كَمَا لَوْ سَرَقَهُ غَيْرَ مَدْبُوغٍ وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ شَيْئًا يَظُنُّهُ فُلُوسًا، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، أَوْ رُبُعُ دِينَارٍ وَلَا يُعْذَرُ بِظَنِّهِ، أَوْ سَرَقَ ثَوْبًا لَا يُسَاوِي نِصَابًا مَعَ ظَنِّهِ أَنَّهُ فَارِغٌ فَإِذَا فِيهِ نِصَابٌ مِنْ الذَّهَبِ، أَوْ مِنْ الدَّرَاهِمِ، وَلَا يُعْذَرُ بِظَنِّهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الثَّوْبُ يُحَطُّ فِيهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَلِهَذَا لَوْ سَرَقَ خَشَبَةً، أَوْ حَجَرًا يَظُنُّهُ فَارِغًا فَإِذَا فِيهِ نِصَابٌ مِنْ الذَّهَبِ، أَوْ الدَّرَاهِمِ فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يُجْعَلُ فِيهِ ذَلِكَ إلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ تِلْكَ الْخَشَبَةِ، أَوْ نَحْوُهَا تُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، فَيُقْطَعُ فِي قِيمَةِ مَا ذَكَرَ دُونَ مَا فِيهِ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ الْمُكَلَّفُ إذَا شَارَكَهُ فِي سَرِقَةِ النِّصَابِ صَبِيٌّ، أَوْ مَجْنُونٌ دُونَهُمَا لَيْسَ شَرِكَتُهُمَا شُبْهَةً تَدْرَأُ عَنْهُ الْحَدَّ بِخِلَافِ مَنْ اشْتَرَكَ فِي السَّرِقَةِ مَعَ مَنْ لَهُ شُبْهَةٌ قَوِيَّةٌ فِي الْمَالِ الْمَسْرُوقِ كَمَا إذَا اشْتَرَكَ مَعَ أَبٍ رَبُّ الْمَالِ أَوْ أُمِّهِ، أَوْ جَدِّهِ وَلَوْ لَامَ فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ لِدُخُولِهِ بِإِذْنِ مَنْ لَهُ شُبْهَةٌ قَوِيَّةٌ، فَلَوْ سَرَقَ مَعَ عَبْدِهِ مِنْ مَوْضِعٍ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي دُخُولِهِ، فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ وَمِنْ مَوْضِعٍ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ قُطِعَ الْمُكَلَّفُ دُونَ الْعَبْدِ، لِأَنَّ دَرْءَ الْحَدِّ عَنْ الْعَبْدِ لَمْ يَكُنْ لِشُبْهَةٍ لَهُ فِي الْمَالِ، وَإِنَّمَا هُوَ؛ لِأَنَّهُ مَالُهُ فَإِذَا قُطِعَ عَبْدُهُ كَانَتْ زِيَادَةً عَلَيْهِ فِي مُصِيبَتِهِ. (ص) وَلَا طَيْرٍ لِإِجَابَتِهِ وَلَا أَنْ تَكَمَّلَ بِمِرَارٍ فِي لَيْلَةٍ. (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ طَيْرًا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ لِأَجْلِ إجَابَتِهِ مِثْلَ الْبَلَابِلِ وَالْعَصَافِيرِ؛ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ نَعَمْ إنْ كَانَ لَحْمُهُ يُسَاوِي بَعْدَ ذَبْحِهِ نِصَابًا، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ لِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ نِصَابًا مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ عَلَى دُفُعَاتٍ فِي لَيْلَةٍ، أَوْ فِي لَيَالٍ، أَوْ فِي يَوْمٍ، أَوْ أَيَّامٍ، لِأَنَّ شَرْطَ الْقَطْعِ أَنْ يَخْرُجَ النِّصَابُ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ الْقَطْعِ بِعَدَمِ الْقَصْدِ ابْتِدَاءً، وَأَمَّا إنْ قَصَدَ ابْتِدَاءً أَنَّهُ يُخْرِجُ النِّصَابَ دُفْعَةً وَاحِدَةً، فَأَخْرَجَهُ عَلَى مَرَّاتٍ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، وَيُؤْخَذُ هَذَا الْقَيْدُ مِنْ تَعْرِيفِ ابْنِ عَرَفَةَ فَقَوْلُهُ: وَلَا طَيْرَ أَيْ: وَلَا سَارِقَ طَيْرٍ، فَالْمَعْطُوفُ هُوَ الْمُضَافُ الْمَحْذُوفُ عَلَى مُضَافٍ كَذَلِكَ أَيْ: لَا شَرِكَةَ أَبٍ وَلَا سَارِقَ طَيْرٍ لِإِجَابَتِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا ضِدَّ الْإِبَايَةِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهَا الْمُجَاوَبَةُ
