للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِنَصِّ الْقُرْآنِ وَإِذَا كُرِّرَ الْقَذْفُ لِوَاحِدٍ، أَوْ جَمَاعَةٍ فِي مَجْلِسٍ، أَوْ مَجَالِسَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا حَدٌّ وَاحِدٌ سَوَاءٌ قَامُوا كُلُّهُمْ، أَوْ بَعْضُهُمْ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قَالَ لِلْجَمَاعَةِ: يَا زُنَاةُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَقْذِفْ الْجَمِيعَ بَلْ قَذَفَ وَاحِدًا مِنْهُمْ لَا بِعَيْنِهِ، فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: أَوْ قَالَ لِجَمَاعَةٍ: أَحَدُكُمْ زَانٍ. (ص) إلَّا بَعْدَهُ وَنِصْفُهُ عَلَى الْعَبْدِ. (ش) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِلْحَدِّ يَعْنِي أَنَّ الْقَاذِفَ إذَا حُدَّ لِأَجْلِ الْقَذْفِ، ثُمَّ بَعْدَ الْحَدِّ قُذِفَ، فَإِنَّهُ يُحَدُّ أَيْضًا، وَلَا فَرْقَ فِي التَّكْرِيرِ بَيْنَ التَّصْرِيحِ بِهِ، أَوْ لَا كَأَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْحَدِّ: مَا كَذَبْتُ عَلَيْهِ وَلَقَدْ صَدَقْتُ؛ لِأَنَّهُ قَذْفٌ مُؤْتَنَفٌ، وَأَمَّا الْعَبْدُ، أَوْ الْأَمَةُ إذَا قَذَفَ غَيْرَهُ، وَلَوْ حُرًّا فَإِنَّهُ يُحَدُّ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ، وَهُوَ أَرْبَعُونَ جَلْدَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥] وَالْعَبْدُ مَقِيسٌ عَلَى الْأَمَةِ

. (ص) كَلَسْت بِزَانٍ، أَوْ زَنَتْ عَيْنُك، أَوْ زَنَيْتِ مُكْرَهَةً، أَوْ عَفِيفِ الْفَرَجِ، أَوْ لِعَرَبِيٍّ مَا أَنْتَ بِحُرٍّ، أَوْ يَا رُومِيُّ كَأَنْ نَسَبَهُ لِعَمِّهِ بِخِلَافِ جَدِّهِ. (ش) هَذَا مِنْ أَلْفَاظِ التَّعْرِيضِ فَإِذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: مَا أَنَا بِزَانٍ، أَوْ لَقَدْ أُخْبِرْت أَنَّك زَانٍ، أَوْ زَنَى فَرْجُك، أَوْ يَدُك أَوْ عَيْنُك، أَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ: زَنَيْتِ مُكْرَهَةً، وَكَذَّبَتْهُ، فَإِنَّهُ يُحَدُّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ زَنَيْتِ مُكْرَهَةً، فَإِنَّهُ يُلَاعِنُ، وَإِلَّا حُدَّ لَهَا إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِالْإِكْرَاهِ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَنَا عَفِيفُ الْفَرَجِ لِأَجْلِ ذِكْرِ الْفَرَجِ؛ لِأَنَّهُ تَعْرِيضٌ بِالزِّنَى، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَذْكُرْ الْفَرَجَ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ قَالَ لِشَخْصٍ عَرَبِيِّ الْأَصْلِ: مَا أَنْتَ بِحُرٍّ؛ لِأَنَّهُ نَفَى نَسَبَهُ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَهُ: يَا رُومِيُّ، أَوْ يَا فَارِسِيُّ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ نَسَبَهُ، وَأَمَّا إذَا قَالَ لِفَارِسِيٍّ، أَوْ لِرُومِيٍّ: يَا عَرَبِيُّ، فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْ نَسَبَهُ، وَإِنَّمَا وَصَفَهُ بِصِفَاتِ الْعَرَبِ مِنْ الْكَرَمِ وَالشُّجَاعَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ الْعَرَبَ تَحْفَظُ نَسَبَهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا، فَقَوْلُهُ: أَوْ يَا رُومِيُّ عَطْفٌ عَلَى مَا أَنْتَ بِحُرٍّ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ نَسَبَ شَخْصًا لِعَمِّهِ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ نَسَبَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا نَسَبَهُ لِجَدِّهِ لِأَبِيهِ، أَوْ لِأُمِّهِ فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْجَدَّ يُسَمَّى أَبًا، وَسَوَاءٌ كَانَ فِي مُشَاتَمَةٍ، أَوْ لَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ

