الْيُمْنَى، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ سَرَقَ طِفْلًا حُرًّا، أَوْ عَبْدًا فَإِنَّهُ يُقْطَعُ إنْ كَانَ لَا يَعْقِلُ لِصِغَرٍ، أَوْ بَلَهٍ، أَوْ كِبَرٍ، وَأَنْ يَكُونَ فِي حِرْزِ مِثْلِهِ بِأَنْ كَانَ فِي دَارِ أَهْلِهِ، أَوْ مَعَهُ مَنْ يَحْفَظُهُ، فَإِنْ كَانَ كَبِيرًا فَصِيحًا، أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي حِرْزٍ، فَلَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِهِ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ رُبُعَ دِينَارٍ لِوَاحِدٍ، أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ مِنْ الْفِضَّةِ خَالِصَةً مِنْ الْغِشِّ لِوَاحِدٍ، أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ سَرَقَ مِنْ الْعَرُوضِ، أَوْ غَيْرِهَا مَا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فِي الْبَلَدِ الْمَسْرُوقِ مِنْهَا سَوَاءٌ كَانَتْ مُعَامَلَتُهُمْ بِالدَّرَاهِمِ، أَوْ الدَّنَانِيرِ، أَوْ الْعَرُوضِ، أَوْ بِهِمَا أَغْلَبُ أَمْ لَا بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ شَرْعِيَّةً، وَأَمَّا غَيْرُهَا، فَكَالْعَدِمِ ابْنُ عَرَفَةَ الْمُعْتَبَرُ فِي الْمُقَوَّمِ مَنْفَعَتُهُ الْمُبَاحَةُ قَالَ فِيهَا: مَنْ سَرَقَ حَمَامًا عُرِفَ بِالسَّبْقِ أَوْ طَائِرًا عُرِفَ بِالْإِجَابَةِ إذَا دُعِيَ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يُرَاعَى إلَّا قِيمَتُهُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ مِنْ اللَّعِبِ وَالْبَاطِلِ وَقَالَ فِيهَا: وَيُقَوِّمُهَا أَهْلُ الْعَدْلِ وَالنَّظَرِ قِيلَ: فَإِنْ اخْتَلَفَ الْمُقَوِّمُونَ قَالَ إنْ اجْتَمَعَ عَدْلَانِ بَصِيرَانِ عَلَى أَنَّ قِيمَتَهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ قُطِعَ؛ لِأَنَّ الْمُثْبِتَ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي، وَلَا يُقْطَعُ بِتَقْوِيمِ رَجُلٍ وَاحِدٍ ابْنُ رُشْدٍ مَعْنَاهُ فِي الِاخْتِيَارِ لَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا يَبْتَدِئُ فِيهِ الْقَاضِي بِالسُّؤَالِ فَالْوَاحِدُ يُجْزِئُ، لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ لَا الشَّهَادَةِ، ثُمَّ إنَّ اعْتِبَارَ التَّقْوِيمِ بِالدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا فِي ابْنِ مَرْزُوقٍ، وَمَنْ وَافَقَهُ، وَهُوَ وَاضِحٌ حَيْثُ كَانَ يُتَعَامَلُ بِالدَّرَاهِمِ فِي بَلَدِ السَّرِقَةِ، أَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِيهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ لَا يُتَعَامَلُ فِيهَا إلَّا بِالذَّهَبِ، وَلَا يُوجَدُ فِيهَا إلَّا الذَّهَبُ، فَالتَّقْوِيمُ حِينَئِذٍ بِالذَّهَبِ كَذَا يَنْبَغِي
. (ص) وَإِنْ كَمَاءٍ، أَوْ جَارِحٍ لِتَعْلِيمِهِ، أَوْ جِلْدُهُ بَعْدَ ذَبْحِهِ، أَوْ جِلْدُ مَيِّتَةٍ إنْ زَادَ دَبْغُهُ نِصَابًا، أَوْ ظَنًّا فُلُوسًا، أَوْ الثَّوْبَ فَارِغًا، أَوْ شَرِكَةَ صَبِيٍّ لَا أَبَ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ سَرَقَ مِنْ الْمَاءِ، أَوْ مِنْ الْحَطَبِ، أَوْ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مُبَاحٌ فِي الْأَصْلِ، وَيُمْلَكُ بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهِ، وَأَخْرَجَ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ مَا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ خَالِصَةً، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ لِعُمُومِ الْآيَةِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي عَدَمِ الْقَطْعِ فِيمَا أَصْلُهُ الْإِبَاحَةُ، وَفِي الْأَشْيَاءِ الرَّطْبَةِ الْمَأْكُولَةِ كَالْفَاكِهَةِ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ جَارِحًا يُسَاوِي مَا فِيهِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ شَرْعِيَّةٌ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْحَمَامِ لِيَأْتِيَ بِالْأَخْبَارِ لَا اللَّعِبِ قُوِّمَ عَلَى مَا عُلِمَ مِنْهُ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَبْلُغُهُ، وَتَبْلُغُ الْمُكَاتَبَةُ إلَيْهِ. اهـ.، وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ كَانَ بَازِيًا، أَوْ طَيْرًا مُعَلَّمًا فَإِنَّهُ يَقُومُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ التَّعْلِيمِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْبَاطِلِ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ سَبُعًا، وَنَحْوَهُ إذَا كَانَ قِيمَةُ جِلْدِهِ بَعْدَ ذَبْحِهِ تُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ قَالَ فِيهَا: مَنْ سَرَقَ الطَّيْرَ بَازِيًا، أَوْ غَيْرَهُ قُطِعَ، وَأَمَّا سِبَاعُ الْوَحْشِ الَّتِي لَا تُؤْكَلُ لُحُومُهَا إذَا سَرَقَهَا إنْ كَانَ فِي قِيمَةِ جُلُودِهَا إذَا ذُكِيَتْ دُونَ أَنْ تُدْبَغَ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ قُطِعَ؛ لِأَنَّ لِرَبِّهَا بَيْعَ مَا ذَكَّى مِنْهَا. اهـ.، فَقَوْلُهُ: أَوْ جَلَدَهُ بَعْدَ ذَبْحِهِ عَطْفٌ عَلَى تَعْلِيمِهِ، وَلَا يَصِحُّ الْمَعْنَى إلَّا بِذَلِكَ، وَالضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى جَارِحٍ، وَهُوَ مِنْ بَابِ الِاسْتِخْدَامِ؛ لِأَنَّ الْجَارِحَ الْأَوَّلَ طَائِرٌ، وَهَذَا جَارِحٌ غَيْرُ طَائِرٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ ابْنُ غَازِيٍّ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ جِلْدَ مَيِّتَةٍ إنْ كَانَ مَدْبُوغًا، وَزَادَ دَبْغُهُ عَلَى قِيمَةِ أَصْلِهِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ بِأَنْ يُقَالَ: مَا قِيمَتُهُ غَيْرُ مَدْبُوغٍ أَنْ لَوْ كَانَ يُبَاعُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ فَإِذَا قِيلَ: دِرْهَمَانِ فَيُقَالُ: وَمَا قِيمَتُهُ مَدْبُوغًا
فَإِذَا قِيلَ: خَمْسَةُ دَرَاهِمَ قُطِعَ فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَنْ لَوْ كَانَ يُبَاعُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ مِائَةَ دِرْهَمٍ مَثَلًا وَلَمْ يَزِدْهُ الدَّبْغُ نِصَابًا لَا قَطْعَ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: حُرًّا أَوْ عَبْدًا) الْأَوْلَى أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى قَوْلِهِ: حُرًّا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَالٌ وَسَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ فِي دَارِ أَهْلِهِ أَوْ مَعَهُ) وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ: مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ أَيْ: بِأَنْ كَانَ فِي دَارِ أَهْلِهِ إنْ كَانَ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا أَيْ: أَوْ كَانَ فِي بَلَدِهِ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَهَا) كَالْحَيَوَانَاتِ كَذَا قَالَهُ بَعْضُ الْأَكَابِرِ. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ شَرْعِيَّةً) هَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ شَرْعًا. (قَوْلُهُ: أَوْ طَائِرًا عُرِفَ بِالْإِجَابَةِ) أَيْ: كَالدُّرَّةِ. (قَوْلُهُ: فَأَحَبُّ إلَيَّ) الْمُرَادُ الَّذِي أَسْتَحْسِنُهُ، وَأَقُولُ بِهِ، وَقَوْلُهُ: مِنْ اللَّعِبِ وَالْبَاطِلِ أَيْ: فَالسَّبْقُ وَالْإِجَابَةُ مِنْ الْبَاطِلِ. (قَوْلُهُ: وَالنَّظَرِ) أَيْ: أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ تُقَوِّمُ الْأَشْيَاءَ. (قَوْلُهُ: ابْنُ رُشْدٍ مَعْنَاهُ فِي الِاخْتِيَارِ) أَيْ: فِيمَا كَانَ أَوْلَى وَأَحْسَنَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلَّ مَا يَبْتَدِئُ فِيهِ الْقَاضِي إلَخْ) أَيْ: لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَقَدُّمِ دَعْوَى؛ لِأَنَّهُ حِينَ ثَبَتَتْ السَّرِقَةُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ يُسْأَلُ الْقَاضِي عَنْ قِيمَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ فَهُوَ قَدْ ابْتَدَأَ بِالسُّؤَالِ مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةُ بِخِلَافِ الْحُقُوقِ، فَالْقَاضِي لَمْ يَبْتَدِئْ بِالسُّؤَالِ بَلْ الْمُبْتَدِئُ بِالسُّؤَالِ هُوَ الْمُدَّعِي. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّ اعْتِبَارَ التَّقْوِيمِ بِالدَّرَاهِمِ إلَخْ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ التَّقْوِيمَ بِالدَّرَاهِمِ أَعَمُّ؛ لِأَنَّهُ يُقَوَّمُ بِهَا الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ فَيَكُونُ أَقْرَبَ لِلْعِلْمِ لِكَثْرَةِ عَهْدِ النَّاسِ بِهَا، فَإِنْ لَمْ يَتَعَامَلْ إلَّا بِعَرْضٍ كَالْوَدْعِ بِبَلَدِ السُّودَانِ قُوِّمَ الْعَرْضُ الْمَسْرُوقُ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ الْمُتَعَامَلِ فِيهَا بِالدَّرَاهِمِ بِالدَّرَاهِمِ قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ
. (قَوْلُهُ: لِتَعْلِيمِهِ) أَيْ: لِأَجْلِ تَعَلُّمِهِ فَأَطْلَقَ الْمَصْدَرَ وَأَرَادَ الْحَاصِلَ بِهِ وَهُوَ التَّعَلُّمُ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيمَ وَصْفٌ لِلْمُعَلَّمِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَلَّمًا قُطِعَ سَارِقُ الطَّيْرِ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ لَحْمِهِ فَقَطْ أَوْ هُوَ مَعَ رِيشِهِ أَوْ رِيشِهِ فَقَطْ نِصَابًا (قَوْلُهُ لَا أَبَ) أَيْ: مُكَلَّفٌ، وَأَمَّا الْأَبُ الْمَجْنُونُ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ شَرِيكُهُ لِعَدَمِ نِسْبَةِ السَّرِقَةِ إلَيْهِ، وَقَصْدُهَا مِنْهُ حَالَ جُنُونِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ مَجْنُونًا وَشَارَكَ سَارِقًا لِمَالِهِ فِي إخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ السَّارِقُ. (قَوْلُهُ: مُعَلَّمًا) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْبَازِ وَالطَّيْرِ أَيْ: إنْ كَانَ الْبَازُ مُعَلَّمًا، أَوْ الطَّيْرُ مُعَلَّمًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْجَارِحَ الْأَوَّلَ طَائِرٌ إلَخْ) وَلَك أَنْ تَقُولَ: الْأَوْلَى أَنْ يُرَادَ بِهِ جَارِحٌ غَيْرُ كَلْبٍ مِنْ طَيْرٍ، أَوْ سَبُعٍ كَنَمِرٍ وَفَهْدٍ يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَيَكُونُ ضَمِيرُ جِلْدِهِ يَرْجِعُ لِأَحَدِ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ جَارِحٌ، وَهُوَ السَّبُعُ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا جَارِحٌ غَيْرُ طَائِرٍ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَارِحَ غَيْرَ الطَّائِرِ إنَّمَا يُرَاعَى قِيمَةُ جِلْدِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَلَا يُرَاعَى قِيمَةُ لَحْمِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحَرَّمٍ لِكَرَاهَتِهِ، أَوْ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِحُرْمَتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute