للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُسْتَأْجِرِ مَا اسْتَأْجَرَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ رَبِّهِ، وَكَذَا الْوَصِيُّ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ الْمَحْجُورِ، وَهُوَ بِيَدِ مُرْتَهِنٍ كَمَا أَنَّهُ يُحَدُّ إذَا وَطِئَ مِلْكَ الْمَحْجُورِ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ السَّارِقُ إذَا أَخَذَ فِي اللَّيْلِ الْمَتَاعَ الْمَسْرُوقَ، وَقَالَ: رَبُّ الْمَتَاعِ أَرْسَلَنِي لِأَخْذِهِ فَلَا يُصَدَّقُ، وَلَوْ صَدَّقَهُ رَبُّ الْمَتَاعِ أَنَّهُ أَرْسَلَهُ لَكِنَّهُ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ، فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ، وَلَا يُقْطَعُ بِأَنْ دَخَلَ مِنْ مَدَاخِلِ النَّاسِ، وَخَرَجَ مِنْ مَخَارِجِهِمْ فِي وَقْتٍ يُشْبِهُ أَنَّهُ أَرْسَلَهُ فِيهِ

. (ص) لَا مِلْكَهُ مِنْ مُرْتَهِنٍ وَمُسْتَأْجِرٍ كَمِلْكِهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ مُحْتَرَمًا لَا خَمْرًا وَطُنْبُورًا إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ بَعْدَ كَسْرِهِ نِصَابًا، وَلَا كَلْبًا مُطْلَقًا، أَوْ أُضْحِيَّةً بَعْدَ ذَبْحِهَا بِخِلَافِ لَحْمِهَا مِنْ فَقِيرٍ. (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ شَرْطَ الْقَطْعِ أَنْ يَكُونَ الْمَتَاعُ الْمَسْرُوقُ مِلْكًا لِغَيْرِ السَّارِقِ، وَأَمَّا لَوْ سَرَقَ مِلْكَهُ الْمَرْهُونَ، أَوْ الْمُسْتَأْجَرَ، فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ فَتْحُ الْهَاءِ، وَالْجِيمِ، وَيَكُونُ بَيَانًا لِمِلْكِهِ بِمَعْنَى مَمْلُوكِهِ أَيْ: لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مَمْلُوكَهُ الْمُرْتَهَنَ وَالْمُسْتَأْجَرَ، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ، وَيَجُوزُ كَسْرُ مَا ذُكِرَ، وَيَكُونُ بَيَانًا لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ مَعَهُ بَيِّنَةً بِالرَّهْنِيَّةِ وَالِاسْتِئْجَارِ، وَإِلَّا قُطِعَ كَمَا أَنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى السَّارِقِ إذَا مَلَكَ الشَّيْءَ الْمَسْرُوقَ قَبْلَ خُرُوجِهِ بِهِ مِنْ الْحِرْزِ بِأَنْ وَرِثَهُ مَثَلًا، وَأَمَّا لَوْ مَلَكَهُ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ الْحِرْزِ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ سَرَقَ نِصَابًا، وَأَخْرَجَهُ مِنْ الْحِرْزِ، ثُمَّ وَهَبَهُ لَهُ صَاحِبُهُ، فَإِنَّ الْقَطْعَ لَا يَرْتَفِعُ عَنْهُ، وَمِنْ شَرْطِ الْمَتَاعِ الْمَسْرُوقِ أَنْ يَكُونَ مُحْتَرَمًا بِأَنْ يَجُوزَ بَيْعُهُ، فَلَوْ سَرَقَ خَمْرًا، أَوْ طُنْبُورًا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ إلَّا أَنَّ الْخَمْرَ يُقْضَى عَلَيْهِ بِقِيمَتِهَا إنْ كَانَتْ لِذِمِّيٍّ لَا لِمُسْلِمٍ حَيْثُ أَتْلَفَهَا السَّارِقُ إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ خَشَبُ الطُّنْبُورِ بَعْدَ كَسْرِهِ بِالْفِعْلِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، ثُمَّ إنَّ وِعَاءَ الْخَمْرِ إذَا كَانَتْ تُسَاوِي نِصَابًا بَعْدَ تَفْرِيغِهِ هَلْ يُقْطَعُ؟ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ، أَوْ الثَّوْبَ فَارِغًا، أَوْ لَا وَكَذَلِكَ لَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِ كَلْبٍ سَوَاءٌ كَانَ مَأْذُونًا فِيهِ، أَمْ لَا مُعَلَّمًا أَمْ لَا، وَلَوْ سَاوَى لِتَعْلِيمِهِ نِصَابًا فَهُوَ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ: وَجَارِحٍ لِتَعْلِيمِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاعُ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حَرَّمَ ثَمَنِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ لَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِ أُضْحِيَّةٍ بَعْدَ ذَبْحِهَا؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِالذَّبْحِ إلَّا أَنْ يَسْرِقَ لَحْمَ الْأُضْحِيَّةِ مِمَّنْ مَلَكَهُ بِهِبَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا فَقِيرًا كَانَ، أَوْ غَنِيًّا؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ، فَالْمُرَادُ بِالْفَقِيرِ الْمُتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَإِنْ سَرَقَ الْأُضْحِيَّةَ قَبْلَ ذَبْحِهَا، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، وَلَوْ كَانَ عَيَّنَهَا، وَحُكْمُ الْفِدْيَةِ حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ فِي الْوَجْهَيْنِ