. (ص) كَأَنْ قَالَ: أَنَا نَغِلٌ، أَوْ وَلَدُ زِنَا، أَوْ كَيَا قَحْبَةُ، أَوْ قَرْنَانُ، أَوْ يَا ابْنَ مُنْزِلَةِ الرُّكْبَانِ، أَوْ ذَاتَ الرَّايَةِ، أَوْ فَعَلْتُ بِهَا فِي عُكَنِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا قَالَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ: أَنَا نَغِلٌ أَيْ: فَاسِدُ النَّسَبِ، فَإِنَّهُ يُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ نَسَبَ أُمَّهُ إلَى الزِّنَا، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ: أَنَا وَلَدُ زِنًا؛ لِأَنَّهُ رَمَى أُمَّهُ بِالزِّنَا، وَكَذَلِكَ إذَا نَسَبَ نَفْسَهُ إلَى بَطْنٍ، أَوْ نَسَبٍ أَوْ عَشِيرَةٍ غَيْرَ بَطْنِهِ وَنَسَبِهِ وَعَشِيرَتِهِ؛ لِأَنَّهُ قَذَفَ أُمَّهُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَغَيْرُهُ، وَمِثْلُهُ مَنْ نَسَبَ شَخْصًا إلَى ذَلِكَ بِجَامِعِ الْعِلَّةِ، ثُمَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ قَوْلَهُ: أَنَا نَغِلٌ، أَوْ وَلَدُ زِنَا مِنْ التَّعْرِيضِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الثَّانِي مِنْ التَّصْرِيحِ قَطْعًا، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَمِنْ التَّعْرِيضِ عَلَى مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ شَاسٍ وَمَنْ وَافَقَهُ، وَذَكَرَ بَعْضٌ أَنَّ النَّغِلَ وَلَدُ الزَّانِيَةِ وَعَلَيْهِ، فَيَكُونُ مِنْ الصَّرِيحِ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ: يَا قَحْبَةُ وَهِيَ الزَّانِيَةُ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ زَوْجَتِهِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ، وَمِثْلُهُ يَا فَاجِرَةُ يَا عَاهِرَةُ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ قَالَ لِآخَرَ: قَرْنَانُ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْفَاعِلَةِ كَأَنَّهُ يَقْرُنُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ

ــ

[حاشية العدوي]

إذَا كَرَّرَهُ بَعْدَ أَكْثَرِهِ كُمِّلَ الْأَوَّلُ وَابْتُدِئَ لِلثَّانِي وَإِنْ كَرَّرَهُ قَبْلَ مُضِيِّ أَكْثَرِهِ أُلْغِيَ مَا مَضَى وَابْتُدِئَ لَهُمَا كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُهُمْ) أَيْ: فَإِذَا قَامَ بِهِ أَحَدُهُمْ وَضَرَبَ لَهُ كَانَ ذَلِكَ الضَّرْبُ لِكُلِّ قَذْفٍ كَانَ عَلَيْهِ وَلَا حَدَّ لِمَنْ قَامَ مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ قَالَ لِلْجَمَاعَةِ: يَا زُنَاةُ) بَقِيَ مَا لَوْ خَاطَبَ كُلُّ وَاحِدٍ بِمُفْرَدِهِ قَائِلًا لَهُ أَنْتِ زَانٍ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ أَوْ قَالَ لَهُمْ فِي خِطَابٍ وَاحِدٍ: كُلٌّ مِنْكُمْ زَنَى وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ أَيْ: مَا هُنَاكَ إلَّا حَدٌّ وَاحِدٌ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ) أَرَادَ بِهِ الْقِنَّ الْخَالِصَ أَوْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ، وَإِنْ قَلَّ رِقُّهُ، وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ كَذَلِكَ حِينَ الْقَذْفِ، وَإِنْ تَحَرَّرَ قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ قَذَفَهُ، وَهُوَ عَبْدٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ حِينَ الْقَذْفِ حُرًّا أَوْ عَكْسُهُ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِمَا تَبَيَّنَ

. (قَوْلُهُ: كَلَسْتُ بِزَانٍ) بِضَمِّ التَّاءِ إذَا قَالَهُ لِغَيْرِهِ فِي مُشَاتَمَةٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَقَدْ أُخْبِرْتُ أَنَّك زَانٍ) كَوْنُ هَذَا مِنْ التَّعْرِيضِ غَيْرُ ظَاهِرٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَيْنُكَ إلَخْ) كَوْنُ هَذَا مِنْ التَّعْرِيضِ ظَاهِرٌ إنْ أَرَادَ حَقِيقَةَ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ الزِّنَا إذَا حَصَلَ تَعَلَّقَ بِجَمِيعِ الْأَعْضَاءِ فَنِسْبَتُهُ لِبَعْضِ الْأَعْضَاءِ لَا يَنْفِيهِ عَنْ الْبَقِيَّةِ، وَأَمَّا إنْ أَرَادَ بِهَا الذَّاتَ فَمِنْ الصَّرِيحِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُحَدُّ فِي ذَلِكَ) هَذَا إذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى التَّعْرِيضِ، أَوْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ فَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى الِاعْتِذَارِ فَلَا حَدَّ فَإِنْ: قَالَ لَهَا أُكْرِهْتِ عَلَى الزِّنَا حُدَّ إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ قَصْدَهُ نِسْبَتُهَا لَهُ فَإِنْ لَمْ يَقُمْ شَيْءٌ، أَوْ قَامَتْ بِالِاعْتِذَارِ فَلَا حَدَّ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةٌ بِالْإِكْرَاهِ إلَخْ) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ فِي زَوْجَتِهِ أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ، وَقَوْلُهُ: فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ أَيْ: فِي الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَا فِي الزَّوْجَةِ وَلَا لِعَانَ فِي الزَّوْجَةِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَنَا عَفِيفُ الْفَرَجِ) أَيْ: أَنَّهُ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ فِي مُشَاتَمَةٍ: إنِّي أَوْ أَنَا أَوْ أَنْتَ عَفِيفُ الْفَرَجِ فَإِنَّهُ يُحَدُّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مُشَاتَمَةٍ فَلَا حَدَّ. (قَوْلُهُ: مَنْ قَالَ لِشَخْصٍ عَرَبِيٍّ) الْمُرَادُ بِهِ مَنْ يَكُونُ نَسَبُهُ مِنْ الْعَرَبِ وَلَوْ طَرَأَتْ عَلَيْهِ الْعُجْمَةُ لَا مَنْ تَكَلَّمَ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ نَفَى نَسَبَهُ إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا التَّعْلِيلَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْحُرِّيَّةِ عَنْهُ نَفْيُ نَسَبِهِ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ عَرَبِيًّا لَا يُنَافِي اسْتِرْقَاقَهُ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ ضَرْبُ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا النَّصِّ: وَلَمْ أَرَ مَا أَنْتَ بِحُرٍّ لِغَيْرِ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا وَصَفَهُ بِصِفَاتٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ حِينَئِذٍ هَذَا إذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى الْمَدْحِ، أَوْ أَشْكَلَ فَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى التَّعْرِيضِ حُدَّ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ) وَكَذَلِكَ عِنْدَهُ إذَا نَسَبَهُ لِخَالِهِ أَوْ زَوْجِ أُمِّهِ، وَمُقَابِلُهُ لَا حَدَّ مَا لَمْ يَكُنْ فِي مُشَاتَمَةٍ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ

. (قَوْلُهُ: أَيْ: فَاسِدُ النَّسَبِ) مِنْ نَغِلَ الْأَدِيمُ بِالْكَسْرِ أَيْ: فَسَدَ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ الزَّانِيَةُ) كَانَتْ الْعَرَبُ تَدْعُوَا عَلَى الْفَاجِرَةِ بِالْقُحَابِ وَالرُّوَاءِ أَيْ: السُّعَالِ وَالْقَيْحِ فِي الرِّئَةِ أُطْلِقَ عَلَى الزَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهَا تَسْعُلُ وَتُنَحْنِحُ تَرْمُزُ بِذَلِكَ لِمَنْ يُرِيدُهَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ صَاحِبَ الْفَاعِلَةِ) أَيْ: صَاحِبَ الْمَرْأَةِ الزَّانِيَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>