غَيْرِهِ عَلَى زَوْجَتِهِ، فَالْحَدُّ لِزَوْجَتِهِ إنْ طَلَبَتْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ قَالَ لِشَخْصٍ: يَا ابْنَ مُنْزِلَةِ الرُّكْبَانِ؛ لِأَنَّهُ نَسَبَ أُمَّهُ إلَى الزِّنَا؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا أَرَادَتْ الْفَاحِشَةَ أَنْزَلَتْ الرُّكْبَانَ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ قَالَ لِآخَرَ: يَا ابْنَ ذَاتِ الرَّايَةِ؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَ لِأُمِّهِ بِالزِّنَا؛ لِأَنَّهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَتْ الْمَرْأَةُ تُنْزِلُ الرُّكْبَانَ، وَتَجْعَلُ عَلَى بَابِهَا رَايَةً أَيْ: عَلَامَةً لِأَجْلِ النُّزُولِ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ: فَعَلَتْ بِهَا فِي عُكَنِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ أَشَدُّ مِنْ التَّعْرِيضِ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ ضَابِطُ هَذَا الْبَابِ الِاشْتِهَارَاتُ الْعُرْفِيَّةُ، وَالْقَرَائِنُ الْحَالِيَّةُ فَمَتَى فُقِدَا حُلِّفَ، أَوْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا حُدَّ، وَإِنْ انْتَقَلَ الْعُرْفُ وَبَطَلَ بَطَلَ الْحَدُّ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِحَسَبِ الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ يَا ابْنَ ذَاتِ الرَّايَةِ، أَوْ يَا ابْنَ مُنْزِلَةِ الرُّكْبَانِ لَا يُوجِبُ حَدًّا وَأَنَّهُ لَوْ اُشْتُهِرَ مَا لَا يُوجِبُ حَدًّا الْآنَ فِي الْقَذْفِ أَوْجَبَ الْحَدَّ
. (ص) لَا إنْ نَسَبَ جِنْسًا لِغَيْرِهِ، وَلَوْ أَبْيَضَ لِأَسْوَدَ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْعَرَبِ، أَوْ قَالَ مَوْلَى لِغَيْرِهِ: أَنَا خَيْرٌ مِنْك، أَوْ مَا لَك أَصْلٌ، وَلَا فَصْلٌ، أَوْ قَالَ لِجَمَاعَةٍ: أَحَدُكُمْ زَانٍ. (ش) الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْعَرَبَ أَنْسَابُهَا مَحْفُوظَةٌ، وَغَيْرُ الْعَرَبِ مِنْ سَائِرِ الْأَجْنَاسِ أَنْسَابُهُمْ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ فَمَتَى نَسَبَ مِنْ غَيْرِ الْعَرَبِ إلَى غَيْرِ جِنْسِهِ، أَوْ إلَى غَيْرِ قَبِيلَتِهِ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ أَبْيَضَ وَنَسَبَهُ إلَى جِنْسٍ أَسْوَدَ، أَوْ بِالْعَكْسِ كَمَا إذَا قَالَ لِبَرْبَرِيٍّ: يَا رُومِيُّ مَثَلًا، وَمَتَى نَسَبَ مَنْ هُوَ مِنْ الْعَرَبِ إلَى غَيْرِهِ حُدَّ، وَالْمُرَادُ بِالْجِنْسِ هُنَا الصِّنْفُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ نَوْعٌ مِنْ الْحَيَوَانِ فَمَا تَحْتَهُ أَصْنَافٌ، فَالْعَرَبُ صِنْفٌ، وَالرُّومُ صِنْفٌ، وَالْبَرْبَرُ صِنْفٌ، وَهَكَذَا وَكَذَلِكَ لَا حَدَّ عَلَى الشَّخْصِ الْمَوْلَى، وَهُوَ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ إذَا قَالَ لِآخَرَ حُرِّ الْأَصْلِ: أَنَا خَيْرٌ مِنْكَ إذْ لَيْسَ فِيهِ قَذْفٌ، وَلَا تَعْرِيضٌ لِلْقَذْفِ وَوُجُوهُ الْخَيْرِ كَثِيرَةٌ، وَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ: أَنَا خَيْرٌ مِنْك نَسَبًا، فَإِنَّهُ يُحَدُّ لِذَلِكَ، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ قَالَ لِآخَرَ: مَا لَك أَصْلٌ وَلَا فَصْلٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَفَى حَسَبَهُ فَقَطْ، وَكَذَلِكَ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ قَالَ لِجَمَاعَةٍ: أَحَدُكُمْ زَانٍ، أَوْ ابْنُ زَانِيَةٍ، أَوْ لَا أَبَ لَهُ، وَسَوَاءٌ قَامُوا كُلُّهُمْ، أَوْ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ الْمَقْذُوفَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا لَمْ يَلْحَقْ وَاحِدًا مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ، وَالْحَدُّ إنَّمَا هُوَ لِلْمَعَرَّةِ، وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إذَا كَثُرَتْ الْجَمَاعَةُ بِأَنْ زَادُوا عَلَى اثْنَيْنِ، وَمَا قَارَبَهُمَا فَإِنْ كَانُوا اثْنَيْنِ، وَمَا قَارَبَهُمَا، فَإِنَّهُ يُحَدُّ إنْ قَامُوا، أَوْ قَامَ بَعْضُهُمْ، وَعَفَا الْبَاقِي، فَإِنْ حَلَفَ مَا أَرَادَ الْقَائِمَ لَمْ يُحَدَّ وَإِلَّا حُدَّ
. (ص) وَحُدَّ فِي مَأْبُونٍ إنْ كَانَ لَا يَتَأَنَّثُ وَفِي يَا ابْنَ النَّصْرَانِيِّ، أَوْ الْأَزْرَقِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي آبَائِهِ كَذَلِكَ وَفِي مُخَنَّثٍ إنْ لَمْ يَحْلِفْ، وَأُدِّبَ فِي يَا ابْنَ الْفَاسِقَةِ، أَوْ الْفَاجِرَةِ، أَوْ يَا حِمَارُ يَا ابْنَ الْحِمَارِ، أَوْ أَنَا عَفِيفٌ، أَوْ إنَّكِ عَفِيفَةٌ، أَوْ يَا فَاسِقُ، أَوْ يَا فَاجِرُ، وَإِنْ قَالَتْ: بِكَ، جَوَابًا لِزَنَيْت حُدَّتْ لِلزِّنَا وَالْقَذْفِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا قَالَ لِآخَرَ: يَا مَأْبُونُ فَإِنَّهُ يُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ حَقِيقَةٍ هُوَ صَاحِبُ الْعِلَّةِ فِي دُبُرِهِ، وَمَجَازًا هُوَ الَّذِي يَتَأَنَّثُ فِي كَلَامِهِ كَالنِّسَاءِ، وَلِذَا لَوْ كَانَ يَتَأَنَّثُ فِي كَلَامِهِ، فَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ، وَلَكِنْ يُؤَدَّبُ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِاسْتِعْمَالِ الْمَأْبُونِ فِيمَنْ يَتَأَنَّثُ، أَوْ فِيهِ، وَفِيمَنْ يُؤْتَى لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ حَيْثُ كَانَ لَا يَتَأَنَّثُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ مَنْ يُؤْتَى أَمَّا لَوْ كَانَ الْعُرْفُ اسْتِعْمَالَهُ فِيمَنْ يُؤْتَى، فَإِنَّهُ يُحَدُّ، وَلَوْ تَأَنَّثَ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ قَالَ لِآخَرَ: يَا ابْنَ النَّصْرَانِيِّ، أَوْ الْأَزْرَقِ، أَوْ الْأَعْوَرِ وَنَحْوِهِمْ وَلَيْسَ فِي آبَائِهِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ نَسَبَ أُمَّهُ لِلزِّنَا وَلَا فَرْقَ فِي الْمَقُولِ لَهُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْعَرَبِ أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَ فِي آبَائِهِ مَنْ هُوَ كَذَلِكَ فَلَا حَدَّ، وَلَوْ قَالَ لَهُ: يَا ابْنَ الْحَائِكِ وَنَحْوَهُ مِنْ الصَّنَائِعِ؛ فَإِنْ كَانَ الْمَقُولُ لَهُ مِنْ الْعَرَبِ، فَيَفْصِلُ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي آبَائِهِ كَذَلِكَ فَلَا حَدَّ، وَإِلَّا حُدَّ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْعَرَبِ فَلَا حَدَّ مُطْلَقًا، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ: يَا مُخَنَّثُ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا، وَهُوَ التَّكَسُّرُ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ إنْ لَمْ يَحْلِفْ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ قَذْفَهُ، أَمَّا إنْ حَلَفَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يَخُصَّهُ الْعُرْفُ بِمَنْ يُؤْتَى، وَإِلَّا حُدَّ وَلَوْ حَلَفَ
وَأَمَّا لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: يَا فَاسِقُ، أَوْ يَا فَاجِرُ، أَوْ يَا شَارِبَ الْخَمْرِ، أَوْ
ــ
[حاشية العدوي]
أَيْ: لِأَنَّهُ زَوْجُهَا وَقَوْلُهُ: فَالْحَدُّ لِزَوْجَتِهِ أَيْ: وَيُؤَدَّبُ لِلزَّوْجِ. (قَوْلُهُ: أَنْزَلَتْ الرُّكْبَانَ) مِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ يَقْرَأُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مُنْزِلَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَكَسْرِ الزَّايِ. (قَوْلُهُ: فِي عُكَنِهَا) جَمْعُ عُكَنِهِ كَغُرَفٍ وَغُرْفَةٍ وَهِيَ طَيَّاتُ الْبَطْنِ.