. (ص) تَامَّ الْمِلْكِ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ، وَإِنْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ الْغَنِيمَةِ، أَوْ مَالِ شَرِكَةٍ إنْ حُجِبَ عَنْهُ وَسَرَقَ فَوْقَ حَقِّهِ نِصَابًا لَا الْجَدُّ وَلَوْ لِأُمٍّ، وَلَا مِنْ جَاحِدٍ، أَوْ مُمَاطِلٍ لِحَقِّهِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْقَطْعِ فِي الْمَالِ الْمَسْرُوقِ أَنْ يُسْرَقَ مِمَّنْ مِلْكُهُ تَامٌّ لَا مِلْكَ لِلسَّارِقِ فِيهِ، وَلَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ قَوِيَّةٌ، يُحْتَرَزُ بِالشَّرْطِ الْأَوَّلِ عَنْ الشَّرِيكِ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ الَّذِي لَمْ يُحْجَبْ عَنْهُ، فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي، وَبِالثَّانِي عَنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ إذَا سَرَقَا مِنْ مَالِ وَلَدِهِمَا، فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَيْهِمَا، وَمِثْلُهُمَا الْجَدُّ، وَلَوْ لِأُمٍّ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ ابْنِ ابْنِهِ، أَوْ ابْنِ ابْنَتِهٍ؛ لِقُوَّةِ الشُّبْهَةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك» أَمَّا الِابْنُ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ أَبِيهِ، أَوْ مِنْ مَالِ جَدِّهِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ؛ لِضَعْفِ شُبْهَتِهِ كَمَا أَنَّهُ يُحَدُّ إذَا وَطِئَ جَارِيَةَ أَبِيهِ، أَوْ أُمِّهِ بِخِلَافِ الْأَبِ إذَا وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ لِقُوَّةِ شُبْهَتِهِ، فَلَوْ سَرَقَ الْعَبْدُ مِنْ مَالِ ابْنِ سَيِّدِهِ قُطِعَ، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِضَعْفِ شُبْهَتِهِ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَسَوَاءٌ كَانَ مُنْتَظِمًا أَمْ لَا، وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ الْغَنِيمَةِ بَعْدَ حَوْزِهَا؛ لِضَعْفِ شُبْهَتِهِ فِي الْغَنِيمَةِ، وَيَدْخُلُ فِي بَيْتِ الْمَالِ الشُّوَنُ بِخِلَافِ مَنْ سَرَقَ مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ حَوْزِهَا، فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ، وَكَذَلِكَ لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ آخَرَ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَأَكْثَرَ تَرَتَّبَتْ لَهُ عَلَيْهِ، وَتَعَذَّرَ حُضُورُ بَيِّنَةٍ، ثُمَّ لَمَّا أَقَامَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ بَيِّنَةً بِالسَّرِقَةِ، وَتَرَتَّبَ عَلَى السَّارِقِ الْقَطْعُ أَقَامَ السَّارِقُ بَيِّنَةً بِأَنَّ الْمَالَ لَهُ، وَأَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ جَحَدَهُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ حَقَّهُ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ مُمَاطِلٌ لَهُ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ مَا سَرَقَهُ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ أَمْ لَا أَيْ: وَأَقَامَ السَّارِقُ بَيِّنَةً أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ مَالًا، وَأَنَّهُ مَطَلَهُ بِهِ كَمَا مَرَّ، وَإِلَّا قُطِعَ، وَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُ رَبِّ الشَّيْءِ الْمَسْرُوقِ أَنَّ الْمَالَ مَالُهُ، وَأَنَّهُ جَحَدَهُ، أَوْ مَاطَلَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى رَحْمَتِهِ وَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

السَّرِقَةَ مِنْ آلَةِ الْمَسْجِدِ أَوْ بَابِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ لِلْوَاقِفِ كَمَا لِلْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِلنَّوَادِرِ وَشَمَلَ سَرِقَةَ الْمُرْتَهَنِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ رَبِّهِ، أَوْ مِنْ أَمِينٍ بِيَدِهِ فَيُقْطَعُ كُلٌّ

. (قَوْلُهُ: مُحْتَرَمًا) دَخَلَ فِيهِ مَالُ الْحَرْبِيِّ دَخَلَ لَنَا بِأَمَانٍ فَيُقْطَعُ الْمُسْلِمُ السَّارِقُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ أَوْ طُنْبُورًا) بِضَمِّ الطَّاءِ. (قَوْلُهُ: يُقْضَى عَلَيْهِ بِقِيمَتِهَا) أَيْ: وَيُوجَعُ أَدَبًا. (قَوْلُهُ: كَالْمُسْتَثْنَى) أَيْ: لَفْظًا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مَعْنًى تَحْقِيقًا. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهَا) كَصَدَقَةٍ وَقَوْلُهُ: فَقِيرًا كَانَ، يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ: أَوْ غَيْرِهَا وَقَوْلُهُ: أَوْ غَنِيًّا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ: أَوْ هِبَةٍ. (قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ بِالْفَقِيرِ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ) أَيْ: وَيَحْتَاجُ الْحَالُ إلَى أَنْ يَقُولَ: وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ فِي الْمُصَنَّفِ وَالتَّقْدِيرُ مِنْ فَقِيرٍ أَوْ غَنِيٍّ مُهْدًى لَهُ وَلَوْ قَالَ: وَالْمُرَادُ مِنْ مِلْكِهِ سَوَاءٌ كَانَ هِبَةً أَوْ صَدَقَةً فَيَشْمَلُ الْفَقِيرَ وَالْغَنِيَّ، لَصَحَّ كَلَامُهُ، وَالنُّكْتَةُ فِي التَّعْبِيرِ بِالْفَقِيرِ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مَا هُوَ أَعَمُّ لِكَوْنِ الْغَالِبِ أَنَّ النَّاسَ إنَّمَا يُعْطُونَ لَحْمَهَا لِلْفَقِيرِ.

. (قَوْلُهُ: لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ) أَيْ: لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ قَوِيَّةً لَا نَفْيُ مُطْلَقِ شُبْهَةٍ لِمَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: لَا الْجَدُّ وَلَوْ لِأُمٍّ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ فَرْعُهُ عَبْدًا؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ مَا بِيَدِهِ حَتَّى يَنْزِعَهُ سَيِّدُهُ. (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ جَحَدَهُ فِيهِ) وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ وَدِيعَةً، أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً أَنَّهُ لَهُ وَجَحَدَهُ بِهِ أَوْ مَطَلَهُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ قُطِعَ أَيْ: السَّارِقُ، وَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُ رَبِّ الشَّيْءِ الْمَسْرُوقِ. (قَوْلُهُ: كَانَ مَا سَرَقَهُ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ) أَيْ: وَلَوْ أَزْيَدَ مِنْ حَقِّهِ بِدُونِ نِصَابٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>