وَالسُّمِّ أَوْ يُجْتَهَدُ فِي قَدْرِهِ تَأْوِيلَانِ (ش) الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْقَاتِلَ يَقْتُلُ بِاَلَّذِي قَتَلَ بِهِ وَلَوْ كَانَ نَارًا لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: ١٢٦] وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] وَأَمَّا الْجِرَاحُ فَيُطْلَبُ فِيهَا الْقِصَاصُ مِنْ الْجَانِي بِأَرْفَقَ مِمَّا جَنَى بِهِ فَإِذَا أَوْضَحَ بِحَجَرٍ أَوْ عَصَا اُقْتُصَّ مِنْهُ بِالْمُوسَى وَأَمَّا لَوْ قَتَلَ بِخَمْرٍ أَوْ بِلِوَاطٍ أَوْ بِسِحْرٍ أَوْ قَتَلَ بِشَيْءٍ يَطُولُ كَالتَّعْذِيبِ كَمَا لَوْ مَنَعَهُ الطَّعَامَ وَنَحْوَهُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ وَلَا يُقْتَلُ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعَاصٍ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْمُرَ بِالْمَعْصِيَةِ لِأَنَّهُ فِسْقٌ وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ قَوْلُهُمْ لَا يُقْتَصُّ بِاللِّوَاطِ مُرَادُهُمْ لَا يَجْعَلُ خَشَبَةً فِي دُبُرِهِ وَيَفْعَلُ بِهَا إلَى أَنْ يَمُوتَ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الِاسْتِيفَاءُ بِاللِّوَاطِ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ وَمُرَادُهُمْ بِالْقَتْلِ بِالسِّحْرِ إذَا ثَبَتَ مِنْ غَيْرِ إقْرَارٍ وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ قَتَلَ بِالسِّحْرِ عَلَى كَيْفِيَّةٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَفْعَلَهَا مَعَ نَفْسِهِ فَإِنْ مَاتَ وَإِلَّا فَالسَّيْفُ وَوَقَعَ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا قَتَلَ بِالسُّمِّ هَلْ لَا يُقْتَلُ بِهِ وَعَلَيْهِ تَأَوَّلَ الْمُدَوَّنَةَ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ أَبِي زَيْدٍ أَوْ يُقْتَلُ بِهِ وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي قَدْرِهِ أَيْ فِي قَدْرِ الَّذِي يَمُوتُ بِهِ مِنْ السُّمِّ بِأَنْ يَسْأَلَ الْإِمَامُ أَهْلَ الْخِبْرَةِ بِالْقَدْرِ الَّذِي يَقْتُلُ مِثْلَ هَذَا وَعَلَيْهِ تَأَوَّلَهَا ابْنُ رُشْدٍ تَأْوِيلَيْنِ

فَقَوْلُهُ وَهَلْ وَالسُّمِّ أَيْ لَا يُقْتَلُ بِهِ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى الْمُسْتَثْنَى وَقَوْلُهُ أَوْ يُجْتَهَدُ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ

ــ

[حاشية العدوي]

الْوَصَايَا بَيْنَ الَّذِي أَحْدَثَهَا بَعْدَ الْعِلْمِ وَكَذَا مَا كَانَ قَبْلَ الْعِلْمِ خِلَافًا لتت

(قَوْلُهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً) عَمَّمَ الشَّارِحُ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَاصِرٌ وَأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَا يَخُصُّ الْعَمْدَ (قَوْلُهُ أَوْ يَرُدُّونَهُ وَيُقْسِمُونَ) فَلَوْ رَدَّ الْوَلِيُّ الصُّلْحَ وَأَبَى مِنْ الْقَسَامَةِ لَا شَيْءَ لَهُ مِمَّا وَقَعَ بِهِ الصُّلْحُ (قَوْلُهُ وَقَدْ مَرَّتْ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ إنَّمَا هُوَ الصُّلْحُ لَا الْعَفْوُ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ وَإِنْ صَالَحَ إلَخْ فَيُرَادُ بِالْمَسْأَلَةِ مَسْأَلَةُ الصُّلْحِ

(قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْجَانِيَ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ الَّتِي كَانَتْ عَلَى الْمُدَّعَى) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ قُتِلَ حِينَئِذٍ) أَيْ بِلَا قَسَامَةٍ لِأَنَّ دَعْوَى الْقَاتِلِ أَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ عَفَا عَنْهُ يَتَضَمَّنُ اعْتِرَافَهُ بِالْقَتْلِ

(قَوْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَحَمَلَهَا عَلَيْهِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَانْتُظِرَ غَائِبٌ لَمْ تَبْعُدْ غَيْبَتُهُ أَنَّ الْقَاتِلَ هُنَا جَازِمٌ بِأَنَّهُ حَصَلَ الْعَفْوُ عَنْهُ وَأَنَّ لَهُ بَيِّنَةً بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ وَلَا يَكُونُ التَّلَوُّمُ إلَّا بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً غَائِبَةً وَلَا يَخْفَى أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ قَيَّدَهَا بِالْقَرِيبَةِ وَتَبِعَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَابْنُ نَاجِي مُعْتَرِضًا إطْلَاقَ ابْنِ يُونُسَ الَّذِي هُوَ الصَّقَلِّيُّ وَالْقُرْبُ مِنْ إفْرِيقِيَّةَ إلَى الْمَدِينَةِ وَالْبُعْدُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ اقْتَصَّ الْحَاكِمُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ فَقَدِمَتْ وَشَهِدَتْ بِالْعَفْوِ فَالدِّيَةُ فِي مَالِ الْوَلِيِّ فِيمَا يَنْبَغِي وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَلَا يَكُونُ مِنْ خَطَأِ الْإِمَامِ فَإِنْ اقْتَصَّ الْحَاكِمُ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ قَطْعًا فِيمَا يَظْهَرُ وَإِذَا قَتَلَهُ الْوَلِيُّ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ فَهَلْ كَذَلِكَ عَلَى عَاقِلَتِهِ أَوْ يُقْتَصُّ مِنْهُ اُنْظُرْ فِي ذَلِكَ هَكَذَا ذَكَرُوا وَتَأَمَّلْهُ

(قَوْلُهُ وَمَا يَطُولُ إلَخْ) أَيْ يَطُولُ الْقَتْلُ بِهِ إنْ كَانَ الْفِعْلُ ثُلَاثِيًّا أَوْ يَطُولُ فِي مِثْلِهِ إنْ كَانَ رُبَاعِيًّا وَإِنَّمَا لَمْ يُجْزِئْهُ قَتْلُهُ بِالثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ لِتَحْرِيمِ تِلْكَ الْأَفْعَالِ وَأَمَّا الرَّابِعُ فَلِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْذِيبِ (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ إلَخْ) مُقَابِلُهُ مَا لِعَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِالنَّارِ (قَوْلُهُ بِاَلَّذِي قَتَلَ بِهِ) هَذَا كُلُّهُ إذَا ثَبَتَ الْقَتْلُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ

وَأَمَّا إنْ كَانَ ثَبَتَ بِقَسَامَةٍ فَلَا يُقْتَلُ إلَّا بِالسَّيْفِ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا أَرَادَ ذَلِكَ الْوَلِيُّ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُكِّنَ مُسْتَحِقٌّ مِنْ السَّيْفِ مُطْلَقًا وَلَا يُشْتَرَطُ الْمُمَاثَلَةُ فِي الصِّفَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ كَذِي عَصَوَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَا يُقْتَلُ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ) فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَلُوطُ الشَّخْصُ بِغَيْرِهِ وَيَقْتُلُهُ وَيَسْتَمِرُّ حَيًّا وَيُقْتَصُّ مِنْهُ بِغَيْرِ اللِّوَاطِ مَعَ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ اللِّوَاطِ يُقْتَلُ رَجْمًا لِلِّوَاطِ وَلَا يَبْقَى وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا فَعَلَهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ فِي دُبُرِهَا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَفْعَلَهُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ السِّحْرُ حَرَامٌ مُطْلَقًا فَأَمْرُهُ أَنْ يَفْعَلَهُ مَعَ نَفْسِهِ أَمْرٌ لَهُ بِفِعْلِ مَعْصِيَةٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ بَلْ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَالسَّمُّ) فِيهِ لُغَاتٌ ثَلَاثٌ الْفَتْحُ وَالضَّمُّ وَالْكَسْرُ وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ (قَوْلُهُ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى الْمُسْتَثْنَى) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ الْعَطْفُ الْمَذْكُورُ إلَّا بِأَنْ يُقَالَ إنَّ الْمَعْنَى وَهَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>