. (ص) ، أَوْ اشْتَرَكَا فِي حَمْلٍ إنْ اسْتَقَلَّ كُلٌّ، وَلَمْ يَنُبْهُ نِصَابٌ. (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى مَا لَا قَطْعَ فِيهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا دَخَلَ اثْنَانِ فِي الْحِرْزِ فَاشْتَرَكَا فِي حَمْلِ نِصَابٍ فَأَخْرَجَاهُ فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَكِنْ بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَسْتَقِلُّ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ دُونَ صَاحِبِهِ الثَّانِي أَنْ لَا يَنُوبَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابٌ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا بِإِخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ فَعَلَيْهِمَا الْقَطْعُ، وَلَوْ لَمْ يُنِبْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابٌ، أَوْ نَابَ كُلَّ وَاحِدٍ نِصَابٌ، وَلَوْ اسْتَقَلَّ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ، فَالْحَاصِلُ إنْ نَابَ كُلًّا نِصَابٌ، فَالْقَطْعُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَإِلَّا فَإِنْ اسْتَقَلَّ كُلٌّ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ، فَلَا قَطْعَ، وَإِلَّا فَالْقَطْعُ عَلَيْهِمَا أَيْضًا، وَكَذَلِكَ الْقَطْعُ عَلَيْهِمْ إذَا رَفَعُوهُ عَلَى ظَهْرِ أَحَدِهِمْ فِي الْحِرْزِ، ثُمَّ خَرَجَ بِهِ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إخْرَاجِهِ إلَّا بِرَفْعِهِمْ مَعَهُ، وَيَصِيرُونَ كَأَنَّهُمْ حَمَلُوهُ، وَإِذَا رَفَعُوهُ عَلَى دَابَّةٍ، فَإِنَّهُمْ يُقْطَعُونَ إذَا تَعَاوَنُوا عَلَى رَفْعِهِ عَلَيْهَا، وَلَوْ حَمَلُوهُ عَلَى ظَهْرِ أَحَدِهِمْ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى حَمْلِهِ دُونَهُمْ كَالثَّوْبِ قُطِعَ وَحْدَهُ، وَلَوْ خَرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَامِلًا لِشَيْءٍ دُونَ الْآخَرِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ فِيمَا أَخْرَجُوهُ لَمْ يُقْطَعْ مِنْهُمْ إلَّا مَنْ أَخْرَجَ مَا فِيهِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، وَلَوْ دَخَلَ اثْنَانِ الْحِرْزَ فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا دِينَارًا، وَقَضَاهُ لِلْآخَرِ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ، أَوْ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ قُطِعَ الْخَارِجُ بِهِ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَلَوْ بَاعَ السَّارِقُ ثَوْبًا فِي الْحِرْزِ لِآخَرَ، فَخَرَجَ بِهِ الْمُشْتَرِي، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ سَارِقٌ، فَلَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَالَهُ الْبَاجِيُّ. (ص) مِلْكِ غَيْرٍ وَلَوْ كَذَّبَهُ رَبُّهُ، أَوْ أَخَذَ لَيْلًا وَادَّعَى الْإِرْسَالَ وَصُدِّقَ إنْ أَشْبَهَ. (ش) هَذَا نَعْتٌ لِلنِّصَابِ السَّابِقِ، وَهُوَ الرُّبُعُ دِينَارٍ، أَوْ الثَّلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَكَأَنَّهُ قَالَ بِسَرِقَةِ طِفْلٍ، أَوْ نِصَابِ مِلْكِ غَيْرٍ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ وَلَوْ كَذَّبَهُ رَبُّهُ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ السَّارِقَ مُقِرٌّ بِالسَّرِقَةِ، وَرَبُّ الْمَتَاعِ يُكَذِّبُهُ، فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ وَحِينَئِذٍ يَصِيرُ الْمَتَاعُ لِلسَّارِقِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ رَبُّهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَشَمَلَ قَوْلُهُ: مِلْكَ غَيْرٍ السَّارِقَ مِنْ سَارِقٍ فَيُقْطَعَانِ مَعًا، وَكَذَا لَوْ سَرَقَهُ ثَالِثٌ، وَهَكَذَا وَشَمَلَ سَرِقَةَ مَنْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالٍ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ كَالْوَلِيِّ وَالْوَكِيلِ يَسْرِقَانِ مِنْ مَالٍ لَهُمَا فِيهِ التَّصَرُّفُ، وَهُوَ بِيَدِ مُودَعٍ، أَوْ مُرْتَهِنٍ، أَوْ نَحْوَهُ وَشَمَلَ سَرِقَةَ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ إلَخْ) أَيْ: فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ ظَنًّا رَاجِعٌ لِلرُّبُعِ دِينَارٍ وَالثَّلَاثَةِ دَرَاهِمَ، فَالْأَلْفُ هُوَ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ وَفُلُوسًا هُوَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ ظَنَّ وَفَائِدَتُهُ أَنَّ النَّاسِخَ يَدْخُلُ عَلَى الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ أَيْ: عَلَى مَا أَصْلُهُ الْمُبْتَدَأُ وَالْخَبَرُ، وَهَذَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّا إذَا حَلَّيْنَاهُ وَقُلْنَا: الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ فُلُوسٌ لَا يَصِحُّ لَكِنْ يَصِحُّ بِاعْتِبَارِ ظَنَّ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ خَالِدٌ عَلَى التَّوْضِيحِ فِي بَابِ ظَنَّ.
(قَوْلُهُ: إذَا شَارَكَهُ إلَخْ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَنُبْ كُلَّ وَاحِدِ نِصَابٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَا يُعْذَرُ بِأَنَّهُ لَمْ يَنُبْهُ نِصَابٌ لِأَنَّ الصَّبِيَّ الَّذِي مَعَهُ كَالْعَدَمِ قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ قَصَدَ إلَخْ) وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ، أَوْ بِقَرِينَةٍ كَإِخْرَاجِهِ دُونَ النِّصَابِ مِمَّا وَجَدَهُ مُجْتَمَعًا فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ مَتَاعٍ ثُمَّ يَرْجِعُ مَرَّةً، أَوْ أَكْثَرَ فَيَأْخُذُ تَمَامَ النِّصَابِ فَيُحْمَلُ فِي ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ إخْرَاجَهُ فِي مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ قَصْدًا وَاحِدًا وَسَوَاءٌ كَانَ حِينَ أَخْرَجَ مَا أَخْرَجَهُ أَوَّلًا يَقْدِرُ عَلَى إخْرَاجِ مَا أَخْرَجَهُ فَقَطْ أَوْ يَقْدِرُ عَلَى إخْرَاجِ نِصَابٍ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُخْرِجُ النِّصَابَ دُفْعَةً وَاحِدَةً) صَوَابُهُ جَمِيعَ النِّصَابِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهَا الْمُجَاوَبَةُ) أَيْ: وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِجَابَةَ الَّتِي هِيَ ضِدُّ الْإِبَايَةِ تَأْتِي فِي الْحَيَوَانِ الَّذِي لَا نَفْعَ بِهِ.
(قَوْلُهُ: فَالْحَاصِلُ إلَخْ) الصُّوَرُ ثَمَانِيَةٌ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ الْمَسْرُوقَ إمَّا أَنْ يَسْتَقِلَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِحَمْلِهِ أَوْ لَا يَسْتَقِلُّ بِحَمْلِهِ إلَّا الْجَمِيعُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُخْرِجَهُ بَعْضُهُمْ، أَوْ جَمِيعُهُمْ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَنُوبَ كُلَّ وَاحِدٍ نِصَابٌ، أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: مِلْكُ غَيْرٍ) وَشَمَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute