يَا ابْنَ الْفَاسِقَةِ، أَوْ يَا ابْنَ الْفَاجِرَةِ، أَوْ يَا آكِلَ الرِّبَا، أَوْ يَا حِمَارُ، أَوْ يَا ابْنَ الْحِمَارِ، أَوْ يَا خِنْزِيرُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ يُؤَدَّبُ مَنْ قَالَ لِآخَرَ: أَنَا عَفِيفٌ، أَوْ مَا أَنْتَ بِعَفِيفٍ، فَإِنْ قُلْتَ: فَمَا وَجْهُ عَدَمِ حَدِّهِ فِيمَا ذُكِرَ إنْ كَانَ فِي مُشَاتَمَةٍ؟ . قُلْت: لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَصِفْ الْعِفَّةَ لِلْفَرْجِ احْتَمَلَ الْعِفَّةَ فِي الْمَطْعَمِ وَغَيْرِهِ، فَلِذَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحَدُّ إلَّا لِقَرِينَةٍ تَصْرِفُهُ لِلْفَرْجِ، ثُمَّ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ هَذَا أَنَّ التَّعْرِيضَ بِمَا يُوجِبُ الْأَدَبَ كَالتَّصْرِيحِ، وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ: أَنْتِ زَنَيْتِ فَقَالَتْ: بِكَ، أَيْ: زَنَيْت بِك فَإِنَّهَا تُحَدُّ حَدَّيْنِ حَدَّ الْقَذْفِ، وَحَدَّ الزِّنَا؛ لِتَصْدِيقِهَا عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تَرْجِعَ عَنْ إقْرَارِهَا بِالزِّنَا؛ فَإِنَّهَا تُحَدُّ لِلْقَذْفِ فَقَطْ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَرَادَتْ جَوَابَهُ، فَعَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ، وَلَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: يَا زَانِي فَقَالَ: أَنْتَ أَزْنَى مِنِّي، فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى الْقَائِلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ قَذَفَ غَيْرَ عَفِيفٍ، وَيُحَدُّ الثَّانِي لِلزِّنَا، وَالْقَذْفِ، وَمَا فِي تت مِنْ أَنَّ الْقَائِلَ الْأَوَّلَ يُحَدُّ أَيْضًا لَيْسَ بِظَاهِرٍ.
. (ص) وَلَهُ حَدُّ أَبِيهِ وَفُسِّقَ وَالْقِيَامُ بِهِ، وَإِنْ عَلِمَهُ مِنْ نَفْسِهِ كَوَارِثِهِ، وَإِنْ قُذِفَ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ وَلَدٍ وَوَلَدِهِ، وَأَبٍ، وَأَبِيهِ، وَلِكُلٍّ الْقِيَامُ بِهِ، وَإِنْ حَصَلَ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَلَدَ إذَا تَرَتَّبَ لَهُ عَلَى أَبِيهِ حَدٌّ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحُدَّهُ، وَيَصِيرُ بِذَلِكَ فَاسِقًا، وَكَذَلِكَ إذَا وَجَبَ لَهُ قَبْلَ أَبِيهِ يَمِينٌ فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ، وَيَصِيرُ بِذَلِكَ فَاسِقًا، وَلَهُ تَرْكُ ذَلِكَ لَا يُقَالُ: إبَاحَةُ الْقِيَامِ تَقْتَضِي عَدَمَ الْمَعْصِيَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّفْسِيقِ كَوْنُهُ عَنْ مَعْصِيَةٍ لِحُصُولِهِ بِالْمُبَاحِ كَالْأَكْلِ فِي السُّوقِ، وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ هُنَا خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لِلِابْنِ حَدُّ أَبِيهِ، وَلَا تَحْلِيفُهُ وَلِلْمَقْذُوفِ أَنْ يَقُومَ بِحَقِّهِ، وَيُحَدَّ الْقَاذِفُ، وَإِنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّ مَا رَمَى بِهِ مِنْ زِنَا قَدْ صَدَرَ مِنْهُ قَالَ فِيهَا: حَلَالٌ لَهُ أَنْ يَحُدَّهُ؛ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ عِرْضَهُ، وَلَيْسَ لِلْقَاذِفِ أَنْ يُحَلِّفَ الْمَقْذُوفَ أَنَّهُ لَيْسَ بِزَانٍ انْتَهَى، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْوَارِثِ أَنْ يَقُومَ بِحَدِّ مُوَرِّثِهِ إذَا مَاتَ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ، وَلَمْ يُوصِ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ غَيْرَ وَارِثِهِ أَنْ يَقُومَ بِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَصْدُرَ الْقَذْفُ قَبْلَ مَوْتِ الْمَقْذُوفِ، أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ، قَالَ فِيهَا: وَمَنْ قَذَفَ مَيِّتًا فَلِوَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ، وَلِأَبِيهِ وَإِنْ عَلَا الْقِيَامُ بِذَلِكَ، وَمَنْ قَامَ مِنْهُمْ أَخَذَهُ بِحَدِّهِ، وَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ يَلْزَمُهُمْ، وَلِلْمَقْذُوفِ أَنْ يُؤَخِّرَ حَدَّ الْقَاذِفِ إلَى غَيْرِ هَذَا الْوَقْتِ، وَيَقُومُ بِهِ مَتَى شَاءَ إنْ رَضِيَ الْقَاذِفُ بِذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بِالْوَارِثِ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْمِيرَاثَ لَا مَنْ يَرِثُ بِالْفِعْلِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَلِكُلٍّ الْقِيَامُ بِهِ، وَإِنْ حَصَلَ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَمَعْنَى حَصَلَ وُجِدَ
. (ص) وَالْعَفْوُ قَبْلَ الْإِمَامِ، أَوْ بَعْدَهُ إنْ أَرَادَ سَتْرًا. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَقْذُوفِ أَنْ يَعْفُوَ عَمَّنْ
ــ
[حاشية العدوي]
قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ يَا فَاسِقُ) أَيْ: لِأَنَّ الْفِسْقَ الْخُرُوجُ عَنْ الطَّاعَةِ فَلَيْسَ نَصًّا فِي الزِّنَا أَقُولُ: هَذَا إذَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِأَنَّ لَفْظَ الْفِسْقَ يَكُونُ فِي الزِّنَا أَوْ اللِّوَاطِ، وَإِلَّا حُدَّ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ: يَا ابْنَ الْفَاسِقَةِ. (قَوْلُهُ: فَلِذَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحَدُّ إلَخْ) أَقُولُ: قَضِيَّةُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقَالُ: لَمَّا احْتَمَلَ الْعِفَّةَ فِي الْمَطْعَمِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يُحَدُّ إنْ لَمْ يَحْلِفْ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ قَذْفَهُ فَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ قَذْفَهُ فَلَا حَدَّ نَعَمْ يُؤَدَّبُ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَنَّهُ يُفْهَمُ إلَخْ) أَيْ: يُفْهَمُ مِنْ مَسْأَلَةِ أَنَا عَفِيفٌ.
(قَوْلُهُ: لِامْرَأَةِ أَجْنَبِيَّةٍ) أَيْ: وَأَمَّا الزَّوْجَةُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا بِحَالٍ وَكَذَا لَا حَدَّ عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّا نَحْمِلُ الزِّنَا عَلَى غَيْرِ حَقِيقَتِهِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَكُونَ أَرَادَتْ جَوَابَهُ) أَيْ: إلَّا أَنْ تَقُولَ مَا أَرَدْتُ ذَلِكَ إلَّا عَلَى سَبِيلِ الْمُجَاوَبَةِ. (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ) أَيْ: وَلَا حَدَّ عَلَيْهَا أَصْلًا. (قَوْلُهُ: لَا حَدَّ عَلَى الْقَائِلِ الْأَوَّلِ إلَخْ) مَا قَالَهُ تت مِنْ حَدِّهِمَا مَعًا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَنَحَا إلَيْهِ أَصْبَغُ وَقَالَهُ رَبِيعَةُ وَعَدَمُ حَدِّ الْأَوَّلِ إنَّمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ عَاتٍ وَهُوَ خَارِجَ الْمَذْهَبِ
. (قَوْلُهُ: وَلَهُ حَدُّ أَبِيهِ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْأُمَّ وَهَلْ أَرَادَ الْأَبَ دَنِيَّةً فَغَيْرُهُ بِالْأَوْلَى أَوْ الْجِنْسَ فَيَتَنَاوَلُ الْأَبَوَيْنِ وَالْجَدَّ لِأَبٍ أَوْ أُمٍّ؟ . كُلٌّ صَحِيحٌ. (قَوْلُهُ: وَفُسِّقَ) أَيْ: حُكِمَ بِعَدَمِ قَبُولِ شَهَادَتِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ ارْتِكَابَ الْمَعْصِيَةِ وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ جَوَابِ الشَّارِحِ الْآتِي. (قَوْلُهُ: مِنْ وَلَدٍ وَوَلَدِهِ) أَيْ: وَإِنْ سَفَلَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَقَوْلُهُ: وَأَبٍ ذَكَرَ وَأَبِيهِ وَإِنْ عَلَا فَإِنْ عَدِمَ مَنْ ذُكِرَ قَامَ بِهِ غَيْرُهُمْ مِنْ الْإِخْوَةِ وَبَاقِي الْوَرَثَةِ، وَقَوْلُهُ: كَوَارِثِهِ أَيْ: مَا حَقُّهُ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا وَإِنْ قَامَ بِهِ مَانِعُهُ مِنْ رِقٍّ أَوْ كُفْرٍ أَوْ قَتْلٍ هَذَا مَا أَفَادَهُ شُرَّاحُهُ وَنَذْكُرُ لَك نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ لِتَعْلَمَ بِهِ الصَّوَابَ، وَأَنَّ مَا عَدَاهُ مِمَّا يُخَالِفُهُ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ. قَالَ فِيهَا: مَنْ قَذَفَ مَيِّتًا كَانَ لِوَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَلِأَبِيهِ وَلِجَدِّهِ لِأَبِيهِ أَنْ يَقُومُوا بِذَلِكَ مَنْ قَامَ بِذَلِكَ أَخَذَهُ يَحُدُّهُ وَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ يَلْزَمُهُمْ وَلَيْسَ لِلْإِخْوَةِ وَسَائِرِ الْعَصَبَةِ قِيَامٌ مَعَ هَؤُلَاءِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ هَؤُلَاءِ أَحَدٌ فَلِلْعَصَبَةِ الْقِيَامُ وَلِلْأَخَوَاتِ وَالْجَدَّاتِ الْقِيَامُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الْمَقْذُوفِ وَارِثٌ فَلَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَقُومَ بِحَدِّهِ
وَأَمَّا الْغَائِبُ فَلَيْسَ لِوَلَدِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ الْقِيَامُ بِقَذْفِهِ إلَّا أَنْ يَمُوتَ وَإِنْ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ فَأَوْصَى بِالْقِيَامِ بِقَذْفِهِ فَلِوَصِيِّهِ الْقِيَامُ بِهِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَيْسَ لِلِابْنِ حَدُّ أَبِيهِ وَلَا تَحْلِيفُهُ) هَلْ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ قَاصِرٌ عَلَى الْأَبِ دِنْيَةً وَالْأُمُّ دِنْيَةً أَوْ لَا لِيَشْمَلَ الْأَجْدَادَ وَالْجَدَّاتِ مَثَلًا؟ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَحَرِّرْهُ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْقَاذِفِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ لَهُ الْقِيَامَ وَلَوْ عَلِمَ بِأَنَّ الْقَاذِفَ رَآهُ يَزْنِي؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالسَّتْرِ عَلَى نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ عَفِيفٌ فِي الظَّاهِرِ. (قَوْلُهُ: وَيَقُومُ بِهِ مَتَى شَاءَ إلَخْ) أَيْ: مَا لَمْ يَسْكُتْ مُدَّةً يَرَى أَنَّهُ تَرَكَ الْحَقَّ فِيهَا فَلَوْ قَذَفَ غَائِبًا عِنْدَ حَاكِمٍ مَعَ شُهُودٍ فَهَلْ يَحُدُّهُ أَوْ يَنْظُرُ قُدُومَهُ؟ . قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: إنْ رَضِيَ الْقَاذِفُ بِذَلِكَ) فَإِنْ لَمْ يَرْضَ فَلَيْسَ لَهُ التَّأْخِيرُ
. (قَوْلُهُ: وَالْعَفْوُ قَبْلَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ قَبْلَ بُلُوغِ الْإِمَامِ حَقُّ مَخْلُوقٍ وَبَعْدَهُ حَقُّ خَالِقٍ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ حَقٌّ لِلْخَالِقِ فَلَا عَفْوَ وَلَوْ قَبْلَ الْبُلُوغِ، وَلَا يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْ الْقَاذِفِ عَلَى مَالٍ يَأْخُذُهُ الْمَقْذُوفُ صُلْحًا؛ لِأَنَّهُ أَخْذُ مَالٍ عَنْ الْعِرْضِ، وَيُرَدُّ وَلَا شُفْعَةَ إنْ كَانَ عَلَى شِقْصٍ