قَوْلُهُ: (جِنْسًا) أَيْ: ذَا جِنْسٍ. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْعَرَبِ) شَرْطٌ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَمَا بَعْدَهَا فَإِنْ نَسَبَ وَاحِدًا مِنْهُمْ لِغَيْرِهِمْ حُدَّ وَلَوْ تَسَاوَيَا لَوْنًا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَصَدَ بِقَوْلِهِ لِلْعَرَبِيِّ: يَا رُومِيُّ، أَوْ يَا بَرْبَرِيُّ فِي الْبَيَاضِ وَالسَّوَادِ فِي مُشَاتَمَةٍ أَمْ لَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَنْسُوبُ لَهُ قَبِيلَةً أُخْرَى مِنْ الْعَرَبِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي النَّقْلِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ نَسَبَهُ لِأَعْلَى مِنْ قَبِيلَتِهِ فِي الشَّرَفِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ وُجُوهَ الْخَيْرِ كَثِيرَةٌ) فِي الدِّينِ وَالْخُلُقِ وَغَيْرِهِمَا وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْخَيْرِيَّةُ فِي النَّسَبِ بِمَعْنَى أَنَّ نَسَبَهُ دُونَهُ فَيُحَدُّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إنَّمَا نَفَى حَسَبَهُ) أَيْ: إنَّمَا نَفَى شَرَفَهُ وَهَذَا مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى نَفْيِ النَّسَبِ، وَإِلَّا حُدَّ وَيَجْرِي هَذَا فِي سَائِرِ الْمَسَائِلِ الَّتِي قِيلَ فِيهَا بِنَفْيِ الْحَدِّ.
(قَوْلُهُ: وَمَا قَارَبَهُمَا) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُقَارَبَةِ الثَّلَاثَةُ وَالْأَرْبَعَةُ
. (قَوْلُهُ: صَاحِبُ الْعِلَّةِ فِي دُبُرِهِ) أَيْ: الْأُبْنَةِ. (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ) أَيْ: فِي الْمَفْهُومِ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ لَا يَتَأَنَّثُ) الصَّوَابُ إسْقَاطُ لَا. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي آبَائِهِ إلَخْ) فَإِنْ ثَبَتَ وُجُودُ أَحَدِ آبَائِهِ كَذَلِكَ لَمْ يُحَدَّ الْقَائِلُ وَلَوْ جَهِلَ أَنَّ أَحَدَ أُصُولِهِ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْعَرَبِ أَوْ لَا) أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ لَا حَدَّ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ ذَلِكَ التَّشْدِيدُ، وَأَنَّ أَبَاهُ يُشْبِهُ النَّصَارَى. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْعَرَبِ إلَخْ) وَجْهُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْعَرَبِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ تِلْكَ الصَّنَائِعَ يَفْعَلُهَا الْمَوَالِي كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ التَّكَسُّرُ بِالْقَوْلِ) أَيْ: بِأَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلَامِ النِّسَاءِ وَقَوْلُهُ: وَالْفِعْلُ بِأَنْ يُثْنِيَ مَعَاطِفَهُ كَالنِّسَاءِ، ثُمَّ أَقُولُ: قَضِيَّةُ كَوْنِ مَعْنَاهُ التَّكَسُّرَ الْمَذْكُورَ أَنَّهُ لَا حَدَّ، وَلَوْ لَمْ يَحْلِفْ. نَعَمْ لَوْ قَالَ: وَهُوَ يُطْلَقُ عَلَى التَّكَسُّرِ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَالْإِتْيَانِ فِي الدُّبُرِ يُحَدُّ إنْ لَمْ يَحْلِفْ لَكَانَ لِذَلِكَ وَجْهٌ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute