أَوْ يُقْتَلُ بِهِ وَيُجْتَهَدُ فِي قَدْرِهِ (ص) فَيُغَرَّقُ وَيُخْنَقُ وَيُحْجَرُ وَضُرِبَ بِالْعَصَا لِلْمَوْتِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَتَلَ شَخْصًا بِالتَّغْرِيقِ أَوْ بِالْخَنْقِ أَوْ بِالْحَجَرِ فَإِنَّهُ يُفْعَلُ بِهِ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْ يُقْتَلُ بِمَا قَتَلَ بِهِ وَكَذَلِكَ مَنْ قَتَلَ شَخْصًا بِالْعَصَا فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِالْعَصَا أَيْ يُضْرَبُ بِهَا إلَى أَنْ يَمُوتَ وَقَوْلُهُ (كَذِي عَصَوَيْنِ) مِثَالٌ فِي الْمَعْنَى لِقَوْلِهِ وَضُرِبَ بِالْعَصَا لِلْمَوْتِ أَيْ كَذِي ضَرْبَتَيْ عَصَا أَيْ أَنَّ مَنْ ضَرَبَ شَخْصًا بِالْعَصَا مَرَّتَيْنِ فَمَاتَ مِنْهُمَا فَإِنَّ الْقَاتِلَ يُضْرَبُ بِالْعَصَا إلَى أَنْ يَمُوتَ وَلَا يُرَاعَى فِي ذَلِكَ عَدَدُ الضَّرَبَاتِ
(ص) وَمُكِّنَ مُسْتَحِقٌّ مِنْ السَّيْفِ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مُسْتَحِقَّ الدَّمِ إذَا طَلَبَ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ الْجَانِي بِالسَّيْفِ فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ فِي كُلِّ وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ السَّابِقَةِ وَسَوَاءٌ قَتَلَ بِأَخَفَّ مِنْ السَّيْفِ أَمْ لَا لِأَنَّ الْقِصَاصَ بِالسَّيْفِ أَخَفُّ عَلَى الْجَانِي فِي الْغَالِبِ فَيُجَابُ إلَيْهِ
(ص) وَانْدَرَجَ طَرَفٌ إنْ تَعَمَّدَهُ وَإِنْ لِغَيْرِهِ لَمْ يَقْصِدْ مُثْلَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا دُونَ النَّفْسِ يَنْدَرِجُ فِيهَا إنْ تَعَمَّدَ الْجَانِي ذَلِكَ وَلَمْ يَقْصِدْ الْمُثْلَةَ وَسَوَاءٌ كَانَ الطَّرَفُ لِلْمَقْتُولِ أَوْ لِغَيْرِهِ فَإِذَا فَقَأَ عَيْنَ وَاحِدٍ وَقَطَعَ يَدَ آخَرَ وَقَتَلَ آخَرَ فَإِنَّهُ يَقْتَصُّ مِنْهُ لِوُلَاةِ الدَّمِ وَيَسْقُطُ حَقُّ غَيْرِهِمْ لِأَنَّ الْقَتْلَ يَأْتِي عَلَى الْجَمِيعِ وَلَيْسَ هَذَا تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا أَوْ قِصَاصٍ لِغَيْرِهِ لِأَنَّ السَّابِقَ فِي الْأَطْرَافِ وَهَذَا فِي النَّفْسِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ إنْ تَعَمَّدَهُ مِنْ الْخَطَأِ فَإِنَّ فِيهِ الدِّيَةَ فَإِذَا قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ مَثَلًا خَطَأً ثُمَّ قَتَلَ آخَرَ عَمْدًا فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِمَا قَتَلَ وَلَا تَسْقُطُ دِيَةُ الْيَدِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ لَمْ يَقْصِدْ مُثْلَةً مِمَّا إذَا قَصَدَ الْمُثْلَةَ فَإِنَّهُ يُفْعَلُ بِهِ مِثْلُ ذَلِكَ ثُمَّ يُقْتَصُّ مِنْهُ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ لَمْ يَقْصِدْ مُثْلَةً رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَمَا بَعْدَهَا ثُمَّ مَثَّلَ لِلِانْدِرَاجِ بِقَوْلِهِ (كَالْأَصَابِعِ فِي الْيَدِ) أَيْ كَمَا تَنْدَرِجُ الْأَطْرَافُ فِي النَّفْسِ كَذَلِكَ تَنْدَرِجُ الْأَصَابِعُ فِي الْيَدِ مَا لَمْ يَقْصِدْ الْمُثْلَةَ
وَلَمَّا كَانَ مُوجِبُ الْجِنَايَةِ قِصَاصًا أَوْ دِيَةً وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْقِصَاصِ أَخَذَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الدِّيَةِ وَهِيَ مِنْ الْوَدْيِ وَهُوَ الْهَلَاكُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا مُسَبَّبَةٌ عَنْهُ وَذَكَرَ أَنَّهَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَمْوَالِ النَّاسِ مِنْ إبِلٍ وَذَهَبٍ وَوَرِقٍ بِقَوْلِهِ (ص) وَدِيَةُ الْخَطَأِ عَلَى الْبَادِي مُخَمَّسَةٌ بِنْتُ مَخَاضٍ وَوَلَدَا لَبُونٍ وَحِقَّةٌ وَجَذَعَةٌ وَرُبِّعَتْ فِي عَمْدٍ بِحَذْفِ ابْنِ اللَّبُونِ (ش) أَيْ وَدِيَةُ الْحُرِّ الذَّكَرِ الْمُسْلِمِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ مُخَمَّسَةٌ رِفْقًا بِمُؤَدِّيهَا عِشْرُونَ بِنْتُ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ بِنْتُ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ ابْنُ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ حِقَّةٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةٌ وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ أَسْنَانِهَا فِي الزَّكَاةِ وَيَأْتِي أَنَّ الرَّقِيقَ فِيهِ قِيمَتُهُ وَلَوْ زَادَتْ عَلَى الدِّيَةِ وَأَنَّ الْأُنْثَى عَلَى النِّصْفِ مِنْ الذَّكَرِ وَأَنَّ الْكِتَابِيَّ وَالْمُعَاهَدَ فِي كُلٍّ نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَادِيَ فِي أَيِّ إقْلِيمٍ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ حَيْثُ كَانَ عِنْدَهُمْ إبِلٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ إبِلٌ كَأَهْلِ الْبَوَادِي الَّذِينَ لَيْسَ عِنْدَهُمْ إلَّا الْخَيْلُ مَثَلًا فَهَلْ يُكَلَّفُونَ بِمَا يَجِبُ عَلَى حَاضِرَتِهِمْ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا وَدِيَةُ الْعَمْدِ إذَا قُبِلَتْ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ بِأَنْ عَفَا الْأَوْلِيَاءُ كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ أَوْ صَالَحُوا عَلَيْهَا مُبْهَمَةً فَإِنَّهَا مِنْ أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ بِحَذْفِ ابْنِ اللَّبُونِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتُ مَخَاضٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتُ لَبُونٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةٌ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةٌ قَالَ مَالِكٌ بِذَلِكَ مَضَتْ السُّنَّةُ وَلَا يُؤْخَذُ فِي الدِّيَةِ بَقَرٌ وَلَا غَنْمٌ وَلَا عَرَضٌ وَأَوَّلُ مَنْ سَنَّ الدِّيَةَ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَقِيلَ النَّضْرُ بْنُ كِنَانَةَ
(ص) وَثُلِّثَتْ فِي الْأَبِ وَلَوْ مَجُوسِيًّا فِي عَمْدٍ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ وَإِنْ عَلَا وَيَشْمَلُ الْأُمَّ وَالْجَدَّاتِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا
ــ
[حاشية العدوي]
يُزَادُ عَلَى مَا ذُكِرَ فَيُقَالُ لَا يُقْتَلُ بِمَا ذُكِرَ وَالسُّمِّ إلَخْ (قَوْلُهُ فَيُغَرَّقُ) تُقْرَأُ الْأَفْعَالُ بِالتَّخْفِيفِ لِأَنَّ يُغْرَقُ مِنْ أَغْرَقَ وَيُخْنَقُ مِنْ خَنَقَهُ وَيُحْجَرُ مِنْ أَحْجَرَهُ إذَا رَمَاهُ بِحَجَرٍ لَا بِالتَّشْدِيدِ وَإِنْ كَانَ هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ شَارِحِنَا بِالتَّغْرِيقِ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ يُقْرَأُ يُغَرَّقُ بِالتَّشْدِيدِ لِأَنَّهُ لِلْمُبَالَغَةِ وَلَيْسَ لَنَا حَاجَةٌ بِهَا لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْفِعْلِ كَافٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ قَتَلَ شَخْصًا بِحَجَرٍ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ هَذَا مُرَادُهُ لَا أَنَّهُ يُرْمَى بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَ (قَوْلُهُ وَضُرِبَ بِالْعَصَا لِلْمَوْتِ) قَدْ يُقَالُ هَذَا يَطُولُ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْمُرَادُ كَمَا تَقَدَّمَ غَيْرَ هَذَا وَأَجَابَ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنَّهُ يُضْرَبُ بِمَوْضِعِ خَطَرٍ بِحَيْثُ يَمُوتُ بِسُرْعَةٍ كَالضَّرْبِ بِشِدَّةٍ فِي عُنُقِهِ (قَوْلُهُ مِثَالٌ فِي الْمَعْنَى لِقَوْلِهِ وَضُرِبَ بِالْعَصَا إلَخْ) أَيْ مِثَالٌ لِفَاعِلِ ضَرَبَ أَيْ مِثَالُ الَّذِي يُضْرَبُ بِالْعَصَا لِلْمَوْتِ شَخْصٌ صَاحِبُ ضَرْبَتَيْ عَصَا إلَخْ وَإِنَّمَا قَالَ فِي الْمَعْنَى أَيْ لِأَنَّ اللَّفْظَ جُمْلَةٌ مُرَادٌ مِنْهَا الْإِخْبَارُ بِأَنَّ مَنْ قُتِلَ بِالْعَصَا يُضْرَبُ بِالْعَصَا لِلْمَوْتِ فَتَكُونُ الْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ
(قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَمَا بَعْدَهَا) تَبِعَ فِيهِ الزَّرْقَانِيَّ وَاللَّقَانِيَّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَا عَلَيْهِ الْمَوَّاقُ وَابْنُ مَرْزُوقٍ مِنْ أَنَّهُ خَاصٌّ بِطَرَفِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الَّذِي يُقْتَلُ بِهِ وَأَمَّا طَرَفُ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَنْدَرِجُ مُطْلَقًا قَصَدَ الْمُثْلَةَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ تَنْدَرِجُ الْأَصَابِعُ فِي الْيَدِ) أَيْ إذَا قَطَعَ الْكَفَّ عَمْدًا بِعَدْوٍ كَذَا إذَا قَطَعَ أَصَابِعَ يَدِ رَجُلٍ وَيَدَ آخَرَ مِنْ الْكُوعِ وَيَدَ آخَرَ مِنْ الْمَرْفِقِ قُطِعَ لَهُمْ مِنْ الْمَرْفِقِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ مُثْلَةً وَإِلَّا لَمْ تَنْدَرِجْ
(قَوْلُهُ مُوجَبُ الْجِنَايَةِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (قَوْلُهُ مِنْ الْوَدْيِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الدَّالِ وَفِيهِ أَنَّ الْوَدْيَ إعْطَاءُ الدِّيَةِ لَا الْهَلَاكُ نَعَمْ يُقَالُ أَوْدَى إذَا هَلَكَ (قَوْلُهُ وَيَأْتِي إلَخْ) لَمَّا قَيَّدَ صَدْرَ الْكَلَامِ بِالْحُرِّ الْمُسْلِمِ طَفِقَ يُبَادِرُ بِذِكْرِ مُقَابِلِهِ لِيَتَقَرَّرَ ذَلِكَ فِي النَّفْسِ وَلِيُعْلَمَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَغْفُلْ عَنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ) خَبَرُ أَنَّ (قَوْلُهُ بِأَنْ عَفَا الْأَوْلِيَاءُ أَوْ بَعْضُهُمْ) أَيْ عَلَى الدِّيَةِ أَيْ بِأَنْ وَقَعَ اتِّفَاقٌ عَلَى تَرْكِ الْقِصَاصِ فِي مُقَابَلَةِ الدِّيَةِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهَا مُبْهَمَةٌ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ بِأَنْ عَفَا الْأَوْلِيَاءُ وَلِقَوْلِهِ أَوْ صَالَحُوا عَلَيْهَا وَكَأَنَّهُ قَالَ بِأَنْ عَفَا الْأَوْلِيَاءُ عَلَيْهَا مُبْهَمَةً أَوْ صَالَحُوا عَلَيْهَا مُبْهَمَةً وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَيَرْجِعُ إلَيْهِ فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِهِ بِأَنْ عَفَا الْأَوْلِيَاءُ عَلَيْهَا وَقَوْلِهِ أَوْ صَالَحُوا عَلَيْهَا إلَخْ قُلْت الْفَرْقُ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِلَّفْظِ الَّذِي يَصْدُرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute