للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاحِدَةٍ عَلَى مَا مَرَّ، وَلَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ بَقَاءَ بَكَارَتِهَا، وَأَنَّهَا رَتْقَاءُ، أَوْ نَظَرَ إلَيْهَا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، وَصَدَّقْنَهَا عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَسْقُطُ الْحَدُّ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهَا بِشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ، وَلَوْ قَامَ عَلَى الْعُذْرَةِ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ لَسَقَطَ الْحَدُّ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ وَيَجُوزُ لِلرِّجَالِ أَنْ يَتَعَمَّدُوا الشَّهَادَةَ ابْتِدَاءً كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ مَرْزُوقٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَكَذَلِكَ يَثْبُتُ الزِّنَا بِظُهُورِ الْحَمْلِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ حُرَّةً، أَوْ أَمَةً غَيْرَ مُتَزَوِّجَةٍ أَيْ: لَمْ يُعْرَفْ لَهَا زَوْجٌ، وَفِي حَقِّ أَمَةِ سَيِّدِهَا مُنْكِرٍ لِوَطْئِهَا، وَتُحَدُّ. قَوْلُهُ: مُتَزَوِّجَةٍ أَيْ: بِزَوْجٍ يَلْحَقُ بِهِ الْحَمْلُ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا كَانَ صَبِيًّا، أَوْ مَجْبُوبًا، أَوْ وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ بِكَثِيرٍ، فَإِنَّهَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا زَوْجَ لَهَا فَتُحَدُّ. (ص) وَلَمْ يُقْبَلْ دَعْوَاهَا الْغَصْبَ بِلَا قَرِينَةٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ، وَلَا يُعْرَفُ لَهَا زَوْجٌ، أَوْ كَانَتْ أَمَةً، وَلَا سَيِّدَ لَهَا، أَوْ لَهَا سَيِّدٌ وَهُوَ مُنْكِرٌ لِوَطْئِهَا، فَإِنَّهَا تُحَدُّ، وَلَا يُقْبَلُ دَعْوَاهَا الْغَصْبَ عَلَى ذَلِكَ بِلَا قَرِينَةٍ تَشْهَدُ لَهَا بِذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ قَامَتْ لَهَا قَرِينَةٌ فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا كَمَا إذَا جَاءَتْ تَدْمَى، وَهِيَ مُسْتَغِيثَةٌ عِنْدَ النَّازِلَةِ، أَوْ أَتَتْ مُتَعَلِّقَةً بِهِ عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَإِنْ ادَّعَتْ اسْتِكْرَاهًا عَلَى غَيْرِ لَائِقٍ بِلَا تَعَلُّقٍ إلَخْ

. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الزِّنَا وَأَحْكَامِهِ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرَّجْمِ وَأَحْكَامِهِ فَقَالَ: (ص) يُرْجَمُ الْمُكَلَّفُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ إنْ أَصَابَ بَعْدَهُنَّ بِنِكَاحٍ لَازِمٍ صَحَّ. (ش) قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ أَنْوَاعَ الْحَدِّ ثَلَاثَةٌ: رَجْمٌ وَجَلْدٌ مَعَ تَغْرِيبٍ، وَجَلْدٌ مُنْفَرِدٌ وَبَدَأَ بِالرَّجْمِ؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ أَنْوَاعِ الْحَدِّ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُكَلَّفَ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ إذَا عَقَدَ عَقْدًا صَحِيحًا لَازِمًا، وَوَطِئَ وَطْئًا مُبَاحًا بِانْتِشَارٍ مِنْ غَيْرِ مُنَاكَرَةٍ فِيهِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، ثُمَّ زَنَى بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُرْجَمُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُحْصِنًا، فَقَوْلُهُ: أَصَابَ أَيْ: وَطِئَ وَعَبَّرَ بِالْإِصَابَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَمَالُ الْوَطْءِ بَلْ يَكْفِي مَغِيبُ الْحَشَفَةِ، أَوْ قَدْرِهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا، وَالضَّمِيرُ فِي بَعْدِهِنَّ لِلْأَوْصَافِ أَيْ: بَعْدَ الْأَوْصَافِ السَّابِقَةِ، وَالْبَاءُ فِي بِنِكَاحٍ بِمَعْنَى فِي أَيْ: فِي عَقْدِ نِكَاحٍ لَازِمٍ فَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: عَقْدٌ وَطْءُ السَّيِّدِ أَمَتَهُ وَبِقَوْلِهِ: لَازِمٍ نِكَاحُ الْمَعِيبِ، وَالْمَعِيبَةِ وَالْمَغْرُورِ، وَالْمَغْرُورَةِ، فَلَا يَكُونُ مُحْصَنًا لِعَدَمِ اللُّزُومِ فَإِذَا زَنَى، فَلَا يُرْجَمُ، بَلْ يُحَدُّ حَدَّ الْبِكْرِ، وَفَاعِلٍ صَحَّ الْوَطْءُ أَيْ: حَلَّ فَإِذَا زَنَى بَعْدَ أَنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فِي حَيْضِهَا، وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يُحَدُّ حَدَّ الْبِكْرِ؛ لِعَدَمِ حِلِّيَّةِ الْوَطْءِ الْوَاقِعِ بَعْدَ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ اللَّازِمِ فَقَوْلُهُ: يُرْجَمُ بِالْمُثَنَّاةِ مِنْ أَسْفَلِ، وَجَوَّزَ الْبِسَاطِيُّ قِرَاءَتَهُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَعَلَيْهِ فَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ: الزِّنَا، وَهِيَ لِلْمُصَاحَبَةِ أَيْ: الزِّنَا مَصْحُوبٌ بِرَجْمِ الْمُكَلَّفِ، وَجَلْدِ الْبِكْرِ، وَتَغْرِيبِ الذَّكَرِ أَيْ: هَذَا الْحُكْمُ مَصْحُوبٌ بِهَذَا الْحُكْمِ فَهَذِهِ النُّسْخَةُ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ بَقَاءَ بَكَارَتِهَا) أَيْ: أَنَّهَا عَذْرَاءُ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَتَعَمَّدُوا الشَّهَادَةَ) أَيْ: عَلَى الْعَذْرَاءِ أَيْ: يَتَعَمَّدُوا مُوجِبَ الشَّهَادَةِ وَهُوَ النَّظَرُ لِبَكَارَتِهَا فَلَا يَقْدَحُ النَّظَرُ فِي شَهَادَتِهِمْ، وَقَوْلُهُ: كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ مَرْزُوقٍ كَلَامُ ابْنِ مَرْزُوقٍ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْعَذْرَاءِ. (قَوْلُهُ: سَيِّدُهَا مُنْكِرٌ إلَخْ) أَيْ: مَا لَمْ يَكُنْ السَّيِّدُ صَغِيرًا أَيْ: وَأَمَّا ظُهُورُهُ لِمُتَزَوِّجَةٍ وَذَاتِ سَيِّدٍ مُقِرٍّ بِهِ فَلَا حَدَّ. (قَوْلُهُ: دَعْوَاهَا الْغَصْبَ) أَيْ: لَا الْوَطْءَ بِشُبْهَةٍ، أَوْ الْغَلَطَ أَوْ النَّوْمَ فَتُقْبَلُ؛ لِأَنَّ هَذَا يَقَعُ كَثِيرًا

(قَوْلُهُ: بَعْدَهُنَّ) أَيْ: بَعْدَ التَّكْلِيفِ الْمُتَضَمِّنِ لِشَيْئَيْنِ الْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى مُتَقَدِّمٍ مَعْنًى. (قَوْلُهُ: لَازِمٍ) أَيْ: ابْتِدَاءً أَوْ دَوَامًا أَيْ: بِأَنْ لَزِمَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِأَنْ كَانَ فَاسِدًا فَاتَ بِالدُّخُولِ وَهَلْ بِمُجَرَّدِ الدُّخُولِ الْمُفَوِّتِ يَحْصُلُ التَّحْصِينُ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ وَطْءٍ ثَانٍ قَوْلَانِ فَالْوَطْءُ الثَّانِي مُحْصَنٌ بِلَا نِزَاعٍ، فَخَرَجَ فَاسِدٌ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ، وَخَرَجَ أَيْضًا بِقَوْلِهِ: لَازِمٍ نِكَاحُ عَبْدٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْوَطْءُ فِي زَوْجَةٍ مُطِيقَةٍ، وَلَوْ أَمَةً مُسْلِمَةً مَجْنُونَةً، أَوْ حُرَّةً كَافِرَةً مَجْنُونَةً، وَتُرْجَمُ الْمُكَلَّفَةُ الْحُرَّةُ الْمُسْلِمَةُ الْعَاقِلَةُ إنْ أُصِيبَتْ بَعْدَهُنَّ مِنْ بَالِغٍ مُسْلِمٍ، وَإِنْ عَبْدًا أَوْ مَجْنُونًا، وَقَوْلُهُ: إذَا عَقَدَ عَقْدًا صَحِيحًا لَازِمًا إشَارَةً لِتَفْسِيرِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِنِكَاحٍ لَازِمٍ إلَخْ، فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّكَاحِ الْعَقْدُ لَا الْوَطْءُ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَدِّمَ صَحَّ عَلَى قَوْلِهِ لَازِمًا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ اللُّزُومِ الصِّحَّةُ فَيَضِيعُ قَوْلُهُ: صَحَّ عَنْ الْفَائِدَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ: لَازِمٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الصِّحَّةِ اللُّزُومُ فَفِي ذِكْرِ اللُّزُومِ بَعْدَ الصِّحَّةِ فَائِدَةٌ. (قَوْلُهُ: وَوَطِئَ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَصَابَ أَيْ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِصَابَةِ الْوَطْءُ الْمُبَاحُ الَّذِي مَعَهُ انْتِشَارٌ مِنْ غَيْرِ مُنَاكَرَةٍ. وَقَوْلُهُ: ثُمَّ زَنَى إلَخْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الرَّجْمُ مَنُوطًا بِمُجَرَّدِ اجْتِمَاعِ الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الزِّنَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: وَعَبَّرَ بِالْإِصَابَةِ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَوْ عَبَّرَ بِوَطْءٍ لَأَفْهَمَ أَنَّ الْمُرَادَ الْوَطْءُ الْكَامِلُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ، بَلْ الْمُرَادُ مُجَرَّدُ الْوَطْءِ الَّذِي يُفِيدُهُ التَّعْبِيرُ بِالْإِصَابَةِ مَعَ أَنَّهُ فَسَّرَ الْإِصَابَةَ بِالْوَطْءِ وَأَطْلَقَ. (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى فِي) وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ لِلسَّبَبِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: فَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: عَقْدِ وَطْءٍ) أَيْ: لِأَنَّ وَطْءَ السَّيِّدِ أَمَتَهُ لَيْسَ بِسَبَبِ عَقْدٍ بَلْ بِسَبَبِ الْمِلْكِ، وَقَوْلُهُ: فَاعِلٌ صَحَّ الْوَطْءُ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا يَكُونُ فِيهِ اسْتِخْدَامٌ؛ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ النِّكَاحَ أَوَّلًا وَأَرَادَ بِهِ الْعَقْدَ ثُمَّ رَجَعَ ضَمِيرُ صَحَّ لَهُ لَا بِاعْتِبَارِ هَذَا الْمَعْنَى، بَلْ بِاعْتِبَارِ مَعْنًى آخَرَ وَهُوَ الْوَطْءُ أَيْ: أَنَّ الْوَطْءَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا احْتِرَازًا عَنْ وَطْءِ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالْمُعْتَدَّةِ وَالصَّائِمَةِ وَالْمُحْرِمَةِ وَالْمُعْتَكِفَةِ وَعَنْ وَطْئِهَا فِي مَسْلَكِ الْبَوْلِ، أَوْ دُبُرِهَا كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُ شُرَّاحِهِ، فَإِذَا عَلِمْتَ هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ الْمُسْتَفَادِ مِنْ حِلِّهِ أَوَّلًا وَكَأَنَّهُ ارْتَكَبَ ذَلِكَ الِاسْتِخْدَامَ دَفْعًا لِلِاعْتِرَاضِ الَّذِي أَشَرْنَا لَهُ سَابِقًا مِنْ أَنَّ الْعَقْدَ مَتَى كَانَ لَازِمًا كَانَ صَحِيحًا فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ: صَحَّ بَعْدَ قَوْلِهِ لَازِمًا. (قَوْلُهُ: وَجَوَّزَ الْبِسَاطِيُّ إلَخْ) كَانَ نُسْخَةُ الْبِسَاطِيِّ لَيْسَ فِيهَا نُقْطَتَانِ تَحْتَ صُورَةِ الْيَاءِ وَإِلَّا لَمَا كَانَ لِجَلْبِ ذَلِكَ فَائِدَةٌ. (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الزِّنَا) أَيْ: فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوَّلَ الْبَابِ: الزِّنَا وَطْءُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَيْ: هَذَا الْحُكْمُ) أَيْ: هَذَا الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ صُورَةٌ بِأَنَّهُ وَطْءُ إلَخْ. وَقَوْلُهُ: مَصْحُوبٌ بِهَذَا الْحُكْمِ أَيْ: بِهَذَا الْمَحْكُومِ بِهِ عَلَى الزَّانِي

<<  <  ج: ص:  >  >>